مقتل جنديين أميركيين على يد ألباني يزلزل كوسوفو

لجنة تضم الشرطة الألمانية ومحققين أميركيين لكشف دوافعه

TT

أعلنت النيابة العامة الفيدرالية الألمانية الموكلة أمور الإرهاب الخميس أنها لا تستبعد أن يكون الاعتداء الذي أدى إلى مقتل جنديين أميركيين الأربعاء في مطار فرانكفورت قد نفذ بـ«دوافع إسلامية».

وقالت النيابة العامة الفيدرالية التي تتخذ من كارلسروهي مقرا لها في بيان: «استنادا إلى الملابسات هناك شكوك بأن تكون دوافع هذا الاعتداء إسلامية». وأضاف البيان أن النيابة العامة باشرت التحقيق في الحادث! في حين تشكلت لجنة خاصة تضم إضافة إلى الشرطة الألمانية محققين أميركيين لكشف دوافع الشاب الكوسوفي الذي اعتقل على الفور بعد الحادث. إلا أن وزير الداخلية الجديد هانس بيتر فريدريتش أعلن أن لا حاجة لتشديد الإجراءات الأمنية في البلاد.

وكان هذا الشاب الكوسوفي، الذي أعلن مصدر مقرب من التحقيق أن اسمه اريد اوكا (21 عاما) ومن سكان فرانكفورت، أطلق النار على عدد من الجنود من سلاح الجو الأميركي كانوا وصلوا للتو من بريطانيا خلال توجههم على متن حافلة إلى قاعدة رامشتاين الواقعة على بعد 140 كلم من فرانكفورت. وقتل جنديان أميركيان وأصيب آخران بجروح خطرة.

إلى ذلك، هزت عملية مقتل الجنديين الأميركيين الأوساط الشعبية والرسمية في كوسوفو وألبانيا، نظرا لحساسية الموقف، حيث تعد الولايات المتحدة الأميركية حليفا استراتيجيا للألبان في منطقة غرب البلقان، ووقفت وراء طرد الصرب من كوسوفو، سنة 1999 وتحقيق مطلب الاستقلال للألبان في 17 فبراير (شباط) 2008. وهو ما تعكسه مشاعر الامتنان في الشارع الألباني العريض سواء في ألبانيا وكوسوفو أو الدول التي يوجد بها ألبان كمقدونيا، واليونان، وصربيا، والجبل الأسود، وكرواتيا، والبوسنة وغيرها.

ودفعت تلك المشاعر الألبان لإطلاق أسماء المسؤولين الأميركيين على بعض شوارعهم، وإقامة نصب تذكارية للرئيس بيل كلينتون، ولم يلتحم رئيس أجنبي بالجماهير كما حصل لبوش في تيرانا سنة 2007.

وقد خرج طلاب الجامعة في بريشتينا أمس، ورموا الزهور في الهواء، تعبيرا عن رفضهم للعملية، وتقديرا منهم للدور الأميركي في استقلال بلادهم، وقال أحد الطلبة «لا بد من معرفة الدوائر التي أقنعت الشاب بإطلاق النار والمبلغ الذي تلقاه للقيام بذلك، هذه مؤامرة ضد كوسوفو». وقد كانت الصدمة في الشارع الألباني ولدى المسؤولين في بريشتينا وتيرانا كبيرة جدا، حيث أصدرت حكومة كوسوفو، بيانا قالت فيه إن «هذه الجريمة، عمل فردي، يتحملها من قام بها، وهي ضد القيم الحضارية لشعب كوسوفو، وضد المواقف والتقاليد الراسخة في كوسوفو» وتابعت: «شعب كوسوفو وحكومته يعترفان دائما وأبدا بالدور الأميركي ويشيدان به ويشكرانه، وهو دور رافق مسيرة الحرية والتنمية وسيستمر بنفس القوة ونفس الزخم من أجل اندماج كوسوفو في الشراكة الأوروأطلسية» وقال وزير الداخلية في حكومة كوسوفو الجديدة، بيرم رجبي: «هذا حدث مروع ومأساوي». وتابع: «إننا نبحث كيفية وقوع الاعتداء وما إذا كان منظما ومن وراءه». وقال وزير الخارجية الكوسوفي أنور خوجاي: «شعب كوسوفو وحكومته يثمنان عاليا الدور الأميركي في كوسوفو ويشعران بالامتنان حيال الولايات المتحدة وشعبها». وتابع وسط تجمع شعبي كبير خرج للتعبير عن رفضه للاعتداء على الجنود الأميركيين في فرانكفورت: «يعد مجرما من لا يقدر ما قدمته الولايات المتحدة لكوسوفو». وكانت السلطات الأمنية قد ألقت القبض على الجاني، وهو يحاول الفرار من مكان الجريمة، وكشفت عن وجود سكين كان يخفيها بين ثيابه. ولا تزال التحقيقات جارية للكشف عن ملابسات ما جرى وما إذا كانت تصفية لحسابات شخصية، أو جاءت العملية في إطار نشاط إرهابي. وكشفت بعض المصادر لصحيفة «فيلت» الألمانية الصادرة في فرانكفورت أمس، أن الشاب صاح «الله أكبر» قبل أن يطلق النار على الحافلة التي كانت تقل جنودا أميركيين، في المدرج الثاني من مطار فرانكفورت، ويقتل الجنديين ويجرح آخرين. لكن شهود عيان، أكدوا أن الشاب، لم يصرخ عندما أطلق النار على حافلة الجنود الأميركيين. وامتنع وزير الداخلية الألماني هيسن بوريس رين، عن تأكيد أو نفي ما يتردد من إشاعات في غياب معلومات مؤكدة، نظرا لسرية التحقيقات، وقال: «سنرى ما ستسفر عنه عملية استجواب الجاني». وأردف: «كل الاحتمالات واردة وسنمحصها واحدة واحدة وسنحقق في جميع الاحتمالات». وأكدت القيادة الأميركية في أوروبا مقتل عنصرين من جنودها في مطار فرانكفورت، وجرح اثنين آخرين، في العملية التي نفذها الشاب الألباني، وأنهم جميعا تابعون لقاعدة عسكرية أميركية في شرق بريطانيا. وقد أطلقت بعض وسائل الإعلام العنان للكثير من التصورات، ومن بينها أن الشاب تصرف بحرفية مطلقة حيث أطلق النار من مكان لا تغطيه كاميرات التصوير. وتؤكد مصادر من خلال ما يتم تسريبه من التحقيقات، أن الشاب الألباني أريد أوكي، يعمل في مطار فرانكفورت، وينحدر من أسرة هاجرت إلى ألمانيا قبل 40 عاما، وأن جده كان إماما في منطقة كوسوفيسكا ميتروفيتشا بشمال كوسوفو. وقال والده البالغ من العمر 70 عاما، إنه لا يعرف شيئا عن توجهات ابنه السياسية، ولا يعرف الدوافع التي ألجأته للقيام بعملية دموية.