سلطانية لـ «الشرق الأوسط»: أولوياتنا السلامة في بوشهر.. و«هواجس» الوكالة أمر اعتدنا عليه

أعلن عن تفريغ الوقود في المفاعل لأسباب تقنية.. وأمانو يواسي أرملة عالم نووي إيراني

صورة أرشيفية لرجل أمن إيراني بجوار عدد من الصحافيين لدى تدشين نقل الوقود إلى محطة بوشهر النووية جنوب إيران (أ.ف.ب) وفي الاطار أصغر سلطانية
TT

بينما أكد المندوب الإيراني لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، علي أصغر سلطانية، الأنباء الواردة حول وقف العمل في مفاعل بوشهر النووي، أشار في حديث هاتفي نهار أمس مع «الشرق الأوسط» إلى أن الأمر لا يعدو كونه إجراء مزيد من عمليات التحقق التقني تقوم بها الجهات الروسية المسؤولة عن تشييد المفاعل، وذلك للتأكد من معايير سلامة إجراءات تشغيل المفاعل الذي كان من المتوقع أن يبدأ تشغيله في التاسع من أبريل (نيسان) المقبل، بعد أن تم شحنه بالوقود في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وفي هذا الخصوص، نفى سلطانية نفيا باتا أن يكون وقف العمل في مفاعل بوشهر بسبب فيروس «ستوكس نت»، الذي أصاب بعض الأجهزة النووية الإيرانية وعطلها عن العمل بعد أن أرسلته دول معينة لشل وتخريب الأجهزة الإيرانية النووية.

في المقابل رفض سلطانية الخوض في حديث لتحديد موعد متوقع لتشغيل المفاعل الذي بدأت إجراءات تشييده بتعاون إيراني – روسي منذ مطلع تسعينات القرن الماضي، مبينا أن ذلك أمر يحدده الفنيون الروس، مشددا على أن الأولوية السابقة بالنسبة للمسؤولين الإيرانيين هي التأكد من اكتمال إجراءات السلامة كافة قبل تشغيل المفاعل الذي سيوفر لإيران طاقة كهربائية نووية.

من جانب آخر، رحب المندوب الإيراني لدى الوكالة الدولية في حديثه مع «الشرق الأوسط» بما ورد في جزء من التقرير الأخير الخاص بتطورات التعاون المشترك بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي رفعه مدير عام الوكالة يوكيا أمانو لمجلس أمنائها مساء أول من أمس لدراسته، استعدادا لمناقشته واتخاذ قرار بشأنه في اجتماع الأمناء المقبل الذي حدد له السابع من مارس (آذار) المقبل بمقر الوكالة بالعاصمة النمساوية فيينا.

وكان سلطانية قد قسم تقرير مدير الوكالة إلى جزأين، أولهما وصفه بأنه الجزء الأساسي الذي يهم إيران لكونه جزءا قانونيا يركز على تعاونها مع الوكالة وفق التزاماتها باتفاقات الضمان التي تقرها اتفاقية الحد من انتشار الأسلحة النووية. مضيفا في هذا الخصوص أن التقرير أكد أن الأنشطة النووية بما في ذلك تخصيب اليورانيوم تتم تحت مراقبة كاملة ودائمة (24 ساعة) تحت إشراف مفتشي الوكالة وكاميراتها بصورة غير مسبوقة في تاريخ الوكالة.

أما الجزء الثاني من التقرير فهو الجزء الذي قال عنه إنه يتحدث عن «هواجس» تبديها الوكالة لاحتمال وجود أبعاد عسكرية للنشاط النووي الإيراني. موضحا أن «حديث الهواجس هذا ليس مستحدثا، بل هو أمر تعودت عليه إيران، إذ ظل يتكرر في أكثر من تقرير، اعتمادا على اتهامات ملفقة ومعلومات مفبركة تمد بها الوكالة الدولية للطاقة الذرية أجهزة استخبارات غربية، في مقدمتها جهاز الاستخبارات الأميركي الذي ما فتئ يكرر مرارا مزاعم لا أساس لها، وذلك على الرغم من النفي الإيراني لكل تلك الاتهامات التي بسببها تم إرسال الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن الدولي، فأصدر المجلس بدوره قرارات سياسية تنقصها وتفتقد إلى الأسس القانونية».

