أول مظاهرة لـ«شباب الفيس بوك» لإسقاط النظام الطائفي في لبنان غدا

غالبيتهم طلاب جامعات وخريجون يشتكون من ظلم الزعماء

TT

وجهت مجموعة أطلقت على نفسها اسم «شباب الفيس بوك» دعوة إلى التظاهر في بيروت، ظهر غد، الأحد، لإسقاط النظام الطائفي في لبنان. وهذه الدعوة التي بدأت تختمر وتتصاعد على الموقع الاجتماعي الشهير منذ نحو أسبوعين وانضم إلى صفحاتها ومجموعاتها آلاف الشباب، اجتمع مندوبون عنها يوم الثلاثاء الماضي في بيروت للاتفاق على الخطوط العامة للتحرك. وبدا الخلاف واضحا بين من يجد أن التمهل والتنظيم المحكم ضرورة للنجاح، ومن يتحمس للنزول إلى الشارع في أقصى سرعة للتعبير عن الغضب. وإذ أعلنت المجموعة المتحمسة على صفحاتها أن الموعد هو الأحد يوم 27 فبراير (شباط) وجد الباقون أنفسهم مضطرين للحاق بالركب. وكتب منسق صفحة «الشعب اللبناني يريد إسقاط النظام»، الذي كان يخطط لاحتجاج مدروس: «في شباب لبنانيين متلنا متلن أخدو قرار هو في رأيي متسرع جدا بالنزول للشارع. كنا حاسين القصة عن نية سيئة وأجندات حزبية وتبين لنا أنها عن حسن نية ومستقلة. شو بدكن يانا نعمل؟ نقاطعهن؟ ننزل نضربن مع الدرك؟ هني نازلين لنفس الهدف ونفس الشعار الذي ترفعه هذه الصفحة ونازلين سلميا وحضاريا وجرحن جرحنا وحرقة قلبهن اللي محركتن... شو بدكن نعمل جبهات على بعضنا؟ خلونا متضامنين».

وهكذا اتفقت المجموعات، رغم الخلاف على التوقيت، أن التضامن أسلم من التشظي. وقال منسق صفحة «من أجل إسقاط النظام الطائفي اللبناني»، التي ارتأت التظاهر المبكر، لـ«الشرق الأوسط»، شارحا وجهة نظر المجموعة متحفظا على اسمه الصريح: «ثمة رأي جارف يقول إن اللبنانيين غير مستعدين للتغيير، لذلك نحن نعتقد أن نزولنا الآن، ولو بأعداد قليلة، سيوقظ الناس وينبههم إلى أن تغيير هذا النظام في متناولهم. لا يهمنا أن نكون قلة في البداية، وهذا هو المتوقع. لا.. بل يفضل أن نبدأ بعدد قليل ثم نتفق على مواعيد للتظاهر وتنضم إلينا أعداد جديدة، مرة بعد أخرى». ويكمل المنسق بالقول: «تباينت الآراء عندما اجتمعنا، هناك من قال لنترك الأمر لما بعد 14 مارس (آذار) (موعد تظاهر فريق 14 آذار) كي لا نبدو حفنة أمام أعدادهم الكبيرة، وهناك من رأى أن نؤجلها لما بعد مظاهرة العلمانيين في 17 أبريل (نيسان)، لأن مظاهرتهم تبقى فلكلورية». ويضيف المنسق: «نحن على وعي تام بأن وضع لبنان مختلف عن مصر وتونس، ولذلك شكلنا لجنة قانونية درست الوضع، ونعتقد أن تطبيق المادة 95 من الدستور، وهو ما ننتظره منذ عشرين سنة كفيل بحل المشكلة الطائفية في لبنان».

لكن الملاحظ أن بين المطالبين بإلغاء الطائفية تيارا أكثر تشددا، وأن العمل جار بحرفية في بعض المجموعات، وخصوصا أن الغالبية الساحقة للمحتجين هي من طلاب الجامعات أو الخريجين الجدد الذين بدأوا العمل بمعاشات يعتبرونها غير كافية، أو أنهم لم يجدوا عملا على الإطلاق.

وانتشرت على صفحات «الفيس بوك» شعارات وملصقات أعدها المحتجون المتخصصون في الإعلانات، التي ستخرج إلى الواقع يوم غد، الأحد، مع المتظاهرين، حيث نقرأ عبارات مختلفة تليها دائما عبارة: «شارك بإسقاط النظام الطائفي» أي أنك تقرأ مثلا: «قرفت من الواسطة، شارك بإسقاط النظام». ومما يستدعي إسقاط النظام أيضا: «الزعماء عم يستغلوك؟»، و«ما بدك تهاجر بس مضطر؟»، و«معاشك ما عم يكفيك؟»، و«نحنا فقرا وجوعانين، وهم الأمرا والسلاطين»، «فلّو الزعما من لبنان كملت فينا فرحتنا». وجدير بالذكر أن خريجين قد شكلوا مجموعات، كل تبعا لاختصاصه لتوزيع العمل، سواء في ما يتعلق بالجانب القانوني أو الإعلامي أو الجانب السمعي - البصري أو حتى لتنسيق الاحتجاج مع المغتربين في الخارج. ويقول حسام صالح، وهو طالب في السنة الرابعة صيدلة وأحد الذين شاركوا في اجتماع يوم الثلاثاء، إن الخوف الوحيد هو من محاولة جهات حزبية الدخول على خط الاحتجاجات للتخريب علينا، وبخاصة أن بينهم من جاء إلى الاجتماع بصفة شخصية، ووعدوا أنهم يريدون المشاركة كمستقلين، وهذا نرحب به، أما غير ذلك فنرفضه تماما، نحن حريصون على استقلاليتنا، ومطالبنا التي لا علاقة لها بأي جهة حزبية. ويروي صالح أن الجهات الأمنية هي التي بادرت بالاتصال بالشباب المجتمعين يوم الثلاثاء الماضي عارضة ضرورة تأمين حماية لهم، تفاديا لأي إشكال. ويتابع ضاحكا: «هذا يعني أن حركتنا مرصودة ولو كانت على (الفيس بوك)، وأن الجهات الرسمية ليست غافلة عنا وتعلم بتحركاتنا دون أن نبلغها». وتنطلق المظاهرة ضد النظام الطائفي يوم الأحد، من كنيسة مار مخايل مرورا بمستديرة الطيونة وصولا إلى قصر العدل، لما لهذه المناطق من رمزية لأنها شكلت خط تماس طوال 17 سنة من الحرب الأهلية، وقسمت أهالي بيروت إلى مسلمين ومسيحيين.

وجدير بالذكر أن اجتماعا آخر كانت قد شهدته بيروت يوم الأحد الماضي في «مسرح بيروت» لمحتجين على النظام الطائفي، جمع علمانيين تواعدوا على التظاهر يوم 17 أبريل. وتقول كنده حسن لـ«الشرق الأوسط»، وهي من بين المنظمين، إن مطالب العلمانيين، هي نفسها مطالب المحتجين على النظام الطائفي، لكن الفارق في التوقيت وسبل التنفيذ، مبدية خشيتها من تغيير متسرع للنظام الطائفي ولو كان فاسدا دون دراسة البدائل بشكل متأن. وتعترف حسن أن الشباب الأصغر سنا هم الأكثر حماسة، وأن «اندفاعتهم إن هي تحولت إلى حركة حقيقية على الأرض، فستجعلنا نتدارس وضعنا، خصوصا إن قدموا تصورا لبدائل مقنعة نستطيع أن ندعمها».