شباب «مليونية جمعة التضامن والتطهير» يهددون بالمبيت في التحرير.. والمجلس العسكري يطلب لقاءهم

مطالبات بإقالة شفيق ومصادرة أموال الرئيس السابق * المتحدث الرسمي لمجلس الوزراء لـ «الشرق الأوسط»: ليس لدينا رد.. والمتظاهرون لم يتجاوزا الـ 5 آلاف

احتشد الآلاف أمس في ميدان التحرير بوسط القاهرة للاحتفال بـ«ثورة 25 يناير» وأيضا للمطالبة بإسقاط الحكومة الحالية (أ.ف.ب)
TT

عاد ثوار 25 يناير (كانون الثاني) إلى ميدان التحرير في قلب العاصمة المصرية مجددا في «جمعة التضامن والتطهير» للمطالبة بإقالة حكومة تسيير الأعمال والإطاحة برئيسها الدكتور أحمد شفيق، واحتشد في الميدان نحو مليون متظاهر وسط انقسامات الرأي بشأن الاعتصام أمام مقر مجلس الوزراء حتى إسقاط الحكومة أو فض المظاهرة مع استمرار رفع مطالب الجماهير. ودعت القيادة الموحدة لائتلاف «ثورة شباب 25 يناير» إلى فض المظاهرة، بينما كشفت قيادات في الائتلاف لـ«الشرق الأوسط» عن تلقيهم، أول من أمس، دعوة من المجلس الأعلى للقوات المسلحة للقائهم.

وتجاوبت معظم محافظات الجمهورية مع الدعوة المليونية وخرجت مظاهرات حاشدة في المدن الرئيسية، في حين ظل التعامل الرسمي مع مطالب الثوار سلبيا، ولم يعلق المتحدث الرسمي للحكومة المصرية على مطالب المتظاهرين، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «لو صدر رد لن يكون قبل غدا (اليوم)»، وقدر عدد المتظاهرين في الميدان بنحو 5 آلاف متظاهر، بحسب المعلومات التي وردت إليه.

وقال المجلس الأعلى للقوات المسلحة في بيان عشية المظاهرة التي تحيي أيضا ذكرى مرور شهر على اندلاع الثورة ومرور أسبوعين على تخلي مبارك عن الرئاسة: «يراقب المجلس الأعلى للقوات المسلحة ما يحدث على الساحة الداخلية بكل دقة وحذر وما يتردد من تعبيرات سياسية مستحدثة مثل الثورة المضادة وخلافه ومحاولات إحداث الفتنة بين النسيج الوطني لهذه الأمة. ويؤكد المجلس الأعلى للقوات المسلحة بأنه يتم اتخاذ كافة الخطوات التي تفي بتعهداته وأنه لا عودة للماضي وأن الهدف الأسمى حاليا هو تحقيق أماني وطموحات هذا الشعب العظيم». ووعد الجيش بإجراء الانتخابات في غضون ستة أشهر.

ويهدف التجمع الحاشد في التحرير والذي يذكر الجيش أيضا بقوة الشعب إلى حث القوات المسلحة على إسقاط حكومة رئيس الوزراء أحمد شفيق التي أدخلت عليها تعديلات كبيرة هذا الأسبوع وتشكيل فريق حكومي جديد من التكنوقراط. وقال الجيش في بيانه: «يهيب المجلس بأبناء هذا الوطن أن يكونوا كالبنيان المرصوص في مواجهة هذه المخططات التي لا تتفق مع أخلاق وعادات أبناء هذا الوطن الغالي».

وحاول المتظاهرون في ميدان التحرير تجاوز الانطباع الذي ساد لدى الرأي العام العالمي والمحلي بشأن احتفالية النصر التي أقيمت يوم الجمعة قبل الماضي وشهدت حضور الدكتور يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وسط اتهامات بمحاولة جماعة الإخوان المسلمين السيطرة على المشهد. وهو الأمر الذي دفع القيادي في الجماعة الدكتور محمد البلتاجي لاعتلاء المنصة بصحبة الناشط السياسي وائل غنيم أحد مؤسسي صفحة «كلنا خالد سعيد» بعد أن ترددت أنباء عن منع الجماعة اعتلائه المنصة في «احتفال النصر».

وفي خطبته بميدان التحرير دعا الشيخ محمد جبريل، الداعية الإسلامي، بـ«إغلاق ملف الاعتقالات ومحاسبة رموز النظام السابق ورموز الفساد»، مؤكدا أن «المتظاهرين سيبقون في ميدان التحرير جمعة بعد جمعة حتى يتم تحقيق المطالب المشروعة».

وردد المتظاهرون عقب صلاة الجمعة هتافات «الشعب يريد محاكمة الرئيس»، و«مبارك.. عايزين فلوسنا»، و«الشعب يريد فلوس الرئيس»، و«يا شفيق قاعد ليه هي تكية ولاّ إيه»، «والشعب يريد تطهير النظام».

وقال محمد القصاص، عضو ائتلاف شباب 25 يناير، ممثل جماعة الإخوان المسلمين، إن الائتلاف تلقى أول من أمس دعوة من المجلس الأعلى للقوات المسلحة للحوار، مؤكدا أن المجلس لم يطلب من الشباب التراجع عن تنظيم مليونية يوم أمس، لافتا إلى أنه لم يتحدد موعد للقاء المجلس الأعلى، وقال: «على الأرجح سيكون يوم الأحد أو يوم الاثنين المقبل».