وردا على سؤال حول الكيفية التي ستتعامل بها إيران مع تلك الاتهامات التي ستظل تطالها وبقوة حول أبعاد عسكرية محتملة لأنشطتها النووية لا سيما أن تقرير مدير الوكالة تحدث عن تفجيرات واستخدامات للمياه الثقيلة وتجارب قد تكون لتركيب رؤوس نووية للصواريخ التي أنتجتها إيران، كرر سلطانية القول إن «هذه الاتهامات ليست جديدة، بل ظلت تتكرر طيلة 8 سنوات»، مشددا على أن إيران ستواصل «تجاهلها التام» لهذه الاتهامات، واصفا إياها بـ«ذات الأغراض السياسية»، داعيا الدول التي قال إنها تطلقها «وفقا لأجندة خاصة» إلى «التوقف وعدم شغل الوكالة وتشتيت اهتماماتها بما لا يستند إلى أي حقائق، وذلك حتى تنصرف لأداء عملها المهم كوكالة فنية متخصصة تساعد دولها الأعضاء كافة للحصول على حقوقها القانونية في الاستفادة من التقنية النووية السلمية».

وجاءت تصريحات سلطانية لـ«الشرق الأوسط» بعد أن كان قد صرح في وقت سابق أمس بأن بلاده اضطرت لتفريغ الوقود من مفاعل بوشهر النووي. وبحسب وكالة «رويترز» فإن سلطانية قال إن المهندسين الروس الذين أنشأوا المحطة على الساحل الإيراني للخليج نصحوا بتفريغ الوقود من أجل إجراء اختبارات.

ولم تعط إيران تفاصيل عن طبيعة المخاوف التقنية، لكن مسؤولا إيرانيا رفيعا قال في وقت سابق من هذا الشهر إنه ينبغي للبلاد التحقيق في مزاعم بتسبب فيروس «ستوكس نت» في أضرار كبيرة في مفاعل بوشهر.

وجاء ذلك، بعد أن قال سفير روسيا لدى حلف شمال الأطلسي إن فيروس الكومبيوتر كان من الممكن أن يتسبب في وقوع كارثة على غرار كارثة تشيرنوبل التي وقعت في أوكرانيا التي كانت إحدى جمهوريات الاتحاد السوفياتي حينها عام 1986.

وبدأت شركة «سيمنز» الألمانية بناء محطة بوشهر في السبعينات قبل الثورة الإسلامية الإيرانية، ومنذ ذلك الوقت شهدت المحطة تأجيلات متوالية. وتم تحميل الوقود إلى المفاعل قبل أربعة أشهر، لكن الموعد النهائي الذي كان مقررا لتشغيل المحطة في يناير (كانون الثاني) مر دون أن يبدأ التشغيل.

ومن شأن المزيد من التأجيل أن يمثل إحراجا، ليس فقط للمسؤولين السياسيين الإيرانيين الذين جعلوا محطة بوشهر مركزا لاستعراض الطموحات النووية السلمية الإيرانية، لكن أيضا بالنسبة لروسيا التي تسعى لزيادة صادراتها من التكنولوجيا النووية إلى الاقتصاديات الصاعدة.

وألقى حامد رضا كاتوزيان، رئيس لجنة الطاقة في البرلمان الإيراني، باللوم في تأجيل تشغيل المحطة على روسيا، وقال لصحيفة «الشرق» اليومية الإيرانية «انتهاك الروس المتكرر للوعود وانعدام مسؤوليتهم في مشروع بوشهر ما زال مستمرا».

ويقول الخبراء إن تشغيل طهران لمحطة بوشهر التي كلفتها مليار دولار لن يجعلها أقرب إلى صنع قنبلة نووية، حيث تقوم روسيا بتزويد المحطة باليورانيوم المخصب، وهي أيضا التي ستقوم بأخذ الوقود المستهلك، الذي يمكن استخدامه في صنع البلوتونيوم لصنع الأسلحة النووية.

وفي سياق ذي صلة، كشفت مصادر عليمة لـ«الشرق الأوسط» عن خطاب بعثه مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا أمانو لأرملة العالم النووي الإيراني شهرياري الذي اغتيل مطلع هذا العام، ناقلا فيه تعزيته لها ولأسرتها، مؤكدا أنه سيبذل قصارى جهده كمدير للوكالة حتى يسود العالم أمان نووي.

جاء ذلك ردا على خطاب بعثت به البروفسور باسمي شهرياري لمدير الوكالة تدعوه كمدير ومواطن لدولة عانت من الإرهاب النووي للتنديد بما حدث لزوجها ولاتخاذ كل ما بإمكانه لوقف مثل هذه الممارسات.