أحمد المستيري لـ«الشرق الأوسط»: لا بد أن نصل إلى العهد الجديد بأقل تكلفة بالنسبة لشعب تونس

السياسي التونسي المخضرم: النظام السابق أبقى في البلد أجهزة تعمل في الخفاء

TT

رغم أن الدعوة لتأسيس مجلس لحماية الثورة التونسية، التي أطلقها ثلاث من الشخصيات السياسية التاريخية هم أحمد المستيري، وأحمد بن صالح، ومصطفى الفيلالي، لم تلق تجاوبا من لدن الحاكمين في تونس بيد أنها لقيت صدى لدى 28 حزبا سياسيا والكثير من منظمات المجتمع المدني.

ولا توجد علاقة عضوية بين السياسيين الثلاثة والأحزاب الـ28، إلا أن الفكرة جمعتهم في خندق واحد هو «الحفاظ على الثورة ومكتسباتها».

ويقول أحمد المستيري، الذي كان وزيرا للمالية في أول حكومة للاستقلال، ثم وزيرا للعدل، حيث أشرف على صياغة قانون الأحوال الشخصية المتقدم في تونس الذي أعطى المرأة مكانة لائقة في المجتمع، فوزيرا للدفاع، ثم وزيرا للداخلية عام 1970، في حديث مع «الشرق الأوسط»: «جاءتنا الفكرة لأننا اقتنعنا منذ أول وهلة أن جهاز الحكم نفسه، لا نقول عاجز تماما، وإنما يحتاج إلى مزيد من المعلومات حتى يفهم الوضع كما هو».

وزاد قائلا: «قلنا كذلك إن هذه الثورة مستمرة ولكن لا بد من التفكير في مآلها، المتمثل في أنه لا بد أن ترجع الأمور إلى نصابها في يوم من الأيام، ولا بد أن نصل إلى العهد الجديد بأقل تكلفة بالنسبة للشعب التونسي».

وبينما ترى الحكومة الانتقالية أن يكون مجلس حماية الثورة استشاريا، يرغب الداعون إلى تأسيسه في أن يكون تقريريا، وحجتهم في ذلك أن الحكومة، التي ترأسها شخصية عملت إلى جانب الرئيس السابق زين العابدين بن علي، فرضت نفسها على الثورة دون أن تخضع لرقابة.

وأشار المستيري، الذي أسس حزب حركة الديمقراطيين الاشتراكيين المعارضة، في بداية عقد الثمانينات من القرن الماضي، أنه ليس متشائما لأن المكاسب التي حققتها الثورة حتى الساعة هي مكاسب ذات جذور عميقة، والشعب التونسي احتضنها بكل عفوية، وبالتالي مهما كانت تطورات الأمور فمن الصعب الرجوع إلى الوراء.

وفي ما يلي نص الحوار الذي جرى في منزله بتونس العاصمة.

* أطلقت رفقة مجموعة من رفاقك القدامى مبادرة تأسيس هيئة لحماية الثورة. وهي مبادرة حركت المشهد السياسي في تونس بيد أنها تبقى دون ركائز موضوعية وقانونية. فكيف يمكن تحقيق هذا المجلس في ظل حالة عدم الصفاء الذي تعيشه الحياة السياسية التونسية؟

- نحن حاولنا أن نساهم بقدر إمكاناتنا ومعرفتنا لمجرى الأمور، في إيجاد الحل المناسب نظرا لرغبتنا في أن تمضي الثورة في مسار إصلاح الوضع واستتباب الأمن وخاصة الأمن في النفوس. فنحن لدينا بعض المعطيات وليس كل المعطيات، ونعني المعطيات الموجودة من الشارع نفسه، ومن أجهزة الإعلام الموجودة وأحيانا ما يتسرب لنا من معلومات من الأجهزة القائمة، ولكننا غير قادرين على أن نكون ملمين بكل ما يحدث ومن هنا جاءتنا الفكرة لأننا اقتنعنا منذ أول وهلة أن جهاز الحكم نفسه، لا نقول عاجز تماما، وإنما يحتاج إلى مزيد من المعلومات حتى يفهم الوضع كما هو. قلنا كذلك إن هذه الثورة مستمرة ولكن لا بد من التفكير في مآلها، المتمثل في أنه لا بد أن ترجع الأمور إلى نصابها في يوم من الأيام، ولا بد أن نصل إلى العهد الجديد بأقل تكلفة بالنسبة للشعب التونسي. فكل الناس بهتوا إزاء هذه الثورة ومداها واستمرارها واتجاهاتها، وهذه من البديهيات، لكن هناك كثير من العوامل والأشياء التي ما زالت غامضة.

