القذافي وافق ضمنيا على خطة سلام اقترحها شافيز.. والجامعة العربية تبحثها

فنزويلا تقترح دا سيلفا للوساطة.. والمجلس الوطني الانتقالي يرفضها إذا تضمنت استمرار العقيد في الحكم

جندي سابق في قوات القذافي يشرح للثوار كيفية استعمال بندقية رشاشة (أ.ب)
TT

بينما أفادت أنباء أمس بأن الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي وافق ضمنيا على مشروع خطة سلام اقترحها الرئيس الفنزويلي هوجو شافيز لإنهاء الأزمة الليبية، حيث أعلن تشافيز أنه يجب على المجتمع الدولي أن يسعى إلى حل غير عسكري للصراع متهما الولايات المتحدة بتهويل مشكلات ليبيا لتبرير غزوها، أبدت الجامعة العربية اهتماما بخطة تشافيز لإرسال لجنة دولية للتحدث مع طرفي الصراع في ليبيا.

وفي غضون ذلك، تحدثت مصادر ليبية مطلعة عن ترتيبات تجري حاليا بين العقيد معمر القذافي والأميركيين لتدبير عملية خروج آمن له هو وأسرته من ليبيا.

ورشحت المصادر ذاتها دولتي صربيا وبيلاروسيا للجوء القذافي إليهما في حالة تنحيه عن السلطة، خاصة أن القذافي يتمتع بعلاقات جيدة مع الدولتين، حيث ساعد صربيا في حربها ضد حلف الناتو، كما يتمتع بعلاقات جيدة جدا مع رئيس بيلاروسيا، الذي قام بزيارة ليبيا أكثر من مرة، كما زار القذافي بيلاروسيا واستقبل بحفاوة بالغة. وأشارت المصادر إلى استثمارات ليبية كبيرة في بيلاروسيا.

وقال دبلوماسي غربي في العاصمة الليبية طرابلس لـ«الشرق الأوسط» في رسالة مقتضبة بالبريد الإلكتروني: لا أعتقد أن القذافي بصدد الاستماع إلى أي حلول للأزمة، إذا احتوت على عبارات تطالبه بالرحيل. الوضع في ليبيا قابل للتأزم في الأيام المقبلة.

ونفى المهندس سيف الإسلام القذافي لـ«الشرق الأوسط» أن تكون أي دولة أو أي جهة خارجية قد طرحت على أبيه أي صفقة تتضمن رحيله عن السلطة.

وقال سيف الإسلام، في تصريحات خاصة عبر الهاتف من العاصمة طرابلس لـ«الشرق الأوسط»: «هذا غير وارد مطلقا، ولا يصح طرحه أساسا للنقاش. ولمن سيترك السلطة إذا كان هو ليس برئيس أو حاكم تقليدي؟ السلطة في يد الشعب لمن لا يريد أن يفهم، القذافي باق في مكانه والشعب الليبي يسانده».

ورأى أن الحديث عن أي مبادرات هو مجرد لغو إعلامي لا محل له من الإعراب على أرض الواقع المعيش حاليا في ليبيا.

وذكر وزير الإعلام الفنزويلي أندريس إيزارا أن تشافيز تحدث إلى القذافي، يوم الثلاثاء الماضي وأطلعه على اقتراحه للسعي إلى حل عن طريق التفاوض لإنهاء العنف في ليبيا.

وأفاد مسؤول كبير بالحكومة الفنزويلية بأنه لا يعرف ما قاله القذافي بشأن فكرة تشافيز التي تدعو إلى إرسال بعثة وساطة تضم ممثلين لدول في أميركا اللاتينية وأوروبا والشرق الأوسط إلى ليبيا سعيا إلى حل سلمي بين القذافي وقوات الثوار.

ولم تشر وسائل الإعلام الليبية الرسمية مطلقا إلى فحوى خطة تشافيز، لكنها اكتفت بالإشارة إلى أن تشافيز استفسر في مكالمته الهاتفية التي أجراها مع القذافي عن ما وصفته بحجم المؤامرة التي تتعرض لها ليبيا لزعزعة أمن وأمان الشعب الليبي وضرب وحدته الوطنية.

وقالت وكالة الأنباء الليبية الرسمية إن تشافيز جدد «تأكيد تضامنه وتضامن الشعب الفنزويلي وشعوب أميركا اللاتينية قاطبة، مع الشعب الليبي في مواجهته الباسلة لمؤامرة الدوائر المشبوهة التي تستهدف المنجزات التي حققتها ثورة الفاتح العظيم وقائدها لقضية الحرية والتقدم في أميركا اللاتينية خاصة وفي العالم أجمع».

