الناتو يبحث خيارات ضد القذافي.. وأميركا تريد اتصالات بالمعارضة الليبية

فرنسا تريد طلبا من المجلس الوطني الليبي ومشاركة عربية في الحظر الجوي

معارضون ليبيون يطلقون قذائف مضادة للطائرات بالقرب من مدينة راس لانوف أمس اثناء تحليق احدى الطائرات الحربية الموالية للعقيد القذافي (أ.ف.ب)
TT

أكدت وزارة الخارجية الأميركية أمس أنها تواصل الاتصالات مع معارضين ليبيين «حول العالم» وليس فقط في القاهرة. وقال ناطق باسم الوزارة لـ«الشرق الأوسط» إن الاتصالات تجرى مع معارضين ليبيين «في كل مكان، بما في ذلك في الولايات المتحدة». وبينما تحرص الإدارة الأميركية على عدم الإفصاح عن مضمون المشاورات الجارية مع المعارضة الليبية، تؤكد واشنطن أن خيار تسليح المعارضة ما زال قائما.

ولفت الناطق باسم البيت الأبيض جي كارني أمس إلى أن العقوبات الدولية التي فرضها مجلس الأمن على ليبيا والتي تشمل منع تصدير السلاح إلى ليبيا لا تعني منع تسليح المتمردين الليبيين. وقال كارني «حظر السلاح فيه مرونة لقرار تسليح المعارضة إذا تم اتخاذ هذا القرار».

وعقد البيت الأبيض اجتماعا رفيع المستوى في البيت الأبيض أمس حضرته وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون ومستشار الأمن القومي توم دونيلون وغيرهما من مسؤولين أميركيين يراقبون التطورات في المنطقة. وأوضح كارني أن هذا الاجتماع هدفه «بحث الخيارات التي قمنا بها والتي ما زالت على الطاولة، ولن يكون اجتماع قرارات أو اتخاذ قرار صلب حول إجراء معين». وردا على انتقادات حول عدم اتخاذ واشنطن بعد خيارا لفرض حظر جوي على ليبيا ومنع القوات الموالية للرئيس الليبي العقيد معمر القذافي من قصف المدنيين، قال كارني: «نحن نفهم الشعور بأهمية العجلة بناء على ما نراه في ليبيا». مضيفا: «يجب تذكر ما قمنا به حتى الآن». وأوضح: «لقد قمنا بتجميد أكثر من 30 مليار دولار من ممتلكات النظام الليبي وعملنا من خلال مجلس الأمن على عقوبات دولية، ومحاسبة أعضاء في نظام القذافي من خلال المحكمة الجنائية الدولية.. نحن نعمل على تزويد مساعدات إنسانية، ونتصل من خلال قنوات عدة مع المعارضة.. ونقوم بخطط طوارئ عسكرية، وقد وزعنا معدات عسكرية بهذا الغرض». ولكن في الوقت نفسه قال كارني إنه «لا يوجد جدول محدد» لاتخاذ قرارات حول عمليات عسكرية أو إجراءات إضافية حول ليبيا. وكرر كارني مطالبة واشنطن بتنحي القذافي، قائلا إن الرئيس الأميركي باراك أوباما «قد قال إن على معمر القذافي الرحيل والتنحي، لقد فقد الشرعية في أعين شعبه وأعين العالم».

وتنتظر واشنطن نتائج اجتماع وزراء دفاع «الناتو» في بروكسل اليوم، الذي قال كارني إنه نتج بناء على «مبادرة الرئيس (أوباما) بإجراء اجتماعات (الناتو) لبحث التطورات في ليبيا.. من المهم أن يفهم الناس القيادة الدرامية التي قام بها هذا الرئيس». وأضاف كارني أن «من المهم جدا أن أي إجراء نقوم به يكون بالتنسيق مع الشركاء الدوليين لأن هذه رسالة قوية للنظام الليبي والشعب الليبي والمنطقة». مؤكدا «نفضل أن أي إجراءات نتخذها تكون مع شركاء دوليين، لأن العمل الجماعي أقوى من أن نكون بمفردنا في حالات مثل هذه، (الناتو) والولايات المتحدة لهم حق العمل بشكل منفرد إذا ارتأينا».