* حينما أطلقتم هذه المبادرة هل كنتم تريدونها بديلا للحكومة مثلا أم مجرد مجلس للحكماء ام ماذا؟

- رأينا أن الانتقال من النظام السابق إلى النظام الجديد الذي تبتغيه أغلبية الشعب، يتطلب النداء للحرية والديمقراطية وتجسيم أهداف الثورة، وبالتالي لا بد من فترة انتقالية حتى تمضي الأمور بأقل زعزعة وعنف، وأقل فوضى، فكان رأينا أن الدولة بمعناها الواسع ستنهار تماما، لأن انهيار الدولة في نهاية الأمر يؤدي إلى تهديم البلد نفسه، والدولة هي قائمة بدورها نظريا ومنطقيا، عندها دور تقوم به ويتمثل في تلبية بعض الحاجيات الحيوية الأساسية للمواطن من أكل وصحة. وحينما تصبح الدولة عاجزة وغير موجودة أحيانا بمؤسساتها وبسلطاتها الجهوية، ربما تقع الكارثة. ومن هنا جاءت مبادرتنا. وهذا يقتضي أن يكون هناك نوع من التعاون والاتفاق بين الطرفين على قدر قليل من التفاهم بمقتضى قاسم مشترك بيننا وبينهم فكانت محاولات ترمي إلى هذا. وهناك عبارة رددتها مرارا في الأيام الأخيرة في حديثي مع رجال الحكومة ووسائل الإعلام، هي «المحافظة على شعرة معاوية» حتى تتم بعض الأمور لكن مع الأسف لم نجد الصدى الكافي لدى رجال الحكم بشأن التجاوب مع المبادرة، وخصوصا أن الشيء الذي يترك الإنسان عاجزا أحيانا هو أن هناك أشياء ظاهرة على المسرح لكن هناك أشياء أخرى تجري في الكواليس.

* مثل ماذا؟

- ما من شك أنه بعد مدة اقتنعنا أن النظام السابق أبقى في البلد أشياء وأمورا وأناسا وأجهزة تعمل في الخفاء، وهي أجهزة لديها سلاح ورجال وأموال، هدفها هو إفساد الثورة وإفشالها، والعمل على إمكانية رجوع النظام السابق بصورة من الصور، والنظام السابق يمكن له أن يرجع ليس فقط بالشخص الذي كان يمثله بل يرجع ربما من دون الرجل، ولكن بشيء يشبه النظام السابق. لأن هذا الأخير، كما سبق لي أن قلت هو نظام كلياني يسيطر على كل شيء وليس فقط على الأجهزة الأمنية والسياسية، بل يجثم على كل التنظيمات الموجودة في المجتمع. فالجمعيات الرياضية مثلا حينما تعقد اجتماعاتها لانتخاب رؤسائها ومسيريها لا بد أن يكون هناك ممثل للسلطة، ذلك أن الشخص الذي سيجري انتخابه يجب أن يكون تم تعيينه مسبقا من قبل الحكومة من أجل ذلك، ونفس الأمر يتعلق بكل التنظيمات والأشخاص وغيرها، وأكثر من ذلك تكونت حول الدولة مجموعة من الناس من كل الجهات ومن كل الأصناف لديهم مصالح مادية، هذا دون أن نتحدث عن الأنصار من «العائلة»، فبلا شك هناك أناس ارتبطت مصالحهم ببقاء النظام كما هو. طبعا لما انهار النظام وجدوا أنفسهم من دون سند ولم يكونوا يتوقعون ما جرى، وبالتالي فإن رد فعلهم التلقائي بزوال النظام يدفعهم إلى القيام بأشياء حتى تبقى مصالحهم قائمة. فأنا لا أقول إن عددهم كبير وإنهم يمثلون أغلبية، ولكنهم يمثلون أقلية فاعلة. وبعبارة أخرى لما خرج رأس النظام فإنه ترك ألغاما يمكن أن تنفجر في الوقت المناسب. وليس غريبا أن نلقى في المظاهرات والإضرابات أناسا يتسربون إليها ويستفزون المواطنين وأحيانا يعتدون عليهم تحت غطاء الثورية وغير تلك الغطاءات. أضف إلى ذلك أنه حسب اعتقادي، ومن دون أن تكون لدي أدلة ملموسة، أن هناك عناصر أجنبية جاءت لنفس الغرض. بدليل أن أجهزة الأمن نفسها والجيش على الأخص قضوا مدة وهم يلاحقون أمثال هؤلاء حتى داخل القصر الجمهوري. لكن الأخطر من هذا هو أن العناصر الموجودة في الداخل أو التي أتت من الخارج حاولت في المرحلة الأخيرة أن تستغل التعب والملل الذي لقيه المواطنون في العيش اليومي أثناء سعيهم وراء كسب القوت والصحة والتعليم أو خلال قيامهم بالتظاهر في الشوارع أو شنهم إضرابات عن العمل للحصول على بعض حقوقهم، لتشجعهم على التمرد على السلطة وهذا ما يشكل خطورة.

