نائب رئيس البرلمان اليمني: المخابرات تخطط لاستهدافي و«شخصيات وطنية»

مشايخ من قبيلتي حاشد وبكيل ينضمون إلى «ثورة الشباب» واستمرار المظاهرات والاستقالات من الحزب الحاكم

طلاب جامعة صنعاء في مظاهرة احتجاجية أمس ضد الحكومة اليمنية وقد كتب بعضهم على أكفهم كلمة »ارحل» (رويترز)
TT

أعلن نائب رئيس البرلمان اليمني الشيخ حمير بن عبد الله بن حسين الأحمر أنه اكتشف مخططا لدى جهاز المخابرات اليمنية لاستهداف قادة المعارضة اليمنية في مرحلة مقبلة، في الوقت الذي تتواصل المظاهرات والاعتصامات في عدة محافظات للمطالبة بإسقاط النظام. كما تتواصل الاستقالات في أوساط الحزب الحاكم.

وقال الشيخ حمير بن عبد الله بن حسين الأحمر، نائب رئيس مجلس النواب (البرلمان)، والعضو في الحزب الحاكم إن أفراد حراسته اكتشفوا وجود وحدة استخباراتية تابعة لجهاز الأمن القومي (المخابرات) وهي تقوم بـ«أعمال الرصد والمراقبة حول المنازل وتتابع تحركاتنا»، وذكر في بيان صادر عن مكتبه الإعلامي، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخه منه، أن أفراد الوحدة المخابراتية كانوا يستقلون سيارة أجرة وأنهم حاولوا أن يلوذوا بالفرار لكنهم صدموا امرأة بعد أن تبادلوا إطلاق النار مع أفراد الحراسة، وأشار إلى أنه عثر بداخل السيارة على «عدد من الصور وخرائط تفصيلية جوية لمنازل بعض قيادات المعارضة»، ومنها منزل شقيقه الشيخ حميد الأحمر، عضو مجلس النواب، أحد أبرز معارضي نظام الرئيس علي عبد الله صالح.

واعتبر نائب رئيس البرلمان أن الوثائق التي عثر عليها «تشير بوضوح إلى وجود مخططات لمهاجمة هذه المنازل»، مؤكدا أنه عثر، أيضا، بداخل السيارة على «أسلحة مختلفة ووثائق وتصاريح مصدرها الأمن القومي، تسمح بمرور السيارة بما تحمله من أسلحة وأجهزة رصد وتعقب من كافة نقاط الأمن»، وأردف حمير الأحمر أنه وبـ«بمجرد وقوع الحادث والقبض على هذه العناصر حضر على الفور إلى مكان الحادث وكيل جهاز الأمن القومي عمار محمد عبد الله صالح بصحبة عدد من الأطقم التابعة لرئاسة الجمهورية، والذي يبدو أنه كان متابعا عمل هذه الوحدة ويشرف عليها، وقد قاموا بأخذ السيارة ورفض استكمال تفتيشها»، واعتبر الأحمر البيان الصادر عن وزارة الداخلية اليمنية بخصوص الحادثة المشار إليها، بأنه «محاولة التغطية على الحقائق والتضليل على حادثة القبض على سيارة، واكتشاف تلك العناصر الخارجة عن القانون»، وبأنه يمثل «انحيازا واضحا للجناة»، وطالب الوزارة بـ«احترام الدستور والقانون وبسرعة محاسبة من قاموا بالمراقبة والتجسس من دون مسوغ قانوني، والتخطيط لاستهداف الشخصيات الوطنية، والكشف عن تلك المخططات الإجرامية التي من شأنها إحداث الفتنة وإقلاق السكينة العامة وتهديد السلم الاجتماعي».

وكانت الداخلية اليمنية قالت في بيان صادر عنها إن أحد «مرافقي الأخوين حميد وحمير الأحمر أطلق النار بعد صلاة الجمعة على المواطن صبري محمد الذرحاني 35 سنة والمواطنة تقية محمد الصرمي 50 عاما بالقرب من مطعم الحلواني عند جولة 14 أكتوبر بصنعاء لأسباب لا تزال غامضة، وأن الحادث أسفر عن إصابتهما بإصابات بليغة نقلا على أثرها إلى المستشفى لتلقي العلاج»، وأضاف مصدر أمني: «كما قام مرافقو حميد وحمير الأحمر باختطاف مواطن ثالث»، وأشار إلى أن أجهزة الأمن «شرعت في التحقيق في ملابسات هذا الحادث المؤسف».

هذا وتتواصل المظاهرات والاعتصامات المطالبة برحيل نظام الرئيس صالح في العاصمة صنعاء وعدة محافظات، فقد باتت هناك 5 ساحات، على الأقل، تكتظ بالمعتصمين، فإلى جانب «ساحة الحرية» أمام جامعة صنعاء بالعاصمة هناك ساحة اعتصام كبير ومتواصل من 3 أسابيع في مدينة تعز وهناك المئات يعتصمون في «حديقة الشعب» بمدينة الحديدة في غرب البلاد، إضافة إلى ساحتي اعتصام في «كريتر» و«المنصورة» بمدينة عدن وأخرى في محافظة إب بالمنطقة الوسط.

