رسامون ليبيون يؤرخون لمعارك الثورة على الجدران والخشب والقماش

عكسوا بالفرشاة والأقلام والورق طموحات الشعب في نظام جديد

TT

آلاف الرسومات انتشرت على الجدران في عموم المدن الليبية، تدعو لإنهاء حكم العقيد الليبي معمر القذافي. وتحولت غالبية ميادين المدن إلى معارض مفتوحة للفنون التشكيلية تندد بالعمليات العسكرية التي يشنها نظام القذافي ضد الثوار المطالبين بإنهاء حكمه المستمر منذ نحو 42 عاما.

وتحمل الرسوم المتنوعة، سواء على الجدران الإسمنتية أو على ألواح الخشب أو القماش، تطورات الثورة التي بدأت كاحتجاجات سلمية في عموم ليبيا يوم السابع عشر من الشهر الماضي، إلى أن تحولت إلى مواجهات مسلحة، بعد أن استخدم القذافي ترسانته العسكرية في ضرب المتظاهرين والمدن التي يوجدون فيها، كما يقول حمدي عبد الرازق بمدينة شحات، البالغ من العمر 19 سنة.

وفي مقر فرعي سابق لمخابرات القذافي في مدينة طبرق، رفع علي عبد العالي، البالغ من العمر 17 سنة، لوحة من الورق المقوى رسم عليها بأقلام الفحم وجه غاضب للقذافي على جسد ديناصور أسطوري ينفخ النار على مدينة الزاوية الواقعة غرب طرابلس وتشهد منذ أيام هجمات بالطيران والدبابات من قوات القذافي لإخضاعها لسلطاته بعد أن أعلنت تمردها على حكمه وانضمامها للثوار.

ورغم أن الفن التشكيلي لم يحظ باهتمام يذكر في حكم القذافي، فإنه وللوهلة الأولى يمكن أن تعتقد أن الليبيين تحولوا بين عشية وضحاها إلى فنانين محترفين قادرين على تطـــــويع الفرشــــــاة والألوان والخامات المتنوعة لصناعة يوميات الثورة التي سقط فيها حتى الآن آلاف القتلى والجرحى.

في الساحة الرئيسية في مدينة طبرق، وعلى جدران مبنى اللجنة الأمنية التي كانت تابعة لحكمه، تجد رسوما كاريكاتورية للقذافي وهو في ملابس أفريقية، تحمل سخرية من لقبه «ملك ملوك أفريقيا» الذي أضفاه على نفسه بطريقة ما في السنوات الأخيرة. وفي غرفة نصف محترقة بفعل المواجهات العنيفة التي جرت بين المواطنين وقوات القذافي، تطل على ميدان الشهداء، يجلس خمسة من الشبان وهم يرسمون على لوح خشبي كبير العقيد الليبي على هيئة دبابة كبيرة تمشي فوق الجثث.

أما في بنغازي، التي تعد أكبر المدن الليبية بعد العاصمة طرابلس، والتي يسيطر عليها الثوار تماما، فتوجد عدة غرف متلاصقة في الطابقين الثاني والثالث من مبنى مجمع المحاكم الذي يطل على شاطئ البحر بالمدينة، وكل غرفة تغص بالرسامين الذين يخطون بكل شيء وعلى أي شيء عشرات الرسومات التي يحملها زملاء لهم لتوزيعها على ألوف المتجمهرين في ساحة التحرير، وفي الشوارع المجاورة لها.

ويقف صالح مختار صالح، البالغ من العمر 23 عاما، مع أصدقائه من خريجي الجامعات الليبية في واحدة من تلك الغرف وسط مزيج من الألوان واللوحات. يقول صالح «أنا خريج كلية الهندسة، لكن الرسم هوايتي من صغري. نحاول أن نسجل يوميات الثورة الليبية منذ بدايتها حتى الآن، حيث يقوم القذافي بمجازر ضد أهلنا في الزاوية ومصراتة». وأضاف صالح «نطالب بدعم من الفنانين والرسامين والنحاتين في الدول العربية لكي يشاركوا في نحت مجسمات وتصميمات للمعارك وللشهداء الذين سقطوا وهم يطالبون بالحرية، وللشهداء الذين سقطوا في سجن أبو سليم، وفي معارك طرابلس والزاوية ورأس لانوف وغيرها»، مختتما بأن ما يقوم برسمه هو ورفاقه يتم توزيعه على المتظاهرين في الشوارع، وعلى وسائل الإعلام الليبية والعربية والأجنبية.