توقعات بإقصاء رفسنجاني من رئاسة «مجلس الخبراء» اليوم «عقابا» على تعاطفه مع الإصلاحيين

المعارضة تتهم خامنئي بالمسؤولية المباشرة عن «اختفاء» موسوي وكروبي

TT

يوجه المعسكر المحافظ في الجمهورية الإسلامية ضربات متواصلة إلى المعسكر الإصلاحي؛ فبعد «اختفاء» زعيمي المعارضة الإصلاحية مير حسين موسوي ومهدي كروبي من دون أن يعثر لهما على أثر، بحسب مقربين منهما، يخشى آية الله علي أكبر هاشمي رفسنجاني أن يتم إقصاؤه من منصبه الحالي كرئيس لمجلس خبراء القيادة، عقابا له على تعاطفه مع المعارضة.

ويعتبر مجلس خبراء القيادة واحدا من المناصب المهمة في البلاد، فهو له صلاحية تعيين وعزل المرشد الأعلى في البلاد، ويعتقد أنه إذا تمت إزاحة رفسنجاني، الرئيس الإيراني الأسبق، عن منصبه خلال التصويت الذي سيجري داخل المجلس اليوم، فإن ذلك سيسدد ضربة قاصمة للإصلاحيين، ربما لن تكون ملموسة في المنظور القريب، إلا أنها ستؤدي في نهاية المطاف إلى أن تميل كفة الميزان لصالح المحافظين وسيعزز معسكرهم وسيجعل من المستحيل عقد مصالحة بين الإصلاحيين وبين الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، وهو الدور الذي أراد رفسنجاني أن يلعبه.

ويعد رفسنجاني واحدا من أبرز الشخصيات التي لعبت دورا بارزا في الجمهورية الإسلامية منذ قيامها عام 1979، كما أنه يعد واحدا من أشد المقربين من آية الله روح الله الخميني، وقد لعب دورا مهما خلال الحرب العراقية - الإيرانية (1980 - 1988) كما أصبح رئيسا للبلاد في فترة ما بعد الخميني (1989 - 1997). وبحسب تقرير لوكالة «رويترز»، فإن حظوظه تراجعت في الآونة الأخيرة، خصوصا بعد خسارته في الانتخابات الرئاسية لصالح أحمدي نجاد عام 2005، ثم تهم الفساد التي لاحقته؛ حتى إن أحمدي نجاد اتهمه بذلك علنا.لكن الفساد لم يكن عاملا مهما في تنحيته المتوقعة مقارنة بتعاطفه مع الإصلاحيين، ودور أسرته في ذلك أيضا، فابنته فائزة، الناشطة في حقوق المرأة، كانت قد اعتقلت خلال الاحتجاجات الأخيرة في 14 فبراير (شباط) عدة ساعات ثم أطلق سراحها، وكانت فائزة قد اتهمت بدعم الحركة الخضراء الإصلاحية التي يقودها موسوي وكروبي. كما يخشى نجله مهدي من العودة إلى البلاد، واختار البقاء في منفاه بلندن، خشية اعتقاله بزعم ارتباطه بالمظاهرات التي اندلعت في يونيو (حزيران) 2009 في أعقاب إعادة انتخاب نجاد، أما نجله الأكبر محسن، فقد اضطر لتقديم استقالته كرئيس لمصلحة مترو طهران بعد ضغوط تعرض لها من قبل حكومة أحمدي نجاد.

ويعتبر تعاطف رفسنجاني، 71 عاما، وأبنائه مع الإصلاحيين «خطا أحمر» بالنسبة لرجال الدين، الذي اعتبروا احتجاجات 2009 محاولة للإطاحة بالنظام الإسلامي في إيران بدعم من جهات أجنبية معادية. كما لم يشفع له هجومه «المفاجئ» وغير المتوقع على مظاهرات 14 فبراير (شباط) الماضي التي دعت إليها المعارضة لدعم الانتفاضتين في تونس ومصر إلا أنها سرعان ما تحولت إلى مظاهرات مناوئة للسلطات في طهران.

وكانت مصادر قد تحدثت في وقت سابق عن مخطط يقوده مصباح يزدي وأحمد جنتي رئيس مجلس صيانة الدستور، لإقصاء رفسنجاني من المعادلة السياسية الإيرانية نهائيا بعد دعمه للإصلاحيين. وكان رفسنجاني قد منع من إمامة صلاة الجمعة، إلا أنه احتفظ بمنصبه كرئيس لمجلس خبراء القيادة الذي شغله منذ عام 2007، وبحسب وثائق «ويكيليكس» المسربة، فإن رفسنجاني كان يخطط لخلافة المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، بعد تقارير تحدثت عن إصابة الأخير بالسرطان وأن أمامه مجرد أشهر معدودة فقط.

ومع ذلك، فإنه حتى لو تم عزل رفسنجاني، سيبقى محتفظا بمنصب رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام، الذي يعمل كهيئة استشارية عليا في البلاد، وليس معروفا حتى الآن إن كان سيحتفظ به لوقت طويل أم سيقصى منه قريبا أيضا. وبحسب وسائل إعلام إيرانية فإنه من المتوقع أن ينافس رفسنجاني على المنصب آية الله محمد رضا مهداوي كاني، وهو رجل دين بارز منذ عهد الخميني، الأمر الذي لقي ترحيبا من قبل خط المحافظين. ويأتي التصويت على رئاسة مجلس خبراء القيادة الذي يتم كل عامين في وقت حساس، فزعيما المعارضة ما زالا بعيدين عن الأنظار منذ أن وضعا قيد الإقامة الجبرية إثر دعوتهما لأنصارهما بالتظاهر في 14 فبراير الماضي. وتقول أسرتي موسوي وكروبي إنهما قد اعتقلا، بينما تنفي السلطات الإيرانية ذلك نفيا قاطعا.

وفي تطور لافت، اتهم الموقع الإلكتروني التابع لكروبي، رئيس البرلمان الأسبق، المرشد الأعلى بالمسؤولية المباشرة عن اختفاء الرجلين. وقال موقع «سهام نيوز» إن خامنئي أمر بـ«خطف كروبي وزوجته فاطمة»، وأضاف الموقع أن المستشار الإداري لخامنئي، وحيد حاغانيان، قد أمر قوات الأمن بمداهمة منزل كروبي ومصادرة أمتعته. ويعتقد أن عملية الاعتقال قد تمت في 26 فبراير الماضي.

ونقلت صحيفة الـ«غارديان» البريطانية عن الموقع الإلكتروني لكروبي أنه «في ليلة تنفيذ عملية الاختطاف، كان وحيد، وهو مسؤول كبير في مكتب المرشد الأعلى، موجودا في منزل كروبي وأنه كان يقود شخصيا عملية إخلاء كروبي وزوجته من منزلهما واقتيادهما إلى جهة مجهولة»، وأضاف: «نعتقد أن المرشد الأعلى نفسه مسؤول عن عملية الاختطاف، وأن وحيد قد عين من قبله لتنفيذ العملية»، مؤكدا أن حاغانيان يعتبر مستشارا لخامنئي في الشؤون الداخلية.

من جهته، قال أردشير أمير أرجومند، المتحدث باسم موسوي، إن موقف موسوي وكروبي «أسوأ من موقف السجين؛ فعندما يعتقل شخص ما، فإنك، على الأقل، تعرف من سجنه وأين هو محتجز، لكن في حالة كروبي وموسوي، فإنه لا أحد يعلن مسؤوليته ولا أحد يقر إن كانا قد اعتقلا فعلا».