البيت الأبيض يدعو مسلمي أميركا إلى التعاون في نشر ثقافة التسامح للتصدي للتطرف

قبل 4 أيام من جلسة الاستماع التي سيعقدها الكونغرس عن الراديكالية داخل المجتمع الإسلامي

TT

مع ازدياد التوترات الأخيرة بالولايات المتحدة في ما يتعلق بشأن الجدل الدائر حول الإرهاب والتطرف في المجتمع الإسلامي، يحاول البيت الأبيض وضع أسس عمل لنشر ثقافة التسامح والتعاون ورغبة أميركية عالمية تضم الجميع للتصدي للتطرف المسلح بغض النظر عن الانتماءات الدينية.

وأوفد الرئيس الأميركي باراك أوباما مستشاره للأمن القومي، دينيس ماكدونو ليلقي كلمة في المسجد الموجود بمنطقة واشنطن والمعروف بتعاونه مع المباحث الفيدرالية الأميركية ورفضه فكر «القاعدة». توقيت الكلمة كان مهما؛ إذ يأتي قبل أربعة أيام من جلسة الاستماع التي سيعقدها الكونغرس الأميركي عن الراديكالية داخل المجتمع الإسلامي في الولايات المتحدة، وأوضح مبعوث الرئيس في كلمته أمام منتدى حوار الأديان الذي يضم مسلمين ومسحيين ويهودا وديانات أخرى بكل وضوح: «نحن جميعا أميركيون».

وكانت أغلب المؤامرات والمحاولات الإرهابية ضد الولايات المتحدة الأميركية تتم عن طريق أفراد يتبنون أفكارا متطرفة عن الإسلام، مما يجعل من الصعب تجاهل الدور الذي يلعبه الدين في هذا التهديد بالذات. غير أن تركيز الكثيرين على الإسلام والدوافع الدينية وراء هذه المحاولات الإرهابية يهدد بإمكانية تهميش مجتمع كامل لا علاقة له بهذه الأفكار المتطرفة. وقال عضو ولاية نيويورك الجمهوري بيتر كينغ، رئيس لجنة الأمن القومي في الكونغرس التي تعقد جلسة الاستماع: «أعتقد أن على المسلمين أن يبذلوا مزيدا من الجهد من أجل التعاون لتنفيذ القانون وإحباط هذه المحاولات الإرهابية». وأضاف كينغ لشبكة «CNN» يوم الأحد الماضي: «لا أعتقد أن تعاون المسلمين الأميركيين الحالي يكفي لتنفيذ القانون، فقد أكد لي المسؤولون في شرطة نيويورك والمباحث الفيدرالية وغيرها أن المسلمين الأميركيين لم يصلوا بعد إلى مستوى التعاون الذي نريده».

وأخبر كينغ وكالة «أسوشييتد برس» أنه اتفق مع مستشار الرئيس للأمن القومي على أن هناك تهديدا حقيقا، وأضاف: «لا يمكننا التفريط في الأمل، ولا يمكننا التفريط في الأمن».

كان من بين من أدلوا بشهاداتهم أمام لجنة الاستماع اثنان من أقارب أفراد متشددين الذين تحولوا للإرهاب؛ فالأول هو عم برهان حسن، الصومالي الذي كان مقيما في مدينة مينابولس والذي غادر الدولة في ديسمبر (كانون الأول) من عام 2008 للانضمام لجماعة إرهابية في الصومال، وتعتقد العائلة أن حسن قتل ودفن في الصومال.

والثاني هو والد كارلوس بليدسيو، الذي ترعرع في منطقة «تن» في ممفيس وتحول للإسلام وغير اسمه إلى عبد الحكيم محمد، وتقول النيابة العامة إنه قام بقتل جندي بإحدى مناطق التجنيد في آرنكساس عام 2009.

وأكد ماكدونو أن الأميركيين المسلمين ليسوا المشكلة و«لكنهم، بالعكس، هم جزء من الحل». وأضاف: «من غير المتوقع أن يواجه أي مجتمع التحديات على هذه الدرجة من الصعوبة منفردا، ولكن يجب أن نكون متكاتفين، ويجب أن نعرف كيف يتحول أبناؤنا لإرهابيين، ولماذا ينضمون لهذه الجماعات الإرهابية؟ كيف تتطور هذه الجماعات؟ وكيف يستخدمون الأدوات والوسائل التكنولوجية الحديثة لنشر أفكارهم المتطرفة داخل مجتمعنا؟». كانت الجالية المسلمة في الولايات المتحدة الأميركية جزءا لا يتجزأ من عملية تنفيذ القانون، وهو ما ظهر بجلاء في تقديم المعلومات لرجال تطبيق القانون في العديد من المخططات التي تم الكشف عنها خلال العامين الماضيين. ففي عام 2009 ظهر المجتمع المسلم إلى الواجهة عندما أبلغوا عن خمسة رجال من شمال فيرجينيا سافروا إلى باكستان من أجل الانضمام إلى جماعة إرهابية. وقال ماكدونو إن «الوكالات المختلفة في إدارة أوباما ستسمر في العمل حتى نستطيع فهم أسباب التطرف والوصول لمزيد من التوعية للمجتمع الإسلامي في الولايات المتحدة الأميركية وحتى يتم القضاء على أشكال التطرف كافة غير المقبولة وكذلك الأفكار الخاطئة عن بعض الأميركيين المسلمين». هذا، وقد تجمع نحو 300 محتج في ساحة نيويورك تايمز للاعتراض على جلسة الاستماع هذه، منتقدين ما سموه الكراهية ضد الأجانب، وأن اتهام المسلمين بصفة عامة وليس المتطرفين فقط أمر غير عادل. وقال ستيوارت باكر، المسؤول السابق في وزارة الأمن القومي، إن «إدارة أوباما تواجه، مثل الإدارة السابقة، التحدي نفسه حول الهوية الدينية وما إذا كانت دافعا لهذه المحاولات الإرهابية، فإذا لم تكن الهوية الدينية هي الدافع وراء هذه الهجمات الإرهابية، فلماذا إذن توجد مثل هذه الهجمات؟ وإذا كانت هذه الدوافع الدينية وراء هذه الهجمات فإن ملف الهويات الدينية سيتم تصعيده بطريقة ستقلق الولايات المتحدة، فالاهتمام بهذا الأمر لم ينته مع الإدارة الجديدة، ولكنه، بالعكس، ازداد». كان من بين منتقدي كينغ عضو الكونغرس المنتخب عن ولاية مينيسوتا كيث إليسون، وأول عضو مسلم في الكونغرس: «إنه من الخطأ تحديد دين بعينه».

وقالت كيث في لقاء مع شبكة «سي إن إن» يوم الأحد: «نحن مهتمون بعرض هذا الأمر، وسنرى ما ستؤول إليه التحقيقات.. فمن الخطأ التمييز ضد الأقليات الدينية واتهام أقلية بعينها بالوقوف خلف أفعال بعينها».

ولكن كينغ ليس النائب الأول الذي يعقد جلسة استماع حول هذا الموضوع؛ فموضوع الراديكالية الإسلامية في الولايات المتحدة الأميركية كان الموضوع الأبرز الذي تم عقد العديد من جلسات الاستماع في الكونغرس حوله منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)، وكان النواب في هذه الجلسات يحاولون تجنب استخدام بعض الألفاظ عن الإسلام. ولكن بعد بضع عبارات من بيان رئيس اللجنة، بات من الواضح أن التركيز سيكون على الأفراد الذين تأثروا بالفكر الإسلامي المتطرف.

* خدمة «أسوشييتد برس» خاص بـ«الشرق الأوسط»