لكن رغم ذلك أنا لست متشائما لأن المكاسب التي حققتها الثورة حتى الساعة هي مكاسب ذات جذور عميقة والشعب احتضنها بكل عفوية، ومهما كانت تطورات الأمور فمن الصعب أن نرجع إلى الوراء. بيد أن الشيء الذي يؤدي إلى الحيرة في المستقبل هو حينما تكون هناك عناصر خارجية، صحيح أنا لست قادرا على تحديد من أين يأتي هؤلاء لكن مما لا شك فيه أن الثورة وجدت في الخارج بصورة عامة صدا لفائدتها، والناس استبشروا خيرا بها واعتبروها شيئا إيجابيا.

* رغم تشكيل حكومة انتقالية بديلة للحكومة الأولى ما زال الشارع التونسي يعيش في حالة قلق وترقب وغموض حول مآل الثورة. في نظرك ما هو المخرج الحقيقي للخروج من هذه الحالة النفسية؟

- المخرج يكمن في أنه ينبغي من الآن اتخاذ الوسائل القانونية والسياسية اللازمة لإقناع الجمهور الغاضب بأن الأمور ستتغير بسرعة، وأن الاتجاه يمضي نحو القطع النهائي مع النظام السابق سواء كان في الظاهر أو في الخفي. فالأمور ظلت كما هي في بعض الأشياء، وظهرت بعض علامات الاستفهام إزاء أشياء كثيرة غير منطقية، مثل الأحداث التي وقعت في حي القصبة غداة تكوين الحكومة الجديدة، فقد كان الناس يعتقدون أنه حينما تتغير تركيبة الحكومة ستتغير الأساليب المتبعة سابقا، فنفاجأ بوقوع اصطدام في نفس يوم تشكيلها، واعتداء على المواطنين العزل الآمنين في ساحة القصبة.

* المتتبعون للمشهد السياسي في تونس يرون أنه يفتقد لوجوه كارزمية قادرة على قيادة البلاد في مرحلة ما بعد بن علي وانتهاء المرحلة الانتقالية. فما رأيكم في ذلك؟