وتعول واشنطن على دور أوروبي، خاصة دور بريطاني في هذه المرحلة. وأعلن البيت الأبيض مساء أول من أمس عن اتصال الرئيس الأميركي برئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون حول ليبيا. وقالت وزيرة الخارجية الأميركية في لقاء مع قناة «سكاي نيوز» البريطانية إن واشنطن تدعم «جهود» دول أخرى في التعامل مع ليبيا.

من جانبها أكدت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، أمس، أن أي إجراء ضد ليبيا، بما في ذلك فرض منطقة حظر طيران، يجب أن يكون دوليا ولا تقوده واشنطن. وقالت كلينتون، في مقابلة مع قناة «سكاي نيوز» البريطانية «أعتقد أنه من المهم للغاية ألا يكون ذلك جهدا تقوده الولايات المتحدة، لأن هذا يأتي من الشعب الليبي نفسه».

وجاءت تصريحات كلينتون بعد ساعات من مباحثات الرئيس الأميركي باراك أوباما ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، في اتصال هاتفي حول إمكانية استخدام منطقة حظر طيران. وقالت كلينتون إن الولايات المتحدة ترغب في أن «يذهب القذافي بشكل سلمي. ونريد أن نرى حكومة جديدة تأتي بشكل سلمي». وأضافت «لكن إذا لم يكن ذلك ممكنا، إذن سنعمل مع المجتمع الدولي».

جاء ذلك بينما قال مسؤولون أميركيون وأوروبيون لـ«واشنطن بوست» إن الولايات المتحدة وحلفاءها الأوروبيين يدرسون استخدام قواتهم البحرية في المتوسط لتوصيل مساعدات إنسانية ولمنع وصول شحنات أسلحة إلى نظام معمر القذافي. كما يدرسون أيضا إمكانية فرض منطقة حظر جوي حتى من دون الحصول على تفويض من الأمم المتحدة.

واعد مسؤولو حلف الناتو مجموعة من الخيارات لتقديمها إلى اجتماع سيعقد اليوم لوزراء دفاع دول الحلف في بروكسل اليوم. وحسب «واشنطن بوست» فإن الناتو وبقية المنظمات الدولية متفقة على أن أي تدخل عسكري يحتاج إلى دعم دولي، لكن مع عدم التأكد من إمكانية الحصول على تفويض من الأمم المتحدة فإنه يجري البحث عن بدائل تشمل بريطانيا وفرنسا وإيطاليا والولايات المتحدة.

وقال مسؤولون إن الدعم الدولي قد يأتي من منظمات إقليمية، مشيرين إلى أن مهاجمة الناتو لصربيا في 1999 جرت من دون تفويض من الأمم المتحدة.

وحسب هؤلاء المسؤولين فإنه إذا كان لديك الدعم من الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي والناتو أي كل بلد على مسافة تصل إلى 5 آلاف ميل من ليبيا فإن هذا يعطي التدخل درجة معينة من الشرعية.

وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون ناقشا إمكانية فرض حظر جوي على ليبيا، لكن الجانبين تمسكا بأن يتم ذلك في إطار تأييد دولي واسع.

إلى ذلك، التقى دبلوماسي أميركي كبير بعدد من معارضي القذافي في القاهرة، في إطار جهود واشنطن لفهم المعارضة الليبية التي لا تزال غامضة بالنسبة لها كما أفاد مسؤولون. وأجرى السفير الأميركي السابق لدى ليبيا جين كريتز، الذي كان في واشنطن قبل اندلاع أعمال الاحتجاج في ليبيا الشهر الماضي، وعدد من المسؤولين الأميركيين محادثات في القاهرة مع عدد من شخصيات المعارضة الليبية التي تقود الثورة والمطالبة بتنحي العقيد معمر القذافي، حسبما أعلن المتحدث باسم الوزارة فيليب كراولي.