وشدد الرئيس الفنزويلي على ضرورة أن لا تكون دول العالم الثالث فريسة سائغة للمؤامرات والدسائس الاستعمارية، وأهمية أن تنتبه شعوب هذه الدول إلى مخاطر مثل هذه المؤامرات التي تهدف إلى عودة الاستعمار من جديد وزعزعة استقرارها وتهديد حريتها واستقلالها ونهب ثرواتها.

وقال تشافيز إن شعوب أميركا اللاتينية تقف بالكامل صفا واحدا وعلى استعداد تام لتقديم التضحيات تضامنا مع الشعب الليبي وقائده القذافي في مواجهة ما سماه «المؤامرة الامبريالية الصهيونية» التي تستهدف أمنه واستقراره ووحدته الوطنية.

وفي سياق ذلك، قال عمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية إن خطة تشافيز لإنهاء الأزمة التي تعصف بليبيا هي محل بحث. لكن موسى عندما سئل في المقابل عما إذا كان قد وافق على خطة تشافيز، وهو صديق للقذافي، أجاب بالنفي.

وقال موسى في تصريحات له أمس: «أخطرنا بخطة الرئيس تشافيز لكنها لا تزال قيد البحث. تشاورنا مع عدد من الزعماء أمس». ولم تحدد مهلة للموافقة على الخطة.

وفي السياق ذاته، قال مصدر حكومي لـ«رويترز» إن فنزويلا تأمل أن يقود الرئيس البرازيلي السابق لويس إيناسيو لولا دا سيلفا لجنة دولية للوساطة سعيا لإحلال السلام في ليبيا.

غير أن المصدر قال إن خطط إشراك لولا في اقتراح الرئيس هوغو شافيز للوساطة ما زال في مرحلة «تمهيدية» للغاية.

وبموازاة ذلك، قال سيف الإسلام القذافي، أمس، لدى سؤاله عن عرض وساطة من فنزويلا في الأزمة الليبية أنه لا توجد حاجة لأي دور أجنبي في إنهاء الأزمة.

وأضاف في مقابلة مع محطة تلفزيون «سكاي نيوز» إنه لم يسمع بشأن العرض من الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز، لكنه قال «يجب أن نقول شكرا، لكننا قادرون بما يكفي على حل قضايانا بشعبنا ذاته. بأنفسنا. لا توجد حاجة لأي تدخل أجنبي».

وتابع «إنهم أصدقاؤنا ونحن نحترمهم ونحبهم لكنهم بعيدون جدا. لا فكرة لديهم عن ليبيا. ليبيا في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وفنزويلا في أميركا الوسطى. نحن نقدر ذلك».

ومن جهته، أعلن وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه أمس رفض فرنسا لاقتراح الوساطة الذي تقدم به الرئيس الفنزويلي لحل الأزمة في ليبيا، رافضا أي مبادرة تبقي على القذافي في السلطة.

وقال جوبيه ردا على سؤال حول الاقتراح الفنزويلي «إن أي وساطة تتيح للعقيد القذافي أن يخلف نفسه ليست موضع ترحيب من جانبنا».

وجاء كلام جوبيه خلال مؤتمر صحافي عقده مع نظيره البريطاني وليام هيغ في باريس.

إلى ذلك، قال مسؤول كبير في جبهة الساندنيستا برئاسة الرئيس دانييل أورتيغا أمس أن نيكاراغوا لن تمنح اللجوء للقذافي.

من جهته، أعلن المجلس الوطني الانتقالي المناوئ للعقيد القذافي تأييده المشروط لمبادرة رئيس فنزويلا من أجل إيجاد حل سلمى للأزمة الراهنة في ليبيا.

وقال المجلس الوطني إنه سيرفض هذه المبادرة التي لم يطلع بعد على فحواها، إذا كانت تتضمن استمرار العقيد القذافي على رأس السلطة التي يقودها منذ نحو 42 عاما.

وأبلغ أحمد جبريل، وهو دبلوماسي ليبي منشق على نظام القذافي وأحد الثوار في مدينة بنغازي «الشرق الأوسط»، أن الرفض ليس للمبادرة بل لبقاء القذافي، مشيرا إلى أنه إذا كانت المبادرة تنص على رحيل القذافي فيمكن النقاش بشأنها.

وأضاف جبريل، الذي يعتبر أبرز المقربين من المستشار مصطفى عبد الجليل، وزير العدل المنشق على نظام القذافي، ورئيس المجلس الوطني الليبي الانتقالي: «إذا كانت (مبادرة تشافيز) لغير إسقاط النظام الذي بات مطلبا شعبيا لا رجعة عنه فهناك إجماع على رفضها، أما إذا كانت المبادرة تؤمن خروج القذافي لحقن الدماء فنحن نرحب بها».

وقال جبريل الموجود في مدينة البيضاء التي تبعد نحو 200 كيلومتر عن مدينة بنغازي، إن الوضع في البيضاء يتجه نحو الاستقرار، لافتا إلى أنه لمس انخفاضا كبيرا في مستوى الجريمة وحوادث السير.