وأكد شهود عيان أن الآلاف توافدوا، مساء أمس، على ساحة الاعتصام أمام الجامعة في صنعاء للالتحاق بركب المعتصمين المطالبين برحيل النظام، غير الحديث البارز كان إعلان عدد من مشايخ قبيلتي حاشد وبكيل، كبرى القبائل اليمنية، انضمامهم إلى «ثورة الشباب» والمطالبة بـ«سقوط النظام»، وأحد أبرز هؤلاء هو الشيخ حسين بن عبد الله بن حسين الأحمر، عضو مجلس النواب، رئيس مجلس التضامن الوطني، الذي أعلن، أمس، أمام أكثر من 200 ألف من أنصاره في محافظة عمران شمال صنعاء استقالته من حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم وتبنيه مطالب المعتصمين في عموم البلاد، ويعد المهرجان الذي أعلن أمامه الأحمر الاستقالة هو الأول من نوعه داخل محافظة عمران التي تبعد عن صنعاء، شمالا، ساعة واحدة فقط بالسيارة وهي معقل آل الأحمر والحوثيين، أيضا، غير أن مصدرا حكوميا في المجلس المحلي (البلدي) بمحافظة عمران سخر من مما تردد عن مشاركة قرابة نصف مليون شخص في المهرجان المقام في عمران، وقال المصدر إن «هذا الرقم خيالي جدا وإن الحضور لا يتعدى 5 آلاف شخص تم تجميعهم ودفع الأموال لهم لحضور المهرجان»، وأضاف أن «جميع سكان عمران أطفال ونساء وشيوخ وشباب لا يوازي هذا الرقم، وأن سكان وقبائل عمران يرفضون الوصاية عليهم من أي كان وأن قرارهم مستقل».

وفي إطار الصراع المحتدم بين الرموز القبلية والسياسية وصراع الولاءات، على ما يبدو، نفى بعض مشايخ قبيلتي حاشد وبكيل انضمام مشايخ من القبيلة إلى المحتجين المطالبين بسقوط النظام، وقال بيان صادر عن هؤلاء المشايخ وأبرزهم حمود عاطف، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إن هذه مزاعم روجها حسين الأحمر ولا أساس لها من الصحة وإن مشايخ حاشد وبكيل أعلنوا موقفهم «الواضح والمساند للشرعية الدستورية والأمن والاستقرار للوطن ووحدته ورفضهم لكل أعمال الفوضى والتخريب والعنف والانقلاب على الديمقراطية وجر الوطن إلى أتون الفتنة والعنف».

على ذات الصعيد، تعيش مدينة عدن أوضاعا أمنية استثنائية بعد أن شهدت، أول أمس، ليلة دامية، حيث ارتفع عدد القتلى الذين سقطوا في المواجهات بين قوات الأمن والجيش والمتظاهرين، وقالت الناشطة السياسية والحقوقية محفوظة السعفاف التي تتواجد في عدن للتضامن مع مطالب المتظاهرين رغم أنها من محافظة شمالية، إن ليلة الجمعة كانت دامية وتحديدا في حي المعلا وإن قوات الأمن استخدمت الرصاص والقنابل المسيلة للدموع في تفريق الشبان المتظاهرين، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن الغازات المسيلة للدموع والرصاص الحي وصل إلى المنازل والشقق السكنية في الحي، من جانبه أكد الدكتور علي حسن سيف، رئيس المنظمة اليمنية لحقوق الإنسان، أن الجيش ينتشر بدباباته ومدرعاته في شوارع عدن وأن الجامعات والمدارس والمصالح الحكومية، جميعها مغلقة، إضافة إلى تقطيع أوصال المدينة بالحواجز الأمنية، وقال سيف لـ«الشرق الأوسط» إن قوات الأمن والجيش منعت طواقم الإسعاف الطبية والتطوعية من إسعاف الجرحى ونقل جثث القتلى، هذا في وقت أعلن رسميا أن الرئيس علي عبد الله صالح أمر بعلاج الجرحى، في عدن، على نفقة الدولة.

في هذه الأثناء، تتواصل موجة الاستقالات من عضوية حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم التي يتقدم بها مسؤولون من مستويات كثيرة، وذلك احتجاجا على قيام السلطات اليمنية بقمع المظاهرات والاحتجاجات السلمية، وانضم، أمس، الشيخ طارق الفضلي، القيادي السابق في الحزب الحاكم، إلى «شباب الثورة»، وأعلن في بيان أرسله لـ«الشرق الأوسط»، تأييده لخيار الشباب المرفوع وهو «الشعب يريد إسقاط النظام»، ونفى الفضلي، في بيانه، أن يكون الرئيس صالح التقى، أمس، بمشايخ قبائل أبين، كما أعلن رسميا، وقال إنه وبصفته شيخا لمشايخ قبائل محافظة أبين، ينفي «نفيا قطعيا لقاء أي من مشايخ أبين الشرفاء بالرئيس»، مؤكدا أنهم يقفون «دائما إلى جانب الشعب اليمني العظيم شماله وجنوبه».

وكانت وكالة الإنباء اليمنية «سبأ» نشرت خبرا قالت فيه إن الرئيس التقى في صنعاء عددا من المشايخ والشخصيات الاجتماعية وأعضاء المجالس المحلية ومنظمات المجتمع المدني بمحافظة أبين، وإن عددا من الحاضرين تحدثوا خلال اللقاء وعبروا عن «وقوفهم إلى جانب القيادة السياسية في جهودها من أجل الحفاظ على الأمن والاستقرار والسكينة العامة في المجتمع.. مشيرين إلى أنهم جنود الوطن للحفاظ على أمنه واستقراره ووحدته»، إضافة إلى تأكيدهم أن «أبناء المحافظات الجنوبية والشرقية وفي مقدمتهم أبناء محافظة أبين وحدويون حتى النخاع ويرفضون الوصاية عليهم من قبل أي شخص أو جهة».. مشيرين إلى أنهم ضد العناصر المرتدة عن الوحدة وكل أعمال التخريب والإرهاب وقطع الطرق أو قتل النفس المحرمة أو الإخلال بالأمن.