الخارجية الأميركية: طهران تقترب من عتبة صنع قنبلة نووية.. لكن لم تأخذ القرار بعد

مسؤول: قادة إيران يبدون قلقا أكثر مما يظهرون من التطورات العربية

TT

نبه مسؤول أميركي رفيع أمس من أن «إيران تتجه إلى عتبة صنع قنبلة نووية». مؤكدا أن واشنطن ستواصل العمل الأحادي والدولي لمنعها من ذلك. وتحرص إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما على إبقاء الضغوط على إيران وإظهار عزمها لمنع إيران من تطوير سلاح نووي، حيث يشدد مسؤولون في الإدارة الأميركية على أن التطورات في المنطقة لم تشغلهم عن إيران.

وقال المستشار الخاص لمنع انتشار الأسلحة النووية في وزارة الخارجية روبرت أينهورن أمس إن إيران تواصل تطوير قدراتها لصنع قنبلة نووية، كي تكون قادرة على تصنيعها في حال اتخذ القرار السياسي في طهران لتطوير سلاح نووي.

وأقر أينهورن، وهو من أبرز المسؤولين الأميركيين المكلفين بمتابعة الملف الإيراني، بأن واشنطن ما زالت غير قادرة على معرفة إذا كان النظام الإيراني قد اتخذ قرار تطوير برنامج عسكري نووي، لكنه أضاف أن المؤشرات من حيث تطوير إيران المواد الانشطارية والصواريخ تشير إلى استعداد إيران لهذا الاحتمال. وأوضح أنه «من المؤكد أن إيران تحصل على كل العناصر التي تحتاجها للحصول على قدرة تطوير سلاح نووي، مثل المواد الانشطارية وأنظمة توصيل هذه الأسلحة وتطوير السلاح». وقال أينهورن: «نؤمن بأن إيران تتجه إلى عتبة قدرة (تصنيع) سلاح نووي»، في إشارة إلى نيات إيران بدلا من قدرتها الحالية. وأضاف أينهورن أن الصعوبات في تطوير تكنولوجيا تخصيب اليورانيوم في إيران تقلص من احتمال اتخاذ طهران قرار تطوير سلاح نووي، موضحا: «لقد أعطانا ذلك بعض الثقة بأنهم لن يندلعوا»، أي يعلنوا إيران دولة نووية. ولفت أينهورن إلى أنه من غير المتوقع أن تعلن إيران أنها أصبحت دولة نووية «بشكل وشيك في هذه المرحلة»، لكن إيران تسعى لأن تحصل على «حد أدنى» من القدرة على ذلك.

واعتبر أينهورن أن الاجتماع الذي عقد في إسطنبول في يناير (كانون الثاني) الماضي بين الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا وإيران لم يجلب نتيجة ملموسة. موضحا أنه «لا يوجد لدينا خيار سوى زيادة الثمن لإيران بمواصلة برنامجها النووي». وأشاد أينهورن بنظام العقوبات، الأميركية والدولية، المفروض على إيران. قائلا إنه بدأ يجلب النتائج من حيث زيادة الضغط على إيران وعزلتها. وبالإضافة إلى الصعوبات في تطوير البرنامج النووي، أشار أينهورن إلى اتخاذ شركات كبيرة مثل شركتي السيارات «تويوتا» و«مرسيدس» قرارا بعدم التعامل مع إيران. مضيفا أن «الشركات بدأت تعلم أن إيران ليست مكانا جيدا للقيام بالأعمال». وأكد أينهورن أنه لا يوجد أي نشاط لفرض عقوبات دولية جديدة على إيران من خلال مجلس الأمن، الأمر الذي تعارضه الصين وروسيا. وقال أينهورن: «يمكن تقوية طريقة تطبيق العقوبات، كما يمكن توسيع العقوبات بطرق عدة ونحن في طور فعل ذلك»، رافضا تحديد تلك الطرق. وجاءت تصريحات أينهورن في اجتماع «مؤسسة الحد من التسلح» في واشنطن، حيث حضر عدد من الخبراء في الشأن الإيراني. ولفت كيثيت كاتزمان، وهو خبير في شؤون الشرق الأوسط في «خدمة بحوث الكونغرس» إلى إجراءات محتملة تشمل «الطلب من الاتحاد الأوروبي خفض مستوى التمثيل الدبلوماسي الإيراني في الدول الأوروبية أو خفض عدد الدبلوماسيين لدى السفارات الإيرانية وسفاراتها لدى إيران بالإضافة إلى تقليص عدد المسؤولين الإيرانيين المدعوين إلى أوروبا». وأضاف كاتزمان أن الضغوط متواصلة على الشركات الدولية بعدم التعامل مع إيران، على الرغم من عدم وجود قرار دولي يمنع التجارة مع إيران. وأوضح كاتزمان أن «الناتج الإجمالي المحلي لإيران 850 مليار دولار، بينما الناتج الإجمالي المحلي للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يقارب 30 تريليون دولار، فمن الواضح أي جهة ستختارها الشركات».

