المحكمة الجنائية الدولية تفتح تحقيقا بشأن جرائم ضد الإنسانية يشمل القذافي ومسؤولين في نظامه

جوبي: فرنسا وبريطانيا ستؤيدان إقامة منطقة حظر جوي إذا استمرت مهاجمة الليبيين

مصريون يحملون أمتعتهم للحاق بحافلات تنقلهم من مخيم رأس جدير على الحدود الليبية التونسية أمس (إ.ب.أ)
TT

أعلن المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو - أوكامبو أمس في لاهاي فتح تحقيق حول احتمال وقوع جرائم ضد الإنسانية في ليبيا يستهدف الزعيم الليبي معمر القذافي وأبناءه وعددا من كبار المسؤولين في نظامه، حسب ما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.

وقال مورينو - أوكامبو، خلال مؤتمر صحافي عقده في لاهاي: «نود أن نعلن لكم أن مكتب المدعي العام قرر في الثالث من مارس (آذار) الجاري فتح تحقيق حول جرائم ضد الإنسانية قد تكون ارتكبت في ليبيا منذ 15 فبراير (شباط) الماضي».

وأضاف أن التحقيق يشمل معمر «القذافي والحلقة المقربة منه بمن فيهم أبناؤه».

وتابع: «لكننا حددنا أيضا أفرادا يتمتعون بسلطة بحكم الأمر الواقع، يمكن تحميلهم المسؤولية في نظر القانون».

كما حدد المدعي العام «وزير الخارجية ورئيس جهاز أمن النظام والاستخبارات العسكرية ورئيس الأمن الشخصي للقذافي ورئيس منظمة الأمن الداخلي»، من دون ذكرهم بالاسم.

وتابع المدعي العام: «نريد اغتنام هذه الفرصة للإشارة إلى أنه إذا ما كانت القوات التي يقودونها ترتكب هذه الجرائم، فيمكن تحميلهم المسؤولية قضائيا».

وكان مجلس الأمن قرر السبت تكليف مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية التحقيق في الوضع في ليبيا، معتبرا أن «الهجمات الممنهجة» ضد المدنيين في هذا البلد يمكن تصنيفها على أنها «جرائم ضد الإنسانية».

وفي بروكسل، أعلن الاتحاد الأوروبي أمس قائمة بالقيادات الليبية التي تطبق ضدها عقوباته، وعلى رأسها كبار الجواسيس والضباط وأقارب العقيد القذافي، حسب ما ذكرت وكالة الأنباء الألمانية.

وقرر الاتحاد الأوروبي يوم الاثنين الماضي فرض حظر على تأشيرات السفر ضد الليبيين المسؤولين عن إجراءات القمع القاتلة ضد المتظاهرين في بلادهم، إضافة إلى تجميد أرصدتهم. وتدخل هذه العقوبات حيز التنفيذ بمجرد نشرها في الجريدة الرسمية للاتحاد الأوروبي.

كما أصدر مجلس الأمن قراره بتجميد أرصدة ستة أشخاص هم القذافي نفسه، وابنته عائشة وأبناؤه سيف الإسلام وهانيبال وخميس ومعتصم. وفرض أيضا حظرا خاصا بالتأشيرات ضد 16 ليبيا.

وقرر الاتحاد الأوروبي توسيع كل قائمة لتشمل 26 شخصا، من بينهم وزير الدفاع الليبي أبو بكر يونس جابر، وقائد الجيش مسعود عبد الحفيظ، ورئيس الاستخبارات العسكرية عبد الله السنوسي صهر القذافي، ومساعده البراني أشكال وقائد «اللجان الثورية» عمر أشكال.

وتضم اللائحة أيضا أبو شعرية، نائب مدير جهاز الأمن الخارجي، واثنين من أقرباء القذافي هما أحمد محمد وسيد محمد قذاف الدم، اللذين يشتبه بأنهما شاركا «مباشرة» في نشاطات إرهابية و«تورطا في حملة اغتيالات ضد معارضين»، ومسؤول مكافحة الإرهاب عبد السلام محمد عبد السلام، كما تضم رئيس الأمن الشخصي للعقيد القذافي، عبد القادر يوسف.

