المغرب: تأجيل محاكمة شبكة «الطبيبة الإرهابية».. والدفاع ينتقد معاملة المعتقلين

المحامون قالوا إن الطبيبة كانت عرضة لمعاملة غير لائقة في مخفر الشرطة

TT

أرجأت محكمة في مدينة سلا المغربية المجاورة للرباط، النظر في ملف شبكة إرهابية باتت تعرف في المغرب باسم «شبكة الطبيبة» حيث تتهم الدكتورة ضحى أبو ثابت إضافة إلى 38 متهما آخرين بالعمل على تجنيد انتحاريين للعمل في كل من العراق وأفغانستان، وكان أفراد هذه الشبكة اعتقلوا قبل أزيد من سنة، وانتقدت هيئة الدفاع خلال الجلسة التي عقدت أول من أمس وضعهم في معتقل سري قبل نقلهم إلى سجن سلا كما انتقدت عدم «اللياقة والإخلال بالآداب» مع الطبيبة في مخفر الشرطة، وكان القاضي اكتفى بالاستماع إلى اثنين من المتهمين وذكرهما بما نسب إليهما من تهم، ثم تحدث بعد ذلك دفاع المتهمين الذين أجمعوا في مرافعاتهم على أن خرقا قد حدث في الإجراءات القانونية المتعلقة بوضع المتهمين في مخافر غير نظامية لا تخضع لمراقبة وزارة العدل ولا وزارة الداخلية. وأسهب محمد أقديم محامي الدكتورة أبو ثابت، في تفصيل البنود والمواد التي تم خرقها وتجاوزها من طرف الضابطة القضائية ومنها عدم احترام مقتضيات التفتيش بمنزل والد المتهمة ثم الإخلال بالآداب واللياقة مع المتهمة بالمخفر من قبل ضباط الشرطة القضائية، وعدم مراعاة توفر عناصر الجريمة وحالة التلبس أثناء اعتقالها. وطالب المحامي أقديم من المحكمة إلغاء اعتماد أو محاضر الضابطة القضائية ومتابعة موكلته في حالة سراح، واعتبارها بريئة إلى أن يثبت العكس.

وكانت «الشرق الأوسط» حصلت على معلومات جديدة حول الطبيبة ضحى أبو ثابت. يشار إلى أن الطبيبة وزوجها وهو فرنسي يدعى خالد اللطيفية وهو مغربي الأصل، ويبلغ من العمر أربعا وثلاثين سنة، كان يعمل موظفا في المركز الوطني للأبحاث العلمية في باريس يتابعان في هذه القضية. واعتقل خالد اللطيفية في فبراير (شباط) من العام الماضي، بعد زيارته للمغرب، حيث قال إنه جاء إليه ليقابل زوجته المعتقلة، التي تخرجت من جامعة قاديس في إسبانيا، وهي أم طفلهما الوحيد. وتفيد معلومات تم الحصول عليها من مصادر عائلية وأخرى قانونية أن الخيوط التي قادت إلى اعتقال الطبيبة في أكتوبر (تشرين الأول) 2009 ترتبط بظروف اختفاء شقيقها، ويدعى عادل أبو ثابت وهو مهندس كومبيوتر متخصص في الاتصالات، حيث اختفى في 6 فبراير 2008، ولا تعرف الأسرة ما إذا كان قد اختفى «داخل أو خارج المغرب». وتقول الأسرة إن عادل اتصل بوالده وكان ذلك آخر اتصال له بأحد أفراد الأسرة وأبلغه بأنه ترك سيارته قرب محطة القطار في الرباط. وفهم الأب المصطفى ثابت الموظف السابق في السابق «المصرف العربي للتنمية الاقتصادية في أفريقيا» أن ابنه سيسافر بعيدا أو لمدة قد تطول. وقال الأب إن ابنه المهندس عادل كان في وضعية غير مستقرة، ذلك أنه ترك وظيفته في القطاع العام بمدينة طنجة، وانتقل إلى الدار البيضاء للبحث عن فرصة عمل أفضل، ووجد ذلك في العاصمة التجارية في المغرب، ثم راح يفكر «في ما هو أفضل» قبل أن يختفي. وبمجرد ما أوصى عادل والده بأن يأخذ السيارة من قرب محطة القطار، انقطع الاتصال بينهما، وسارع الأب في اليوم الموالي إلى المقاطعة الرابعة للشرطة القضائية في الدار البيضاء للإبلاغ عن ابنه الذي تغيب وترك وراءه طفلا وزوجة على وشك وضع المولود الثاني. وبعد غيابه بثلاثة أيام، أتصل بشقيقته ضحى التي كانت آنذاك طالبة في كلية الطب بإسبانيا عن طريق الإنترنت يستفسرها عن والديهما. يعتقد والد عادل، أن هذا الأخير ربما سافر ليبحث عن فرصة عمل أفضل في الإمارات العربية المتحدة باعتباره مهندسا في قطاع الاتصالات لكنه لم يكن على يقين الجهة التي ذهب إليها لأن جميع الاتصالات كانت تتم عن طريق الإنترنت.

