استقالة محافظ ثالث من حزب المالكي.. والحكومة «تمهل» نفسها مائة يوم لتحسين أدائها

مقرب من رئيس الوزراء لـ «الشرق الأوسط» : المظاهرات منحته تفويضا بالإصلاح

TT

انتهى «يوم» الجمعة في العراق، لكن «الغضب» لا يزال مستمرا في الكثير من المحافظات والمدن العراقية، ويسقط جراءه قتلى وجرحى، ويتساقط معه مسؤولون هنا أو هناك. وكان ثالث مسؤول كبير يقدم استقالته تحت ضغط الشارع هو محافظ بابل سلمان الزركاني، الذي ينتمي لحزب الدعوة الذي يقوده رئيس الوزراء نوري المالكي بعد يومين من تقديم محافظ البصرة عبود شلتاغ، استقالته، وقبله محافظ واسط، وهما أيضا ينتميان إلى حزب رئيس الوزراء.

إلى ذلك، أعلن المالكي خلال جلسة استثنائية لمجلس الوزراء أمس أنه حدد «فترة 100 يوم يجرى بعدها تقييم عمل الحكومة والوزارات، كل على حدة، ومعرفة مدى نجاحها أو فشلها في تأدية العمل المناط بها، تبدأ من تاريخ اليوم (أمس)». وأضاف المالكي أنه «سيتم إجراء تغييرات على ضوء النتيجة التي سينتهي إليها التقييم». وحمل المالكي وزراءه المسؤولية «عما يجري في وزارته قبل وصولها إلى هيئة النزاهة وغيرها من المؤسسات المعنية بمحاربة الفساد». كما دعا إلى «إعلان التعيينات أمام الرأي العام وعدم حصرها في دائرة معينة، بحيث يصعب على عموم المواطنين الاطلاع عليها، الأمر الذي قد يؤدي إلى حرمان المواطنين الذين لا يملكون وسائل للاتصال بهذه الدوائر». مؤكدا أنه «سيجري تحقيقا في بعض الحوادث والانتهاكات التي حصلت أثناء المظاهرات لمحاسبة المتسببين، سواء كانوا من المحتجين ضد القوات الأمنية أو العكس».من جهته، اعتبر القيادي في «دولة القانون» عدنان السراج، رئيس المركز العراقي للتنمية الإعلامية والمقرب من المالكي في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط» أن «دولة القانون» تنظر إلى المظاهرات «بمثابة تفويض للمالكي للقيام بحملة إصلاحات حقيقية في البلاد». وكشف السراج أنه يستطيع القول وبناء على معلومات لديه أن «رئيس الوزراء كان خلال الاجتماع الاستثنائي، الذي عقده مجلس الوزراء (أمس الأحد)، أكثر قدرة وتصميما على العمل بعد أن شعر بأن الجماهير منحته قوة إضافية للتحرك في كل اتجاه للإصلاح». وردا على سؤال بشأن طبيعة تعامل القوات والأجهزة الأمنية والعسكرية مع المتظاهرين، خصوصا مع أجهزة الإعلام، قال السراج: «مرة أخرى أقول إن هناك من عمل من خلال مجموعة من الإجراءات والفعاليات، منها الشعارات القديمة في زمن صدام والأعلام العراقية القديمة خلال عهد صدام وسواها من الأمور، أن يجعلوا العراق يخسر في يوم واحد 20 مليار دولار من خلال عمليات النهب والسلب والاعتداء على المؤسسات الحكومية، بما فيها البنوك والمصارف». وتابع قائلا: «إن مما يؤسف له أن الكثير من أجهزة الإعلام والإعلاميين تحولوا خلال مظاهرة الجمعة من إعلاميين وصحافيين ناقلين للحدث، لكونهم موجودين في قلب الحدث إلى صناع للحدث نفسه، وهو ما يعني أنهم فقدوا مهنيتهم الإعلامية وتحولوا إلى سياسيين وارتقت بعض أفعالهم لأن يقعوا تحت طائلة القانون».

في السياق ذاته، تصاعدت ظاهرة الاحتجاجات في العراق في كل من الموصل والعمارة وبابل، فضلا عن أماكن أخرى. وفي محافظة الموصل تظاهر المئات من أساتذة وطلاب وموظفي جامعة الموصل أمس (الأحد)، احتجاجا على سوء الخدمات وتردي الأوضاع الأمنية، مطالبين بإقالة المحافظ ومجلس المحافظة وعدد من القادة الأمنيين، بينما رددوا هتافات تطالب بمعاقبة المفسدين. وتجمع المتظاهرون داخل مبنى الجامعة، حاملين لافتات تطالب بإجراء إصلاحات في المؤسسات الحكومية، مرددين هتافات تدعو لمعاقبة المفسدين وحرية التعبير وتوفير الخدمات للمواطنين. وفي محافظة بابل، وعلى الرغم من إعلان محافظها استقالته، فقد تظاهر العشرات من أهالي ناحية النيل في المحافظة، احتجاجا على سوء الخدمات، مطالبين بإقالة مدير الناحية. في حين تظاهر أهالي ناحية الكفل للمطالبة بإقالة مدير الناحية، وطالب عشرات المتظاهرين من أهالي ناحية السدة بإقالة مدير الناحية وتوفير مفردات البطاقة التموينية.

إلى ذلك، وجه عدد من الناشطين العراقيين على موقع «فيس بوك» نداء لتنظيم مظاهرات جديدة في جميع أنحاء العراق الجمعة المقبل الذي أطلقوا عليه «جمعة الشهداء» إحياء لذكرى 18 شخصا قتلوا خلال المظاهرات التي جرت الجمعة وأول من أمس. وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، دعت حركة تطلق على نفسها «ثوار العراق» إلى التظاهر يوم الجمعة المقبل لتمجيد ذكرى هؤلاء القتلى، بينما دعا ناشطون آخرون إلى إطلاق «جمعة الندم» على هذه المظاهرة، حيث تصادف مرور عام على الانتخابات التشريعية التي جرت في السابع من مارس (آذار) 2010.