المجلس العسكري يقرر الإفراج عن عبود الزمر ضمن 60 سجينا يقضون عقوبات مغلظة

بعد 30 عاما قضاها في السجن في قضية اغتيال السادات

عبود الزمر (أ.ب)
TT

أصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة، مساء أمس (الخميس)، قرارا بالإفراج عن عبود الزمر وابن عمه طارق الزمر، أبرز المتهمين بالمشاركة في اغتيال الرئيس المصري الراحل أنور السادات، اللذين كانا يقضيان عقوبة مشددة بالسجن، إثر إدانتهما بأحكام صادرة من المحكمة العسكرية العليا، ومن محكمة جنايات أمن الدولة العليا «طوارئ».

حيث بلغت نسبة الأحكام الصادرة ضد عبود الزمر 65 عاما، في ضوء حكمين بالسجن المؤبد مرتين 50 عاما إلى جانب 15 عاما أخرى.. بينما بلغت العقوبة في حق شقيقه طارق 47 عاما، من بينها السجن المؤبد 25 عاما، إلى جانب السجن المشدد 22 عاما أخرى.

وجاء الإفراج عن عبود وطارق الزمر في ضوء قرار من المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي يحكم البلاد منذ تخلي الرئيس السابق حسني مبارك، بالعفو عن باقي العقوبات السالبة للحرية المحكوم بها على المسجونين الذين أمضوا نصف مدة العقوبة المحكوم بها عليهم، والبالغ عددهم 60 شخصا.

كما شمل القرار المحكوم عليهم بالسجن المؤبد إذا كانت المدة المنفذة من العقوبة 15 عاما ميلادية، على أن يوضع المفرج عنهم تحت مراقبة الشرطة مدة 5 سنوات، كما تضمن القرار الإفراج عن المحكوم عليهم بعقوبات سالبة للحرية متى قام بتنفيذ نصف المدة المقضي بها ضده، وبشرط ألا تقل مدة التنفيذ عن 6 أشهر.

وكانت «الشرق الأوسط» هي أول من أبلغ السيدة أم الهيثم، زوجة عبود الزمر، وشقيقة طارق، بقرار الإفراج عنهما، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «المجلس الأعلى للقوات المسلحة قالوا إننا سنسمع خبرا جيدا يوم الخميس، لكن أحدا لم يبلغنا بالقرار حتى الآن».

وأشارت إلى أن عبود كان قد تعرض لإصابة بشظية في يده خلال أعمال شغب بسجن دمنهور الأسبوع الماضي، ونُقل بعد ذلك إلى سجن المزرعة بطرة، وقالت: «زرته بعدما نقل إلى طرة وكان في حالة جيدة هو وشقيقي طارق».

وقال نزار غراب، محامي عبود الزمر لـ«الشرق الأوسط»: «لم يبلغنا أحد بالقرار، حتى مساء الخميس، كما أن السجن الموجود به عبود لم يبلغ بالقرار بعد، وننتظر التنفيذ في أي وقت». ويعد عبود الزمر (64 عاما)، أقدم سجين سياسي في مصر، وربما في العالم، إذ إنه اعتقل عام 1981 على خلفية قضية اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات في عرض عسكري، وكان الزمر أحد مخططي الاغتيال.

ولد عبود الزمر في قرية ناهيا بمحافظة الجيزة عام 1947، والتحق بالكلية الحربية عام 1965، وتخرج منها في الدفعة 51 عام 1967، والتحق بشعبة الاستطلاع بجهاز المخابرات الحربية، وهو برتبة ملازم أول، وشارك في حربي الاستنزاف وأكتوبر (تشرين الأول) 1973 التي رُقي بعدها استثنائيا إلى رتبة النقيب، وحصل على الكثير من الدورات المتخصصة، منها فرقة الصاعقة وفرقة المظلات وفرقة رؤساء استطلاع اللواءات وفرقة استطلاع الفرق، وفي عام 1978 حصل عبود الزمر على درع القوات المسلحة، والمركز الأول في تدريبات الجيش المصري، وشهادة تقدير من إدارة المخابرات الحربية والاستطلاع، وكان وقتها برتبة رائد.

وجاء عام 1979 ليشهد اتجاه عبود إلى طريق الحركة الإسلامية، واتبع لفترة الشيخ إبراهيم عزت زعيم جماعة التبليغ والدعوة في مصر، الذي كان يميل للتصوف الصافي من حيث الاهتمام بتهذيب النفس وتقويم السلوك ليصبح الإنسان مستقيما على تعاليم الإسلام، بعيدا عن الاهتمام بشؤون السياسة والمجتمع ومشاغلهما، إلا أن الزمر سرعان ما بحث عن حل إسلامي للمشكلات العامة التي تمر بها مصر في ذلك الوقت.

