صحافيون ليبيون من مخبئهم في طرابلس لـ «الشرق الأوسط»: نتحدث بالشفرة

قالوا إنهم يتعرضون لمحاولات تصفية جسدية.. وذنبهم هو رفض التعاون مع نظام القذافي

TT

قال صحافيون ومثقفون ليبيون في قلب العاصمة الليبية، طرابلس الغرب، لـ«الشرق الأوسط»، إنهم لجأوا إلى مخابئ سرية داخل المدينة هربا من ملاحقة القوات الأمنية والعسكرية الموالية للعقيد معمر القذافي.

وكشف الصحافيون والناشطون النقاب عن تعرضهم لمحاولات اغتيال وتصفية جسدية بسبب رفضهم الانصياع لأوامر القذافي بالمشاركة في الحملة الإعلامية التي يخوضها النظام الليبي في محاولة للإيحاء للعالم بأنه ما زال يسيطر على مقدرات الأمور في البلاد.

وأبلغ أحدهم «الشرق الأوسط»، عبر دردشة على صفحته بموقع الـ«فيس بوك»، أنه ومن يعرف من هؤلاء المناوئين إعلاميا وثقافيا للقذافي اضطروا إلى الاختباء داخل شوارع المدينة خوفا من الملاحقة الأمنية أو اعتقالهم، مشيرا إلى أنهم يسعون مع ذلك إلى توصيل حقائق ما يجرى في طرابلس إلى المجتمع الدولي. وأضاف الصحافي، الذي امتنع عن كشف هويته لضمان سلامته الشخصية: «نعيش كالمطاردين، لا نتصل بأحد ولا نتلقى سوى اتصالات محدودة وبشفرة معينة، إذا قال أحدهم كلمة السر المتفق عليها في ما بيننا تكلمنا لدقيقة أو دقيقتين وإلا قطعنا الاتصال».

وأوضح أن الصحافيين المحاصرين داخل طرابلس يمتنعون عن استخدام الهواتف الأرضية والجوالة بسبب قيام جهاز المخابرات الليبية بالتنصت على كافة أنواع الاتصالات.

وأضاف: «نتحدث باللغة الإنجليزية فقط، وبشكل مقتضب للغاية، نحن مراقبون والموت قد يطرق بابنا في أي لحظة».

إلى ذلك، أصدرت مجموعة أطلقت على نفسها اسم «مجموعة الإعلاميين والصحافيين الليبيين الشرفاء في العاصمة طرابلس لنصرة الشعب الليبي»، بيانا كشفت فيه النقاب عن قيام ما وصفته بـ«النظام (الليبي) الإرهابي» هذه الأيام بمسح آثار جريمته التي اقترفها ضد شعبنا الأعزل، بقيامه بتنظيف مدينة طرابلس من بقايا المحروقات والمتاريس، وطلاء الشوارع لإزالة الكتابات المناوئة للنظام، ليظهر لوسائل الإعلام التي جلبها والتي نشك في مصداقيتها، أن الحياة في طرابلس العاصمة على ما يرام، وبأن ما يقال عار من الحقيقة.

وقال البيان، الذي تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه: «نحن مجموعة من الإعلاميين والصحافيين الليبيين الشرفاء في العاصمة الليبية، طرابلس، الذين تخلوا عن نظام القذافي والذين هم ضد إرهاب القذافي وميليشياته ومرتزقته، والذين يعانون من أوضاع عصيبة تحول دون القيام بعملهم بصدق وموضوعية، نتيجة انحيازنا لثورة الشباب في 17 من شهر فبراير (شباط) ولمطالب الشعب الليبي في الحرية والتغيير وإزاحة القذافي الطاغية عن الحكم».

وتابع البيان: «لقد تمت إعاقتنا عن العمل بوقف كل وسائل الاتصالات التي يفرض سيطرته عليها ابنه (العقيد معمر القذافي) الأكبر محمد، والتي تحول دون إيصال رسالتنا الصادقة للخارج، فالحقائق يعلمها أهلنا بالداخل والليبيون بالخارج، وإهدار دمنا من قبل ميليشياته، بدعوة لجانه الثورية بإهدار دم الصحافيين والإعلاميين الذين دخلوا من المنطقة الشرقية، ودم الصحافيين والإعلاميين الليبيين الذين يقفون ضدهم».

واستنكر البيان، وبشدة، ما يعلن ويصدر عن وسائل إعلام النظام المهترئ ضد وسائل الإعلام الخارجية التي لا نشك في مصداقيتها، معتبرا أن المتعاونين مع نظام القذافي من الصحافيين والإعلاميين خارجون عن شرف المهنة، وأنهم بعملهم هذا يحاربون ويرهبون، مع الطاغية، الشعب الليبي، وطالبهم بالتوبة والرجوع إلى رشدهم.

وفي ما يخص حقيقة قصف مدينة طرابلس بالطائرات قال البيان: «إن هذا تم عن طريق طائرات لنقل الجنود وضع عليها مدافع رشاشة تطلق الرصاص العشوائي على المتظاهرين، وإن القذافي يحاول طمس هذه الحقيقة».

ودعا الصحافيون دول العالم والمنظمات الدولية والحقوقية والمهتمة بحقوق الإنسان بالوقوف مع الشعب الليبي في محنته هذه ودعم ثورته وبممارسة كافة الإجراءات والأعمال التي تحول دون ما وصفوه بـ«حرق القذافي لليبيا». كما طالبوا الأجهزة المسؤولة ووسائل بتوثيق وتسجيل كافة ما يجري على الساحة الليبية والاحتفاظ بالوثائق والتسجيلات لإظهارها للرأي العام وإبرازها كوثائق رسمية تدين هذا الطاغية ونظامه، وتبين مدى الإرهاب وشدته الذي مارسه الطاغية على الشعب الليبي، ومحاسبته والمتورطين معه حتى لا تذهب دماء الشهداء هباء.

وتابع البيان: «وندعو المنظمات الدولية والحقوقية والرأي العام العالمي بالضغط على هذا الطاغية وزمرته، وحماية الشعب الليبي ورفع المعاناة عنه، وحماية الصحافيين ودعم مطالبهم بالقيام بعملهم بمصداقية وشرف، وحمايتهم من إهدار دمائهم، والمطالبة بإطلاق سراح الصحافيين والإعلاميين المعتقلين والمفقودين، وإطلاق الحريات».