الرأي العام الهولندي متخوف على مصير الجنود الثلاثة المحتجزين في ليبيا

سفير لاهاي السابق: «من الصعب التفاوض مع الليبيين»

TT

أثارت تصريحات للزعيم الليبي العقيد معمر القذافي اعتبر فيها الجنود الهولنديين المحتجزين في ليبيا، بأنهم سجناء أو أسرى، مخاوف الرأي العام الهولندي بشأن مصير الجنود الثلاثة، خاصة أن التلفزيون الرسمي الليبي اتهم هولندا بالتجسس، واعتبرت أن الجنود الثلاثة كانوا في مهمة تدخل في هذا الإطار. وقال العقيد القذافي في تصريحات لوسائل إعلام أوروبية نشرت أمس إنه من الطبيعي أن يلقي القبض على الجنود الهولنديين وهم الآن سجناء، ودفع هذا السفير الهولندي السابق في ليبيا، كووس فان دام، إلى أن يعرض خدماته على وزارة الخارجية الهولندية للتوسط وإجراء مفاوضات مع النظام الليبي. وقال إنه سيعتمد في ذلك على خبرته ومعارفه وعلاقات خلال فترة وجوده في ليبيا. وأضاف في تصريحات للإعلام الهولندي أنه يعرف الليبيين جيدا، وقال «الليبي من الصعب جدا التفاوض معه وأحيانا يتعامل معك بطريقة غير لائقة»، ويطالبون بأشياء غير معقولة ويستفزونك ويساومونك. وبموازاة مع ذلك، تتوالى ردود فعل المواطنين الهولنديين على مواقع الصحف الهولندية على الإنترنت، معبرة عن الانزعاج البالغ بشأن مصير الجنود الثلاثة.

وفي الوقت الذي كشف فيه الإعلام الهولندي عن معلومات جديدة بشأن العملية الفاشلة التي نفذتها مروحية عسكرية تابعة للبحرية الملكية الهولندية في مدينة سرت الليبية، وانتهت بوقوع الطائرة وطاقمها المكون من ثلاثة جنود، في أيدي قوات تابعة للعقيد القذافي، استمر التوافق بين الفعاليات الحزبية والإعلامية والاجتماعية وغيرهم، على أن المهم الآن هو إنقاذ الجنود وبعدها المساءلة والمحاسبة.

وأشارت الفعاليات إلى أن لاهاي تجري مفاوضات من أجل التوصل إلى إطلاق سراحهم، كما أن السياسيين فضلوا التريث قليلا بطرح الأسئلة حول العملية الفاشلة التي نالت موافقة مجلس النواب الهولندي من أجل سلامة الجنود.

وعزت بعض وسائل الإعلام الهولندية سبب الفشل إلى أن الهولندي الذي كان يفترض فيه إبقاء عملية إنقاذه سرية أخبر شخصا أوروبيا وأحضره معه، مما أدى إلى انكشاف العملية، إضافة إلى أنه لم يكن هناك تحضير معلوماتي دقيق سابق للعملية التي نفذت في سرت، ناهيك عن استعمال طائرة مروحية قديمة من طراز «لينكس»، مصنوعة عام 1978، ولا تتسع سوى لخمسة أشخاص، وهو ما جعل وزارة الدفاع الهولندية تبرر العملية بالقول إنها لم تكن عسكرية، ولهذا لم يتم اصطحاب عناصر من الوحدات الخاصة.

واعتبرت بعض الأوساط الإعلامية أن العملية الفاشلة لم تلتزم بكل المتطلبات التكتيكية. وقالت إن وزارة الدفاع تلتزم الصمت حول أسباب إرسال المروحية من طراز «لينكس» من دون حماية إلى منطقة يسيطر عليها القذافي، وذلك من أجل سلامة المفاوضات الجارية مع السلطات الليبية. واعتبرت أن الحكومة الهولندية في وضع حرج دوليا بسبب العملية الفاشلة، وأنها ستبقى عاجزة دبلوماسيا حتى إطلاق سراحهم. وأشارت إلى أنها المرة الأولى التي تعتقل فيها القوات الليبية قوات أجنبية على أرضها.

وتخوفت صحف هولندية من أن يقوم القذافي باستخدام الجنود الثلاثة لتلقين البقية درسا، وينزل أشد العقوبات بهم. وقالت «لقد قامت ليبيا في السابق باحتجاز الأجانب لمدة طويلة»، وهناك اتفاق شبه تام في هولندا على اللجوء إلى الحل الدبلوماسي، والحذر في إطلاق التصريحات، وأن لا تكون نابعة من التأثر العاطفي، جراء احتجاز الجنود الهولنديين الثلاثة من جانب عناصر تابعة لكتائب تؤيد العقيد القذافي في مدينة سرت الليبية.

وقال وزير الدفاع الهولندي، هانز هيلين، إن بلاده تفضل الهدوء والحكمة لإنهاء احتجاز الجنود الثلاثة، وحذر من النتائج السلبية لأي تصريحات متأثرة بالتعاطف مع الجنود المحتجزين، وقال وزير الخارجية الهولندي، اوري روزنتال «من المهم الآن العمل على إنهاء احتجاز الجنود الثلاثة وإعادتهم».

وكان مارك روتا، رئيس الحكومة الهولندية قد وصف الوضع بـ«البشع»، وأوضح أنه تم التزام السرية عمدا حتى تسير أمور التفاوض مع السلطات الليبية بكل هدوء. أولويتنا الآن حقا هي ضمان سلامة الجنود الثلاثة. العملية لم تكن تخلو من مخاطرة شخصية، وأقل ما يمكن لنا القيام به حاليا هو أنه حينما يتعرض أناس لمشكلات، يتحتم عمل كل شيء من أجل ضمان سلامتهم مجددا.

وتجري حاليا اتصالات بين لاهاي والسلطات الليبية لإطلاق سراح الجنود الثلاثة. وحسب ما ذكرت وسائل الإعلام الهولندية، قالت وزارة الدفاع في لاهاي، إنها تعمل بالتعاون مع وزارة الخارجية على تحرير الجنود الثلاثة والطائرة المروحية.