ثوار ليبيا يطلقون سراح فريق من القوات الخاصة ودبلوماسيين بريطانيين

أكدوا رفضهم التحادث معهم لدخولهم البلاد بطريقة غير رسمية.. أنباء عن احتجاز فرنسيين في بنغازي

جانب من مراسم تشييع جثمان أحد الثوار الليبيين في اجدابيا حيث يرفع علم الثوار في الجنازة أمس (إ.ب.أ)
TT

أعلنت بريطانيا أمس إطلاق سراح جنود بريطانيين من القوات الخاصة ودبلوماسيين، كانوا محتجزين لدى المعارضة الليبية في بنغازي بشرق ليبيا، فيما أعلنت المعارضة الليبية أمس أنها «رفضت» التحادث مع الفريق البريطاني لأنهم دخلوا البلاد بشكل غير شرعي.

وغادر الفريق البريطاني، وهم مجموعة من جنود القوات الخاصة يرافقون دبلوماسيين، مدينة بنغازي أمس على متن الفرقاطة البحرية الملكية، كمبرلاند، بعد إطلاق سراحهم. وقالت مصادر لهيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» إن الفريق المؤلف من 6 أفراد من القوات الخاصة، ومعهم دبلوماسيون كانوا في مهمة سرية للاتصال بقادة المعارضة، وتم احتجازهم صباح الجمعة الماضي.

وقال المتحدث باسم المجلس الوطني الليبي عبد الحفيظ غوقة: «رفضنا التحدث معهم بسبب طريقة دخولهم إلى البلاد». وكان هذا المجلس أعلن نفسه المتحدث الوحيد باسم المعارضة الليبية. وتابع المتحدث «لا نعرف طبيعة مهمتهم». وقال وزير الخارجية البريطاني ويليام هايغ: «بإمكاني تأكيد أن الفريق الدبلوماسي البريطاني الصغير كان موجودا في بنغازي. ذهب الفريق إلى ليبيا لبدء الاتصالات مع المعارضة. وقد عانى أفراده من صعوبات تم الآن التغلب عليها بشكل مرض. وهم غادروا ليبيا الآن». وأكد هايغ عزم بلاده على إرسال فريق آخر بالتنسيق مع المعارضة لتعزيز الحوار حينما يحين الوقت الملائم، قائلا إن مساعينا الدبلوماسية هذه هي جزء مما نقوم به بخصوص ليبيا بما في ذلك الدعم الإنساني القائم حاليا». وكرر هايغ من جديد طلبه للزعيم الليبي معمر القذافي بالتنحي، وأكد عزم بلاده العمل مع المجموعة الدولية لدعم المطامح المشروعة للشعب الليبي. واحتجزت المعارضة المسلحة الليبية الفريق لدى دخوله المدينة بطائرة هليكوبتر بطريقة غير رسمية. وكانت «الشرق الأوسط» قد نشرت في عددها أول من أمس نقلا عن مصادر ليبية مطلعة أن فريقا بريطانيا من القوات الخاصة تم احتجازه في بنغازي. وقال مصدر في بنغازي الواقعة تحت سيطرة المحتجين: «المعارضون احتجزوا أفرادا من القوات الخاصة البريطانية. لم يتمكنوا من تأكيد ما إذا كانوا أصدقاء أم أعداء. من أجل سلامتنا احتجزناهم ونتوقع أن تحل هذه المسألة قريبا. هم بخير وفي أيد أمينة. لا نعلم لماذا لم تتصل الحكومة البريطانية أولا أو توضح هدف المهمة».

وعلمت «الشرق الأوسط» أن المجموعة البريطانية كانت تنوي التفاوض من أجل فتح مكتب اتصال لبريطانيا مع المجلس الوطني الانتقالي الذي يترأسه وزير العدل السابق المستشار مصطفى عبد الجليل. وقال عبد المنعم الهوني ممثل المجلس الوطني لدى الجامعة العربية إنه تلقى أمس اتصالا هاتفيا من السفير البريطاني لدى ليبيا والموجود حاليا في لندن بخصوص المجموعة البريطانية التي دخلت إلى بنغازي، لتوضيح مهمة الوفد وأنه كان مكلفا بإجراء محادثات رسمية مع أعضاء المجلس الوطني.

وأضاف الهوني: «حدث لبس ما، هذه المجموعة التي تتكون من دبلوماسيين ومجموعة من عناصر الأمن كان من المفترض أن تسعى لفتح مكتب دبلوماسي أو اتصال بالمجلس الوطني، بناء على اتصالات أجرتها وزارة الخارجية البريطانية مع مجموعة من الليبيين المقيمين بالخارج». وتابع: «بعد اتصالات قالوا لهم مرحبا، لكن اتضح أن الاتصالات لم تكن مع الأشخاص المعنيين والمسؤولين»، لافتا إلى أن المجلس اعتبر أنهم لم يحصلوا على إذن بالدخول وبالتالي فدخولهم غير مشروع مما استتبع توقيفهم وإخضاعهم للتحقيق، حيث تبين أن بحوزتهم وسائل اتصال عادية مرتبطة بالأقمار الصناعية وأن هدفهم هو إنشاء مكتب اتصال يمثل الحكومة البريطانية.