من جانبه قال أحمد ماهر، منسق حركة «شباب 6 أبريل» إن «ائتلاف شباب الثورة حدد مطالب رئيسية هي: إقالة رئيس الوزراء، وتشكيل حكومة انتقالية من التكنوقراط الوطنيين المستقلين، والتخلص من بقايا النظام السابق في الحكومة، والإفراج عن المعتقلين السياسيين ومسجوني المحاكم الاستثنائية، وحل جهاز مباحث أمن الدولة، وتشكيل لجان قضائية مستقلة مطلقة الصلاحيات للإسراع في محاسبة المتورطين في قتل الثوار وتعذيبهم والمتسببين في الفساد الذي تفشى في الحقبة السابقة».

من جانبه طالب المستشار محمود الخضيري، نائب رئيس محكمة النقض السابق في الإسكندرية الذي خاطب الحضور في ميدان التحرير: «بمحاصرة جميع الوزارات التي يطالبون بتغيير وزرائها يوم الجمعة المقبل في حال عدم استجابة المجلس العسكري لمطالب المتظاهرين».

بينما دعا عبد الحليم قنديل، المنسق العام السابق لحركة كفاية، «المجلس الأعلى للقوات المسلحة إلى سرعة الاستجابة للمطالب الشعبية بإقالة حكومة شفيق وتشكيل جمعية منتخبة لوضع دستور جديد للبلاد وليس مجرد إحداث تعديلات أو (ترقيعات) للدستور، بجانب إطلاق حرية تكوين الأحزاب».

وشهدت محافظات مصر مسيرات ومظاهرات للتأكيد على أن الثورة ما زالت مستمرة، ففي الإسكندرية تظاهر مئات الآلاف من أبناء المدينة عقب صلاة الجمعة أمام مسجد القائد إبراهيم في محطة الرمل وسط المدينة، وقام المتظاهرون برفع أعلام مصر ولافتات كتبوا عليها: «سوف نكمل معا مشوار الثورة للنهاية»، و«احذروا الثورة المضادة».

ووجه حمدين صباحي، مؤسس حزب الكرامة، المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية، كلمة لجموع المتظاهرين شدد فيها على ضرورة عدم الارتكان إلى أن الثورة قد اكتملت، محذرا من تحرك الأعضاء السابقين في الحزب الوطني ورموز النظام السابق في جميع الاتجاهات السياسية والإعلامية لإجهاض أهداف الثورة.

وقال صباحي إنه مع احترامه للدور القومي الذي قامت به القوات المسلحة المصرية، «فإن ذلك لا يعني رضاء الشعب بالحكم العسكري، ولو كان لمدة 6 أشهر»، مشيرا إلى ضرورة تشكيل مجلس رئاسي يضم مدينين وعسكريين.

وفوجئ المتظاهرون بتوزيع نسخ تقدر بعشرات الآلاف من بيان - غير منسوب لأي جهة - بعنوان «احذروا الديمقراطية»، وقال البيان، الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه: «إن الديمقراطية هي أن الحكم يكون للشعب، وهو ما يخالف شرع الله الذي يقضي بأن الحكم لله وحده».. محذرا من أن معنى أن الحكم لأغلبية الشعب يعني أن الحكم سيكون للأغلبية ولو اجتمعوا على الباطل، وهو ما يهدد الإسلام وعقيدة المسلمين.

وألقى صفوت حليم، ممثلا للكاتدرائية المرقسية، المقر البابوي لبابا الأقباط الأرثوذكس في الإسكندرية، كلمة قال فيها إن الأقباط قد فهموا بعد قيام الثورة من الذي كان يقوم بإحداث الوقيعة بين عنصري الأمة المصرية (الأقباط والمسلمين)، في إشارة إلى النظام السابق ورموزه، مطالبا بإعادة محاكمة المدانين في أحداث الفتنة الطائفية التي حدثت في البلاد خلال السنوات الماضية، «لأنهم أصلا ليسوا المتهمين الحقيقيين»، بحسب حليم، وأضاف: «الآن لن يستطيع أحد أن يفرق بيننا مرة أخرى، ولن نتنازل عن محاكمة كل رموز الفساد في عهد النظام السابق».

وتوجه المتظاهرون في مسيرات حاشدة للتمركز أمام مسجد المنطقة الشمالية العسكرية في منطقة سيدي جابر لتوصيل مطالبهم لقيادة الجيش.

وتشهد الإسكندرية، اليوم، الجلسة الحاسمة لنظر محاكمة المخبرين المتهمين بقتل خالد سعيد الذي يعد أحد أسباب اندلاع الثورة المصرية.

وكان المتهمان قد نجحا في الفرار من السجن في أعقاب حالة الانفلات الأمني التي شهدتها البلاد بعد انسحاب الشرطة، إلا أن مصدرا قضائيا أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «هروب المتهمين لن يمنع من استكمال محاكمتهما، خصوصا أن القانون يعتبر الحكم في حقهما حضوريا؛ نظرا لحضورهما محبوسين لجلسات سابقة».

وأوضح المصدر أن الحكم الذي من المتوقع أن تصدره محكمة جنايات الإسكندرية على المتهمين سوف يكون واجب النفاذ. ومن المتوقع أن تشهد محكمة الجنايات، اليوم، حضورا مكثفا وغير مسبوق، وهو ما تستعد له قوات الجيش التي أحاطت مقر المحكمة بالعربات والمدرعات العسكرية.