وزير العدل الليبي السابق ينفي تلقي المجلس الوطني أي اتصالات من إدارة أوباما

رئيس الاتحاد الدستوري المعارض يدعو القذافي إلى التخلي عن السلطة * الحركة الإسلامية للتغيير تحذر من ركوب موجة الثورة

مواطن ليبي يحمل صورة للقذافي من نافذة بنك في مدينة سبراتا غرب العاصمة طرابلس في جولة لصحافيين أجانب تحت إشراف رجال العقيد الليبي (رويترز)
TT

رحبت الحركة الإسلامية الليبية للتغيير، من حيث المبدأ، بالدعوة التي أطلقها وزير العدل الليبي السابق المستشار مصطفى عبد الجليل لتكوين مجلس وطني انتقالي يدير شؤون المناطق المحررة وعدم الإعلان عن تشكيلته النهائية حتى تحرير كامل تراب الوطن، وذلك كخطوة متقدمة لتفادي حدوث أي فراغ في السلطة بعد سقوط النظام.

وأشارت الحركة إلى أن «أي تشكيل سياسي يُراد له أن يمثل هذه الثورة لا بد أن يملك كامل التفويض من قبل صانعي ثورة المختار، وهم شباب ليبيا الأحرار وكافة أبناء الوطن شركاء هذه الثورة».

كما أكدت الحركة، في بيان لها حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، «عدم السماح لرموز انقلاب سبتمبر (نظام القذافي) بالمشاركة في هذا الإطار أو ركوب موجة الثورة، تفاديا لمحاسبتهم عما أجرموه في حق شعبنا»، مؤيدة «القرار الشعبي الليبي في حسم أمر إسقاط هذا النظام بأيدي الثورة الليبية، ورغبته بعدم رؤية أي تدخل خارجي على أرضه لا يمكن رؤيته إلا في إطار الاحتلال الأجنبي. وأنه إذا كانت هناك جهات تريد مساعدة الشعب الليبي فعليها عزل هذا النظام سياسيا وسحب الاعتراف به».

من جانبه، نفى المستشار مصطفى عبد الجليل، الذي يقود المساعي الرامية إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية في ليبيا بعد سقوط نظام الحاكم، تلقيه أي اتصال من وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، التي أعلنت أول من أمس أن الولايات المتحدة تتواصل مع جماعات المعارضة الليبية التي تسعى للإطاحة بالزعيم الليبي العقيد معمر القذافي.. بينما وجه رئيس الاتحاد الدستوري الليبي المعارض محمد بن غلبون رسالة إلى القذافي، دعاه خلالها إلى أن يستفيق ويتخلى عن السلطة، لكي يفوت الفرصة على من وصفهم بأعداء ليبيا الطامعين في ثرواتها. وقال عبد الجليل لـ«الشرق الأوسط» هاتفيا: «ليس هناك أي اتصالات من أي نوع مع أي حكومة أجنبية سواء أميركا أو غيرها.. لم يتصل بنا أحد، وليس لدينا ما نخفيه»، مشيرا إلى أنه يطالب المجتمع الدولي مع ذلك بمواصلة ضغوطه على العقيد القذافي لإقناعه بوقف نزيف الدماء وتجنيب ليبيا المزيد من الفوضى وحالة عدم الاستقرار.

وأضاف عبد الجليل «نسعى لتشكيل مجلس وطني يضم مختلف الطوائف والقبائل، سننتظر سقوط النظام بالكامل حتى يشارك فيه أشقاؤنا في طرابلس وما حولها، نريد مجلسا يعبر عن الجميع دون استثناء».

واعتبر أنه ينبغي تغليب مصلحة ليبيا على ما عداها، موضحا أن المجلس لن يقصي أية جهة تكون معنية بالبحث عن الوحدة الوطنية، ومساعدة ليبيا على استعادة حياتها الطبيعية ودورها العربي والإقليمي.

وصدرت تصريحات كلينتون في وقت تحدث فيه ناشطون في مدينة بنغازي، حيث يجري المستشار عبد المجيد مشاوراته لتشكيل أول حكومة انتقالية تمهيدا لتسيير شؤون البلاد بعد غياب القذافي. وقبل وقت قصير من توجهها إلى جنيف للاجتماع مع حلفاء أوروبيين ومبعوثين من الدول العربية والأفريقية على أمل الاتفاق على استجابة مشتركة للتمرد الذي يهدد بإنهاء حكم القذافي، قالت كلينتون في إشارة إلى جماعات المعارضة «نتواصل مع الكثير من الليبيين من أنماط مختلفة في الشرق، حيث تتجه الثورة غربا إلى هناك أيضا.. من السابق لأوانه معرفة ما الذي سيفضي إليه الموقف». لكن متحدثا باسم المجلس الوطني الذي تم تشكيله في مدينة بنغازي قال في المقابل إن المجلس لا يريد أي تدخل أجنبي.

