الجيش يخلي ميدان التحرير.. وانتشار مكثف للشرطة في الشوارع

مليونية جديدة اليوم للوحدة الوطنية بين المسلمين والمسيحيين.. وللمطالبة بحل جهاز أمن الدولة

آلاف الأقباط المصريين خلال مظاهرة خارج مبنى التلفزيون المصري في وسط القاهرة أمس (أ.ف.ب)
TT

ظهر ميدان التحرير أمس من دون مظاهرات بعد اعتصامات استمرت به لنحو 10 أيام، وأخذ يستعيد صورته بعد أن جمله وزينه شباب الثورة، وأخلى الجيش المصري الميدان الليلة قبل الماضية من المتظاهرين وأزال الخيام التي نصبوها للمبيت فيها في الحديقة المستديرة التي تتوسط الميدان، واعتقلت القوات المسلحة نحو 150 منهم، بعدما وقعت اشتباكات بين المتظاهرين وعدد من البلطجية في الميدان أسفرت عن عشرات المصابين. يأتي ذلك فيما انطلقت دعوات لتنظيم مظاهرة مليونية بعد صلاة الجمعة اليوم في ميدان التحرير لدعم الوحدة الوطنية بين المسلمين والمسيحيين في مصر، وللمطالبة بحل جهاز أمن الدولة.

وتدخل الجيش الليلة قبل الماضية لفض الاعتصام الذي نظمه متظاهرون في ميدان التحرير وأزالوا الخيام التي نصبوها واعتقلوا 150 من مثيري الشغب، وذلك بعدما وقعت اشتباكات بين المعتصمين ومجموعات من البلطجية، أسفرت عن سقوط مصابين، بالإضافة إلى عدة حوادث تحرش بالنساء الموجودات في الميدان، قبل أن يحسم الجيش الأمر.

وأعادت الشرطة المصرية انتشارها في ميدان التحرير لأول مرة منذ انسحابها منه يوم «جمعة الغضب» 28 يناير (كانون الثاني) الماضي، حيث كان محمود وجدي وزير الداخلية السابق قد أمر الشرطة بتجنب الانتشار في ميدان التحرير لعدم استفزاز المتظاهرين، إلا أن حكومة تصريف الأعمال في أول اجتماعاتها أول من أمس، قررت الإسراع بعودة قوات الشرطة إلى مواقعها في أسرع وقت، حتى يعود الأمن والانضباط إلى الشارع المصري الذي يشهد موجة انفلات أمني غير مسبوقة.

وظهر رجال الشرطة في الميدان يحملون أسلحة آلية إلى جوار رجال الشرطة العسكرية الموجودين في الميدان منذ فترة، وقال مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط»: «صدرت لنا أوامر بالانتشار في ميدان التحرير لضبط الشارع بالتعاون مع القوات المسلحة ونأمل من المواطنين أن يعاونونا في أداء مهمتنا».

وشهدت شوارع القاهرة والجيزة انتشارا أمنيا ملحوظا، كان غائبا على مدى الأيام الماضية، حيث انتشر رجال الشرطة بكثرة في الشوارع، يحملون أسلحتهم، ويجوبون الشوارع في دوريات أمنية، وظهرت مجموعة من الضباط ذوي الرتب الكبيرة في الميادين والشوارع الرئيسية.

وكان رجال الشرطة منذ انسحابهم من مواقعهم يوم 28 يناير الماضي، ينتشرون على استحياء في بعض المناطق ومن دون سلاح، ويختفون من الشوارع بمجرد غروب الشمس.

من جانبه، وعد منصور العيسوي وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال بالكف عن مراقبة الخطوط الهاتفية الخاصة من دون إذن قضائي، وقال عيسوي في تصريحات له «إن عصر مراقبة التليفونات الشخصية انتهى، ولن تكون هناك مراقبة للتليفونات من دون إذن من النيابة العامة ومن خلال القانون». وفيما نفى العيسوي حل جهاز مباحث أمن الدولة، وهو المطلب الرئيسي للمتظاهرين في الأيام الأخيرة، أكد أن دور الجهاز سيقتصر على مكافحة الإرهاب والجرائم السياسية مثل جرائم التجسس.