وعبر المسؤول السابق عن الملف الإيراني في وزارة الخارجية جون ليمبرت عن حيرته من السياسة الأميركية تجاه إيران. وليمبرت الذي كان نائب وزير الخارجية الأميركي بين عامي 2009 و2010 كان من أبرز الأصوات الرسمية المطالبة بالحوار بين واشنطن وطهران. وقال ليمبرت: «عندما بدأ التركيز على العقوبات، أصبح من الصعب جدا الحصول على انتباه (المسؤولين الأميركيين) للمفاوضات أو أي طريق آخر». وأضاف ليمبرت أن «الصبر والمزيد من الصبر» ضروري لمعالجة الملف الإيراني. موضحا أن «الضغط بمفرده ليس كافيا، بل الكثير من الضغوط». وأشار إلى أن إيران رفضت القبول بوقف إطلاق النار خلال الحرب العراقية – الإيرانية إلى حد ما «أفلست تماما»، مضيفا «هذا ما أعنيه بالضغط الكبير».

ومن جهة أخرى، اعتبر أينهورن أنه «من المبكر جدا معرفة تداعيات ما يحدث في المنطقة على إيران» في إشارة إلى الثورات والمطالبة بإصلاحات في الدول العربية. ولكنه قال إن «قادة إيران يشعرون بقلق أكبر مما يظهرونه من المظاهرات».

من جانبه، أعلن السفير علي أصغر سلطانية، المندوب الإيراني لدى الوكالة الدولية، استعداد بلاده للعودة لمائدة الحوار متى ما أعلنت المجموعة الدولية «? زائد ?» استعدادها للتفاوض، وفقا لما سبق أن أعلنه سعيد جليلي، كبير المفاوضين الإيرانيين، بالتأكيد على حق إيران في تخصيب اليورانيوم كمبدأ وليس كشرط، مكررا الدعوة لتلك المجموعة بانتهاز الفرصة لحوار تفاوضي، وصفه بضرورة أن يكون متمدنا وليس بغرض الإملاءات والاشتراطات. في سياق مواز وردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط» بشأن خلافات بين مجموعة «5+1» بسبب نوعية وكيفية التعامل مع التجاوزات الإيرانية، مما أدى إلى تعطيل جلسة كاملة لاجتماعات مجلس أمناء الوكالة أول من أمس، لمزيد من التشاور والاتصالات، شبه المندوب الأميركي السفير غلين ديفيز مجهوداتهم بمحاولات أكثر من طاه يعملون سويا لصنع سجق جيد، على الرغم من أن لكل طباخ منهم وصفته وبهاراته، مشيرا إلى أن العمل الدبلوماسي يحتاج لعمليات معقدة تمثل تحديا كبيرا، مؤكدا اتفاقهم على ضرورة أن توسع إيران تعاونها مع الوكالة من تعاون جزئي لتعاون كامل، وعلى اتفاق المجموعة على دعم جهود الوكالة حتى تتمكن من إعاقة إيران من تحقيق أهدافها بعسكرة نشاطها النووي والحصول على أسلحة نووية، كما تؤكد معلومات حصلت عليها الوكالة الدولية للطاقة الذرية مؤخرا، رافضا الدخول في حديث مفصل عن تلك المعلومات ونوعها ومصادرها.

في سياق آخر، نفى سلطانية أن تكون الوكالة قد سلمت إيران أي وثائق أو أدلة حول ما أعلنه مدير الوكالة يوكيا أمانو مؤخرا من أن الوكالة حصلت على معلومات جديدة من مصادر متنوعة تشير إلى أبعاد عسكرية محتملة للبرنامج النووي الإيراني، مشددا على ضرورة أن تعلن الوكالة بدءا عن إغلاق الملف الخاص بشأن كل ما كالته سابقا من اتهامات لإيران حول ما عرف باسم قضية «الدراسات المزعومة»، وهي معلومات يشار إلى أنها قد استخلصت من جهاز حاسوب إيراني مسروق، يؤكد أن إيران قامت بإعداد دراسات مستفيضة بصدد إنتاج أسلحة نووية، مؤكدا أن إيران قدمت للوكالة ردودا كافية حول هذه القضية في 107 صفحات، رافضا أن تواصل الوكالة سيل الاتهامات لإيران دون توقف كلما وصلتها معلومات مفبركة من جهة من الجهات ذات الأجندة السياسية ضد إيران، حاثا الوكالة على العمل من أجل التحرر والتحقق مما وصفه بتجاوزات دول كبرى في مقدمتها أميركا.