اليمن: صالح يدعو إلى مؤتمر وطني عام لمناقشة التطورات في البلاد

المتحدث عن المعارضة لـ«الشرق الأوسط»: مستقبل الدولة يحدده المعتصمون في الساحات

متظاهر يمني محمولا على الأكتاف يهتف بشعارات تطالب بتنحي الرئيس اليمني أمام جامعة صنعاء أمس (رويترز)
TT

دعا اجتماع لقيادات الدولة اليمنية العليا إلى عقد مؤتمر وطني عام لمناقشة التطورات السياسية المتلاحقة في الساحة اليمنية، في الوقت الذي تتواصل المظاهرات المطالبة برحيل النظام والمظاهرات المؤيدة له.

وترأس الرئيس اليمني، علي عبد الله صالح، في وقت متأخر من مساء أول من أمس، اجتماعا لقيادات الدولة السياسية والعسكرية والأمنية، ناقش تطورات الأوضاع على الساحة الوطنية و«السبل الكفيلة بتجنيب الوطن الفتنة والعنف»، وأعلن رسميا أن الاجتماع أقر الدعوة إلى مؤتمر وطني عام بمشاركة كافة الفعاليات «السياسية والاجتماعية والشبابية ومنظمات المجتمع المدني من أعضاء مجلسي النواب والشورى وأعضاء المجالس المحلية والعلماء والمشايخ والشخصيات الاجتماعية والوجهاء والأعيان والشباب والمرأة»، وغيرها من الفعاليات، وذلك لمناقشة ما يعتمل في الساحة الداخلية من أجل أن يخرج المؤتمر بـ«رؤى موحدة إزاء كل ما يهم الوطن وأمنه وسلامته والحفاظ على وحدته ومكاسبه».

وضمن القرارات الصادرة عن الاجتماع، الذي لا يعد هيئة اعتبارية، اتخاذ الإجراءات والاحتياطات الأمنية «اللازمة للحفاظ على أمن واستقرار الوطن والسلم الاجتماعي»، وذلك في إطار نقاشه لمقتل عدد من الضباط والجنود، أول من أمس، في 3 عمليات منفصلة في محافظات: مأرب، وأبين، وحضرموت، واتهمت تلك القيادات تنظيم القاعدة بالتورط في تلك العمليات، وشددت على ضرورة ملاحقة «العناصر الإرهابية من تنظيم القاعدة والعناصر الخارجة على القانون وإلقاء القبض عليها وتقديمها للعدالة».

وردا على هذه الدعوة للمؤتمر الوطني العام، اكتفى محمد قحطان، الناطق الرسمي باسم أحزاب المعارضة في تكتل اللقاء المشترك، بالقول لـ«الشرق الأوسط»: «إن المستقبل السياسي في اليمن اليوم لم يعد للسلطة أو غيرها، هو في أفواه المتجمهرين في ساحات الحرية والتغيير في عموم الجمهورية»، وردا على سؤال عما إذا كانت تجري حوارات سرية بين المشترك والسلطة، قال قحطان إن أحزاب وتنظيمات المشترك، علنية وتعمل وفقا للقانون وليست سرية.

في هذه الأثناء، يواصل حزب المؤتمر الشعبي العام، الحاكم، إخراج المظاهرات المؤيدة للنظام والرئيس علي عبد الله صالح في أكثر من محافظة، وحسب مصادر رسمية فإن مئات الآلاف من المؤيدين شاركوا في مظاهرة بمحافظة إب التي سقط فيها، أول من أمس، أكثر من 50 جريحا في مواجهات بين الموالين من جهة والمطالبين برحيل النظام من جهة أخرى، من جانبهم يواصل المحتجون المطالبون بإسقاط النظام مظاهراتهم واعتصاماتهم في الكثير من المحافظات رغم أنهم يتعرضون، في أوقات كثيرة، لهجمات من قبل أنصار الرئيس أو ممن يسمون «البلطجية». من جانبها نظمت قوى وفصائل الحراك الجنوبي، أمس، مظاهرة في محافظة شبوة للمطالبة بـ«فك الارتباط» أو الانفصال، وقالت مصادر محلية إن المتظاهرين اشتبكوا مع مؤيدي النظام، دون أن تسجل أي إصابات، وشهدت عاصمة المحافظة (عتق) مسيرة طلابية للمطالبة بإسقاط النظام، ولذات المطلب.