إلى ذلك، قال وزير الخارجية الفرنسي الآن جوبيه أمس إن فرنسا وبريطانيا ستؤيدان فكرة إقامة منطقة حظر جوي فوق ليبيا إذا استمرت قوات القذافي في مهاجمة المواطنين، حسب ما ذكرت «رويترز».

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع جوبيه، قال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ إن بريطانيا وفرنسا تعملان على وضع مقترحات «جريئة وطموح» لطرحها على الاجتماع الذي يعقده الاتحاد الأوروبي بشأن ليبيا الأسبوع القادم وإنهما ستفعلان كل ما بوسعهما لزيادة الضغوط على القذافي.

وفي برلين، أعلنت وزارة الخارجية الألمانية أمس أن السفارة الألمانية في العاصمة الليبية طرابلس أغلقت أبوابها لأسباب أمنية.

وذكرت الوزارة أن المواطنين الألمان في ليبيا تم إبلاغهم بإغلاق السفارة. وأضافت الوزارة أنه تم مطالبة رعاياها أكثر من مرة في ليبيا باستغلال الفرص الحالية لمغادرة البلاد.

وأشارت الوزارة إلى أن الرعاية القنصلية ودعم المواطنين الألمان في ليبيا سيتم الآن عبر مركز إدارة الأزمات في الخارجية الألمانية ببرلين.

ومن جهته، أعلن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي أندرس فوغ راسموسن أمس أن الحلف لا ينوي التدخل في ليبيا لكنه يستعد «لكل احتمال».

وصرح راسموسن أمام صحافيين في مقر الحلف ببروكسل: «لا نية للحلف للتدخل لكننا نستعد بشكل مدروس لكل احتمال».

وأضاف أن الحلف يتابع الوضع الميداني «عن كثب» و«اخذ علما» بطلب المعارضة الليبية في بنغازي من الدول الغربية تنفيذ ضربات جوية ضد مواقع القوات الموالية للنظام.

وشدد راسموسن على أن مجلس الأمن لم يجز في هذه المرحلة اللجوء إلى القوة.

وفي غضون ذلك، شددت الصين أمس على ضرورة احترام وحدة الأراضي الليبية مؤكدة أن كل المبادرات الدولية المتعلقة بهذا البلد يجب أن يقررها مجلس الأمن.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية جيانغ يو: «علينا احترام سيادة ليبيا ووحدة أراضيها».

وأضافت جيانغ: «فيما خص الوضع في ليبيا، نعتقد أن المشاورات في الهيئات المعنية في الأمم المتحدة كفيلة بإعادة الاستقرار إلى ليبيا».

على صعيد آخر، أعلنت وزارة الدفاع الهولندية الخميس أن الجيش الليبي اسر ثلاثة جنود هولنديين ومدنيين اثنين الأحد خلال عملية إجلاء مدنيين من ليبيا.

وقال ناطق باسم الوزارة اوتي بيكسما لوكالة الصحافة الفرنسية إن «ثلاثة رماة في البحرية الهولندية ومدنيين اثنين أسروا من قبل عسكريين ليبيين مسلحين عند فشل عملية إجلاء» الأحد، مؤكدا بذلك نبأ كشفته صحيفة «دي تلغراف» الهولندية.

وأسر المسلحون الموالون للزعيم الليبي معمر القذافي الجنود الثلاثة عندما كان هؤلاء يشاركون في سرت (شمال ليبيا) في إجلاء غربيين اثنين بمروحية.

وأضاف المصدر نفسه أن الليبيين سلموا سفارة هولندا في ليبيا المدنيين وهما هولندي وأوروبي آخر لم تكشف جنسيته غادرا البلاد بعد ذلك.

وقال بيكسما إن الجنود الهولنديين هوجموا بعدما حطت مروحيتهم. وأضاف: «أجرينا اتصالات مباشرة معهم»! رافضا كشف مكان احتجازهم. إلا أنه أكد أنهم «في وضع جيد على الرغم من الظروف». وأوضح أن «مشاورات دبلوماسية مكثفة تتواصل مع السلطات الليبية».

وكان عناصر البحرية والمروحية متمركزين على الفرقاطة الهولندية ترومب.

والسفينة التي كان يفترض أساسا أن تتوجه إلى قبالة سواحل الصومال في إطار عملية مكافحة القرصنة غيرت مسارها في 24 فبراير الماضي للتوجه إلى السواحل الليبية.

