بعثة تقصي حقائق أوروبية تبدأ عملها اليوم في ليبيا

القذافي يحذر أوروبا من تدفق المهاجرين.. ومن سكن بن لادن في شمال أفريقيا

TT

أعلن الاتحاد الأوروبي أنه قرر إرسال بعثة تقصي للحقائق إلى ليبيا، هي الأولى من نوعها منذ اندلاع أحداث العنف في البلاد، حسب ما جاء في بيان صدر ببروكسل، عن منسقة السياسات الخارجية والأمنية بالاتحاد، كاثرين أشتون.

وجاء في البيان أن أغوستينيو ميوزو، المدير التنفيذي لإدارة مواجهة الأزمات والتنسيق بدائرة العمل الخارجي الأوروبي، سيتولى رئاسة اللجنة التي ستعمل على تقييم الأوضاع من عدة جوانب، ومنها ما يتعلق بالأوضاع الإنسانية، ومدى الحاجة إلى دعم إضافي في مجال المساعدة الإنسانية، وأيضا الجهود الحالية لإجلاء الفارين من أحداث العنف في البلاد، وسبل دعم جهود الإجلاء.

وقالت أشتون في البيان: «قررت إيفاد بعثة رفيعة المستوى، لتزويدي بمعلومات ضرورية قبل انطلاق اجتماعات قمة استثنائية لقادة دول الاتحاد الأوروبي مقررة الجمعة في بروكسل، ومن المقرر أن أطلعهم خلال القمة على تطورات الحالة هناك في ظل تطورات الأوضاع».

ووجهت أشتون، من خلال البيان، الشكر للحكومة الإيطالية على مساعدتها في تسهيل مهمة لجنة تقصي الحقائق، التي ستبدأ عملها اليوم الاثنين. ولم يشر البيان إلى وجود أي اتصالات أو تنسيق للمواقف مع الليبيين، سواء مع القذافي أو مع الثوار في المناطق التي يسيطرون عليها.

إلى ذلك، قال الجهاز التنفيذي للاتحاد الأوروبي ببروكسل، إن المفوضة الأوروبية المكلفة لشؤون إدارة الأزمات والمساعدات الإنسانية، كريستالينا جيورجيفا، زارت المنطقة الحدودية بين ليبيا وتونس، للتعرف على أرض الواقع على نوعية وكيفية تقديم المساعدات التي يحتاجها الفارون من الأحداث الأخيرة في ليبيا.

وقال الخاندرو أولزورين، المتحدث باسم المفوضية الأوروبية، إن رئيس المفوضية مانويل باروسو سبق له أن أعلن عن تخصيص مبلغ 10 ملايين يورو كمساعدات إنسانية عاجلة، ولكن تقرر زيادة المبلغ إلى 30 مليون يورو لتلبية الاحتياجات الضرورية لمواجهة الظروف الصعبة التي يعيش فيها الآلاف على المنطقة الحدودية.

وأشار المتحدث إلى أن المفوضية الأوروبية تبذل مجهودا للمساعدة في إعادة الفارين من الأوضاع في ليبيا إلى أوطانهم ومنهم أعداد من المصريين، كما طلبت المفوضية من السلطات الليبية تسهيل دخول المنظمات الإنسانية ومنظمات الإغاثة لتقديم المساعدات الضرورية للمتضررين من الأحداث، سواء داخل الأراضي الليبية أو على المناطق الحدودية، كما وجهت المفوضة جيورجيفا نداء للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي من أجل تسريع عملها في إقامة جسر جوي وبحري لنقل الرعايا الأوروبيين وغير الأوروبيين الموجودين على الحدود التونسية – الليبية، وفي الداخل الليبي إلى بلادهم.

