المالكي يؤكد أن ليس جميع مطالب المحتجين «مشروعة».. والبرلمان يستجوبه غدا حول التظاهرات

النجيفي يدعو إلى تشكيل خلية أزمة.. وناشطون لـ «الشرق الأوسط»: سنتظاهر اليوم ندما على الانتخابات

TT

دفعت تظاهرات العراقيين، التي انطلقت منذ أكثر من أسبوعين في مدن عدة، أهمها بغداد، رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي إلى الدعوة لتشكيل خلية أزمات برلمانية - حكومية مشتركة تضع معالجات لكل مطالب الشعب العراقي وفق سقف زمني محدد. وبينما من المقرر استجواب رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي غدا في البرلمان على خلفية استخدام العنف المفرط ضد المتظاهرين، وجد الأخير أن ليس كل مطالب المتظاهرين «مشروعة»، مؤكدا تعامل قوات الأمن «الحضاري» مع التظاهرات.

وقال النجيفي في كلمة له خلال جلسة البرلمان، أمس «علينا إعطاء القدر الكافي للشعب العراقي في التظاهر وعدم التدخل (بالنسبة للأجهزة الأمنية) إلا في حالات الفوضى والتخريب»، مشيرا إلى أن «غضب الشعب هو بسبب استشراء الفساد وعدم تقديم المفسدين للعدالة، وسنكون مسؤولين أمام الله في حال عدم تقديم المفسدين، لذا نحتاج إلى وضح لائحة لأهم الأزمات ووضع حلول صائبة لها»، ووعد الشعب العراقي بـ «إجراء التحقيقات المهنية المطلوبة بشكل عادل لمن ارتكب جرائم قتل أثناء التظاهرات».

وفي خطوة استباقية، وقبل حضوره المزمع لجلسة البرلمان غدا، قال المالكي إن «الدولة التزمت بحماية المتظاهرين بموجب الدستور»، وأن «الحكومة ملتزمة بحماية الأموال والممتلكات العامة وفقا للدستور أيضا وقد تعاملت مع التظاهرات بشكل حضاري وديمقراطي ودستوري، أما بعض الاختراقات الجزئية التي حدثت فسيجري التحقيق بها».

وذكر المالكي خلال اجتماعه أمس بعدد من رؤساء العشائر في الموصل أنه «ليس كل مطالب المتظاهرين العراقيين مشروعة لأننا وجدنا من يطالب بنسف العملية السياسية وإلغاء الانتخابات»، مشيرا إلى أنه «بعد الاستماع إلى مطالب المتظاهرين وجدنا فيها ما هو حقيقي ومشروع وعلى الوزراء والمحافظين ومجالس المحافظات تلبيتها ولكن في الوقت نفسه هناك مطالب غير مشروعة لأننا وجدنا من يطالب بنسف العملية السياسية وإلغاء الانتخابات والدستور، لذا فإن استغلال مطالب الناس الحقيقية لتحقيق تلك الأغراض شيء مرفوض».

وأضاف المالكي، الذي من المتوقع أن يقدم أسماء المرشحين للوزارات الأمنية أمام مجلس النواب غدا، أن «تحمل المسؤولية يقع على عاتق الجميع وعلينا ألا نكتفي بما حققناه في العملية السياسية وتشكيل حكومة الشراكة الوطنية وأن الاشتراك في المسؤولية يجب أن يكون في بناء الدولة والعمل التنفيذي والبرلمان، ومن غير الصحيح التقاطع والاستفادة من جهد الدولة في مواجهة الدولة لصالح الطائفة أو العشيرة أو الحزب أو الشخص»، حسبما نقلت وكالة الأنباء الألمانية.

لكن ناشطين عراقيين في تظاهرات بغداد أكدوا «قسوة تعامل الأجهزة الأمنية معهم خلال تظاهرتي (يوم الغضب) في 25 فبراير (شباط) الماضي، و(يوم الكرامة) الجمعة الماضي».