ورأت كلينتون أن قرار الأمم المتحدة هو رسالة للقذافي ومن حوله بأنهم «سيحاسبون على الأفعال التي ترتكب والتي ارتكبت ضد الشعب الليبي»، مؤكدة أن الولايات المتحدة لا تتفاوض مع القذافي. وأضافت «نريده أن يرحل ونريده أن ينهي نظامه ويلغي المرتزقة والقوات التي لا تزال موالية له».

من جهته، نفى وزير داخلية النظام الليبي السابق عبد الفتاح يونس، أن يكون قد أدلى بأي تصريحات عن تقدم قوات موالية للعقيد القذافي إلى مدينة مصراتة، في تكذيب لما نسب إليه بهذا الشأن. من جهة أخرى، وجه محمد بن غلبون رئيس الاتحاد الدستوري الليبي المعارض رسالة إلى القذافي دعاه خلالها إلى أن يستفيق ويتخلى عن السلطة، لكي يفوت الفرصة على من وصفهم بأعداء ليبيا الطامعين في ثرواتها. وقال بن غلبون في رسالته: «إن ما تهدد به الآن من إشعال حرب أهلية وتحويل ليبيا إلى نار حمراء وكتلة من الجمر، معتقدا أنه المخرج من ورطتك أو الانتقام من خصومك، ليس مفاجأة لنا، فقد سبق لي الإشارة إليه». وأوضح: «هذا بعينه ما يخطط له - منذ عقود - عملاء وكالة الاستخبارات الأميركية، الذين يتحكمون في علاقات أميركا مع ليبيا وأغلبهم من اليهود الأميركيين الصهاينة، للانتقام من الشعب الليبي عما حدث ليهود ليبيا كتداعيات لحرب سنة 1967». وأضاف بن غلبون: «قد استعملوك دائما لوضع الأسس لمخططهم الانتقامي عن طريق دراستهم الدقيقة والعميقة لنفسيتك، واستعمال ذلك بحرفية شيطانية لتسخيرك لفعل ما يريدون من دون أن تشعر، بل تظن أنه ضروري لمصلحتك الشخصية أو الوطنية. وقد جاء الآن الوقت المناسب - في ظنهم - لاتخاذ الخطوة الأخيرة في تنفيذ ذلك المخطط الجهنمي والتي سربت لك عن طريق توني بلير - بحسب ما صرح به نجلك الساعدي القذافي للصحافي دافيد أوين يوم الجمعة الماضي - من أن قوات الناتو تعد العدة لغزو ليبيا مما دفعك لفتح مخازن السلاح على مصراعيها وجعلها في متناول القبائل بغرض الدفاع عن الوطن». وختم بن غلبون رسالته قائلا «أفق وخيب ظنهم ولا تمكنهم من تنفيذ مخططهم وانتقامهم واربأ بنفسك وأولادك وقبيلتك أن تسجلوا في التاريخ أنكم الأداة التي حول بها الصهاينة ليبيا إلى جمر انتقاما لخروجهم منها وحرمانهم من ثروتها.. والله من ورائهم محيط». إلى ذلك، أصدر ائتلاف لجان المقاومة بالعاصمة الليبية طرابلس البيان الأول، أول من أمس، مؤكدا أن ليبيا وحدة واحدة لا شرقية ولا غربية ولا جنوبية. وأضاف «نحن أبناء بلد واحد تآلف أبناؤه على مدى الزمان وتقاسموا على أرضه الطيبة الحلو والمر وساند بعضه بعضا». وطلب البيان الذي تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه «سكان المناطق المحيطة بطرابلس تحديد موقفهم من القذافي الذي قتل أبناءنا»، مضيفا: «ندعوهم إلى تحديد موقفهم بالأفعال، هل هانت عليكم دماؤنا؟ هل هان عليكم شرفنا حتى تسلمونا للأفارقة المرتزقة؟». وحث البيان منتسبي الأجهزة الأمنية كافة والقوات المسلحة الليبية على الانضمام إلى الثورة، كما طالب أعضاء اللجان الثورية والحرس الثوري بعدم تلويث أيديهم بدماء أبناء وطنهم. وهدد البيان كافة الدول التي لم تحدد موقفها من القذافي إلى هذه اللحظة، بأن علاقتها مع الشعب الليبي مستقبلا سيعاد النظر فيها، معتبرا أن من بين هذه الدول إيطاليا والصين والجزائر، التي قال إن عليها واجب كبير باتجاه ليبيا.

وخاطب البيان الدول الأفريقية المساندة للنظام قائلا «ليعلموا أن الشعب الليبي باق وأن هذا النظام زائل». ودعا الائتلاف أبناء ليبيا إلى «الثبات والتعاون والتعاضد ونبذ الخلاف وأن يكثروا من التهليل والتكبير، وليعلموا أن النصر صبر ساعة».