الأمم المتحدة تحذر طرابلس من خرق القانون الدولي.. والاتحاد الأوروبي يعتزم مد العقوبات

وزير الخارجية البريطاني: نعمل بشأن قرار دولي لحظر جوي فوق ليبيا * إيطاليا تجري اتصالات مع الثوار

ثوار يهربون بعد أن قصفت طائرات القذافي أحد مواقعهم أمس (أ.ب)
TT

طالب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بإنهاء الهجمات «العشوائية» ضد المدنيين في ليبيا وحذر طرابلس من أن أي شخص يخرق القانون الدولي سيحاكم. وعين الأمين العام للأمم المتحدة وزير الخارجية الأردني السابق عبد الإله الخطيب مبعوثا خاصا له إلى ليبيا، لمباشرة المشاورات العاجلة مع السلطات في طرابلس وفي المنطقة بشأن الوضع الإنساني المباشر. في هذه الأثناء يسعى الاتحاد الأوروبي إلى توسيع نطاق العقوبات المفروضة على ليبيا لتشمل المؤسسة الليبية للاستثمار وهي صندوق للثروة السيادية بقيمة 70 مليار دولار. وفيما أكدت لندن أمس أنها تعمل مع دول أخرى بشكل عاجل بشأن قرار لمجلس الأمن الدولي يسمح بفرض حظر جوي فوق ليبيا، أعلنت روسيا أمس معارضتها لأي تدخل أجنبي في ليبيا.

وقال المكتب الصافي للامين العام للأمم المتحدة في بيان أمس إن بان تحدث مع موسى كوسا وزير خارجية ليبيا أول من أمس وأبلغه بأنه يتعين على طرابلس «تعزيز مسؤوليتها في حماية مواطني البلد والإصغاء للطموحات المشروعة للشعب الليبي بالعيش بكرامة وسلام». واتفق بان وكوسا على أن ترسل الأمم المتحدة فورا فريقا إلى طرابلس لتقييم الوضع الإنساني في ليبيا. وقال البيان إن بان «يلاحظ أن المدنيين يتحملون العبء الأكبر من أعمال العنف ويدعو إلى وقف فوري لاستخدام الحكومة القوة بشكل غير متناسب وللهجمات العشوائية على الأهداف المدنية». ويشدد على أن «هؤلاء الذين يخرقون القانون الإنساني الدولي أو يرتكبون جرائم خطيرة لا بد من محاسبتهم». وناشد بان الحكومة الليبية وقف العمليات الحربية وحثها على الامتثال بشكل كامل لقرار العقوبات الذي أقره مجلس الأمن الدولي قبل أسبوع. ودعا هذا القرار إلى وقف أعمال العنف وفرض عقوبات من الأمم المتحدة على القذافي وعائلته والمقربين منه. وأحال أيضا القمع العنيف للمتظاهرين المناهضين للحكومة إلى المحكمة الجنائية الدولية. وقال البيان إن بان «حث السلطات في طرابلس على احترام حقوق الإنسان لكل الشعب ورفع القيود عن وسائل الإعلام».

ورحب وزير الخارجية الألماني جيدو فيسترفيله أمس بتعيين عبد الإله الخطيب مبعوثا خاصا إلى ليبيا بهدف إجراء «مشاورات عاجلة» مع السلطات في طرابلس فيما يتعلق بالوضع الإنساني هناك. ووصف فيسترفيله المبعوث الجديد بأنه سياسي محنك من المنطقة سيعطي وجها مشرقا للمهمة الإنسانية والسياسية للمجتمع الدولي في ليبيا. وقال فيسترفيله في برلين: «يتعين على المجتمع الدولي في الوقت نفسه مواصلة زيادة الضغط على القيادة الليبية.. يتعين على مجلس الأمن أن ينشغل مجددا بالوضع في ليبيا». وأكد الوزير الألماني أهمية أن يتضمن جدول أعمال الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة فرض مزيد من العقوبات الموجهة، مثل وقف تحويل أي مدفوعات إلى نظام الزعيم الليبي معمر القذافي.

وفي بروكسل قال دبلوماسيون أمس إنه من المنتظر أن توسع دول الاتحاد الأوروبي نطاق العقوبات المفروضة على ليبيا لتشمل المؤسسة الليبية للاستثمار. وقال أحد الدبلوماسيين لـ«رويترز» إن «المؤسسة الليبية للاستثمار ضمن قائمة جديدة من الكيانات الليبية التي تستهدفها العقوبات». وما لم تبد أي دولة عضو بالاتحاد الأوروبي اعتراضا بحلول منتصف نهار اليوم فستضاف المؤسسة الليبية تلقائيا إلى القائمة التي تشملها العقوبات إلى جانب عدة مؤسسات مالية أخرى. والمؤسسة الليبية للاستثمار هي صندوق للثروة السيادية بقيمة 70 مليار دولار وتمتلك حصة في نادي يوفنتوس الإيطالي لكرة القدم إلى جانب استثمارات أخرى في أوروبا.

