أربيل تنفي ضغوطات أميركية على بارزاني لإجراء انتخابات مبكرة لمجالس المحافظات

بوادر انقسامات في صفوف المتظاهرين.. وناشط لـ «الشرق الأوسط»: نخشى استيلاء «التغيير» على مكاسب الشارع

TT

نفى مصدر في رئاسة ديوان رئاسة إقليم كردستان، الأنباء التي تحدثت عن وجود ضغوطات أميركية وراء دعوة الزعيم الكردي مسعود بارزاني إلى إجراء انتخابات مبكرة لمجالس المحافظات، في الوقت الذي يستعد فيه برلمان كردستان للتصويت على حزمة من القرارات من أجل تلبية مطالب الشارع الكردي، الذي شهد مؤخرا مظاهرات تطالب بإصلاحات سياسية في الإقليم. وجاء ذلك بينما لاحت ملامح انقسامات حادة بين متظاهري السليمانية ومخاوف من محاولة حركة «التغيير» المعارضة «استغلال المظاهرات الشعبية من أجل الاستيلاء على مكاسب الشارع الكردي».

وكان متحدث رسمي باسم رئاسة إقليم كردستان، قد أشار إلى ما نشرته بعض المواقع الصحافية حول الرسالة التي وجهها رئيس الإقليم إلى شعبه قبل عدة أيام والتي تعهد فيها بإجراء انتخابات مجالس المحافظات في أقرب فرصة ممكنة، ودعوة البرلمان إلى دراسة إمكانية إجراء انتخابات مبكرة، بأنها جاءت بناء على ضغوطات أميركية، وهذا ما نفاه المتحدث في تصريح وصلت نسخة منه إلى «الشرق الأوسط». وأشار المتحدث إلى أن بارزاني «لم يرضخ لأية ضغوطات ولن يقبلها أيضا، وسيادته عندما يعبر عن موقف فإنه من أجل المصلحة العليا لشعب كردستان، وأي قرار يتخذه سيادته فإنه يأخذ في نظر الاعتبار مصالح الشعب فقط والتي تجد نفسها في حماية التجرية ومكاسب شعب كردستان».

وأضاف المتحدث «إننا نعلن أن الولايات المتحدة لم تكن بأي شكل من الأشكال على علم برسالة السيد الرئيس، وبعكسه عندما علموا بها عبروا عن سرورهم بهذه الرسالة، وبعدها اتصل السيد جو بايدن نائب رئيس الولايات المتحدة هاتفيا مع الرئيس بارزاني وباركه على موقفه الذي أعلنه في رسالته بجعل صناديق الاقتراع مرجعا ومعيارا لمعاجلة أي مشكلات». وفي الوقت الذي شكل فيه الحزبان الرئيسيان، الديمقراطي الكردستاني، بزعامة بارزاني، والاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس العراقي جلال طالباني، لجنة تنسيق مشتركة لمتابعة الأوضاع الحالية في كردستان والبحث عن مخارج للأزمة السياسية الراهنة بسبب اندلاع المظاهرات - يستعد برلمان كردستان بعد مناقشات طويلة استمرت لثلاثة أيام لإصدار حزمة من القرارات استجابة للمطالب الشعبية ووضع برنامج محدد لتلبيتها، سواء المعالجات الآنية أو المستقبلية. وقال مصدر في البرلمان الكردستاني إن «بعض المطالب المرفوعة إلى البرلمان سيجري تعديلها من قبل الأعضاء، وتضاف مطالب أخرى إليها وفقا لمناقشات الأعضاء والكتل البرلمانية، ولكن قرار البرلمان الذي صدر قبل عدة أيام والذي ضم 17 نقطة ويشكل إطارا لمعالجة الوضع، فإنه سيبقى على حاله».

وعلى الصعيد الميداني، نقلت مصادر خاصة بـ«الشرق الأوسط» أن مجهولين ملثمين قاموا في الساعة 2.30 من ليل أول من أمس بإضرام النيران في خيم أعدها متظاهرو السراي في السليمانية للاعتصام فيها، بينما وجهت حركة «التغيير» المعارضة عبر قنواتها الإعلامية أصابع الاتهام إلى قوى الآسايش (الأمن المحلي) بمدينة السليمانية بالضلوع وراء الحادث.

غير أن مديرية أمن السليمانية نفت صلتها بالموضوع، وقالت في بيان إن «قوات الآسايش لا علاقة لها بحرق خيم المعتصمين بساحة السراي، لأن ذلك لا ينسجم مع مهامها الأساسية بحماية أرواح وممتلكات المواطنين والسهر على أمنهم». كما نفت أن تكون قد ألقت القبض على أي مواطن على خلفية الحادث.

في غضون ذلك، ظهرت بوادر خلافات حادة بين الأطراف التي تقود مظاهرات السليمانية الاحتجاجية التي انقسمت إلى عدة مجموعات تمثل مطالب الشارع هناك.

فقد دعت مجموعات ناشطة أطراف المعارضة المتمثلة بحركة «التغيير» إلى الخروج من بين صفوف متظاهري الشارع، بينما هددت مجموعات أخرى بنقل موقع الاعتصام من ساحة السراي إلى مكان آخر، وذلك لعدم السماح لبعض القوى السياسية المعارضة من تمرير مخططاتها عبر الاستيلاء على مكاسب الشارع.

وقال الناشط المدني بهروز جعفر، وهو أحد قادة مجموعة احتجاجية، لـ«الشرق الأوسط»، إن «قيادة المظاهرة انقسمت إلى عدة مجموعات، وإن هناك مخاوف جدية تهدد مكاسب الوقفة الجماهيرية في مدينة السليمانية، حيث هناك بعض القوى السياسية المعارضة في مقدمتها حركة (التغيير) تسعى إلى السيطرة على الشارع وعلى الاحتجاجات المندلعة هناك، على الرغم من أن للمعارضة وأحزابها مطالب وتوجهات تختلف كثيرا عن مطالب الشارع الكردي».

وأوضح جعفر: «نلمس تجاوبا من السلطة: الحكومة والبرلمان، لمطالبنا المشروعة التي لن نتنازل عنها تحت أي ظرف كان، ولكن المعارضة وتحديدا حركة (التغيير) لا تقبل بأقل من إسقاط الحكومة والبرلمان»، وتابع أن «الإشكال الحاصل هو أنهم يقولون إن لديهم مطالب ولكنهم لا يسلمونها للحكومة أو البرلمان لأنهم لا يعترفون بها، ونحن لدينا مطالب نرى أن بعضها ستتحقق وأن بعضها الآخر بحاجة إلى التفاوض مع الحكومة بغية تحقيقها».