المالكي يعلن حزمة إصلاحات بعد «مظاهرات الغضب».. ويشدد: لا نخشى الاحتجاجات

دعا إلى انتخابات مبكرة لمجالس المحافظات.. والصدر حمله مسؤولية الإخفاق

رجلا أمن عراقيان في ساحة الفردوس وسط بغداد أمس (أ.ف.ب)
TT

ما زالت مظاهرات الغضب التي انطلقت في بغداد الجمعة الماضية والتي انتهت باشتباكات بين بعض المتظاهرين وقوات الأمن تلقي بظلالها على الأوضاع في البلاد، خصوصا مع رغبة المحتجين في التظاهر مجددا يوم الجمعة القادم للمطالبة بإصلاحات سياسية.

ومع غضب الكثير من الإعلاميين العراقيين من سلوك قوات الأمن العراقية تجاههم، التي تميزت بالعنف، واستياء الصحافيين من السلطات التي عمدت إلى «التضليل الإعلامي» ومحاولة منعهم من تغطية المظاهرة، عقد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي مؤتمرا صحافيا في بغداد دعا إليه عددا من الصحافيين لإعلان حزمة من الإصلاحات، ووعد بتحسين الخدمات المتدهورة ومكافحة الفساد، وهو الطلب الرئيسي للمتظاهرين، كما قدم اعتذاره شخصيا لصحافي تعرض للضرب خلال المظاهرة.

وقال في المؤتمر: «عقدنا جلسة استثنائية الأحد (أول من أمس) لمناقشة مطالب المتظاهرين وإدامة عمل الإصلاحات، واتخذنا مجموعة من القرارات التي ستنفذ قطعا». ووعد المالكي بتوزيع 280 ألف وظيفة حكومية بصورة عادلة وخفض سن التقاعد من 63 إلى 61 عاما. وتشمل الإصلاحات قرارات تتعلق بمكافحة الفساد في مؤسسات الدولة. وقال: «اتخذنا قرارا بإجراء مناقلة المديرين العامين في داخل وزاراتهم حيث لا يسمح لمدير عام أن يبقى أكثر من خمس سنوات في دائرته»، وأضاف أن «في ذلك تنشيطا وحيوية للمعالجة، كما هو الحال للمفتشين العموميين الذين سينقلون إلى وزارات أخرى».

وتابع المالكي: «قررنا كذلك تحميل الوزير بشكل مباشر (مسؤولية) وجود الفساد بوزارته قبل أن يحال المفسد إلى (هيئة) النزاهة».

ومن القرارات الأخرى التي أعلنها المالكي: «فحص شهادات الموظفين، فإن هذا اللون الآخر من الفساد الذي اكتشفناه عن الشهادة المزورة، وسيحال كل من يثبت أنه مزور شهادة إلى القضاء».

وبخصوص الوظائف أعلن المالكي عن توزيع عادل لـ280 ألف وظيفة كان مجلس النواب العراقي أقر إحداثها في ميزانية 2011، وأفاد بأن «280 ألف درجة وظيفية ستعلن للجميع، ويمكن للجميع التقدم بصورة مباشرة حسب حاجة الوزارة».

وأكد المالكي «منع التعيينات المباشرة من قبل الوزير»، كما حذر من «الحصول على الوظيفة بواسطة الواسطة أو الرشى»، وأضاف: «قررنا تعزيز صندوق الرعاية الاجتماعية وقطعها لمن لا يحتاج إليها»، مشيرا إلى وجود «موظفين يتقاضون الإعالة الاجتماعية وشخصان في العائلة يتقاضونها».

وفي مجال الاقتصاد والاستثمار قال المالكي: «اتخذنا قرارا بتسهيل إجراءات البناء وتخصيص الأراضي اللازمة، ما يفتح المجال أمام المواطنين وشركات الاستثمار»، وأشار إلى اتخاذ قرار بـ«تعديل قانون الاستثمار وإلغاء الشرط الذي يعطي سبعة إلى ثمانية في المائة من الوحدات السكنية إلى الدولة»، الذي ينص عليه هذا القانون.

وفي القطاع الزراعي قال: «تقرر تعديل القانون المتعلق بالإصلاح الزراعي لأن أكثر الأيدي العاملة في البلاد زراعية»، وأشار إلى اتخاذ قرار بتفعيل مشروع البنية التحتية والتركيز على مشاريع المياه والمجاري والكهرباء. كما كشف المالكي عن الانتهاء من مسودة مشروع قانون الإصلاح الإداري.