ورفض كراولي الكشف عن هوية المحاورين من الشخصيات المعارضة، إلا أنه قال إن واشنطن على اتصال مع المعارضين داخل وخارج «المجلس الوطني المستقل» الذي شكله الثوار برئاسة وزير العدل الليبي السابق مصطفى عبد الجليل. وصرح كراولي للصحافيين «نتصل بعدد كبير من القادة، ومع من يفهمون الأحداث في ليبيا ويستطيعون التأثير عليها». وأضاف أن كريتز توجه إلى روما والقاهرة حيث أجرى الكثير من اللقاءات مع مسؤولين في الحكومتين الإيطالية والمصرية، لكن مع شخصيات المعارضة في ليبيا.

وأضاف أن المحادثات مع المعارضة في ليبيا هدفت إلى «الحصول على فهم أعمق حول ما يحدث» من دون أن يكشف مزيدا من التفاصيل. وقال إن واشنطن «ستواصل مراقبة المجلس» الذي مقره مدينة بنغازي شرق ليبيا! إلا أنه قال إنه يشك في أن تشكيله قد اكتمل. وأضاف «في نهاية المطاف ستظهر معارضة رسمية داخل ليبيا. ونحن نراقب التطورات التي تحدث هناك».

الى ذلك قالت مصادر فرنسية رئاسية إن القمة الأوروبية التي ستلتئم يوم غد الجمعة في بروكسل لن تحصر أعمالها في دراسة احتمال إقامة منطقة حظر جوي فوق ليبيا، بل تريد مناقشة كافة أوجه وتطورات الوضع في ليبيا، بما فيه الدعم السياسي للمجلس الوطني المعارض وتوفير المساعدات الإنسانية والتدابير الإضافية التي يمكن إقرارها بحق نظام العقيد القذافي لتضاف على ما نص عليه القرار 1790 الأخير لمجلس الأمن الدولي.

وتريد باريس أن تطرح مسألة وضع العائدات النفطية الليبية تحت حراسة الأمم المتحدة لمنع النظام الليبي من تسخيرها لشراء أسلحة ومعدات عسكرية ولقمع المواطنين الليبيين. وتريد باريس كذلك أن تتبنى القمة الأوروبية التي كانت فرنسا أول من دعا إلى عقدها موقف باريس التي كانت أول من عبر رسميا عن دعم المجلس المذكور. وفي هذا السياق، قالت المصادر الرئاسية إن باريس «ترحب» بالمبعوثين الليبيين اللذين تحدثا أمس إلى البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ.

ويعقد اليوم اجتماعان مهمان منفصلان في العاصمة البلجيكية؛ الأول يضم وزراء دفاع الحلف الأطلسي، والثاني وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي. وفي كلتا الحالتين، سيكون مشروع إقامة منطقة حظر الطيران موضع نقاش مستفيض.

وكشفت المصادر الرئاسية الفرنسية تصور وشروط باريس لإقامة هذه المنطقة. وقدمت فرنسا وبريطانيا تصورا لمشروع القرار الذي يمكن أن يطرح على مجلس الأمن الدولي لإقراره في حال توافرت الظروف لذلك. وقالت هذه المصادر إن هناك حاجة لـ«صيغة» يمكن أن تستجيب لكل السيناريوهات التي قد تنشأ في ليبيا. ومن الناحية العملية تريد باريس من المجلس الوطني الليبي أن يجدد مطالبته بإقامة منطقة الحظر، كما تطالب الجامعة العربية بأن يصدر عنها بيان بهذا المعنى، علما بأن أمين عام الجامعة قال كلاما شبيها لكنه لم يتحدث باسم كل أعضاء الجامعة.

ومن ناحية أخرى، ترغب باريس ومعها بالطبع بلدان الاتحاد الأوروبي، في أن تشارك بلدان عربية في إقامة مثل هذه المنطقة إذا أقرت في مجلس الأمن الدولي ولو كانت هذه المشاركة رمزية. ونوهت باريس بالدعوة التي صدرت بالإجماع عن مجلس التعاون الخليجي.