التونسيون يواصلون التظاهر ضد الحكومة وتحذيرات من «الغرق في الفوضى»

سقوط قتيلين في الاحتجاجات.. وثاباتيرو يعتزم زيارة تونس الأربعاء

TT

فرقت قوات الأمن نحو 300 متظاهر رفعوا شعارات مناهضة للحكومة الانتقالية أمام مقر وزارة الداخلية في العاصمة التونسية أمس، وذلك بعد أن أطلقت عليهم قنابل الغاز المسيل للدموع. وجاء هذا استمرارا للمظاهرة الضخمة التي شهدتها العاصمة أول من أمس وضمت عشرات الآلاف من المتظاهرين المطالبين باستقالة الحكومة. وأعقبت تلك المظاهرة صدامات عنيفة مساء بين متظاهرين حاولوا اقتحام مبنى وزارة الداخلية وقوات الأمن.

واندفع عدد كبير من عناصر الشرطة باللباس المدني والملثمين والمسلحين بهراوات إلى الشوارع المتفرعة من شارع الحبيب بورقيبة لمطاردة المتظاهرين. وتسببت تلك الحوادث في مقتل شخصين؛ أحدهما طالب في العاصمة، والثاني عنصر أمن، في حين أصيب نحو 21 عنصرا أمنيا بجروح، حسب مصادر وزارة الداخلية. وأفاد شهود عيان أن الطالب الضحية كان تسلق أحد نوافذ وزارة الداخلية وسط العاصمة ولم يستمع لتحذيرات عناصر الأمن مما جعله يتعرض إلى طلقة نارية في الكتف سقط على إثرها من الطابق الثاني ولقي حتفه على الفور. كما أحرق المحتجون جزءا من الإدارة الفرعية لشرطة النجدة المحاذية لمقر وزارة الداخلية. كذلك، تعرضت خمس سيارات تابعة لوحدات التدخل للحرق، إلى جانب عدد من السيارات التابعة لأعوان الأمن، وسيارات عدد من موظفي الوزارة.

في غضون ذلك، أعلن أمس عن انتحار مسؤول أمني في العاصمة. وقد تم اكتشاف جثة الأسمر الطرابلسي صباح أمس وعلى أنفه بعض آثار العنف. ولم تتكشف على الفور أسباب الانتحار. وذكر شاهد عيان أن المنتحر كان هو من يحقق في مقتل القس البولندي الذي تعرض للذبح خلال الأسبوع الماضي.

ولم تسلم بقية مناطق تونس من عمليات الاحتجاج والحرق والنهب؛ ففي مدينة القصرين (300 كلم وسط غربي البلاد) وهي إحدى المدن التي شهدت أوج الثورة ضد نظام بن علي، تواصلت أعمال النهب والتخريب بالمدينة لليوم الثالث على التوالي وطالت العمليات المؤسسات التربوية والمصالح الإدارية إلى جانب بعض المؤسسات الأمنية. ولم تتدخل وحدات الأمن الوطني للتصدي للمهاجمين، في حين اكتفى أعوان الجيش بإطلاق النار في الهواء لتفريق المجموعات المحتجة.

وفي مدينة مارث من ولاية قابس (400 كلم جنوب العاصمة) تعرض مقر الاتحاد المحلي للشغل (فرع تابع للمنظمة العمالية) خلال الليلة قبل الماضية لعملية اقتحام وتخريب من قبل مجهولين. وقام المخربون بكسر أبواب مقر الاتحاد وتهشيم النوافذ وحرق ما يحتويه من أثاث.

وحذرت صحيفتان محليتان أمس من أن البلاد مهددة بالغرق في الفوضى إذا بقيت الحكومة الانتقالية غير مبالية برسالة الشعب. وتحت عنوان «رسالة شعبية أخيرة للحكومة» كتبت صحيفة «الصباح» اليومية في افتتاحيتها: «تونس تمر بأيام حرجة للغاية، وعلى الرئيس الانتقالي والفريق الحاكم مؤقتا، تحمل مسؤولياتهما التاريخية، لأن أي انزلاق يمكن أن تسير باتجاهه البلاد، سوف يؤدي إلى جحيم. ولا نعتقد أن التونسيين مستعدون، خصوصا بعد أن دفعوا الدم من أجل الثورة على الظلم والحيف والقمع، للتفريط في هذا المكسب الهام. إنها الرسالة الأخيرة للحكومة المؤقتة.. فهل يتم التقاطها بالشكل المطلوب؟».

أما صحيفة «لوتون» الناطقة بالفرنسية فكتبت أن «البلاد تشهد أزمة ثقة حقيقية بعد أن طالب أكثر من مائة ألف متظاهر في ساحة الحكومة بالقصبة الجمعة بحل الحكومة المؤقتة». وأضافت الصحيفة أن هذه الأزمة «تستدعي تفكيرا حقيقيا فيها من المكونات السياسية كافة بهدف التوصل إلى حلول تتفادى تفجر الوضع وتحمي قيم الثورة».

إلى ذلك، أعلن في مدريد أمس رئيس الوزراء الإسباني خوسيه لويس رودريغيث ثاباتيرو يعتزم زيارة تونس يوم الأربعاء المقبل، أي بعد ثلاثة أيام من الموعد الذي كان مقررا من قبل. وقال متحدث باسم المكتب الصحافي لرئيس الوزراء إن ثاباتيرو الذي سيكون أول زعيم عالمي يزور تونس بعد الانتفاضة الشعبية عدل جدول أعماله لحضور جنازة مسؤولين عسكريين إسبان لقوا حتفهم أثناء حادث خلال تدريبات. وسيزور ثاباتيرو قطر والإمارات العربية المتحدة يومي الاثنين والثلاثاء على التوالي قبل أن يصل إلى تونس في نهاية جولته التي تستمر ثلاثة أيام وليس في بدايتها. وتأتي هذه الزيارة في حين تحاول السلطات الانتقالية في تونس الإعداد لانتخابات تجرى في يوليو (تموز) أو أغسطس (آب) المقبلين. وقال ثاباتيرو لوكالة «رويترز» في مقابلة الأسبوع الماضي إنه ينبغي لأوروبا تقديم التزامات اقتصادية للديمقراطيات الجديدة في المنطقة وإنشاء بنك للمساعدة في إعادة بناء الدول.