كما انضم المالكي إلى الدعوة التي كان وجهها رئيس البرلمان أسامة النجيفي بإجراء انتخابات مبكرة لمجالس المحافظات، مشيرا إلى أن دعوة النجيفي كانت أصلا بطلب من رئاسة الوزراء، معتبرا أن «المواطن العراقي عانى كثيرا من المجالس البلدية وإجراءاتها الروتينية». وقال المالكي إنه لا يملك، طبقا للدستور، حق إقالة المجالس البلدية أو إقالة المحافظين. وكشف عن أنه «طلب من محافظي البصرة وبابل الاستقالة لأنهما ينتميان إلى الكتلة التي ينتمي إليها»، كما أعلن أنه طلب من محافظ الموصل أثيل النجيفي «الاستقالة بناء على طلب الشارع»، وهو ما لم يفعله النجيفي الذي شارك وعدد من البرلمانيين أهالي المحافظة أمس بمظاهرة للمطالبة بالإفراج عن المعتقلين وتحسين البطاقة التموينية وصرف رواتب شبكة الحماية الاجتماعية.

إلى ذلك، حذر المالكي من مغبة استخدام مظاهرات الجمعة المقبل التي دعت إليها جهات كثيرة عبر «فيس بوك» وسيلة لتخريب العملية السياسية، وكشف عن أنه يعرف وبالأسماء والأماكن من شارك في مظاهرات يوم الغضب، الجمعة الماضي، بما في ذلك الجهات التي سعت إلى قيادة المظاهرات في كل العراق باتجاه سياسي من خلال عمليات الشغب التي أسفرت عن مقتل وجرح العشرات، غالبيتهم من أفراد الجيش والشرطة.

وأكد المالكي أنه لا يخشى المظاهرات التي تضرب البلاد منذ عدة أيام، وقال: «لا حساسية من المتظاهرات ولا خوف، ولا نمنع أحدا يطلب إجازة للخروج بمظاهرة سلمية للمطالبة بحقوق مشروعة (...) لكن لا تساهل مع من يرتكبون قضايا شغب».

وأشار إلى «إصابة 143 شرطيا في البصرة (جنوب) وحدها، وأصيب 43 شرطيا في قنبلة يدوية. في محافظات (أخرى) كسروا الزجاج وأحرقوا السيارات وبعض المباني». وشدد على أن «هذه أعمال شغب لا مظاهرات، ولن نسمح أن تدمر دوائر الدولة».

وحول قيام بعض المتظاهرين برفع شعار إسقاط الحكومة، قال المالكي إن «من يعارض ويطالب بإسقاط العملية السياسية فهو يطالب بإسقاط الشعب»، وأضاف: «كم عدد المتظاهرين؟ عشرون ألفا؟ خمسون ألفا في كل المحافظات؟ أنا حصلت في بغداد فقط على 650 ألف صوت». وتابع: «إذن من يمثل إرادة الشعب؟ خمسون ألفا في كل العراق أم 650 ألفا وبإرادة انتخابية؟».

وكان المالكي قد قال في وقت سابق إنه ليس مسؤولا بمفرده عن الإخفاق في تقديم الخدمات، بل جميع الكتل السياسية لأن الجميع مشاركون في الحكومة من خلال وزرائهم، غير أن هذه التصريحات أثارت على ما يبدو استياء زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الذي أصدر بيانا أمس حمل فيه المالكي مسؤولية الإخفاق وما يجري في العراق.

وقال الصدر في بيان تلاه القيادي في التيار حازم الأعرجي في مؤتمر صحافي في ساحة الفردوس وسط بغداد بالتزامن مع بدء الصدريين ما سموه «أسبوع صوت الشعب»، إن «كل ما يجري في العراق هو في رقبة رئيس الحكومة نوري المالكي لأنه على رأس الهرم، وإذا صلح سيصلح كل الطاقم الوزاري». وأضاف الصدر أن «غالبية القرارات والأوامر لا تتم إلا بموافقة المالكي»، داعيا الأخير إلى «طرح حلول لمشكلة شعبه الحياتية بأسرع وقت، وعدم التنصل من المسؤولية».

وبشأن الاستفتاء قال القيادي الأعرجي إن «الاستبيان الشعبي على الخدمات والتظاهر بدأ اليوم في جميع المحافظات العراقية»، مبينا أنه يحمل اسم «أسبوع صوت الشعب». وأضاف الأعرجي أن «المحافظات ستكون مقسمة إلى قطاعات، والقطاعات إلى مربعات، والمربعات إلى وحدات، والوحدات إلى خلايا»، مبينا أن «الخلايا ستتوجه إلى السجون والجامعات وجميع دوائر الدولة في عموم المحافظات».

وفي غضون ذلك دعا رئيس الجمهورية جلال طالباني في بيان حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه الحكومة إلى أن تصغي لمطالب المتظاهرين «المشروعة».