القذافي يشن هجوما دبلوماسيا.. ويوفد 3 وفود إلى القاهرة وبروكسل والبرتغال

«الوطني الانتقالي» لا يرى مشكلة في الحصول على أسلحة.. وقطر ودول أخرى عرضت المساعدة

الزعيم الليبي معمر القذافي خلال مقابلة مع محطة التلفزيون التركي «تي آر تي» في طرابلس (رويترز)
TT

يستعد الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي على ما يبدو، لحرب طويلة الأمد ضد الثوار الذين يطالبونه بالتنحي، ويسعون للإطاحة به من على رأس السلطة التي يقودها منذ 42 عاما، حيث أوفد القذافي أمس عددا من البعثات الليبية إلى عدة دول عربية وغربية، بهدف الالتفاف على الاتجاه الدولي والعربي للاعتراف بشرعية المجلس الوطني الانتقالي المناهض له، في وقت أعلنت فيه المعارضة في بنغازي أنها لا ترى «مشكلة في الحصول على أسلحة للمقاتلين، وأن قطر ودولا أخرى عرضت المساعدة». وفي غضون ذلك، وصلت إلى القاهرة بشكل مفاجئ أمس طائرة ليبية خاصة عبر الأجواء اليونانية، ضمت وفدا يضم عبد الرحمن الزاوي، رئيس هيئة الإمداد والتموين بالجيش الليبي، وعمران أبو كراع، مدير الإدارة العربية بوزارة الخارجية الليبية.

وكانت سلطات الطيران المدني في اليونان قد ذكرت أمس أن طائرة لكبار الزوار تابعة للخطوط الجوية الليبية، وخاصة بالقذافي، دخلت المجال الجوي اليوناني، جنوب غربي جزيرة كريت وظلت فيه خمس عشرة دقيقة قبل أن تتوجه إلى مصر.

ووفقا للمصادر ذاتها، فإن الطائرة، وهي من طراز «فالكون»، أقلعت من مطار طرابلس، وسرى في بداية الأمر اعتقاد بأن يكون القذافي بداخلها ولكن من غير تأكيد، ولم تستطع السلطات اليونانية منع الطائرة من دخول المجال الجوي اليوناني، لأنه لا يوجد هناك بعد حظر جوي على ليبيا.

وذكر مسؤول في مطار أثينا، أن قائد الطائرة تقدم لهيئة الطيران المدني اليوناني بخطة التحليق من دون أن يذكر من معه داخل الطائرة، موضحا أن قائد الطائرة غير مجبر في مثل تلك الحالات على ذكر من على متن الطائرة أثناء تقديم خطة التحليق، التي جاء فيها أنه أقلع من طرابلس الساعة 11:20 صباحا وأنه يتجه نحو مطار القاهرة.

وعلمت «الشرق الأوسط» أن الوفد الليبي، الذي تردد أن أحمد قذاف الدم ابن عم القذافي والمنسق العام للعلاقات المصرية - الليبية، الذي زعم مؤخرا أنه قد انشق عن القذافي، كان في استقباله - قد طلب فور وصوله إجراء لقاءات عاجلة مع المشير محمد حسين طنطاوي، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، ونبيل العربي، وزير الخارجية المصري الجديد، وعمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية.

ونفى خالد كعيم، نائب وزير الخارجية الليبي لـ«الشرق الأوسط» في اتصال هاتفي من طرابلس علمه بوصول أي مسؤول عسكري ليبي إلى القاهرة، مشيرا إلى أن الوفد الدبلوماسي الذي أرسلته طرابلس يستهدف إجراء مشاورات مع مسؤولي الجامعة العربية حول التطورات الراهنة في الأزمة الليبية.

وسئل كعيم: هل سيشارك هذا الوفد في الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب بالقاهرة يوم السبت المقبل؟ فقال إن هذا يعتمد على إجراءات الجامعة العربية، التي دعاها إلى تعديل قرارها غير المسبوق بوقف مشاركة ليبيا في اجتماعاتها الرسمية.

وأضاف «إلى حد هذه اللحظة، لم يصل أي وفد دبلوماسي ليبي إلى القاهرة، ونحن لا نخلط الأمور الدبلوماسية مع غيرها، على مسؤوليتي الوفد سيصل خلال ساعات، وسيعرف الجميع أن ما تبثه وكالات الأنباء غير دقيق، والوفد لم يصل بعد إلى القاهرة».

ولفت إلى أن الوفد مهمته الرسمية هي الاتصال بالدول العربية وفي إطار توضيح المواقف للجامعة العربية، معتبرا أن عمرو موسى، الأمين العام للجامعة العربية، بنى موقفه ضد ليبيا على تقارير وكالات الأنباء وما تبثه الفضائيات.

وأضاف: «اتخذنا مبادرة لكل المنظمات الإقليمية والدولية التي لنا عضوية فيها لمعاينة الواقع ومعرفة ما إذا كان هناك قصف جوي أم عصابات مسلحة تهاجم المدنيين والمنازل».

وانتقد كعيم مجددا تغطية مختلف القنوات الفضائية لما يجري في ليبيا، مشيرا إلى أنه فور أن استمع إلى تقرير يتحدث عن مظاهرات في تاجوراء، طلب من الإعلام الخارجي إرسال الإعلاميين إلى هناك للتحقق من عدم صحة هذه المعلومات. كما لفت إلى أن ما أشيع عن إعلان اللواء خالد أبو شحمة الانضمام إلى صفوف المناوئين للعقيد القذافي هو غير صحيح، قائلا «هذا الاسم وهمي لطفل مصاب بأحد مستشفيات طرابلس».

