«حمى المظاهرات» تنتقل من ويسكونسين إلى ولايات أميركية أخرى

مواجهة بين النقابات والمشرعين على خلفية قانون يستهدف اتحادات القطاع الخاص

TT

في حين لا تزال أزمة العلاقة بين حاكم ولاية ويسكونسين، سكوت والكر، ونقابات العمال في الولاية على خلفية قانون عمل مثير للجدل قائمة، تنتقل «حمى المظاهرات» إلى ولايات أميركية أخرى بعد التلويح بإصدارها قوانين مماثلة تحد من التفاوض الجماعي لنقابات العمال.

ودخلت المظاهرات أمام مقر المجلس التشريعي المحلي في عاصمة ويسكونسين، ماديسون، يوم أمس، أسبوعها الثالث، حيث احتشد الآلاف من أعضاء النقابات للتعبير عن رفضهم للقيود التي تضمنها مشروع قرار محلي يهدف إلى تقليص صلاحيات نقابات القطاع الخاص. ونظم مؤيدون للنقابات مظاهرات مماثلة في ولايات أخرى منها إنديانا وأوهايو حيث يدرس حكام تلك الولايات خطوات مماثلة.

وفي حين سمحت الشرطة للمتظاهرين بأن يحتشدوا أمام مبنى المجلس التشريعي منذ بداية الشهر، تسعى الشرطة لإنهاء صلاحيات عقد المظاهرات اليوم، بعد أن شل وسط مدينة ماديسون. ويوم السبت الماضي، كان احتشد نحو 50 ألف متظاهر أمام ماديسون، في أكبر مظاهرة في ولاية ويسكونسين لكن يتوقع أن يكون عدد المشاركين في مظاهرات نهاية الأسبوع الحالي أكبر من السابق.

وفي حين يواصل المتظاهرون احتشادهم، امتنع أعضاء المجلس التشريعي الديمقراطيون عن المشاركة في أعمال المجلس، في حركة تكتيكية هدفها عدم اكتمال النصاب القانوني لتصويت مجلس الشيوخ المحلي على مشروع القرار. وقد انضم إليهم الأعضاء الديمقراطيون في مجلس الشيوخ المحلي لولاية إنديانا حيث يحاول الحاكم ميتشل دانيالز أن يمرر قانونا مماثلا يحد من قدرة نقابات العمال على حماية مصالح أعضائها، خاصة التفاوض الجماعي لتحسين أوضاعهم في العمل. وكان مجلس النواب المحلي قد أقر القانون أول من أمس، وشمل فقرات مثيرة للجدل لتقليص نفوذ نقابات العمال. ومن المرتقب أن يدفع والكر الأعضاء الديمقراطيين للمشاركة في مجلس الشيوخ الأسبوع المقبل من خلال اتهامهم بالتقصير في عملهم الرسمي.

وعلى الرغم من أن مشروع قرار ويسكونسين سيكون نافذا فقط في ولاية ويسكونسين، فإنه يثير مخاوف من انتقال هذا النمط من المشاريع إلى ولايات أخرى في الولايات المتحدة في وقت تعاني فيه الميزانيات المحلية من عجز بسبب الأزمة المالية. وقد فعلت مجموعات ضغط ليبرالية، مثل «موف أون» و«يو إس آكشن»، نشاطها في دعم المتظاهرين في ويسكونسين وطالبت مؤيديها الذين يكونون في العادة من المؤيدين للديمقراطيين أن يحتشدوا أمام المجالس التشريعية في ولاياتهم تعبيرا عن تأييدهم لنقابات العمال. وقال جاستين روبين، المدير التنفيذي لمجموعة «موف أون» التي كانت محورية في حشد المؤيدين للرئيس الأميركي باراك أوباما خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة: «في ويسكونسين نرى الناس يقفون ويقولون علينا أن نحمي الطبقة الوسطى، وهذا ما يحرك الشعوب».

ويدعم نحو 45 مجموعة غير ربحية يسارية جهود نقابات العمال، وهو تحالف غير رسمي يدعم عادة الديمقراطيين في الانتخابات وتشريعاتهم. وقد تدخل الرئيس باراك أوباما في النقاش الدائر في ويسكونسين بالتعبير عن دعمه للنقابات، التي يعتمد عليها لضمان الفوز في الولاية خلال الانتخابات الرئاسية في 2012. إلا أنه لا يتمتع بصلاحيات فعالة للتدخل في وقف القرار.

يذكر أن مشروع القرار العالق في ويسكونسين لا يتعلق فقط بالنقابات، وإنما يهدف إلى الحد من الإنفاق بشكل عام من أجل تقليص العجز في ميزانية الولاية الذي وصل إلى 3.6 مليار دولار. وبحسب والكر، فإن مشروع القرار يوفر نحو 300 مليون دولار خلال العامين المقبلين. ويدافع والكر عن مشروع القانون باعتباره الطريقة الأمثل لحماية وظائف القطاع العام في وقت تتصاعد فيه تكاليف التوظيف بسبب مزايا مثل التأمين الصحي. وقال والكر في مؤتمر صحافي أول من أمس: «نحن في حاجة إلى تجنب عملية تسريح العمال لصالح الناس العاديين».

إلا أن النقابات والأعضاء الديمقراطيين في الكونغرس المحلي يشددون على أن حجة والكر بتوفير الأموال غير صحيحة، بعد أن وافقت النقابات الأسبوع الماضي على تنازلات بما فيها تقليص مزاياهم. وتبقى مسألة الحد من قدرة النقابات على التفاوض الجماعية مستقبلا مسألة سياسية تحد من قوة النقابات التي تعد تقليديا نافذة في ويسكونسين وغيرها من الولايات الأميركية.

ويعتبر مراقبون أن قضية القطاع العام ودور النقابات ستكون أساسية في الحراك السياسي وتحديد الانتخابات المقبلة للكونغرس والبيت الأبيض عام 2012. ولذا، فإن قضية ويسكونسين التي لم تأخذ الكثير من الانتباه على الصعيد الاتحادي عندما اندلعت، بدأت تجذب اهتمام الساسة في العاصمة واشنطن.