البحرين: اشتباكات بين السنة والشيعة في مدرستي بنات

المعارضة تدعو لإلغاء مسيرة مقررة للديوان الملكي

طالبة بحرينية تبكي بينما يحاول والدها تهدئتها إثر صدامات اندلعت بين الطالبات في إحدى المدارس غرب العاصمة المنامة أمس (أ.ب)
TT

شهدت البحرين أمس حادثا جديدا أظهر إفرازات الطائفية بين مواطنيها، السنة والشيعة، بعد أن اندلعت اشتباكات طائفية في مدرسة بنات متوسطة، وأخرى ثانوية، بين طالبات معارضات للنظام وأخريات مؤيدات.

وعلى الرغم من التشدد الذي تبديه وزارة التربية والتعليم البحرينية في شأن مثل هذه الفعاليات السياسية داخل المنشآت التعليمية، فإن عددا من مدارس البنين والبنات، لا تزال تشهد مسيرات واعتصامات من قبل الطلاب والطالبات، وهو ما يضاعف من التوتر بين طلاب وطالبات المدارس.

ونأت الجمعيات السياسية البحرينية المعارضة، وأبرزها جمعية الوفاق الوطني الإسلامية، عن دورها في إقحام التلاميذ في عملية التظاهر، بينما يرمي آخرون لأهمية حشد الطلاب والطالبات مع ناشطين فاعلين في جمعية المعلمين البحرينية، التي تساند بقوة موجة الاحتجاجات الجارية حاليا في البلاد.

وتظهر هذه الحوادث بين الحين والآخر، ارتفاع منسوب التوتر بين سنة وشيعة البحرين، وهو ما لم يكن ملحوظا قبل الأحداث التي انطلقت في منتصف الشهر الماضي.

ووقع أول اشتباك في البحرين بين السكان السنة والشيعة الأسبوع الماضي، عندما اشتبك مائة من السكان على الأقل بالهراوات في مدينة حمد، وهي منطقة يقطنها خليط من السنة والشيعة.

ولم يتضح بعد سبب اندلاع تلك الاشتباكات التي استمرت ساعتين قبل أن تتمكن الشرطة وسياسيون من السيطرة على الوضع.

وتعقيبا على حوادث أمس، قالت وزارة التربية والتعليم البحرينية، في بيان، إن عددا من المدارس شهدت خروج عدد من الطلبة في مسيرات ترفع شعارات سياسية، «حيث عمد بعضهم إلى عدم الدخول للمدارس بعد الإجراءات التي اتخذتها الوزارة بإغلاق البوابات ومنعهم من المغادرة قبل نهاية اليوم الدراسي وذلك حفاظا على سلامتهم، وبدأوا في تسيير مسيرات تجمعت أمام بوابة الوزارة وشارك فيها الطلبة وعدد من الأفراد الذين جيء بهم بوسائل نقل جماعية من مناطق مختلفة، وذلك تمهيدا للاعتصام الذي دعت إليه جمعية المعلمين بعد الدوام الرسمي».

وتقول الوزارة إنه تم الزج بالطلبة من مختلف الأعمار، بمن في ذلك عدد كبير من طلبة المرحلة الابتدائية في هذا الاعتصام.

وشهدت مدرسة يثرب الإعدادية للبنات في منطقة مدينة حمد، التي يقطنها خليط من الشيعة والسنة، بعض الاضطراب بين الطالبات، وأرجعت وزارة التربية والتعليم المواجهات هذه إلى أنها «نتيجة خروج ما يقارب من 30 طالبة من الصفوف الدراسية للتجمع في ساحة المدرسة وترديد شعارات سياسية»، كما شهدت مدرسة سار الثانوية للبنات، ما سمته وزارة التربية والتعليم «بعض الاضطراب وعدم الاستقرار في الانتظام الدراسي بسبب إشاعات كاذبة حول وجود تهديدات مزعومة، مما دعا الكثير من أولياء الأمور إلى القدوم إلى المدرسة خوفا مما أشيع حول أن المديرة سمحت بدخول عصي للمدرسة، وهذا أمر غير صحيح جملة وتفصيلا، حيث إن هنالك من يتعمد بث الإشاعات التي من شأنها إثارة المخاوف».

وحذرت 7 من جماعات المعارضة البارزة، أمس، من مغبة تواصل التوترات الطائفية في البحرين، مع انتشار الاشتباكات المحدودة والمتفرقة وانتقالها من الشوارع إلى المدارس.

ودعت الجمعيات السبع لوقف الاحتجاجات في المدارس التي شهدت تصعيدا بين الطلاب المحتجين في الشوارع. وبلغ التصعيد سقفا جديدا عندما تحول إلى اشتباكات اندلعت في إحدى مدارس الفتيات شمال العاصمة المنامة.

كما أعلنت الجمعيات، وهي: «وعد» و«الوفاق» و«المنبر التقدمي» و«العمل الإسلامي» و«الإخاء» و«التجمع القومي» و«التجمع الوطني»، أنها تعارض الدعوة التي أطلقت لتنظيم مسيرة اليوم إلى منطقة الرفاع جنوب العاصمة المنامة.