وقال: «تحركنا الدبلوماسي قائم على شيء واحد، هو أن ما تبثه وسائل الإعلام الأجنبية يجب التحقق منه على أرض الميدان»، لافتا إلى أن ما تقوم به بعض الدول الأوروبية يعتبر تدخلا في الشؤون الداخلية لليبيا.

وقال: «العرب يجب أن يتخذوا موقفا لإنهاء الأزمة، ويتفقوا على الحفاظ على استقرار ووحدة ليبيا، وسحب السلاح من المناوئين»، وتساءل: «لماذا لا يمتحنون قدرتنا على المسيرات السلمية، ويرون هل لديها القدرة على إحداث تغيير في ليبيا أم لا؟ إذا كانت هناك مطالب سياسية يجب أن تكون بالطرق السلمية، أما استخدام السلاح فيعني أن هناك أجندة أخرى».

وأضاف: «ليبيا أكثر دوما من أي أسماء ولا يجب أن تتحول المسألة بهذا الشكل، ومنع الحقد على ليبيا من قبل البعض».

ويسابق القذافي الوقت لمنع الجامعة العربية من الموافقة على فرض حظر طيران ضده أو الاعتراف بشرعية المجلس الوطني الانتقالي الذي يترأسه المستشار مصطفى عبد الجليل، وزير العدل السابق انطلاقا من مدينة بنغازي.

وكان المجلس قد عين في المقابل الهوني ممثلا له لدى الجامعة العربية، التي علقت رسميا مشاركة ليبيا في اجتماعاتها الرسمية على مختلف المستويات تعبيرا عن الاستياء من الطريقة التي يتعامل بها القذافي مع المظاهرات الشعبية واستخدام السلاح ضد مواطنيه.

وطلب وفد القذافي السماح له بحضور الاجتماع الطارئ الذي سيعقده وزراء الخارجية العرب في القاهرة غدا، في محاولة لمنع تكتل الدول العربية ضده أو اتخاذ قرارات عقابية يراها القذافي في غير صالح نظامه.

لكن عبد المنعم الهوني، ممثل المجلس الوطني لدى الجامعة العربية، قال في المقابل لـ«الشرق الأوسط» إنه تقدم أمس بمذكرة جديدة إلى الأمين العام للجامعة العربية يطلب فيها رفض الاجتماع مع وفد القذافي، ويؤكد مجددا أنه الممثل الشرعي للمجلس الوطني الانتقالي المناهض للقذافي.

وقال الهوني إنه سيطلب أيضا من السلطات المصرية تجاهل طلبات القذافي، مشيرا إلى أن هناك قرارا من مجلس الأمن بمنع تصدير الأسلحة بكافة أنواعها إلى ليبيا، كما أن إغلاق الحدود المصرية - الليبية غير وارد لما يشكله من خطورة على الوضع الإنساني المتفاقم أساسا في المنطقة الشرقية التي خرجت تماما عن سيطرة وقبضة القذافي.

إلى ذلك، نفى مسؤول بمطار القاهرة الدولي ما أشيع عن منع السلطات المصرية الليبيين القادمين من ليبيا إلى الدخول إلى الأراضي المصرية، مشيرا إلى أنه لا توجد أي تعليمات بمنع دخول أي راكب عربي قادم من الخارج.

لكنه لفت إلى أن هناك قوائم قديمة بمنع بعض الأسماء من دخول الأراضي المصرية لأسباب أمنية، معتبرا أن المزاعم بوجود قائمة بمنع الليبيين من الدخول مجرد إشاعة غير صحيحة، ولا أساس لها من الصحة.

إلى ذلك، قال فرانكو فراتيني، وزير خارجية إيطاليا، إن مبعوثين حكوميين ليبيين توجهوا على ما يبدو إلى بروكسل، للحوار مع مسؤولين بالاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي يعقدون اجتماعا اليوم وغدا. وقال فراتيني: «غادرت طائرتان تابعتان للنظام الليبي إلى بروكسل في ما يبدو، بغرض تمكين موفدين من القذافي من لقاء مندوبين يشاركون في اجتماعات للاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي اليوم وغدا».

وذكر متحدث باسم وزارة الخارجية الإيطالية في وقت لاحق، أن فراتيني ليست لديه معلومات محددة أو تفاصيل بشأن الرحلتين أكثر مما ورد في التقارير الإعلامية.

غير أن فراتيني قال إن الزيارات للقاهرة وبروكسل تشير إلى أن الوضع شديد الاضطراب، محذرا من القيام بأي عمل قد يكون سابقا لأوانه.

وقال: «لا أعرف ماذا سيقال في القاهرة ولا أعرف من سيلتقي من في بروكسل، لكن هذه التحركات تعتبر حقيقة يجب أن نأخذها في الاعتبار».

وفي وقت سابق، قال مسؤول مالطي إن مبعوثين للحكومة الليبية التقوا مسؤولين مالطيين في مالطا أمس ثم توجهوا إلى البرتغال. ولم يتسن على الفور الحصول على تأكيد من لشبونة للزيارة، لكن مصدرا في بروكسل قال إن الطائرة تقل عضوا معتدلا في حكومة القذافي للقاء لويس أمادو، وزير خارجية البرتغال.