لجنة التعديلات الدستورية تقر الانتخابات ببطاقة الهوية بإشراف قضائي كامل

أحمد زويل أبرز المتضررين من التعديلات الدستورية المقترحة

TT

استكملت لجنة التعديلات الدستورية الجزء الثاني والأخير من مهامها، المنوطة بها من جانب المجلس العسكري الحاكم، والمتمثلة في إجراء تعديلات على أربع قوانين تتعلق بالانتخابات الرئاسية والبرلمانية، كي تكون موائمة للتعديلات الدستورية، التي اقترحتها أول من أمس، ويجري استفتاء شعبي عليها قبل نهاية شهر مارس (آذار) المقبل، حسب توقعات أعضاء اللجنة. وقد أثارت هذه التعديلات الدستورية المقترحة جدلا كبيرا في الشارع المصري، خاصة بعد اشتراطها على من ينتخب رئيسا للجمهورية «أن يكون مصريا وأن لا يكون قد حصل أو أي من والديه على جنسية دولة أخرى»، الأمر الذي سيؤدي لاستبعاد عدد من الشخصيات العامة المرشحة، أمثال الدكتور أحمد زويل، الحاصل على الجنسية الأميركية. وكشف المستشار طارق البشري رئيس لجنة التعديلات الدستورية في مؤتمر صحافي عقده أمس، الانتهاء من تعديلات سيتم إدخالها على أربع قوانين هي: (قانون مباشرة الحقوق السياسية، مجلس الشعب، مجلس الشورى، انتخابات رئيس الجمهورية)، وذلك بهدف ضمان نزاهة الانتخابات وحرية إدلاء المواطنين بأصواتهم، موضحا أن اللجنة استندت إلى إقرار مبدأين هامين بهذا الصدد وهما: أن تكون الانتخابات بالرقم القومي (بطاقة الهوية)، وأن تكون العملية الانتخابية برمتها تحت إشراف قضائي كامل، عن طريق اللجنة العليا للانتخابات، التي سيكون تشكيلها من القضاة بحيث تتولى الإشراف على لجان المحافظات واللجان العامة واللجان الفرعية التي تشرف على عمليات الاقتراع.

وأوضح المستشار البشري أنه عقب الانتهاء من انتخاب مجلس الشعب والشورى، ستقوم لجنة تأسيسية بإعداد دستور جديد للبلاد خلال فترة 6 أشهر على أن يطرح للاستفتاء خلال 15 يوما عقب الانتهاء من إعداده.

وذكر البشري أن اثنين من أعضاء اللجنة وهما المستشار ماهر سامي نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا، والمستشار حسن بدراوي المستشار بنفس المحكمة، شاركا بدور إيجابي وفعال في أعمال تعديل مواد الدستور، لكنهما اعتذرا عن المشاركة في إعداد المشاريع القانونية الأربعة المذكورة، استنادا إلى إمكانية أن يقوم البعض بالطعن على دستورية بعض هذه المواد، فتنظرها المحكمة الدستورية التي هما أعضاء بها، ومن ثم لا يجوز لهما المشاركة في إعدادها.

من جهة أخرى، أثارت التعديلات الدستورية التي أعلنتها اللجنة أول من أمس، جدلا كبيرا في الشارع المصري، وتعرض عدد من موادها للنقد القانوني. فقد استبعدت المادة 75 من الدستور، حاملي الجنسية المزدوجة من الترشح لرئاسة الجمهورية، مما سيؤدي إلى استبعاد العديد من الشخصيات العامة المرشحة، أمثال الدكتور أحمد زويل، الحاصل على الجنسية الأميركية، حتى لو تنازل عنها بعد ذلك، وفقا للجنة.

حيث تنص المادة على: «يشترط فيمن ينتخب رئيسا للجمهورية أن يكون مصريا من أبوين مصريين، وأن يكون متمتعا بحقوقه المدنية والسياسية، وأن لا يكون قد حصل أو أي من والديه على جنسية دولة أخرى، وأن لا يكون متزوجا من غير مصري، وأن لا يقل سنه عن أربعين سنة ميلادية».

وبينما توقع البعض استبعاد الدكتور محمد البرادعي المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية من إمكانية الترشح، بسبب حصوله على جنسية نمساوية، نفى البرادعي ذلك، وأكد في أكثر من حديث، أنه مصري خالص، ولم يحصل على أي جنسية بخلاف الجنسية المصرية، وأنه عمل في وزارة الخارجية المصرية لأكثر من 20 عاما.

وقال المستشار طارق البشري لـ«الشرق الأوسط»، إنه لا يجوز لأي شخصية تحمل جنسية إضافية على الجنسية المصرية أن تترشح لهذا المنصب، حتى لو تنازل عنها، مشيرا إلى أن اشتراط أن يكون رئيس الجمهورية ونائبه من غير مزدوجي الجنسية، قد جاء في ضوء الأحكام النهائية الصادرة من المحاكم العليا بعدم جواز شغل المناصب العليا إلا لمن يتمتع بالجنسية المصرية وحدها دونما سواها، وأن بعض الوزارات السيادية في مصر مثل القوات المسلحة ووزارة الخارجية تشترط فيمن يعمل بها أن لا يكون مزدوج الجنسية.

