سيف الإسلام يتسبب في إطاحة رئيس كلية الاقتصاد البريطانية العريقة

أستاذ بالكلية: سذاجة الإدارة أدت لقبول المنحة

مقاتل ليبي مناوئ للقذافي يرفع علم مملكة ليبيا وسكينا بعد معركة بين الثوار والقوات الموالية للحكومة قرب مدينة رأس لانوف أمس (رويترز)
TT

تسبب سيف الإسلام القذافي بحرج كبير لإحدى أعرق الجامعات البريطانية التي سعت أمس، بشيء من اليأس، لإزالة وصمة ارتباطها بابن الزعيم الليبي الذي وضع نفسه في واجهة الدفاع المستميت عن النظام الليبي في وجه المعارضين له. وقدم رئيس كلية الاقتصاد والعلوم السياسية في لندن، سير هاورد دايفيس، استقالته أمس بعد أن طفت قصص عن ارتباط الجامعات بالنظام الليبي عبر قبول هبة مالية بلغت مليون ونصف المليون جنيه إسترليني من سيف الإسلام. وما زاد من إحراج الجامعة، قصص عن قبولها مبلغ 2.2 مليون جنيه إسترليني لتدريب 400 ليبي من الصفوة، في برنامج يتعلق بالقيادة. كما وافقت الجامعة أيضا على تدريب نحو 200 شخص في ليبيا من ضمن البرنامج نفسه. وكان سيف الإسلام القذافي قد تبرع بمبلغ مليون ونصف المليون جنيه إسترليني، لم تتسلم منها الجامعة إلا 300 ألف جنيه إسترليني، عام 2007، بعد أن حصل على دكتوراه على أساس أطروحة في الفلسفة حول موضوع «دور المجتمع في دمقرطة مؤسسات الحكم الدولية». ووصف البروفسور فواز جرجس، مدير معهد الشرق الأوسط في الكلية، ما تمر به الجامعة في الوقت الحالي بأنه «صفعة مؤلمة جدا للكلية، لأن الأمر يتعلق بقضية أخلاقية أكثر منها سياسية». وانتقد جرجس في تصريح لـ«الشرق الأوسط» القرار الذي اتخذته الجامعة، أولا بقبول تسجيل سيف الإسلام للأطروحة، وثانيا بقبولها المنحة التي قدمها. وقال إن القذافي الابن رغم أنه روج لنفسه على أنه إصلاحي، «فإنه كان يحاول أن يرث والده، وليس لديه أي مواقف جدية عن الحريات تميزه عن والده أخلاقيا وسياسيا واجتماعيا». واعتبر جرجس أن «سذاجة» إدارة الجامعة، «وغياب القدرة على استيعاب وإدراك حقيقة النظام»، كانا سبب قبول هبة سيف الإسلام. وأشار إلى أن أموال القذافي هي أموال والده، لأن سيف الإسلام «لم يؤسس شيئا بنفسه ولنفسه». وأضاف: «العلاقة بالقذافي هي سياسة بالدرجة الأولى، ومحاولة لتجميل النظام». إلا أن جرجس وصف استقالة دايفيس بأنها خطوة جيدة «لاستيعاب» ما حصل. وقال دايفيس في بيان استقالته: «لقد توصلت إلى أنه سيكون من الصحيح أن أقدم استقالتي رغم أنني أعلم أن هذا سيتسبب بصعوبة للمؤسسة. ولكن باختصار، أنا مسؤول عن سمعة الجامعة، وما عانت منه». وأضاف أن منحة القذافي تم استعمالها «لدعم عمل المجتمع المدني في شمال أفريقيا.. برامج التدريب التي أدرناها في ليبيا ستثبت أيضا أنها مفيدة لزيادة المهارات العلمية لكثير من الأشخاص سيكون أي نظام جديد بحاجة إليهم». وفتحت الجامعة تحقيقين في علاقتها بالنظام الليبي، خارجيا وداخليا. كما تحقق بالدكتوراه التي حصل عليها سيف الإسلام، مع بروز شكوك حول إمكانية لجوء القذافي إلى كتاب أشباح. وتعمل الجامعة اليوم على وضع مبادئ توجيهية جديدة لقبول الهبات في المستقبل، تفاديا لتكرار ما حصل. ووصفت الصحف البريطانية ارتباط الجامعة بعائلة القذافي بأنه فضيحة، وأنه أثر على صيتها كإحدى أرقى الجامعات البريطانية. وكشفت أمس أيضا عن ارتباط شركة استشارات أميركية بالنظام الليبي، واعترفت شركة «مونيتور غروب» التي تتخذ من كمبردج في ولاية ماساتشوستس، مركزا لها، بأنها أساءت التصرف في عقد بقيمة 3 ملايين دولار أميركي مع ليبيا، يهدف لتجميل صورة القذافي في الغرب. ونظمت الشركة رحلات إلى طرابلس لصناع قرار أميركيين وبريطانيين، حيث التقوا بأفراد النظام بين عامي 2006 و2008. وبين السياسيين الذين سافروا إلى ليبيا ضمن البرنامج، ريتشارد بيرل، وهو سياسي مؤثر من المحافظين الجدد كان عمل مستشارا للرئيس الأميركي السابق جورج بوش في شؤون الشرق الأوسط. وقالت الشركة أمس إنه بترتيبها تلك الزيارات، كانت تأمل أن يصبح القذافي أقرب إلى الغرب، «ولكن للأسف الآن بات واضحا أننا نحن، إلى جانب كثيرين آخرين، أسأنا التقدير».