مسيحيو «8 آذار» توافدوا إلى بكركي مودعين سيدها... ومشيدين بإنجازاته

التئام مجلس المطارنة الموارنة لانتخاب بطريرك جديد خلفا لصفير

TT

أغلق الصرح البطريركي في بكركي أبوابه اعتبارا من مساء أمس أمام قاصديه، بعد التئام أعضاء مجلس السينودس المؤلف من مطارنة أبرشيات لبنان وبلاد الانتشار لانتخاب بطريرك الموارنة السابع والسبعين، خلفا للبطريرك نصر الله بطرس صفير الذي استقال من منصبه في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

ومن المقرر أن يستبق المطارنة بدء عملية انتخاب البطريرك الجديد غدا برياضة روحية وصلوات تمتد طيلة اليوم. وتتم عملية التصويت عبر دورتين انتخابيتين يوميا، قوام كل منها جلستا انتخاب، تستمر على مدى 15 عاما تمهيدا لحصول أحد المطارنة على ثلثي أصوات زملائه المقترعين (38 مطرانا من أصل أربعين). وبينما لو لم يتم التوافق على أحد المطارنة يتم إبلاغ الكرسي الرسولي في الفاتيكان، الذي يتخذ القرار المناسب إما بترجيحه كفة مطران ما وإما باستبدال صيغة الانتخاب.

وينقطع المطارنة بمجرد انعقاد مجلسهم عما يجري خارج أسوار مقر البطريركية المارونية في بكركي وعن الاتصالات مع العالم الخارجي، وفق ما يقتضيه القانون المتبع لمنع تعرضهم لأي تأثير أو ضغط من الخارج. ويقتضي العرف المتبع بأن يتولى شخصان من عائلة الخازن الكسروانية حراسة دير بكركي الذين قاموا بتشييده، ورسا الاختيار العائلي هذه المرة على النائب الأسبق فريد هيكل الخازن والسفير السابق أمين الخازن.

ويتزامن انتخاب بطريرك جديد «لأنطاكيا وسائر المشرق» مع ظروف صعبة يعيشها المسيحيون في الشرق، وفي ظل انقسام سياسي حاد يعيشه مسيحيو لبنان الذين تحولوا بفعل حركة الهجرات إلى الخارج، إلى أقلية تدريجيا.

وكان البطريرك صفير اختتم أمس نشاطه الرسمي باستقباله عددا من الشخصيات السياسية، وفي مقدمتهم رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون، الذي وجه له في السنوات الأخيرة انتقادات شديدة اللهجة على خلفية الانقسام السياسي عامة والمسيحي خصوصا، متهما إياه بالانحياز السياسي لفريق «14 آذار». وتأتي زيارة عون هذه بعد زيارة مماثلة قام بها أول من أمس النائب سليمان فرنجية الذي هاجم بقسوة وبأسلوب جارح مرات عدة البطريرك صفير، وبعد عزوف موفدي عون (الوزيرين جبران باسيل وفادي عبود) وفرنجية (الوزير يوسف سعادة) عن المشاركة، يوم السبت الماضي في القداس التكريمي للبطريرك صفير بسبب ما اعتبروه خطأ برتوكوليا في طريقة توزيع أماكن جلوسهم.

وأوضح عون أن زيارته تأتي في إطار «شكر البطريرك على السنوات الطويلة التي قضاها في سدة البطريركية»، معتبرا أن «استمرار بكركي وما يرمز إليه لا يحتاج أحد إلى تظهيره». وآمل أن ينتخب المطارنة «بوحي الروح القدس البطريرك الجديد تحت عنوان المحبة والإيمان والرجاء»، مشددا على أن «حضورنا إلى البطريرك صفير أهم بكثير من الكلام لأن هذا ما سيسجل وهذا الواقع والعاطفة الحقيقية تظهر بعملنا والبطريرك ما زال معنا وتاريخه طويل سوء أكان من ناحية الوقت أم الإنجازات». وأكد أنه «لم يكن هناك سوء تفاهم مع البطريرك بل كان هناك وجهتا نظر ونحن نظرتنا تختلف عن نظرته ولكن هذا لا يعني وجود عداء».

ومن أبرز زوار بكركي أمس السفير الفرنسي لدى لبنان دوني بييتون، الذي سلم صفير رسالة من الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي تضمنت أسفه لاستقالته وامتنانه له على مواقفه التي تجسد الضمير الوطني وقلقه على استقلال لبنان. كما أثنى ساركوزي على تمسك البطريرك خلال سدته البطريركية بالعلاقات الطيبة مع فرنسا، ملبيا دعوتها لزيارته لها في يونيو (حزيران) 2010.