كما نفى البشري، أن يكون نص المادة قد اشترط أن يكون المرشح للرئاسة ذكرا، مؤكدا أن النص يقول «أن لا يكون متزوجا من غير مصري»، وليس «مصرية»، كما تناقلته بعض وسائل الإعلام. وبالتالي يحق لأي مصري ذكرا أو أنثي الترشح لهذا المنصب.

وانتقدت المستشارة تهاني الجبالي نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا التعديل الخاص بالمادة 189، الذي نص على «لكل من رئيس الجمهورية وبعد موافقة مجلس الوزراء، ولنصف أعضاء مجلسي الشعب والشورى طلب إصدار دستور جديد، وتتولى جمعية تأسيسية من مائة عضو، ينتخبهم أغلبية أعضاء المجلسين من غير المعينين..»، مؤكدة أنه لا يجب أن تشكل هذه اللجنة عن طريق البرلمان بل يجب انتخابها مباشرة من الشعب، خاصة أن البرلمان الجديد قد لا يعبر عن كل التيارات السياسية والثقافية المتنوعة في البلاد.

وقالت الجبالي لـ«الشرق الأوسط»: «إن أي شرعية دستورية يجب أن تكون مستمدة من إرادة الشعب الذي منحنا تغييرا جوهريا لنظام الحكم في مصر، وبالتالي فإن الدستور الجديد لا بد أن يعبر عن إرادة شعبه ويلزم الرئيس القادم بأن إرادة الشعب المصري هي مصدر هذه الآلية».

كما شهدت التعديلات اعتراضات من بعض القضاة حول المادة 93، التي تختص بالنظر في صحة عضوية أعضاء مجلس الشعب، حيث تم نقل الطعن إلى المحكمة الدستورية العليا وليس محكمة النقض. لكن البشري قال: «إن محكمة النقض لم تكن تصدر أحكاما نهائية في الطعون المقدمة إليها وإنما كانت تصدر تقارير تعرض على مجلس الوزراء الذي كان الجهة المختصة بتنفيذ تلك التقارير»، موضحا أن «التعديلات المقترحة منحت المحكمة الدستورية العليا الفصل في صحة العضوية في أعضاء مجلس الشعب والشورى».

من جهته، أعلن الدكتور نعمان جمعة، منافس الرئيس السابق حسني مبارك في انتخابات 2005 والحاصل على المركز الثالث بعد المعارض أيمن نور، لـ«الشرق الأوسط»، عن نيته للترشح في انتخابات الرئاسة المقبلة، كرئيس لحزب الوفد في حال تنفيذ الأحكام الذي حصل عليها، في نزاعه على رئاسة الوفد مع الرئيس السابق محمود أباظة، وفي حال فشله في ذلك سيتقدم للترشح كشخصية مستقلة، وهو أمر أقر بصعوبته لكنه أكد أنه ليس مستحيلا.

وحول التعديلات الدستورية المقترحة من جانب اللجنة، قال جمعة: «إن الشروط التي تم تعديلها في المادة 76 خففت القيود إلى حد كبير لكنها لم تصغ كما ينبغي». مؤكدا أنه كان الأفضل الأخذ بالنظام الروسي الذي يشترط على من يرغب في الترشح لرئاسة الجمهورية أن يقدم تأمينا ماليا معينا في حدود المعقول، لا يسترد إلا في حالة حصوله على نسبة 2 أو 3% من الأصوات خلال الترشح». مشيرا إلى أن هذا الاقتراح لن يجعل المرشحين مقتصرين على الأثرياء فقط، بل أي مرشح سيكون له حملة ومريدون يمكنهم أن يدعموه، كما أنه «سيقضي على فكرة التسول أو إذلال المرشح للحصول على أصوات من الناخبين أو نواب البرلمان».

وتنص تعديل المادة 76 على «إلزام لقبول الترشيح لرئاسة الجمهورية أن يؤيد المتقدم للترشح ثلاثون عضوا على الأقل من الأعضاء المنتخبين لمجلسي الشعب أو الشورى، أو أن يحصل المرشح على تأييد ما لا يقل عن ثلاثين ألف مواطن ممن لهم حق الانتخاب في خمس عشرة محافظة على الأقل.. ولكل حزب من الأحزاب السياسية التي حصل أعضاؤها على مقعد على الأقل بطريق الانتخاب في أي من مجلسي الشعب والشورى في آخر انتخابات أن يرشح أحد أعضائه لرئاسة الجمهورية».

وقال المستشار صبحي صالح العضو في اللجنة المقررة لتعديل الدستور، إن من المتوقع أن يدعو المجلس الأعلى للقوات المسلحة خلال أسبوع لإجراء استفتاء على التعديلات الدستورية التي صاغتها اللجنة. متوقعا أن يجري الاستفتاء قبل نهاية شهر مارس المقبل. وأوضح صبحي أن إجراء انتخابات مجلسي الشعب أو الشورى في ظل زخم ثورة 25 يناير سيؤخر عودة محترفي السياسة من الفوز بالانتخابات، مشيرا إلى أن التعديلات الدستورية يمكن اعتبارها «دستورا مؤقتا»، خاصة أن الاكتفاء بتعديل الدستور جاء استنادا إلى أن مصر تمر بأزمة اقتصادية وسياسية وأمنية في هذا الوقت.