- المسألة لا تتعلق بأشخاص بل تتعلق بكل من بيده ولو جزء بسيط من تسيير زمام الأمور سواء كان في الحكم أو في المعارضة. وقبل كل شيء لا بد أن يكون لهم مصداقية. ثم هناك نقطة استفهام كبيرة تكمن في أن غالبية الشعب الذي يتظاهر وكذلك الطبقة السياسية ليست لديهم حتى الآن فكرة واضحة بشأن القطع النهائي مع النظام السابق، وثمة اعتقاد أن هناك خيوطا ما زالت موجودة ونوايا خفية تعمل عكس التيار، بمعنى أن الجمهور الغاضب ليس مقتنعا بأن الجماعة الذين بيدهم زمام الأمور قطعوا كل الصلات مع النظام السابق. هذا دون أن أتحدث عن الناس الذين ربما يكون عندهم حسن نية. فمن الصعب إقناع الناس بشخص قضى 10 سنوات إلى جانب الرئيس السابق، متحملا المسؤوليات، بأنه هو الشخص الذي سيكون قادرا على تغيير الأمور. زد على ذلك فإن القرارات التي يتخذها الأشخاص الذين يكسبون الشرعية الجديدة هي في الظاهر، أحيانا، لا تنطلق من الواقع، وبالتالي ثمة اعتقاد أن هناك أناسا آخرين مجهولين هم الذين يسيطرون في الواقع على الأمور. فخيبة الأمل هذه أصابت الكثير من الناس. فهم إما يتخذون قرارات ولا تنفذ وإما يجدون أنفسهم أمام قرارات ليس لديهم علم بها.

* ما هي في نظرك المواصفات التي ينبغي أن يكون عليها رئيس الجمهورية التونسية المقبل؟

- الرئيس المقبل لا بد أن يكون منتخبا حسب دستور جديد. فالهدف، الجميع متفقون حوله أي إعادة كتابة الدستور ثم إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية لكن قبل الوصول إلى الهدف هناك مرحلة انتقالية يجب أن تكون على الأقل موضع اتفاق بين الجميع في المعارضة والحكم.لذا ينبغي قبل ذلك قطع كل صلة مع النظام السابق. فالتمسك بشرعية الدستور السابق لا معنى لها وغير مطابق للواقع وللمبادئ القانونية. الدستور السابق الذي سنه بن علي وغير فيه عدة مرات حتى يكون على مقاسه، أصبح غير ذي موضوع، ثم إن إزالة بن علي هي خرق للدستور الذي سنه، كما أن بن علي كان بصورة واضحة وجلية يخطط لخرقه، فكيف نتمسك الآن بهذه الشرعية. لذا ينبغي تنظيم وإرساء شرعية جديدة هي شرعية الثورة. وعندنا من رجال القانون من بإمكانهم إرساء هذه الشرعية ظرفيا في انتظار سن دستور جديد.

* في خضم الجو السياسي الراهن، كيف تنظرون إلى حركة النهضة، هل أنت مقتنع أنها قادرة على الانصهار في اللعبة السياسية المنتظرة؟

- أنا أقول إن بعض الظن إثم. لماذا احكم على شيء مسبقا. أنا سبق لي أن جمعت الإخوة في حركة النهضة مع الحزب الشيوعي في عهد بورقيبة، وعهد بن علي. فهم أناس معتدلون وليسوا من غلاة المتدينين، ويعتقدون أنه من الضروري الانصهار في نظام ديمقراطي عصري دون الرجوع إلى الوراء. ولست الوحيد الذي يقول هذا الكلام فهناك آخرون. لقد سبق لي أن أجريت حديثا مطولا هنا في بيتي مع محمد الجبالي، الناطق الرسمي باسم حركة النهضة، وقلت له يا محمد هناك طرف من الرأي العام يخشاكم فلا بد أن تجدوا لأعمالكم وأطروحاتكم صيغة تكون مقبولة من طرف الشعب. ففي أول عهد بن علي رفضهم الناس جميعا، واعتبروهم خارجين عن الحظيرة الوطنية، وكنت أقول إنه لا يعقل إقصاء ناس حصلوا على ثلث الأصوات في أول انتخابات في عهد بن علي، فبأي حق يتم ذلك. إنه ليس من الضروري التحالف السياسي معهم، وتشكيل حكومة معهم، ولكنه من الضروري أن نعتبرهم جزءا من الحظيرة الوطنية. لماذا نقصيهم؟ لكن بن علي أصر على إقصائهم، بل إن بعض الأطياف السياسية ساندته في هذا التصور ولم يكتفوا بذلك بل برروا مبادرته للتهجم على النهضة، ثم سرعان ما تبين لهم أن موقفهم كان الغلطة الكبرى لأن بن علي بعدما قضى على حركة النهضة، وافتعل قضايا سياسية لها، جاء دورهم، وتصرف معهم بنفس الأسلوب الذي تصرف به مع النهضة، فكان نظاما ديكتاتوريا لا يقدر فيه إنسان على التنفس إلا بعدما يأخذ الإذن من السلطات.

