صالح: على الأقلية احترام رأي الأغلبية والعطاس يريد الإمساك بالسلطة

اليمن: جرحى في تفريق مظاهرات بحضرموت.. وارتفاع عدد قتلى عدن

TT

واصل مئات الآلاف من اليمنيين، أمس، اعتصاماتهم ومظاهراتهم المطالبة برحيل نظام الرئيس علي عبد الله صالح الذي التقى بأعضاء الكتلة النيابية لحزبه بعد أن استقال 10 منها الأسبوع الماضي، في الوقت الذي تعالت فيه الأصوات المنددة باستخدام القوة العسكرية في قمع المظاهرات، وبالأخص في محافظة عدن.

وسقط، أمس، ما لا يقل عن 17 جريحا في قمع قوات الأمن لمتظاهرين في مدينة المكلا بمحافظة حضرموت جنوب شرقي البلاد، وقال شهود عيان إن قوات الأمن استخدمت الرصاص في تفريق المحتجين المطالبين بإسقاط النظام، وفي عدن ارتفع عدد قتلى قمع مظاهرات الجمعة الماضي إلى 10 أشخاص، وفقا لما أفاد به لـ«الشرق الأوسط» محمد قاسم نعمان، رئيس مركز اليمن لحقوق الإنسان ومقره عدن، وأكد نعمان أن الجيش يواصل الانتشار في عدن، وأن الحواجز الأمنية تحول دون الوصول إلى الكثير من الجرحى وأيضا معرفة العدد الحقيقي للضحايا.

وأثارت «القوة المفرطة» في قمع مظاهرات عدن ردود فعل منددة ومستنكرة، فقد نددت أحزاب «اللقاء المشترك» المعارضة وبشدة بعملية القمع ووصفت ما يحدث من جانب السلطات بـ«التصرفات غير المسؤولة والطائشة»، ودعت المعارضة أنصارها إلى الخروج في «يوم غضب» للتضامن مع أبناء عدن بعد سقوط العشرات من المتظاهرين قتلى وجرحى خلال الأيام القليلة الماضية، وجددت أحزاب المعارضة «مباركتها وتأييدها الكامل لهذه الهبة الشعبية المباركة»، وأكدت أنها دعت جميع أعضائها وأنصارها وشبابها إلى «الانخراط فيها ومؤازرتها».

وضمن ردود الفعل المنددة بقمع المظاهرات، ما صدر عن زعماء في المعارضة اليمنية الجنوبية في الخارج من مواقف تشجب ما يجري والذي وصفته بـ«المجزرة البشعة» و«أعمال إجرامية ضد الفعاليات الاحتجاجية»، وأضاف بيان صادر عن رئيس الوزراء الأسبق المهندس حيدر أبو بكر العطاس وعدد آخر من المسؤولين الجنوبيين السابقين أن ما وصفها بـ«المجزرة الوحشية المروعة» تمت «بعد يوم واحد فقط من إعلان رأس النظام بأنه قد أمر قوات أمنه بتوفير الحماية الكاملة للمتظاهرين، إلا أن ما جرى في مدينة المعلى يفضح مجددا عدم صدقيته وعدم احترامه لالتزاماته وتعهداته، كما أنه يبين أيضا أنه لم يفهم بعد ولم يتعظ من مصير من سبقوه من الطغاة الذين أسرفوا بالقتل والإفساد، وما زال يتوهم أن البطش وسفك الدماء هو السبيل لنجاته وحمايته من السقوط المحقق والوشيك».

وأردف البيان، الذي حصلت عليه «الشرق الأوسط»، أن «منهج القمع وأساليب الغدر وتصفية المعارضين والخصوم كانت وما زالت مكونا وصفة ملازمة لهذا النظام الاستبدادي ورئيسه، إلا أنها مؤخرا قد أخذت منحى هستيريا تصعيديا أكثر بطشا وانتقاما ودموية، حيث أطلق أيدي قوات أمنه ووحداته العسكرية وعصابات إجرامية مأجورة لقتل الأبرياء وانتهاك الحريات والحقوق في الجنوب وفي الشمال، وخصت في عنف وانتقام مفرط ومفضوح مدينة عدن الباسلة».