وقال الشيخ علي سلمان، الأمين العام لجمعية الوفاق الوطني الإسلامية، خلال مؤتمر صحافي مشترك عقد في مقر جماعة «المنبر التقدمي» إن «الوفاق» لا تؤيد الاستجابة لمسيرة الرفاع مراعاة لمشاعر المقيمين هناك ولتجنب إثارة ما من شأنه تصعيد الموقف.

واتهم سلمان المخابرات البحرينية بمحاولة إثارة توترات طائفية بواسطة رسائل مزيفة تبعثها عبر خدمة الرسائل الإلكترونية القصيرة.

وقال الأمين العام لجمعية المنبر، الدكتور حسن مدن، إنه فيما تؤيد معظم أطياف المعارضة النظام الدستوري الملكي، فإنهم يحترمون دعوات الجماعات المؤيدة للحكومة وكذا الجماعات المعارضة لها.

وقال إن المشكلة لا تكمن في شكل الحكومة، بل في ضمانات التمثيل السياسي العادل للشعب.

كما قالت حركة شباب بحرينية شيعية، إنها لن تنضم للمسيرة المقررة اليوم والمتجهة صوب الديوان الملكي ودعت المعارضين المتشددين الشيعة لوقف تأجيج التوترات الطائفية.

واعتزمت بعض الجماعات تنظيم مسيرة نحو الديوان الملكي في الرفاع اليوم - وهي منطقة يسكنها الكثير من السنة وأعضاء الأسرة الحاكمة - فيما سيكون أول مواجهة مباشرة مع الأسرة الحاكمة منذ انطلاق الاحتجاجات.

وقالت حركة شباب 14 فبراير، التي تحتل ميدان اللؤلؤة، في بيان إنها تدعو جمعية الوفاق والداعية الشيعي البارز الشيخ عيسى قاسم لوقف المعارضين المتشددين حسن مشيمع وعبد الوهاب حسين عن دعوة المحتجين في دوار اللؤلؤة للانضمام للمسيرة.

وأسست حركة «حق» التي يتزعمها مشيمع وجمعيتان أخريان هذا الأسبوع حركة مطالبة بالإطاحة بالأسرة الحاكمة وتحويل البحرين إلى جمهورية.

وقالت حركة شباب 14 فبراير إن المسيرة من شأنها أن تؤجج الطائفية وتؤدي إلى سقوط ضحايا أبرياء. وقالت 7 جمعيات معارضة، من بينها «الوفاق»، إنها بالمثل تعارض المسيرة.

وشكلت جماعات سنية وشيعية معارضة آلية مشتركة لتهدئة التوترات في حال نشوب حوادث عنف أخرى في مناطق مشتركة يقطنها السنة والشيعة. وتحاول جماعات معارضة شتى التأثير على حركة الشباب التي تبدو ذاتها منقسمة.

وقال إبراهيم مطر عضو جمعية الوفاق إنه من الصعب تحديد من هي حركة الشباب. وأضاف أنهم أرسلوا هذا البيان لكن بالإمكان رؤية مجموعة أخرى تقول على الإنترنت إنها تواصل خططها.

كما دعا الشيخ محمد إبراهيم مقداد وهو رجل دين شيعي بارز يحسب من المقربين من مشيمع المحتجين إلى إلغاء مسيرة الديوان الملكي بسبب مخاوف من توترات طائفية.

ويرى مراقبون أن دعوات إقامة المسيرة المقررة للديوان الملكي، ورفضها من جمعيات سياسية معارضة، يشكل عاملا مهما في الانقسام الذي يشهده الشارع السياسي الشيعي، وهو ما انعكس على قيادات ميدان اللؤلؤة من جيل الشباب، ففيما كانت هذه القيادات على موقف واحد في بداية الأحداث واحتلالها للميدان، انقسمت هذه القيادات مؤخرا وأصبح هناك أكثر من موقف، ويبدو أن أكثر ما شكل الانقسام في الشارع الشيعي هو تشكيل 3 جمعيات شيعية متشددة، إحداها تتخذ من لندن مقرا لها، تحالفا لما سموه من أجل الجمهورية، وهو ما وجد رفضا شعبيا في الشارع الشيعي في غالبيته.

وكان 25 من رجال الدين السنة في البحرين دعوا أول من أمس البحرينيين من السنة والشيعة إلى تجنب الاحتقان الطائفي وناشدوا رجال الدين من الطائفتين العمل معا على توجيه المواطنين وتحذيرهم من الوقوع في الفتنة الطائفية.

وقال رجال الدين السنة في بيان «إن الأحداث التي وقعت في المملكة مؤخرا بين بعض أفراد الشعب في عدد من المواقع والمدارس والتي نتج عنها بعض الإصابات البدنية والجرحى قد تركت أثرا بليغا بين أبناء الطائفتين الكريمتين الذين هم جميعا أبناء وطن واحد ودين واحد».

وحمل البيان تواقيع 25 من رجال الدين السنة على رأسهم الشيخ عبد اللطيف المحمود زعيم تجمع الوحدة الوطنية (ائتلاف قوى وشخصيات سنية) والشيخ عادل المعاودة عضو مجلس النواب وزعيم التيار السلفي في البحرين والشيخ عبد اللطيف الشيخ رئيس جمعية المنبر الإسلامي (الإخوان المسلمين) ورئيس القضاء الشرعي السني الشيخ إبراهيم المريخي.