من جانبه، قال وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني: إن بلاده سترصد «ما يقرب من مليار يورو» لدعم التنمية في بلدان جنوب المتوسط، وأوضح فراتيني أن النية الإيطالية تكمن في «تحويل ديون هذه البلدان لإيطاليا والبالغة 600 مليون يورو، إلى استثمارات في البنية التحتية»، إضافة إلى 300 مليون من القروض والمساعدات «لكي يصل المجموع إلى ما يقرب من مليار يورو، وهذا ليس قليلا»، واعتبر رئيس الدبلوماسية الإيطالية أنه «من الضروري وضع برنامج للمساعدة الاقتصادية مشابه لخطة مارشال الأميركية التي ساعدت في إعادة بناء أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية»، على حد قوله.

وخلص فراتيني إلى القول «يمكننا دعم تحديث دول جنوب المتوسط، وإحياء فكرة منطقة التكامل الأورومتوسطي على أساس مبادئ الحرية الاقتصادية». وحسب مصادر في بروكسل، يجري التحضير لوثيقة أوروبية تروم تصحيح توجه العمل الأوروبي المستقبلي تجاه هذه المنطقة، وتعكس الوثيقة، تنبيه أوروبا إلى الأخطاء التي ارتكبتها في السابق في تعاملها مع هذه المنطقة من العالم، والثغرات التي شابت سياستها، وحسب المصادر الأوروبية «ما نسعى إليه هو العمل من أجل أن يكون عملنا أكثر توجها نحو الشعوب وليس القيادات».

وأشارت المصادر إلى أن الساسة الأوروبيين يحضرون أنفسهم لإمكانية أن يشهدوا تغييرات مماثلة في بلدان شمال أفريقية وشرق أوسطية ظلت حتى الآن بمنأى عن التحركات الأخيرة، حيث من المتوقع أن تشمل الوثيقة الجوانب السياسية والأمنية والاقتصادية والتنموية للعمل الأوروبية، مع إعطاء اهتمام بالغ للحقوق والحريات وسيادة القانون وحسن الإدارة ومحاربة الفساد وتعزيز الديمقراطية في هذه البلدان. ومن المنتظر أن تفيد الوثيقة، التي تعكف على إعدادها الممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كاثرين أشتون، في إنعاش النقاش الذي ينظمه البرلمان الأوروبي يوم الأربعاء المقبل حول هذا الأمر، كما سيصوت البرلمان في اليوم التالي، أي الخميس، على قرار خاص بشمال أفريقيا وليبيا على وجه الخصوص، من المتوقع أن يدعو فيه المفوضية الأوروبية إلى البحث عن طريق من أجل إجراء حوار مع أطراف المعارضة الليبية، وهو الأمر الذي لم يتم إلا بشكل محدود حاليا، وتكليفها بالعمل على إعداد خطة خاصة لمساعدة الليبيين تأخذ بعين الاعتبار خصوصية هذا البلد. وسيشارك رئيس البرلمان الأوروبي جيرسي بوزيك، في أعمال القمة الاستثنائية، الجمعة المقبل، المخصصة أيضا لبحث الوضع الليبي وشمال أفريقيا، حيث سيحث، بدوره، الزعماء الأوروبيين، على انتهاز ما سماه «الفرصة التاريخية» السانحة أمام أوروبا لمساعدة شعوب شمال أفريقيا على المضي قدما في طريق الديمقراطية وتحقيق تطلعاتها المشروعة. وكان العقيد القذافي قد دعا إلى إرسال لجنة تحقيق «من الأمم المتحدة أو الاتحاد الأفريقي» للتحقيق في الاضطرابات التي تهز ليبيا ووعد بالسماح للمحققين بالتحرك بحرية.

من جهة أخرى، حذر الزعيم الليبي من أن الاضطرابات في بلده ستؤدي إلى كارثة في أوروبا. وقال في مقابلة نشرتها الصحيفة الأسبوعية الفرنسية «لو جورنال دو ديمانش»، أولا أريد أن تأتي لجنة تحقيق من الأمم المتحدة أو الاتحاد الأفريقي إلى ليبيا».

وأضاف «سنسمح لهذه اللجنة بمعاينة الوضع ميدانيا من دون عقبات، موضحا أنه «إذا كانت فرنسا ترغب في تنسيق عمل لجنة التحقيق وقيادتها، سأؤيد ذلك».