* منذ استقالتك من حركة الديمقراطيين الاشتراكيين في عقد التسعينات من القرن الماضي، هل صار بينك وبين بن علي اتصال؟

- أنا منذ عام 1989، عندما رأيت مآل الانتخابات بعدما اعتقدنا أننا أقنعناه (بن علي) بأن ينظم انتخابات متعددة الأطراف، وقلنا له إننا لن ننافسه في الانتخابات الرئاسية، حتى إنني قلت له في أول لقاء لي معه، ولامني على ذلك بعض الأصدقاء: يا سيدي الرئيس أنا لن أترشح ضدك في الانتخابات الرئاسية. وقبل أن تبدأ الانتخابات الرئاسية والتشريعية قلت له بما أننا لن نترشح ضدك فإننا سنصوت لصالحك كرئيس لكن في الانتخابات التشريعية اتركنا نقدم قوائمنا الانتخابية الخاصة بنا، وبالتالي فإننا نرغب أن تكون ورقتك الانتخابية لا تحمل لون الحزب الحاكم، ونريد منك أن تكون مرشح جميع الأحزاب. بيد أنه رفض وأصر على أن تحمل ورقته لون الحزب الحاكم فاضطررنا أن نصوت على شيء غير معقول ومنطقي، بحيث كانت عندنا قوائم في الانتخابات التشريعية تحمل لونا، وفي الانتخابات الرئاسية قمنا بالتصويت على لون الحزب الحاكم أي على خصومنا السياسيين، لدرجة أن الصحف الأجنبية سخرت منا، وكتبت متسائلة: كيف أننا، من جهة، صوتنا على قوائم انتخابية خاصة، وفي الانتخابات الرئاسية نساند حزبا منافسا، فمنذ ذلك الوقت اقتنعت أنه لا سبيل لي في البقاء ليس فقط في المعارضة والحزب بل سحبت نفسي من العمل السياسي. لماذا؟ لأنه في حياتي السياسية مع بورقيبة بعد الاستقلال غرر بي خمس مرات بالوعود، وهي وعود لم يتم الوفاء بها بل تم القيام بعكسها. وفي آخر عهد بورقيبة اقتنع وأقنعناه حتى يحاول شيئا فشيئا أن يفتح الأبواب للتطور السلمي نحو نظام ديمقراطي تعددي، ووقع انفتاح في الصحافة، وبدأت الأمور تتكون شيئا فشيئا فقلنا الحمد لله. ولما جاء بن علي، وعوض أن يقف في الحد الذي تركه بورقيبة، أو يقف ويمضي خطوة إلى الأمام هو بالعكس مضى خطوة عكسية إلى الخلف لذلك قلت على الدنيا السلام.

* كيف هي علاقتك الآن مع حركة الاشتراكيين الديمقراطيين؟

- لم تعد لي أي علاقة بها، لأنه بعدما خرجت من صفوفها تم عقد مؤتمر لها وجيء بأذناب وعيون النظام مباشرة، ولم يخرج القائمون عليها آنذاك من تلقاء أنفسهم بل تم طردهم بطريقة فجة ويتعلق الأمر بمصطفى بن جعفر، ومحمد بنور، وعبد اللطيف عبيد، وتم إقصاء فروع الحركة في الجهات، وكونوا حزبا صار أكثر ملكية من الملك، فكان أحيانا يتخذ مواقف في تأييد بن علي لم يكن الحزب الحاكم يتجرأ على اتخاذها. وأقحمهم بن علي في مجلسي النواب والمستشارين، فصاروا ليس حزب موالاة بل أكثر من ذلك.