وبدأت فكرة الانقلاب العسكري على نظام السادات تتكون في ذهن الزمر، وبالتزامن مع ذلك عرفه ابن عمه وشقيق زوجته ورفيق سجنه (طارق الزمر) عام 1980 على المهندس محمد عبد السلام فرج، أحد أبرز مؤسسي تنظيم الجهاد حينئذ، ليصبح عبود أحد قادة تنظيم الجهاد الذي كان محمد عبد السلام بصدد تأسيسه في ذلك الوقت، متفرعا في ذلك عن تنظيم الجهاد الأصلي الذي تم حله عام 1979.

وعُرف عن عبود الزمر في تنظيم الجهاد أنه رجل المواءمات والحلول الوسط إزاء زملائه، حتى لو كان ذلك على حساب رأيه الشخصي وعقب اعتقالات سبتمبر (أيلول) 1981، التي طالت عددا من رموز المعارضة من كل الطوائف، ومن بينها التيار الإسلامي، قرر عبد السلام فرج أن يشن التنظيم هجمات مسلحة ضد نظام السادات، إلا أن الزمر رفض الفكرة مستندا إلى أن التنظيم لم يكتمل بعد، قبل أن يغير رأيه إلى الموافقة على القيام بعمليات محدودة.

وعندما عرض الملازم أول، خالد الإسلامبولي، على عبد السلام فرج فكرة اغتيال السادات خلال العرض العسكري يوم 6 أكتوبر 1981، رفض الزمر الفكرة، وعندما هدد الإسلامبولي بأنه سينفذ العملية بمفرده وافق الزمر، وقبض عليه بعد اغتيال السادات بعدة أيام حاول خلالها تنفيذ عدة عمليات مسلحة، فشلت أغلبها.

وحكم على عبود الزمر بالسجن المؤبد (25 عاما) بالإضافة إلى 15 عاما أخرى، وكان الضابط الأرفع رتبة في مجموعة الـ24 شخصا الذين تمت محاكمتهم بتهمة اغتيال السادات، وكان وقتها برتبة المقدم.

وخلال فترة سجنه، لم يغب عبود الزمر عن العمل التنظيمي، إذ أسس جبهة تضم تنظيم الدكتور أيمن الظواهري، وتنظيم سالم رحال، وتنظيم الجماعة الإسلامية، بالإضافة لتنظيم محمد عبد السلام فرج بقيادة عبود نفسه، وضمت هذه الجبهة كل المجموعات الجهادية في السجن، إلا أنها تعرضت لخلافات كثيرة حتى انهارت تماما عام 1983، وأسس عبود بعدها جبهة جهادية أضيق لم تضم الجماعة الإسلامية ولا تنظيم الظواهري، وتصدعت هي الأخرى عام 1985، ونجح عبود بعدها في توحيد تنظيم الجهاد التابع له مع مثيله التابع لأيمن الظواهري عام 1989.

وفي عام 1991 انضم عبود وطارق الزمر إلى تنظيم الجماعة الإسلامية، مخالفين بذلك خط تنظيم الجهاد، وأصبح عبود عضوا في مجلس شورى الجماعة الإسلامية، وأصبح طارق عضوا في لجنتها السياسية.

وفي عام 1997 انضم عبود الزمر لمبادرة وقف العنف التي أطلقها كرم زهدي، ونجح عبود في إقناع الكثيرين من قيادات الجماعة الإسلامية بالانضمام للمبادرة.

وعلى الرغم من تلك الخطوة، فإن السلطات المصرية لم تقتنع بالإفراج عن عبود الزمر الذي أنهى مدة عقوبته عام 2001 كما تقول أسرته، إلا أن الأجهزة الأمنية أصرت على أنه لم يكمل مدة العقوبة التي تبلغ 40 عاما.

وأعلن الزمر رغبته في خوض انتخابات الرئاسة المصرية عام 2005 من محبسه، إلا أن طلبه لم يُقبل، كما حاول الترشح لانتخابات مجلس الشعب في العام ذاته إلا أن طلبه أيضا قوبل بالرفض، وفي الانتخابات البرلمانية الأخيرة عام 2010 أعلنت زوجته وابنة عمه (أم الهيثم)، التي تزوجها عام 1977، وظلت في انتظاره 30 عاما قضاها في السجن، رغبتها في الترشح للانتخابات، إلا أن زوجها رفض.