كما دعا معمر القذافي فرنسا إلى أن «تتسلم زمام الأمور وتعطل قرار الأمم المتحدة في مجلس الأمن وتوقف التدخلات الأجنبية في منطقة بنغازي». وحذر القذافي من «اجتياح» آلاف الأشخاص أوروبا، انطلاقا من الأراضي الليبية «من دون أن يستطيع أحد إيقافهم».

وقال القذافي «إذا هددوا، إذا زعزعوا الاستقرار، سنتجه إلى حال بلبلة، إلى بن لادن، إلى زمر مسلحة. ستكون لديكم الهجرة وآلاف الناس الذين سيجتاحون أوروبا انطلاقا من ليبيا. ولن يستطيع أحد إيقافهم».

وأضاف «بن لادن سيسكن شمال أفريقيا. سيكون لديكم بن لادن على أبوابكم». مجددا تأكيده أن تنظيم القاعدة يحرك المظاهرات ضد نظامه، ونافيا صفة الثورة الديمقراطية عن التحركات الاحتجاجية ضده. وتابع «سيكون لديكم جهاد إسلامي في وجهكم في المتوسط. سيهاجمون الأسطول السادس الأميركي، ستحصل أعمال قرصنة هنا، على أبوابكم، على بعد 50 كلم. ستكون في الحقيقة أزمة عالمية وكارثة للعالم أجمع». وأكد الزعيم الليبي أنه تلقى معلومات استخبارية تفيد بأن «عناصر من (القاعدة) باتوا على تواصل مع دوكو عمروف، قائد الجهاد في روسيا». وقال «نعلم أن هذه الاتصالات موجودة وأن هناك محادثات كي يأتوا لمساعدتهم أولا في ليبيا».

إلى ذلك، كرر رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أمس أن «الوقت قد حان» لرحيل القذافي، حسب ما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية. وقال كاميرون «سنواصل ممارسة المزيد من الضغوط على هذا النظام. ونقول دائما إن القضاء الدولي لديه ذاكرة، والذين يرتكبون جرائم ضد الإنسانية لن يفلتوا من العقاب». وأضاف كاميرون أمام مؤتمر لحزب المحافظين الذي عقد في كارديف، عاصمة إقليم ويلز (غرب)، «دعوني أكرر لكم شيئا: لقد حان الوقت لرحيل القذافي».

من جانبه، دعا وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ، القذافي إلى «التوقف فورا عن قمع الشعب الليبي بواسطة الجيش».

وأوضح في بيان أن القذافي «يجب أن يعهد بالسلطة دون تأخير إلى حكومة تعترف كليا بالتطلعات المشروعة للشعب الليبي». وبدوره، أعلن وزير الخارجية الفرنسي، آلان جوبيه أمس في القاهرة أن أي تدخل عسكري في ليبيا ستكون له «عواقب سلبية». واجتمع المجلس الوطني الانتقالي الذي شكله ممثلون عن الثوار الذين يواجهون منذ 15 فبراير (شباط) قوات القذافي، السبت الماضي في بنغازي وأعلن نفسه «ممثل الوطن الشامل لكامل مناطق البلاد». وفي برلين، دعا وزير الخارجية الألماني، غيدو فسترفيلي، إلى فرض مزيد من العقوبات ضد نظام القذافي.

ونقلت صحيفة «فيلت إم سونتاج» الألمانية أمس عن فسترفيلي قوله: «ما يحدث في ليبيا يشعرني بقلق بالغ»، ويجب على مجلس الأمن تناول القضية من جديد. وأكد فسترفيلي أن «العقوبات الموجهة ضرورية ضد أولئك المسؤولين عن الجرائم ضد الشعب الليبي»، وأن العقوبات الاقتصادية الحالية والمرتبطة بالأسلحة لا تذهب بعيدا إلى ما فيه الكفاية.

وأشار وزير الخارجية الألماني إلى أنه «يجب وقف تدفق الأموال. من الواضح أن إجراءات المجتمع الدولي يجب أن تحصل على التفويض من مجلس الأمن الدولي».