من جهة أخرى، واصل آلاف المسيحيين أمس اعتصامهم لليوم السادس على التوالي أمام مبنى التلفزيون الحكومي بمنطقة ماسبيرو المجاورة لميدان التحرير، احتجاجا على حرق كنيسة الشهيدين بقرية صول التابعة لمركز أطفيح بمحافظة حلوان.

ولم تفلح الجهود المتواصلة التي قام بها رجال دين وعدد من الشخصيات العامة الذين زاروا قرية صول في صرف المتظاهرين، الذين وصلتهم أمس إمدادات غذائية من عدة جهات مسيحية، حيث نصب المسيحيون خياما على الرصيف المواجه لمبنى التلفزيون للمبيت بها، مطالبين بالبدء فورا في بناء الكنيسة في نفس موقعها، وإعادة بناء مبنى الخدمات المجاور لها، وتشكيل لجنة تقصي حقائق للتحقيق في الحادث ومحاسبة المتسببين عنه جنائيا.

وشيعت أمس جنازة 9 من الضحايا المسيحيين الذين قتلوا في اشتباكات طائفية وقعت بمناطق السيدة عائشة والقلعة والمقطم جنوب القاهرة أول من أمس، وخلفت 13 قتيلا و110 مصابين من الجانبين.

وشهد دير الأنبا سمعان الخراز بالمقطم زحاما شديدا من الصباح الباكر، وبدأ القداس الجنائزي في الساعة العاشرة صباحا، وترأسه الأنبا بنيامين أسقف المنوفية نائبا عن البابا شنودة الثالث بابا المسيحيين الأرثوذكس بمصر، وبحضور كبار الأساقفة وأهالي الضحايا وآلاف المسيحيين، كما حضر القداس عدد من قادة القوات المسلحة الذين قدموا التعازي لأسر الضحايا ورجال الكنيسة.

وقالت مصادر كنسية لـ«الشرق الأوسط»: «إن البابا شنودة تحدث إلى كبار معاونيه وطلب منهم تهدئة الشعب المسيحي في ظل الأحداث الأخيرة»، مشيرة إلى أن البابا شنودة سيعود بعد غد (الأحد) إلى القاهرة، بعد رحلة علاجية بأميركا أجرى خلالها فحوصات طبية دورية. من جانبه، أعرب عمرو موسى أمين عام جامعة الدول العربية، عن صدمته إزاء الأحداث الدامية بين المسلمين والمسيحيين التي شهدتها مصر خلال الأيام الأخيرة، متهما جهات خفية (لم يسمها) بمحاولة إثارة الفوضى، لإجهاض الثورة وإعاقة مسيرة الديمقراطية.

وأعرب موسى، الذي أعلن نيته الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، في بيان له أمس، عن صدمته لعودة الأحداث الدموية التي يعاني منها المصريون، مسلمين ومسيحيين، معتبرا أن تلك الأحداث الطائفية تجافي روح ثورة «25 يناير» التي جمعت بين أبناء الأمة جميعا فوقفوا صفا واحدا لإسقاط الديكتاتورية وإعادة بناء البلاد، وترحم على أرواح شهداء الثورة ومن قضوا في أحداث المقطم ومنشية ناصر. وطالب بعودة الأمن وإعادة تمركز الشرطة لحماية الناس وبالمحاسبة السريعة لمرتكبي جرائم الاعتداء على المجتمع ومؤسساته وعلى رأسها دور العبادة.

يأتي ذلك في الوقت الذي تعددت فيه الدعوات لمظاهرة مليونية اليوم بميدان التحرير، فبينما دعا البعض إلى مليونية الوحدة الوطنية تحت شعار «مصر واحدة بلدنا.. كلنا إيد واحدة ضد الفتنة»، دعا آخرون إلى مليونية للمطالبة بوضع دستور جديد ورفض التعديلات الدستورية المقترحة والمقرر الاستفتاء عليها يوم 19 مارس (آذار) الحالي، وطالب فريق ثالث بمليونية لحل جهاز أمن الدولة ومحاكمة ضباطه.