عشرات القتلى والجرحى في صد ثوار مصراتة لهجوم من قوات خميس القذافي

إسقاط مروحية تابعة للموالين لـ«العقيد».. ومصادر: أنجاله يديرون الجيش والأمن

TT

أفاد شهود عيان في غرب العاصمة الليبية طرابلس بأن نحو ألف من الليبيين المناوئين لحكم العقيد الليبي معمر القذافي خرجوا في مظاهرة صاخبة في منطقة تاجوراء، إلا أن قوات أمنية من الكتائب الموالية للقذافي وعددا من أنصار العقيد الليبي ردوا عليهم بوابل من الرصاص.

وقال شاهد عيان: «أطلق رجال أمن الرصاص من سيارتين فاجأتا المتظاهرين، في محاولة لإخافتهم وتفريقهم، إلا أن المحتجين تحصنوا في عدة شوارع فرعية ورشقوا السيارات بالحجارة». وأضاف أن المناصرين للقذافي كانوا يرتدون ملابس مدينة ويلفون أشرطة خضراء حول أذرعتهم ورؤوسهم، مشيرا إلى أن سكان البيوت المجاورة التي كانت تجري الاحتجاجات بالقرب منها هرعوا لمساعدة الجرحى من المحتجين، وقال الشاهد ويدعى محمد حميدة، ويعمل في صيدلة الفاتح في تاجوراء بالقرب من موقع التظاهر: «سقط ثلاثة جرحى على الأقل، جراح أحدهم إصابته خطيرة». وفي حين تشهد مدينة بنغازي هدوءا وطمأنينة بين أهلها البالغ عددهم أكثر من 700 ألف نسمة، ينظر غالبية النشطاء الذين قامت الثورة في المشرق الليبي على أكتافهم بحذر وترقب لما يجري في طرابلس، لأن طول الأمد في تحقيق الهدف، وهو إسقاط نظام القذافي، قد يتسبب في إجهاض الثورة بطريقة أو بأخرى، خاصة مع نقص في السلع وعدم تسلم الرواتب، وورود أنباء إلى بنغازي أيضا بمحاولات التفافية يقوم بها عدد من الوجهاء الذين ما زالوا يدينون بالولاء للقذافي من قبيلتي القذاذفة والمقارحة وعدد من الشخصيات من قبيلة بني وليد، بالتزامن مع إجراءات قمعية ووحشية يقوم بها الموالون العسكريون المقربون من القذافي، قائلين إن على رأس هؤلاء خميس القذافي نفسه.

وقالت المصادر إن قوات تابعة لخميس القذافي اقتحمت بالفعل المدينة السكنية لطلاب معهد الدراسات الجوية، وأضافت أن عدد الطلاب الذين تم القبض عليهم يتجاوز الخمسمائة، وأن بينهم طلابا ينتمون إلى مدن بنغازي ومصراتة والزاوية وطرابلس وسبها، مشيرة إلى أن بعض هؤلاء الطلاب هم أبناء قبائل شاركت في الثورة، وأن القبض عليهم واحتجازهم والتهديد بتصفيتهم يأتي في محاولة للضغط على قبائلهم للقبول بالحوار الذي عرضه القذافي وأنجاله على زعماء المعارضة في المشرق الليبي. وقال جمال عبد الله الناضور، من شباب ثورة 17 فبراير (شباط) الليبية، إن نظام القذافي يحاول إلقاء القبض على أكبر عدد من المواطنين لاستخدامهم كدروع بشرية، للدفاع بهم عن بعض مواقعه الاستراتيجية خاصة في طرابلس، وكذا لاستخدامهم كدروع أيضا عند مهاجمة المدن القريبة من طرابلس التي سقطت بالفعل من قبضة القذافي في اليومين الماضيين مثل مدينة الزاوية، مشيرا إلى أن هذه الخطوة جاءت بعد أن رد زعماء المشرق الليبي بالرفض على الوساطة التي قام بها أحد القيادات من المقربين إلى القذافي، هو أبو زيد دوردة، وشخصية أخرى هو الداعية أسامة الصلابي.

ومن جانب آخر، أضافت المصادر في غرب العاصمة الليبية أن المواطنين في مدينة مصراتة أصبحوا يسيطرون بشكل كامل على المدينة القريبة من طرابلس، وتعد السيطرة عليها عملية «خنق» إضافية من ناحية الشرق للعاصمة التي يتحصن فيها العقيد الليبي، مشيرة إلى أن محاولات جرت من قبل رجال أمن تابعين لنظام القذافي في التسلل إلى قلب المدينة من الجهة الجنوبية.. ولكن الأهالي تصدوا لهم وردوهم على أعقابهم، وأن القتلى والجرحى بالعشرات من بينهم خمسة من المسؤولين السابقين في اللجان الثورية قبل أن ينضموا إلى المحتجين، ويشتركوا معهم في الدفاع عن مصراتة.

وقالت مصادر الثوار الليبيين في مصراتة إن قوات خميس القذافي «أسرت» ما لا يقل عن عشرين من المحتجين في معارك أمس بمصراتة، مضيفة لـ«الشرق الأوسط» أن «رجال الثورة أسقطوا طائرة مروحية تابعة لقوات خميس أثناء المعارك» التي اندلعت أمس.

وأضافت مصادر من الجيش الليبي، التي انضمت إلى الثورة وأصبحت تسيطر بشكل فعلي على بنغازي ثاني كبرى المدن الليبية، أن أكثر القوات والكتائب الأمنية تهديدا للمواطنين وأكثرها استهدافا للثوار في الوسط الغربي والجنوبي من ليبيا، هي تلك التي تأتمر بإمرة خميس نجل القذافي، مشيرة إلى أن القوات التابعة لخميس تعتبر من أكثر القوات انتشارا في الوقت الحالي حول المناطق التي ما زالت تحت سيطرة العقيد الليبي. وقال الرائد حسين المجبري، الذي عمل في السابق مع خميس، إن نجل القذافي استغل رئاسة والده للاتحاد الأفريقي وتقديمه اقتراحا بتشكيل حكومة أفريقية واحدة وجيش موحد، في السنوات الخمس الماضية، وقام بتشكيل كتيبة لهذا الغرض قوامها آلاف الجنود من عدة دول أفريقية. وأشار إلى أن القذافي نفسه صاحب فكرة الاستعانة بقوات أجنبية لتعضيد أركان حكمه، وأنه يستعين بقوات من المتمردين من دارفور وتشاد وجنوب المغرب (البوليساريو)، إضافة لمقاتلين (مرتزقة) مدربين تدريبا عاليا من إيطاليا وأوكرانيا وصربيا. وتابع الرائد المجبري قائلا إن قادة في الجيش أعربوا منذ البداية عن مخاوفهم من وجود مثل هذه الكتيبة الأجنبية في البلاد، إلا أن خميس هدد كل من عارض هذه الخطوة، بل قام في عام 2010 بمهاجمة كتيبة تابعة لقوات الجيش الوطني شرق طرابلس، وهدد قائدها لأنه تجرأ على طرح أسئلة بشأن وجود الكتيبة الأفريقية، وجهات تمويلها، والغرض من وجودها على الأراضي الليبية دون أن يكون هناك قرار من الدول الأفريقية بتشكيل جيش موحد. وقال المجبري إن أنجال القذافي، باستثناء عائشة، أصبحوا يشاركون في إصدار التوجيهات والتعليمات للكتائب العسكرية والأمنية التابعة للدولة الليبية، وإن هذا أمر غير مسبوق في أي نظام حكم، ومؤشر خطير سيؤدي إلى مزيد من المذابح.