وفي روما قال مصدر إيطالي مطلع إن بلاده لن تعارض تمديد عقوبات الاتحاد الأوروبي على ليبيا لتشمل المؤسسة الليبية للاستثمار. وترفض إيطاليا حتى الآن تجميد حصص ليبية في شركات إيطالية قائلة إن قائمة الاتحاد الأوروبي لا تشمل كيانات ليبية مثل المؤسسة الليبية للاستثمار وإن إيطاليا لن تقوم بمبادرات من جانب واحد لتجميدها.

وأعلن وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني أمس أن الحكومة الإيطالية أجرت اتصالات «سرية» مع المجلس الوطني الليبي الذي شكله الثوار في بنغازي بهدف المساعدة في التوصل إلى حل للأزمة في ليبيا. وأوضح الوزير لقناة «راي أونو» العامة «لدينا اتصالات أفضل من الآخرين» في ليبيا المستعمرة الإيطالية السابقة. وأضاف فراتيني: «نحن نعرف وزير العدل السابق الذي يرأس المجلس المؤقت في بنغازي وشبكة الدبلوماسيين الذين أعلنوا أنهم أصبحوا في خدمة الشعب وليس النظام، ويقوم بعضهم بتحرك مهم للتوصل إلى توافق ونحن نفعل ذلك أيضا، لكن بشكل سري، واعتقد أن ذلك هو أفضل حل».

من جانب آخر قال فراتيني إنه من «الصعب نسبيا» التفكير «في مشاركة طائرات إيطالية في عمليات في ليبيا، لكن انتماءنا الأوروبي الأطلسي يجعلنا نؤكد أننا نمنح قواعدنا العسكرية والدعم اللوجستي» لمثل هذه العمليات العسكرية. واعتبر وزير الخارجية الإيطالي «أن المأساة التي نشهدها بوجود حرب أهلية لا يمكن وقفها بحركة واحدة غدا دون اللجوء للحرب. لكن الحرب موضوع جدي وليس لعبة فيديو». واتخذت الانتفاضة في العديد من المدن الليبية طابع الحرب الأهلية مع سعي النظام الليبي إلى استعادة زمام الأمور من خلال شن غارات جوية على المحتجين.

وفي لندن قال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ أمس إن بريطانيا وبعض الدول الأخرى تعمل بشكل عاجل بشأن قرار لمجلس الأمن الدولي يسمح بفرض حظر جوي فوق ليبيا. وقال هيغ لأعضاء مجلس العموم البريطاني إنه توجد «تقارير موثوق بها «بأن قوات الحكومة الليبية استخدمت طائرات هليكوبتر عسكرية ضد المدنيين مع سعي المؤيدين لمعمر القذافي لقمع انتفاضة ضد حكمه الممتد منذ 41 عاما». وقال هيغ: «في مجلس الأمن الدولي.. نعمل عن كثب مع شركاء بشكل عاجل بشأن عناصر لقرار لفرض منطقة حظر جوي يوضح الحاجة لدعم إقليمي ويتضمن سببا واضحا لمثل هذا القرار وقاعدة قانونية ملائمة». أما في موسكو فقد نسبت وكالة «آر أي إيه نوفوستي» الحكومية إلى وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف قوله أمس إن موسكو تعارض أي تدخل عسكري أجنبي في ليبيا. ونقلت الوكالة عن لافروف: «لا نؤيد تدخلا أجنبيا.. ولا سيما عسكريا كوسيلة لحل الأزمة في ليبيا. على الليبيين أن يحلوا مشكلاتهم بأنفسهم».

من جانبه قال رئيس وزراء مالطا لورانس جونزي إن بلاده لن تستخدم كقاعدة عسكرية لأي تدخل عسكري في ليبيا من جانب الغرب أو حلف شمال الأطلسي (ناتو). وأضاف جونزي، في مؤتمر صحافي، أن مالطا لم تجر محادثات مع الناتو حول الاضطرابات الدائرة في ليبيا والجهود المالطية ذات الصلة هي جهود إنسانية بحتة. كما نفى التقارير التي تربط بين بلاده وحشد عسكري محتمل ضد قوات الزعيم الليبي معمر القذافي. وقال جونزي: «أيا كان من يحاول نقل هذه الرسالة فهو يفعل شرا». وأضاف أن مالطا ستواصل المساعدة في إجلاء آلاف العمال المغتربين من ليبيا المجاورة وتقديم المساعدة الإنسانية. وكانت مالطا استقبلت طائرتين مقاتلتين قادمتين من ليبيا خلال الأيام الأولى من الأزمة، حيث طلب الطياران منحهما اللجوء بعد رفضهما الامتثال لأوامر بمهاجمة المتظاهرين.