انقسام في واشنطن حول ما يجري بليبيا

يقوده جناحا كلينتون وغيتس

TT

أوضحت مصادر إخبارية أن انقساما حادا حول الخطوة الأميركية إزاء ليبيا، بين جناح تقوده هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية، وجناح يقوده روبرت غيتس، وزير الدفاع، صار سببا رئيسيا لغياب خطوة أميركية حاسمة، على الرغم من تحذير الجانبين من «حمام دم» في ليبيا.

فبعد يومين من الصمت حول ليبيا، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية أمس إرسال ثلاثة ملايين دولار إلى منظمة الهجرة العالمية لصالح عمليات عودة الآلاف من العمال المصريين وغيرهم من أفريقيا وآسيا، الذين فروا من ليبيا عبر الحدود مع تونس، وأن طائرتين عسكريتين غادرتا جزيرة جربة التونسية، إلى القاهرة وعليهما 132 مصريا، وأن طائرتي شحن من طراز «سي 130» في طريقهما إلى منطقة الحدود لإجلاء المزيد من اللاجئين.

وقالت صحيفة «نيويورك تايمز»: «عبر التاريخ، ظل التدخل العسكري في دول أخرى امتحانا قاسيا للرؤساء الأميركيين. هذه المرة، تعقدت المشكلة بسبب عوامل تاريخية وجغرافية خاصة بليبيا، حيث يوجد زعيم لا يرحم ومستعد للتشبث بالحكم وسط حمام دم، في خليط من حرب أهلية أفريقية ونضال في الإنترنت تغذيه ثورة الشباب، من النوع الذي أخرج حكاما مستبدين في مصر وتونس».

وأشار مراقبون في واشنطن إلى تصريحات أوباما الحادة يوم الخميس الماضي التي طلب فيها من الزعيم الليبي معمر القذافي أن يترك الحكم، ثم تصريحات من مسؤولين في البيت الأبيض بأن «كل الخيارات العسكرية على الطاولة»، وأن الولايات المتحدة «لا تستطيع أن تقف موقف المتفرج، بينما قنابل الطائرات تضرب المدنيين»، مع قلق وسط خبراء أميركيين، كما جاء على لسان واحد منهم، «بشأن دفع الولايات المتحدة إلى وضع متفجر، في منطقة تنظر عادة وفي استهزاء إلى التدخل الأجنبي بأنه استعمار جديد». وأشارت «نيويورك تايمز» إلى أن الانقسام داخل إدارة أوباما بشأن الخطوة التالية التي يجب اتخاذها نحو ليبيا، تدفعه في جانب تصريحات لهيلاري كلينتون قالت فيها: «كل الخيارات على الطاولة، ما دام أن الحكومة الليبية ما زالت تهدد وتقتل الليبيين»، وأن من المؤيدين لها رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، السيناتور جون كيري، ورئيس لجنة أمن الوطن في مجلس الشيوخ، السيناتور جو ليبرمان، وزعيم الحزب الجمهوري، السيناتور جون ماكين، واتفقوا كلهم على فرض فوري لحظر جوي على ليبيا. في الجانب الآخر، يقود جناح آخر وزير الدفاع غيتس، الذي قال في الأسبوع الماضي في جلسة استماع في الكونغرس، ردا على أسئلة عدد من أعضاء مجلس النواب: «أقول لكم بالكثير من الصراحة إن هناك حديثا فضفاضا (غير مسؤول) عن بعض الخيارات العسكرية».

وأضاف أن اقتراح منطقة حظر الطيران سيكون صعبا فرضه، عكس ما يعتقد كثير من الناس. وأيد هذا الرأي رئيس القيادة المركزية الأميركية، الجنرال جيمس ماتيس، الذي قال إن مثل هذه العملية ستكون «صعبة».

وانعكس الانقسام في الإدارة على عدد من الخبراء. وقال توم مالينوفسكي، مدير مكتب واشنطن لمنظمة «هيومان رايتس ووتش»: «لا أحد يريد أن يرى قوات الولايات المتحدة أو حلف شمال الأطلسي تسقط الطائرات الليبية. ما يريد الجميع هو إرسال الإشارات الصحيحة إلى الحكومة الليبية». وقالت صحيفة «واشنطن بوست» إن الرئيس أوباما طلب من مساعديه كتابة تقرير عن ماضي الحروب الأهلية في أفريقيا، واحتمالات التدخل الأجنبي، وأنه يستعين في هذا بمستشارته سامانثا باور، التي نالت جائزة «بولتزر» عن كتاب حول مذبحة رواندا في عقد التسعينات من القرن الماضي، وفيه نقد كثير لعدم تدخل الدول الغربية لوقف المذبحة. وقالت آن ماري سلوتر، التي استقالت مؤخرا كمديرة في وزارة الخارجية لتخطيط السياسات، في رسالة نشرتها في صفحتها في موقع «تويتر»: «المجتمع الدولي لا يمكن أن يقف مكتوف اليدين أمام مذبحة المتظاهرين الليبيين. في رواندا شاهدنا ولم نتحرك. في كوسوفو شاهدنا وتحركنا». وقالت سلوتر، وكانت عميدة لكلية وودرو ويلسون للشؤون العامة والدولية في جامعة برينستون (ولاية نيوجيرسي)، إن الحصول على تصويت لمنطقة حظر الطيران في مجلس الأمن «سيكون صعبا»، نظرا لمقاومة الروس والصينيين. وقالت إنها تميل نحو طلب الحكومة المؤقتة للمعارضة في ليبيا من الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية للتدخل.

وكان ماكين دعا إلى فرض منطقة حظر جوي على ليبيا لمنع «ذبح القذافي لشعبه». وأضاف: «ليست هناك طائرات كثيرة عند القذافي. ونظام الدفاع الجوي الذي عنده من نوع عتيق. وليس تحديا كبيرا، على الأقل في تقديري، أن نكون قادرين على فرض منطقة حظر الطيران» فوق ليبيا. وكانت صحيفة «نيويورك بوست» ذكرت أن أوباما «يتعرض لانتقادات متزايدة لاستجابة إدارته البطيئة لاتخاذ خطوات حاسمة في محاولة عمليات القتل في ليبيا ولمساعدة اللاجئين». وأضافت: «كان أوباما دعا بقوة إلى استقالة القذافي يوم الخميس فقط. بعد أن صمت أياما كثيرة، ولم يتحدث عن هذا الموضوع. الآن، يواجه انتقادات كثيرة لتقصير واضح في جهودنا الدبلوماسية والإنسانية».