روس يبحث مع الحكومة الإسرائيلية خطة مقنعة للفلسطينيين تحرك المفاوضات

نتنياهو يعتبر فكرة دولة واحدة للشعبين كارثة قومية

متظاهر فلسطيني يلوح بمقلاعه لقذف الجنود الإسرائيليين بالحجارة خلال مواجهات في مظاهرة بلعين الأسبوعية، أمس (أ.ب)
TT

كشفت مصادر إسرائيلية رفيعة، أمس، أن الزيارة المفاجئة لكبير مستشاري أوباما، دينيس روس، إلى تل أبيب تستهدف البحث مع أقطاب الحكومة الإسرائيلية في خطة جديدة مقنعة للفلسطينيين، حتى يعودوا إلى المفاوضات. ومع الكشف أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ينوي طرح خطة لإقامة دولة فلسطينية مؤقتة، سارع الرئيس الفلسطيني، محمود عباس (أبو مازن)، إلى رفضها. بينما راح نتنياهو يقنع معسكره اليميني المتطرف بأن الجمود الحالي ليس في صالح إسرائيل وأنه قد يقود إلى تحويل إسرائيل لدولة للشعبين، وهو ما يعتبره «كارثة قومية» للدولة العبرية.

وحضر روس إلى إسرائيل بسرية تامة، أول من أمس، وفقط عند لقائه مع وزير الدفاع، إيهود باراك، كشف عن زيارته. وقالوا في البداية إنه جاء للتباحث حول المطالب الإسرائيلية الأمنية في التسوية الدائمة للصراع. ولكن مصادر سياسية أكدت أمس أن الهدف الحقيقي هو التفاهم حول خطة جديدة لتحريك المفاوضات وإنقاذ إسرائيل من عزلتها الدولية الخانقة.

وذكرت صحيفة «هآرتس»، أمس، أن نتنياهو يشعر أنه بات في ورطة سياسية مدمرة، بسبب التحرك الأوروبي والتهديد بأنه في حال استمرار الجمود في عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، فإن أوروبا ستنضم إلى المبادرة المقرر طرحها في الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) القادم، للاعتراف بفلسطين في حدود 1967 دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية. وإذا رفضتها إسرائيل فإن البديل سيكون التوجه نحو دولة واحدة على كامل فلسطين للشعبين، الإسرائيلي والفلسطيني. وأضافت أن ما يزعج نتنياهو بشكل خاص هو النهج الأوروبي باختيار اللجنة الرباعية الدولية إطارا لطرح مبادرته، مما يعني أن الولايات المتحدة (إضافة إلى شريكتيهما في الرباعية روسيا والأمم المتحدة)، توافق على هذا التحرك.

وقالت الصحيفة إن نتنياهو يدرك أن هذه التحركات ستقضي على حكومته. ففي إسرائيل يهاجمون الحكومة على قصورها وعلى العزلة التي تسببت بها، ويتحدثون عن خطر تحويل العزلة السياسية إلى عزلة اقتصادية، وهذه عزلة مدمرة. ويشيرون إلى الانخفاض الحاد في شعبية نتنياهو لصالح حزب إسرائيل بيتنا المتطرف بقيادة وزير الخارجية، أفيغدور ليبرمان، من اليمين وحزب كديما المعارض بقيادة تسيبي ليفني، في اليسار. فإذا لم يحدث انعطافا كبيرا في سياسته، فإنه سيخسر المعركة الانتخابية القادمة.

وكشف مصدر سياسي أن نتنياهو يتحدث عن هذا الخطر بكثرة قي الأيام الأخيرة، وأنه قال لرفاقه في اليمين: «أنا أعرف أنه هناك من يفكر بينكم أن أفضل شيء لإسرائيل اليوم هو الوصول إلى دولة واحدة للشعبين. ولكنني لا أوافق على ذلك وأرى أن دولة كهذه ستكون كارثة قومية على إسرائيل والدولة العبرية. ففي دولة كهذه لا تكون أكثرية لليهود. وسيكون أمامنا أن نشرك العرب في إدارة الدولة فنلغي كونها يهودية أو نكون دولة أبرتهايد ونخسر العالم». ولهذا، طلب نتنياهو من رفاقه أن يستعدوا لخطة سياسية جديدة تحدث انعطافا حادا.

وكان المقربون من نتنياهو قد تحدثوا عن الخطة الجديدة على أنها انسحاب جديد كبير حتى 60% من الضفة الغربية، تعلن فيها دولة مستقلة للفلسطينيين، مع التعهد بضمانات أميركية بجدول واضح لمواصلة مفاوضات مكثفة حول التسوية الدائمة. إلا أن الناطق بلسان الرئيس الفلسطيني، نبيل أبو ردينة، سارع إلى إصدار بيان يرفض فيه أي تسوية مرحلية كهذه ويقول إن الحل فقط في مفاوضات على تسوية دائمة لإقامة دولة فلسطينية على حدود 1967 عاصمتها القدس الشرقية. وأكد أن مفاوضات كهذه لن تبدأ إلا إذا تم تجميد البناء الاستيطاني. وأرسل أبو مازن مستشاره، نمر حماد، ليقول هذا الكلام نفسه في الإذاعة الإسرائيلية أيضا.

ومع حضور دينيس روس، ذكرت هذه المصادر أن البيت الأبيض معني بمعرفة مضمون هذه الخطة وأنه بدأ النقاش حولها مع إسرائيل. وأضافت أنه في حال صدور خطة جدية مقنعة للفلسطينيين، فإن الإدارة الأميركية ستعمل كل ما في وسعها لتبنيها ودفعها إلى الأمام.

وتابعت أن نتياهو ينوي طرح الخطة أمام اجتماع مشترك للكونغرس الأميركي (مجلس النواب والشيوخ معا)، وليس في جامعة بار إيلان قرب تل أبيب، كما نشر سابقا. وقد وافق الأميركيون على ذلك، شرط أن يكون مضمون الخطة مجديا.

وقالت الصحيفة المذكورة، أمس، إن نتنياهو يعيش حاليا فترة ما قبل «فرصة العمر». فإذا ربحها تكون تلك سلمه إلى المجد. وإذا خسرها فإنه سيسقط. وفي الحالتين تكون تلك «مغامرة حياته».