تونس: القضاء يحل حزب بن علي.. والترخيص لـ10 أحزاب جديدة

رئيس لجنة تعنى بالتحقيق في قضايا فساد يتحدث عن تلقي فريقه تهديدات

تونسيون يحتفلون بعد إعلان القضاء حل حزب التجمع الدستوري الديمقراطي في العاصمة أمس (أ.ب)
TT

حل القضاء التونسي، أمس «التجمع الدستوري الديمقراطي»، حزب الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي بطلب من السلطات التي تفكك تدريجيا النظام السابق الذي حكم تونس 23 عاما. وجاء هذا فيما منحت السلطات الترخيص القانوني لـ10 أحزاب جديدة، وتحدث رئيس لجهة تعنى بالتحقيق في قضايا فساد عن تلقي فريقه تهديدات.

وأعلنت المحكمة الابتدائية في العاصمة التونسية أنها «قررت حل التجمع الدستوري الديمقراطي وتصفية ممتلكاته وأمواله» عن طريق وزارة المالية، مما أثار فرحا عارما في القاعة. وفور إعلان الحكم ضجت القاعة التي كانت تضم مئات الأشخاص بتصفيق حاد، بينما علت هتافات «التجمع الدستوري الديمقراطي ارحل» و«تونس حرة».

واحتاج الأمر إلى أسبوع فقط لتخليص البلاد من هذا الحزب الذي تنتشر فروعه في جميع أنحاء تونس وكان في أوج قوته يضم نحو مليوني عضو من أصل عدد سكاني إجمالي قدره عشرة ملايين نسمة.

وكان فرحات الراجحي، وزير الداخلية التونسية قد تقدم يوم 21 فبراير (شباط) الماضي بطلب إلى المحكمة الابتدائية بتونس لحل «التجمع الدستوري الديمقراطي» لمخالفته القانون الأساسي المتعلق بتنظيم الأحزاب السياسية، وذلك على خلفية الأحداث الدامية التي عرفتها عدة مناطق في البلاد مثل الكاف وسيدي بوزيد وتوجيه اتهامات لقيادات من التجمع بالوقوف وراءها.

وبدأت المحكمة الابتدائية في 2 مارس (آذار) الحالي النظر في الدعوى التي رفعتها وزارة الداخلية ضد الحزب. وفي بداية الجلسة، طالب محامي الوزارة فوزي بن مراد «بحل التجمع الدستوري الديمقراطي ومصادرة ممتلكاته داخل وخارج البلاد التي حصل عليها بنهب أموال الشعب».

ومنذ فرار بن علي في 14 يناير (كانون الثاني) الماضي، يتظاهر التونسيون باستمرار للمطالبة بحل الحزب الذي أصبح رمز الدولة الأمنية في حكم بن علي الذي استمر 23 عاما. وكان مقر الحزب في وسط العاصمة التونسية أحد الأهداف الرمزية الأولى للثورة التي أطاحت بالنظام ورئيسه. وبعد ستة أيام من سقوط النظام، أعلنت الحكومة الانتقالية برئاسة محمد الغنوشي في 20 يناير الماضي أن الدولة ستصادر «الممتلكات المنقولة وغير المنقولة» للحزب وتعلن فصل الدولة عنه. وعلقت نشاطات واجتماعات الحزب في 6 فبراير (شباط) الماضي «بهدف حماية المصلحة العليا للأمة». وأعلنت الحكومة الانتقالية التونسية حينذاك «وقف» نشاطات الحزب من أجل «الحفاظ على المصلحة العليا للأمة وتفادي أي انتهاك للقانون».

وفور إعلان نبأ حل حزب بن علي، عمت مظاهر الفرح في بهو قصر العدل في تونس العاصمة، حيث بادرت حشود متراصة إلى إنشاد النشيد الوطني. وقال المحامي عياشي حمامي في أوج الاحتفالات وهو الذي انضم إلى زملائه بالرداء الأسود للاحتفال بالحدث «إنه ورم سرطاني تم استخراجه، لكن يجب من الآن فصاعدا القيام بجلسات علاج كيميائي». وعمت الضوضاء قصر العدل، وهتف مئات الأشخاص الذين يحتفلون بالقضاء قانونيا على حزب دولة الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي بعد نحو شهرين على سقوطه بضغط من الشارع.

وقال أحد الشبان وقد لف نفسه بالعلم التونسي: «تحيا تونس الحرة. انتهى الكابوس». وقد سادت أجواء من الغبطة في المكان، حيث تبادل البعض العناق وذرف آخرون الدموع وقاموا بإبلاغ أقربائهم بالنبأ عبر الهاتف. فيما أطلقت نسوة الزغاريد.

ويعدها قامت الحشود بالتفرق في الشوارع المحيطة مطلقين العنان لأبواق سياراتهم تعبيرا عن فرحهم. وهتف المحتشدون «العدالة تحققت: إلى القمامة أيها التجمع الدستوري الديمقراطي». وأضاف حمامي «علينا البقاء متيقظين لحماية منجزات الثورة وقطع الطريق أمام أنصار التجمع الدستوري الديمقراطي الذين قد يعودون للظهور تحت مسميات أخرى».

من جهة أخرى، منحت وزارة الداخلية الترخيص القانوني لـ10 أحزاب جديدة، ضمنها حزب «المؤتمر من أجل الجمهورية» الذي يقوده المنصف المرزوقي، وحزب الوطن الذي أطلقه أحمد فريعة، آخر وزير داخلية في عهد بن علي ومحمد جغام المنتمي للتجمع الدستوري الديمقراطي. وبهذا صار العدد الإجمالي للأحزاب المرخص لها في تونس 31 حزبا بينها 22 رأت النور بعد الإطاحة بنظام بن علي، ولا يزال 22 حزبا آخر في انتظار الحصول على تراخيص قانونية.

في غضون ذلك، قال عبد الفتاح عمر، رئيس اللجنة التونسية لتقصي الحقائق حول الفساد والرشوة، إن اللجنة تواجه عراقيل كثيرة تهدف للحد من نشاطها وربما حلها نهائيا. وكانت هذه اللجنة واحدة من ثلاث لجان أعلن بن علي عن تشكيلها في آخر أيامه، لكنها لم تر النور إلا بعد رحيله عن الحكم. وقال عبد الفتاح عمر في مؤتمر صحافي العاصمة التونسية أمس، إن بين أيدي اللجنة مجموعة من الملفات الخاصة برئاسة بن علي، وهي ملفات مفيدة إلى أقصى حد، نظرا لكونها تتضمن تعليمات كتابية من بن علي نفسه، على حد قوله. وأضاف أن اللجنة «تواجه تحديات كثيرة» بسبب تشعب الملفات وتشابكها وإمكانية مسها بمصالح الكثير من الأشخاص المقربين من النظام السابق. وتابع عبد الفتاح عمر أن الأمر وصل إلى حد تهديدات تلقاها أعضاء اللجنة من قبل مجهولين.