إلى ذلك، وصف الرئيس اليمني علي عبد الله صالح ما يجري في بلاده من تطورات ومظاهرات تطالب برحيله بأنها «تقليد»، وقال في اجتماعه، أمس، بأعضاء كتلته البرلمانية في مجلس النواب (البرلمان) إن «تلك التداعيات، أصبحت الآن تقليدا، فهناك من يشاهدونها عبر القنوات الفضائية ويسعون لتقليد ما جرى في تونس وفي مصر وكذا ما يجري في ليبيا وهو الأسوأ»، وأضاف «نحن قلنا إن الأغلبية تتحمل المسؤولية وبكل الأحوال نضغط عليكم كأغلبية ونقول قدموا بعض التنازلات، واسحبوا بعض القوانين ونخضع لرأي الأقلية عسى أن نصل إلى توافق، فنحن لا نريد أن نفرض رؤى بالأغلبية لكن يمكن أن نصل إلى توافق في مجال التشريع، لكن للأسف الشديد كلما قدمنا تنازلات وبعض الإصلاحات استجابة لرغبتهم سواء كانت مشروعة أو غير مشروعة يرتفع سقف المطالب وهذا عمل غير ديمقراطي».

وطالب صالح معارضيه بأن يحترموا رأي الأغلبية ونحن نحترم رأي الأقلية، ومع وجود هذه التداعيات والزخم الإعلامي، فالإدارة الآن في العالم تدار إعلاميا عبر القنوات الفضائية وبالذات في العالم العربي، وهذا يجعلنا نأسف أن مجتمعنا الذي كنا نظن أن 50 عاما بعد الثورة قد خرجنا بعدها وشببنا عن الطوق وتعلمنا وتثقفنا، ونحن الذين لم نعرف التعليم أيام الحكم الإمامي والاستعماري، وإنما درسنا لأولادنا في عهد الثورة ولدينا حصيلة جيدة جدا من المتعلمين، والمفروض ألا نكون مقلدين للآخرين، وأن نبحث أين تكمن مصلحة بلادنا سياسيا وثقافيا واقتصاديا واجتماعيا».

وقال الرئيس اليمني إن حديث رئيس وزرائه الأسبق، حيدر العطاس في إحدى الفضائيات الدولية مؤخرا، واضح وإنه يهدف «من هذه الفوضى لإسقاط النظام خلال أسابيع بحسب مزاعمه، وسيتسلم هو النظام وإنه جاهز لتسلمه ومن ثم يتجه نحو الفيدرالية وبعد ذلك الانفصال، وهذا واضح من كلامه»، وتطرق إلى الصراعات التي تلت الوحدة اليمنية بعد قيامها وما تلا ذلك من حرب ضروس في صيف عام 1994، وقال «هناك قيادات من إخواننا وأبنائنا في الحزب الاشتراكي جروا البلد إلى الحرب وهربوا من داخل الوطن يجرون أذيال الجريمة والعار بلا حياء عن طريق البحر والصحراء والآن هم يظهرون عبر القنوات الفضائية يتحدثون عن الجنوب، ونقول لهم الجنوب لستم أوصياء عليه، فالجنوب يمثله من هم في مجلس النواب والذين في رئاسة الحكومة وفي رئاسة الدولة وفي السلطة المحلية وفي منظمات المجتمع المدني والذين في المؤسسة العسكرية والجهاز الأمني.. هؤلاء هم الذين يمثلون الآن الجنوب».

ونقلت مصادر رسمية حكومية أن اجتماع صالح بالكتلة النيابية تطرق إلى موضوع استقالة ما يقرب من 10 من أعضائها من عضوية الحزب الحاكم، وقالت هذه المصادر إن الحاضرين «شددوا على أهمية الدور الذي ينبغي أن يضطلع به الإخوة أعضاء مجلس النواب، سواء تحت قبة البرلمان أو في إطار دوائرهم الانتخابية، في التصدي لجميع المخططات والدعوات الهدامة الهادفة إلى إثارة الفتنة وإشعال الحرائق ونشر الفوضى والتخريب والعنف في مجتمعنا»، ودعوا «جميع أبناء الوطن إلى التنبه من أصحاب هذه الدعوات وتفويت مخططاتها التآمرية ضد الوطن وأبنائه وضد الأمن والاستقرار والسلم الاجتماعي».