واشنطن تدعو إسرائيل إلى «مبادرة سياسية ذات بعد درامي»

الرئيس التشيلي يطالب نتنياهو بعدم إضاعة الفرصة وهو يرد بهجوم شرس على القيادة الفلسطينية

TT

ذكرت مصادر سياسية في تل أبيب، أمس، أن الإدارة الأميركية تطالب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بتبكير الإعلان عن مبادرته السياسية هذا الشهر، وجعلها «مبادرة قوية مقنعة يكون لها بعد درامي». ولكن نتنياهو الذي يتعرض لضغوط شديدة متناقضة من المجتمع الدولي من جهة ومن رفاقه في معسكر اليمين المتطرف من جهة ثانية، خرج بهجوم شديد اللهجة على السلطة الفلسطينية بدعوى أنها لم تفعل شيئا إزاء مبادراته الكثيرة. وطالب قادة العالم الغربي بأن يوقفوا الضغوط عليه ويوجهوها إلى الزعماء العرب والإيرانيين «الذين يرتكبون المذابح بحق شعوبهم»، على حد قوله.

وكان نتنياهو قد استقبل في ديوانه في القدس الغربية، أمس، الرئيس التشيلي، سيباستيان بينيرا. وحاول استغلال اللقاء للرد على منتقديه الذين يشيرون إلى أنه أوصل إسرائيل إلى عزلة دولية خانقة خطيرة، فيظهر أن بابه مطروق وأنه ليس منبوذا في العالم كما يقولون. لكن بينيرا أجهض له هذا الجهد ووجه له انتقادا صريحا، وطالبه بحزم بأن لا يضيع الفرصة السانحة للسلام. وقال الرئيس التشيلي: «للفلسطينيين الحق في إقامة دولة مستقلة إلى جانب إسرائيل. وهذه الدولة يجب أن تكون ذات اتصال جغرافي حتى تكون قادرة على الحياة. ويجب أن تكون في إطار اتفاقية سلام مقنعة لهم مثلما هي مقنعة لكم، بتسوية مبنية على الصخر، على أساس متين، وليست مبنية على الرمل».

وقد رد نتنياهو على هذه الأقوال بغضب واضح، وقال إنه منذ انتخابه رئيسا للحكومة وهو يطرح المبادرات ويقدم التنازلات، ولكن الفلسطينيين لم يقدموا من طرفهم أي بادرة للتجاوب: «قبلنا مبدأ الدولتين للشعبين ونفذنا عشرات المبادرات الطيبة على الأرض لدعم الاقتصاد الفلسطيني وأزلنا الحواجز وجمدنا البناء في المستوطنات عشرة أشهر، ولكنهم واصلوا الرفض وواصلوا تقديم الطلبات وفرض الشروط». وأضاف نتنياهو أن الموقف الفلسطيني لم ينبع من احتياجاتهم، بل كان بدافع إيجاد تبرير للرفض، «فهم ليسوا جاهزين للسلام. ويركنون إلى الضغط الدولي لأن يحقق لهم المكاسب من دون جهد من طرفهم». ودعا نتنياهو المجتمع الدولي لأن يكف عن ممارسة الضغوط على إسرائيل وأن يمارسها ضد «قادة الدول العربية الديكتاتورية الذين ينفذون المذابح ضد شعوبهم».

وقال: «لقد استمعنا جميعا إلى الرئيس الليبي معمر القذافي وهو يهاجم إسرائيل خلال عملية الرصاص المصبوب (الحرب العدوانية على قطاع غزة) بدعوى أننا ارتكبنا جرائم حرب، وها هو ينفذ عملية إبادة لشعبه، هناك يجب الضغط. وها هي إيران تفعل الأمر نفسه وهي تطور أسلحتها النووية وتصدر الإرهاب لكل أنحاء العالم. تصوروا لو أن القذافي تمكن من تطوير سلاح نووي، كيف سيتصرف مع شعبه؟»، حسب ما قاله.

ومن جهة ثانية خرج نائب وزير الخارجية، داني أيلون، بتصريحات مشابهة قال فيها إن الفلسطينيين يتهربون من مفاوضات السلام. ونصحهم بالقبول بخطة سلام مرحلية، «فأنتم غير جاهزين لسلام دائم». وانضم قادة المستوطنين إلى دعم مجهود نتنياهو على طريقتهم. فأعلنوا عن حملة جديدة تحت عنوان «ابن يا نتنياهو في المستوطنات». وخططوا للخروج إلى الشوارع في مظاهرات ضد ما سموه «تجميد البناء الاستيطاني على الأرض».

إلا أن هذا التوجه لم يسعف نتنياهو ومعسكره، حيث تواصل الرباعية الدولية الإعداد لمؤتمر باريس في أوساط الشهر الحالي، الذي ستقر فيه خطة لتحريك مسيرة السلام فورا من خلال التهديد بالاعتراف بدولة فلسطينية عاصمتها القدس في حدود 1967 مع تبادل أراض. وقالت مصادر سياسية في تل أبيب إن الإدارة الأميركية أبلغت نتنياهو أن خطته لطرح تسوية مؤقتة غير واقعية. وأن المطلوب منه خطة مقنعة للفلسطينيين، يجب أن تكون «ذات بعد درامي». وفي تعقيب على الأنباء المنشورة في إسرائيل التي تقول إن نتنياهو ينوي الإعلان عن خطته في شهر مايو (أيار) المقبل أمام مؤتمر «إيباك» (المنظمات اليهودية الأميركية اليمينية)، قالت تلك المصادر إن واشنطن تطلب تبكير الموعد إلى الأسابيع القريبة. وأن نتنياهو فحص إمكانية إعلان الخطة أمام اجتماع مشترك لمجلسي الشيوخ والنواب في الولايات المتحدة (الكونغرس)، فأبلغه الأميركيون الموافقة إذا كان مضمون الخطة مقنعا.