في آخر اتصال بين عادل ووالده (عن طريق الإنترنت أيضا) سأله والده متى سيعود إلى المغرب؟ فأجابه: أنا في العمل. كرر الأب السؤال فتلقى نفس الجواب الغامض: حسب ظروف العمل. ويقول والد عادل في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط»: «كنت أعرف أنه ليس حرا أو أنه لم يكن لوحده. ربما كان معتقلا ومعه آخرون» ولم يستطع أن يحدد الأب من يكون هؤلاء الذين كانوا معه. وكان والد عادل اتصل بالشرطة في الدار البيضاء ليستفسر عن البلاغ الذي وضعه حول ابنه المتغيب، أملا في أن يحصل على بعض الأخبار وهناك سمع أن عليه ألا يعود للاستفسار حول هذا الموضوع. وتلقت عائلة أبو ثابت «نصيحة» بأن تنسى أمر ابنها عادل. ويقول والده إنه لا يعلم شيئا إلى حدود اليوم عن مصير ابنه سوى أنه اختفى منذ فبراير 2008. وتقول بعض الروايات إن عادل قام بتفجير نفسه في العراق. لكن والده يقول: «لنفترض أن عادل غادر المغرب إلى العراق، وشارك هناك في عملية انتحارية ما مسؤولية شقيقته ضحى في ذلك؟».

وأفادت المصادر أن التحقيقات أمسكت بأحد الخيوط الرابطة بين تفجيرات في العراق وشبكة الطبيبة. وقال المحامي محمد أقديم لـ«الشرق الأوسط» حول مكان وجود شقيق الطبيبة: «لا أحد يرجح أو يقول رسميا إن شقيق المتهمة فجر نفسه في العراق أو إنه على قيد الحياة». ويرى محامي المتهمة أن «عادل ترك فلوسه بالمغرب ولم يأخذها كما لم يطلب من أحد تحويل مبالغ منها له، ليرجح أن فرضية تمويل موكلته ضحى غير صحيحة» وأضاف أن «النيابة العامة تجد صعوبات في إثبات التمويل، وكذلك عزم المتهمة القيام بأعمال إرهابية، لأنهم لم يجدوا في حاسوبها الشخصي ولا معلومة واحدة تتعلق بالتواصل بينها وبين أي عضو متهم بالإرهاب» ليخلص المحامي إلى اعتبار الملف فارغا، لأن «هذه الطبيبة التي تلقت تعليمها في إسبانيا وفرنسا لو كانت مرتبطة بما هي متهمة به لن تدخل إلى المغرب» على حد تعبيره.

وفي غضون ذلك حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة من رسالة ترد فيها الطبيبة ضحى أبو ثابت على التهم الموجهة إليها من طرف النيابة العامة. حيث تقول عن تهمة تكوين عصابة إرهابية متسائلة عن الحجج حول هذه العصابة: «أين تقارير الاجتماعات والمراسلات والأعمال الإجرامية المرتكبة أو المخطط لها.. ألم أتهم لمرحلة تعدت عامين قبل اعتقالي فلماذا لم يقبض علي، وأنا في حالة تلبس؟» وتنفي الطبيبة معرفتها بجميع المتهمين معها في نفس القضية والبالغ عددهم 37 متابعا باستثناء زوجها خالد اللطيفية. وبخصوص المس بالنظام العام تقول الطبيبة إنها «شاركت في مبادرات تطوعية ودورات تدريبية في المغرب» وفي عام 2009 حصلت على الجنسية الفرنسية التي تعتبرها المتهمة «تزكية لحسن اندماجي في الوسط الأوروبي» وتضيف أنه «على الرغم من الفرص التي انفتحت أمامي فضلت العودة إلى بلادي للمشاركة في خدمة وطني، كطبيبة في منطقة نائية في شمال المغرب». وحول تهمة تمويل الإرهاب تتساءل: «كيف ينسبون إلى إرسال أي مبلغ إلى العراق وأنا لم أفعل، أين الدليل على هذه الفرضيات المغلوطة» وتعتقد ضحى أبو ثابت «أنهم تعمدوا ضم طبيبة إلى ملف الإرهاب حتى يضفي ذلك هالة على خلية ادعوا تفكيكها». وعن التشبع بالفكر المتطرف تقول الطبيبة: «لست أعرف كيف أحمل أفكارا متطرفة وأنا عشت في أوروبا واندمجت هناك بنجاح». أما عن نية القيام بعمل تخريبي في الدنمارك، تقول الطبيبة إنها لم تزر هذا البلد قط في حياتها. وحول زيارتها إلى جزر القمر والسودان والسعودية، تقول: «تلك الزيارات تمت وعمري ما بين 4 و8 سنوات أي خلال انتداب والدي خبيرا دوليا بالمصرف العربي للتنمية الاقتصادية بأفريقيا ما بين 1985 و1989». تجدر الإشارة إلى أن محكمة الجنايات باستئنافية سلا التي تتولى قضايا الإرهاب عقدت جلسة في 26 يناير (كانون الثاني) الماضي، للنظر في ملف القضية إلا أنه تم تأجيل الجلسة إلى الثالث من مارس (آذار) المقبل بسبب تغيب متهمين لأداء امتحاناتهما الجامعية. وعقب الإعلان عن تأجيل القضية احتجت أسر وعائلات المعتقلين، على أساس أنهم يأتون من مناطق بعيدة إلى سلا المجاورة للعاصمة الرباط للوقوف إلى جانب متهمين بعضهم معتقل منذ أزيد من سنة.