وقالت ينار محمد، رئيسة منظمة حرية المرأة في العراق، والناشطة في تنظيم تظاهرات بغداد لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من بغداد، إن «العشرات من الشباب تعرضوا للضرب المبرح بواسطة العصي الكهربائية والعصي الاعتيادية القوية، في تظاهرات الجمعة الماضي، كما تم اعتقال العديد من الناشطين في التظاهرات»، مشيرة إلى أن «قيادة عمليات بغداد أجبرت المتظاهرين المعتقلين على توقيع تعهدات بعدم مشاركتهم في أية تظاهرة مقابل إطلاق سراحهم».

ونفت ينار أن تكون «القوات الأمنية والجيش العراقي الذين وجدوا بالآلاف في ساحة التحرير لحماية المتظاهرين، بل لمنعهم وضربهم»، وقالت «هل نحتاج قوات مكافحة الشغب بعصيها الكهربائية لتحمينا، ومِن مَن؟ إذ كان الأجدر بهذه القوات الأمنية والعسكرية الضخمة أن تتفرغ لمتابعة الإرهابيين والمجرمين لا أن يزج بها ضد عراقيين مسالمين خرجوا للتعبير عن آرائهم ومطالبهم»، طالبة من الجيش العراقي «التصرف بحيادية حفاظا على اسم هذه المؤسسة، فهو جيش العراق وليس جيش المالكي».

وأكدت رئيسة منظمة حرية المرأة «خروج تظاهرة غدا (اليوم الاثنين) في ساحة التحرير بمناسبة مرور عام على إجراء الانتخابات التشريعية، وسنطلق عليها تظاهرات يوم الندم، كما ستكون هناك تظاهرات بعد غد (غدا الثلاثاء) بمناسبة العيد العالمي للمرأة، وسنحاول بقوة البقاء في ساحة التحرير، ولا ندري إلى متى ستبقى الحكومة تفرغ قواتها الأمنية والعسكرية للوقوف بوجهنا وضربنا»، منبهة إلى أن «أهم شيء هو أن المواطن العراقي، سواء كان شابا أو امرأة أو رجلا عجوزا، تجاوز حاجز الخوف ولن يسكت على أي ظلم يلحقه».

وروى أحد الناشطين في تظاهرات بغداد لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف عن الإجراءات الأمنية غير المسبوقة، وقال «لقد حاولوا منعنا من الوصول إلى ساحة التحرير بأمر من جهات عليا، وقد منعوا الآلاف من الناس الذين لم يستطيعوا الوصول إلى مكان التظاهرة»، مشيرا إلى أنه تعرض «للضرب بالعصي من قبل الأجهزة الأمنية التي أرادت أن تفرقنا بالقوة، وأنا أخشى العودة إلى البيت لأنني سأتعرض للاعتقال، لهذا استقر بصورة مؤقتة مع بعض الأصدقاء استعدادا لتظاهرة الغد (اليوم)». كما ذكر متظاهرون أن بعض عناصر الأمن حاولوا خداعهم لدى توجههم إلى ساحة التحرير وأخبروهم بأن المظاهرة قد ألغيت لحثهم على العودة إلى منازلهم.

وفي بيان صادر عن «تجمع 25 شباط»، استنكر الناشطون فيه «تعامل السلطات مع المتظاهرين الذين اتجهوا إلى ساحات المدن العراقية».

وقال البيان الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه أمس «لقد انهالت قوات مكافحة الشغب القمعية على المتظاهرين من الرجال والنساء بضرب مبرح وبالعصي الكهربائية واعتقلوا عددا من المتظاهرين مع التركيز على الصحافيين والصحافيات»، مطالبين بالإفراج الفوري عن المتظاهرين المعتقلين، كما نطالب السلطات بتقديم المسؤولين الذين أعطوا أوامر التعامل الوحشي مع المتظاهرين للتحقيق، كما نطالب البرلمان بفتح تحقيق فوري مع القائد العام للقوات المسلحة لإعطائه أوامر التعامل الوحشي مع التظاهرات السلمية والمكفولة دستوريا والتي بدأت منذ 14 فبراير (شباط) ولغاية اليوم».