وتابع: «الشباب في كل الأحياء أقاموا نقاطا للحراسة والحماية. الفارق الآن بين ما كان عليه الوضع قبل إسقاط النظام في المدينة والآن هو أن السعادة باتت واضحة على وجوه وملامح المواطنين».

من جهتها، أعلنت الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا المعارضة للعقيد القذافي عن ترحيبها بتشكيل «المجلس الوطني الانتقالي» في ليبيا، مؤكدة تأييدها للمجلس وللمهام المنوطة به.

وأشادت الجبهة في بيان لها بمبادرة المدن المحررة في مختلف أنحاء البلاد إلى تأييد المجلس ودعم جهوده في تكوين واجهة موحدة للثورة، والإشراف على تسيير وضبط الأمور في البلاد، والتحدث باسم الثورة مع مختلف الأطراف.

وبعدما دعت أبناء وبنات ليبيا وكافة قواه الحية في داخل البلاد وخارجها إلى تقديم جميع صنوف الدعم والعون للمجلس الوطني الانتقالي بما يمكنه من تحقيق مهامه، ومطالبة كل السفارات الليبية في مختلف الدول للتعامل مع المجلس والإقرار بمرجعيته، حثت الجبهة حكومات الدول الشقيقة والصديقة إلى المبادرة بالاعتراف بالمجلس والتعامل معه وتقديم كل صور الدعم له.

واعتبرت الجبهة في بيانها أن المرحلة التي تمر بها بلادنا مرحلة دقيقة تتطلب من الليبيين التكاتف والتعاون والاتحاد والتوافق وتكثيف الجهود واستثمار كل الطاقات والقدرات، كما تتطلب تغليب مصلحة الوطن عما عداها.

وكان المجلس الوطني الانتقالي قد أصدر أول من أمس بيانه الأول، والذي تضمن خمسة مطالب على رأسها دعوة كافة الدول والمنظمات الدولية والإقليمية إلى الاعتراف به ممثلا شرعيا وحيدا للشعب الليبي إلى حين استكمال بناء المؤسسات الدستورية الدائمة في ليبيا.

كما طالب البيان السفارات والبعثات الدبلوماسية الليبية في الخارج التي أعلنت انضمامها لثوار 17 فبراير (شباط) الماضي بالاستمرار في أعمالهم كممثلين للشعب الليبي في الدول والمنظمات الإقليمية والدولية المعتمدين بها وبصورة خاصة لدى الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية.

واعتبر المجلس أن أعضاء السلك الدبلوماسي بالسفارات والبعثات الدبلوماسية الليبية في الخارج والتي لا تزال موالية لنظام القذافي المنهار غير شرعية، مطالبا الدول والمنظمات الدولية والإقليمية بسحب الاعتراف بها.

وأعلن المجلس التزامه التام بكافة الاتفاقات المبرمة مع الدول الصديقة والشقيقة ويدعوها إلى اتخاذ كل ما من شأنه دعم المجلس وتعزيز العلاقات الودية مع الشعب الليبي.

وأدان المجلس الدول التي تساعد القذافي في تجنيد وإرسال المرتزقة الذين يستعين بهم في جرائم وإبادة وحصار الشعب الليبي وطالبها بالكف عن هذا السلوك الذي يجعل منها شركاء في جرائم القذافي، على حد تعبيره.

كما تم أمس الإعلان عن تشكيل مجلس وطني مؤقت في مدينة درنة يضم في عضويته نخبة من رجال القضاء والقانون وأساتذة الجامعات والضباط، وممثلين عن شباب الثورة.

ويتكون المجلس من المستشار عاشور حمد بو راشد، رئيسا للهيئة الاستشارية، إضافة إلى ممثل عن كل لجنة من اللجان المنبثقة عن المجلس.

وتقرر أن يبقى المجلس إلى حين عودة الاستقرار وبناء هياكل الدولة الليبية الحرة الجديدة تحت ظل الدستور وسيادة القانون.

وحول ترتيبات تشكيل الحكومة الانتقالية (المجلس الرئاسي) برئاسة وزير العدل الليبي السابق، مصطفى عبد الجليل، أفادت المصادر بأنها تجري على قدم وساق، وأن الكثير من قوى المعارضة الليبية في الخارج وصلوا إلى بنغازي للتشاور في تشكيلة الحكومة الانتقالية، وأن هناك حرصا على أن تمثل ليبيا كلها بشرقها وغربها. ورجحت المصادر أن يكون مقر الحكومة الانتقالية في مدينة بنغازي، حيث يتم حاليا تجهيز مبنى كان مقرا للحكومة السابقة ليكون مقرا لرئاسة الوزارة الجديدة، لافتة إلى أن الإعلان عن تشكيلة الحكومة الانتقالية سيكون خلال اليومين المقبلين.