وذكرت صحيفة «دي تلغراف» أن فشل عملية الإجلاء وأسر الجنود الهولنديين لم يعلن عنهما سابقا لأسباب أمنية.

إلى ذلك، طالبت منظمة «أطباء بلا حدود» أطراف الصراع في ليبيا بالسماح بدخول المساعدات الإنسانية والمتطوعين الإنسانيين إلى مناطق الصراع.

وذكرت المنظمة أمس في برلين أنها تلقت في مدينة بنغازي مطلع مارس الجاري نداء استغاثة من أحد الأطباء في مدينة مصراته التي ذكرت تقارير إخبارية وقوع معارك بها مما أدى إلى سقوط الكثير من الجرحى.

وقالت المنظمة إنه يتعذر على العاملين في المنظمات الإغاثية حتى الآن لأسباب أمنية دخول مدينة مصراتة ضمن المناطق الأخرى غرب ليبيا.

وذكرت المنسقة الطبية للمنظمة في بنغازي، آن شاتلين، أن «الطبيب طلب منا مساعدات طبية لعلاج المصابين.. ولكننا لا نستطيع إيصال هذه المساعدات حيث أن رجالا مسلحين أوقفوا حركة المواصلات ويغلقون الطريق المؤدي إلى مصراته».

وأفادت معلومات أخرى بأن الكثير من الجرحى في طرابلس يتجنبون الذهاب للمستشفيات خوفا من تعرضهم للمضايقات من قبل الميليشيات.

وقال روزا كريستاني، منسقة المساعدات الطارئة بمنظمة أطباء بلا حدود: «الأطباء يعالجون الجرحى خارج النظام الصحي في بيوت خاصة».

وأشارت كريستاني إلى أن أكثر من 1800 من الذين جرحوا في المعارك في بنغازي تلقوا العلاج في مستشفيات بنغازي في الفترة من 17 إلى 21 من فبراير المنصرم.

من جهتها، عرضت الجزائر التكفل بعشرة آلاف لاجئ على الحدود التونسية - الليبية، وتقديم مائتي طن من المساعدات المتنوعة، بحسب بيان للهلال الأحمر الجزائري نشر مس.

وقال حاج حمو بن زغير، رئيس جمعية الهلال الأحمر الجزائري في بيان: «عرضت الجزائر نصب مخيم (في تونس) للتكفل بعشرة آلاف شخص مع مساعدات تصل إلى 200 طن من المواد المختلفة».

وتابع حاج حمو: «ننتظر من التونسيين تحديد مكان لنصب خيمنا». وأشار إلى تدفق «بين 12 ألفا و14 ألف شخص يوميا إلى الحدود التونسية الليبية».

وحول الحدود الجزائرية - الليبية، قال حاج حمو إن «الوضع بعيد تماما عما يحدث في تونس فالمراكز الحدودية تقع في أقصى الجنوب وأغلب الفارين هم من عمال الشركات البترولية».

على صعيد آخر، قال مواطن إسرائيلي انتشر مقطع فيديو ساخر قام بتصميمه عن الزعيم الليبي وهو في شرفته على الإنترنت أمس، إنه تلقي تهديدات عديدة بالقتل.

وقام نوي علوشي الصحافي الموسيقي والمنتج الإسرائيلي، 31 عاما، بعمل مقتطفات من خطب القذافي الأخيرة في طرابلس مستخدما موسيقى أغنية «هاي بيبي» لمغني الراب الأميركي «بيتبول» بمشاركة مغن آخر هو «تي باين».

ومنذ تحميله على موقع «يوتيوب» قبل 10 أيام، أصبح المقطع منتشرا على مستوى العالم وشاهده أكثر من ثلاثة ملايين شخص.

وقال علوشي إنه تلقى رسائل على مواقعه على «يوتيوب» والموقعين الاجتماعيين «فيس بوك» و«تويتر» تتضمن تهديدات من قبيل «سنأتي لنقتلك»، إلى جانب شتائم وتعليقات مناهضة لإسرائيل ومعادية للسامية.

ولكنه قال أيضا إنه تلقى ردودا إيجابية ومن بينها لمسلمين يقولون إن فيلمه ونجاحه يثبت أن «الموسيقى تربط بين الشعوب حتى لو كانوا أعداء».