مصادر: القذافي طلب من 100 قيادي تولي نجله سيف الإسلام «الحكم» قبل أيام من انفجار الثورة

مشاركون في الاجتماع قالوا لـ«الشرق الأوسط» إن العقيد لم يستمع لتحذيراتهم وتسبب في إثارة غضبهم

TT

كشفت مصادر ليبية شاركت في اجتماع عقده العقيد الليبي، معمر القذافي، قبل أيام من انفجار ثورة 17 فبراير الليبية، التي ما زالت مستعرة حتى الآن، عن أن القذافي تحدث معهم صراحة عن رغبته في تولي نجله سيف الإسلام منصبا تنفيذيا، «لا تكون له فترة زمنية محددة»، وأن المجتمعين فهموا من حديث القذافي أنه لا وجود لمثل هذا المنصب في ليبيا، إلا في منصب واحد هو «رئيس البلاد»، وقالت هذه المصادر لـ«الشرق الأوسط» أيضا إن العقيد الليبي لم يستمع لتحذيرات المشاركين الذين كانوا يمثلون عدة قطاعات تنفيذية وشعبية في عموم ليبيا، عن تدهور أحوال البلاد في كافة المجالات، مما تسبب في إثارة غضبهم.

وقال منصور عطية الحزوزي، العضو القيادي في مؤتمر الشعب العام (البرلمان) الليبي لـ«الشرق الأوسط» إن القذافي عقد اجتماعا سريا مع عدد من القيادات التنفيذية والشعبية في ليبيا عقب ثورة مصر التي أطاحت بحكم الرئيس حسني مبارك.

وأضاف أن الاجتماع عقد في خيمته بمقر القذافي في طرابلس، وأن عدد المشاركين فيه كانوا نحو مائة. وتابع قائلا إن هذا الاجتماع لم يكن مذاعا أو متاحا لوسائل الإعلام.

وقال الحزوزي إن الهدف من الاجتماع، حسب دعوة القذافي، هو الاستماع من الناس لأوضاع ليبيا، بعد أن كانت هناك دعوة داخل البلاد للخروج في مظاهرات احتجاجية ضد حكمه. وأضاف: أخبرنا القذافي في الاجتماع، الذي كان الأخير من نوعه، بالمشكلات والأوضاع السيئة التي يعاني منها المواطنون في ليبيا، لكن بدا عليه أنه لم يتأثر، «لاعتقاده أن الشعب الليبي كالقطيع الذي لا يمكن أن يثور عليه».

وتابع الحزوزي أن القذافي لم يبد عليه أي استجابة لمطالب المجتمعين، الذين تحدثوا عن المستوى المتدني في خدمات الصحة والتعليم. وأضاف أن القذافي بعد أن استمع إلى المجتمعين، أخذ الكلمة، و«ظل يحكي كلاما مبهما عن الثورة التي قام بها عام 1969»، وقال الحزوزي: «لم تكن هناك رغبة لدى غالبية المجتمعين مع القذافي في الاستماع إليه. ونقول في دواخلنا: لدينا مشكلات كثيرة. غالبية الليبيين جائعون في بطونهم وفي أفكارهم، وفي حاجة لنهضة اقتصادية وثقافية جديدة، بينما هو (القذافي) يقول لنا إنه قام منذ 42 عاما بثورة. كان هذا يحدث بينما الناس في الشارع يعلمون أن النظام أصبح متعفنا، وأن الشعب لا يريد غير إزاحته بالكامل».

وأشار إلى أن القذافي حرض المجتمعين، خلال الاجتماع ضد الثورتين اللتين كانتا في تونس ومصر، وقال إن الثورات في الدول المجاورة لليبيا قامت بسبب الحاجة إلى المال، وأن هذا يجعل هناك مسؤولية على ليبيا في التصدي لأي محاولة لحدوث انتفاضة مماثلة. وقال الحزوزي إن القذافي حذر من زحف ثورة تونس ومصر على ليبيا، وقال: «من الممكن أن يزحفوا عليكم وأن يسرقوا أموالكم ويملأون رؤوس أبنائكم بالأفكار الهدامة».

وقال مصدر آخر شارك في الاجتماع إن بعض المجتمعين تحدثوا للقذافي علانية لأول مرة عن تردي أحوال البلاد، وإن ذلك بإمكانه أن يؤدي إلى وقوع قلاقل كتلك التي وقعت في تونس ومصر، وإن من بين ما تناولوه في الاجتماع ما يتردد عن الحظوة التي يتمتع بها أبناء كبار المسؤولين في الدولة، من خلال امتلاك الأراضي، واحتكار الشركات والتوكيلات التجارية المحلية والأجنبية.

وأضاف أن القذافي أجاب المجتمعين بقوله إن الضباط الأحرار عندما قاموا بالثورة معه عام 1969 كانوا صغارا، وأنهم في الوقت الحالي أصبح لديهم أبناء كبار، وتابع أن القذافي قال أيضا بطريقة لم يتوقعها أي من المجتمعين أن «بعض ضباط ثورة 1969 تركوا أبناءهم بالفعل لجلب شركات من الخارج، وأنه (القذافي) قال لرفاقه من ضباط ثورته: لماذا تفعلون هذا؟ فأجابه الضباط (حسب الرواية المنقولة عن القذافي) بأن هؤلاء أولادهم ولا يستطيعون منعهم من العمل».

وتابع المصدر قائلا إن القذافي أضاف أنه هو أيضا لديه أولاد يرغبون دائما في خدمة وطنهم، وأنه قال للمجتمعين: «أنا أشوف إن أحسن واحد فيهم هو سيف الإسلام.. وتخلوه في منصب لا يكون له فترة زمنية».

وشدد المصدر بقوله إن ما بقي في ذهن المجتمعين مع القذافي في ذلك الاجتماع كان يتلخص في أنه لا وجود لمثل هذا المنصب إلا في منصب واحد هو «رئيس ليبيا»، مشيرا إلى أن هذا الأمر «خلق بلبلة في أوساط المسؤولين بعد أن تأكد لهم أن موضوع توريث الحكم لنجل القذافي أصبح أمرا لا مناص منه».