وأبلغ الهوني «الشرق الأوسط» أنه أجرى أمس اتصالا هاتفيا مع المستشار عبد الجليل رئيس المجلس لتوضيح مهمة الوفد وأنه دخل الأراضي الليبية بحسن نية وبقصد المساعدة. وأكد الهوني أن رئيس المجلس الوطني وعد بإعادة النظر في الموضوع وأنه سيتم الإفراج عن هذه المجموعة اليوم (أمس) أو الغد (اليوم).

وقالت وكالة أنباء التضامن الليبية الخاصة في بيان لـ«الشرق الأوسط» نقلا عن شاهد عيان أن المكان الذي تم فيه القبض على الجنود البريطانيين من القوات الخاصة هو منطقة المقزحة بالقرب من وادي القطارة، التي تبعد حوالي 10 كيلومترات من مطار بنغازي (بنينة) الدولي.

وكان وزير الدفاع البريطاني ليام فوكس قد أكد أمس معلومات «الشرق الأوسط» حول المجموعة، معلنا أن لدى بريطانيا فريقا دبلوماسيا صغيرا في مدينة بنغازي إلا أنه رفض التعليق على تقرير بأن محتجين ليبيين احتجزوا وحدة للقوات الخاصة البريطانية هناك. وتابع لهيئة الإذاعة البريطانية: «يمكنني تأكيد وجود فريق دبلوماسي بريطاني صغير في بنغازي. نحن على اتصال به ولكن من غير اللائق بالنسبة لي أن أعلق بما هو أكثر من ذلك».

وفي السياق نفسه، كشفت مصادر مقربة من المجلس الوطني الانتقالي لـ«الشرق الأوسط» عن احتجاز وفد فرنسي لساعات، أول من أمس، قالت إنه وصل إلى بنغازي عبر القاهرة برا وادعى أنه يسعى للقاء مسؤولين من المجلس الوطني بتكليف رسمي من الحكومة الفرنسية التي أعلنت اعترافها بالمجلس ممثلا شرعيا للشعب الليبي. وأوضحت المصادر أن الوفد المكون من شخصين قالت إن اسميهما الأولين هما برنارد وهيرزغ ودخلا ليبيا عبر الأراضي المصرية وطلبا عقد لقاءات مع مسؤولين بالمجلس الوطني وأعلنا أنهما مكلفان بفتح مكتب اتصال دبلوماسي لفرنسا في بنغازي، مشيرة إلى أنه وبالنظر لعدم وجود اتصال سابق للتعريف بهما لم يتم التعامل معهما بشكل رسمي. وأجرى قياديون في المجلس عدة اتصالات هاتفية مع بعض الليبيين المقيمين في العاصمة الفرنسية باريس للتحقق من هوية الشخصين، لكن لم ترد أية ردود شافية تؤكد أن وجودهما له علاقة بالجهات الرسمية في فرنسا. وقالت المصادر إن المجلس طلب من الشخصين مغادرة بنغازي على الفور والعودة بتكليف رسمي صادر عن الحكومة الفرنسية يؤكد أنهما يمثلاها لإجراء اتصالات مع المجلس الوطني.

ويمثل التهافت الغربي الملحوظ على فتح قنوات حوار واتصال مع المجلس الوطني المناوئ للقذافي، اعترفا ضمنيا بأن القذافي لا يبسط كامل سيطرته على الأراضي الليبية وأنه فقد جانبا كبيرا منها في الأسابيع الماضية لصالح المطالبين بتخليه عن السلطة.

وعلمت «الشرق الأوسط» أن عضوي المجلس الوطني علي العيساوي ومحمود جبريل المسؤولين عن شؤون العلاقات الخارجية بالمجلس قد غادر أحدهما أمس بنغازي في طريقهما إلى العاصمة البلجيكية بروكسل لإجراء اتصالات مع دول الاتحاد الأوروبي ومسؤولين من الاتحاد الأوروبي لتقديم طلب رسمي بالحصول على اعتراف المجموعة الأوروبية بالمجلس الوطني كممثل شرعي للشعب الليبي وحثها على قطع كافة علاقاتها السياسية والدبلوماسية والاقتصادية مع نظام القذافي. ومن المقرر أن يصل الوفد نفسه إلى القاهرة في وقت لاحق للغرض نفسه لإجراء اتصالات مع عمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية ومع سفراء الاتحاد الأوروبي المعتمدين بالقاهرة والمجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يتولى السلطة حاليا في مصر بعد الإطاحة بنظام حكم الرئيس السابق حسني مبارك.

وبدأ المجلس الوطني الذي يترأسه المستشار عبد الجليل في مباشرة أعماله واختصاصاته على واقع الأوضاع في ليبيا وإعطاء التعليمات لتيسير الحياة للمواطنين الليبيين، فيما بدأ المجلس العسكري يعيد ترتيب أوضاعه وحصر احتياجاته وإمكانياته.

من جهته، أعلن اتحاد يهود ليبيا في بيان له تضامنه «مع أهلنا وإخوتنا في ليبيا ونتقدم إليهم بأحر التعازي بسبب الضحايا الذين قتلوا بأيدي ميليشيات ومرتزقة النظام». ولفت البيان إلى أن «الذين قتلوا من أولئك الضحايا هم شهداء في سبيل الوطن والحرية».