إلى ذلك، تواصلت المظاهرات في مديريات محافظة صعدة لأنصار عبد الملك الحوثي الذي ذكر مكتبه الإعلامي أن عشرات الآلاف من المواطنين شاركوا في مظاهرات بمديريات حيدان، وسحار، ورازح، ونددت هذه المظاهرات بما سمتها «المجازر التي ارتكبها النظام في محافظتي إب وعمران» بحق المتظاهرين والمعتصمين.

على صعيد آخر، شهدت محافظة الضالع، أمس، إضرابا كليا دعا إليه الحراك الجنوبي وينفذ كل أول يوم اثنين من كل شهر، كنوع من الاحتجاج وللمطالبة المستمرة بـ«فك الارتباط» و«استعادة الدولة» الجنوبية السابقة، وقال شهود عيان إن الإضراب نفذ كليا في ردفان بمحافظة لحج وجزئيا في بعض مديرياتها ومديريات محافظة أبين، وفي السياق ذاته، انسحب الجيش اليمني، مساء أول أمس، من معسكر «القطاع العسكري» الذي قع في وسط وشرق مدينة الحبيلين، مركز مديريات ردفان في لحج، وأكد شهود عيان أن أفرادا من الشرطة ومسلحين استولوا على ثكنات المعسكر الذي كان مثيرا للجدل والمشكلات منذ ما بعد حرب صيف عام 1994، وقالت المصادر إن الجنود غادروا المعسكر بحماية من لجنة وساطة من المشايخ والشخصيات الاجتماعية وانتقلوا إلى معسكر آخر يقع في غربي المدينة، وقال الدكتور ناصر الخبجي، عضو مجلس النواب، قائد الحراك في ردفان إن المسلحين لن يستمروا في المعسكر وسوف يغادرونه، وأكد لـ«الشرق الأوسط» أن الوساطة أقنعت قيادة الجيش في المنطقة بإخلاء المعسكر لتهدئة الموقف بعد المواجهات التي دارت، مؤخرا، بين مسلحين وأفراد الجيش، وكان المعسكر يخضع لحصار شديد كان يفرضه المسلحون في المنطقة منذ أكثر من أسبوع، حيث منعوا من إدخال المواد الغذائية والمياه وغيرها من المتطلبات، وتؤكد مصادر محلية أن الجنود اضطروا إلى دفن زملائهم الذين سقطوا في المواجهات، داخل المعسكر.

في موضوع آخر، اعتقلت أجهزة الأمن في محافظة عدن 15 ناشطا في الحراك الجنوبي، وقالت منظمة حقوقية في عدن إن أشخاصا في زي مدني اقتحموا أحد المنازل في حي التواهي، مساء أول من أمس، وقاموا باعتقال النشطاء وضمنهم طفل، وأكدت المنظمة اليمنية للدفاع عن حقوق الإنسان والحريات الديمقراطية أن المعلومات التي لديها تفيد باحتجاز النشطاء داخل أحد سجون الاستخبارات العسكرية في منطقة فتح، وحذرت المنظمة، في بيان حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، من «المساس أو إلحاق الأذى بهم جسديا أو معنويا»، وأضافت: «لا بد أن نذكر أجهزة القمع اليمنية أن هذا الأسلوب لم ينفع الأجهزة المماثلة في مصر وتونس رغم تفوقها عن الأجهزة اليمنية من حيث التدريب والتأهيل، وعليهم أن يعتبروا»، و«إننا نرفض هذه الأساليب الرخيصة التي تهدف إلى إهانة إنسانية المواطن وتقييد حريته وإرهابه»، وطالبت المنظمات الدولية والعربية بـ«الضغط على الحكومية اليمنية وإلزامها باحترام المواثيق الدولية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي وقعت عليها الحكومة اليمنية وعكستها في قوانينها ودستورها».