اختفاء مراسل الـ«غارديان» في ليبيا.. واعتقال صحافي برازيلي

صحافيون من «بي بي سي» يروون كيف تعرضوا للضرب والإيهام بالقتل في ليبيا

TT

في وقت أطلقت فيه السلطات الليبية ثلاثة صحافيين من الـ«بي بي سي» قالوا إنهم تعرضوا للضرب والترهيب، اختفى صحافيان آخران في ليبيا سويا، وهما مراسل صحيفة الـ«غارديان» البريطانية، ومراسل صحيفة «أو ستادو دي ساو باولو» البرازيلية.

وبقي مكان مراسل الـ«غارديان»، العراقي غيث عبد الأحد، مجهولا أمس، بينما قالت «أو ستادو دي ساو باولو» إنها تمكنت من تحديد مكان مراسلها أندري نيتو الذي تبين أنه محتجز لدى السلطات الليبية. وأضافت أن السلطات شرحت أنها اعتقلت نيتو بسبب خطأ في أوراق الدخول التي ملأها. ولم تذكر الصحيفة شيئا عن عبد الأحد الذي اعتقل برفقة مراسلها.

وقالت الـ«غارديان» إن عبد الأحد الذي عمل مراسلا للصحيفة من غرب ليبيا خلال الأسبوعين الماضي، اتصل بالصحيفة آخر مرة عن طريق طرف ثالث يوم الأحد الماضي، من ضواحي بلدة الزاوية، التي كانت مسرحا لقتال دام في الأيام الأخيرة. وقالت الصحيفة في بيان إنها اتصلت «بالمسؤولين الليبيين في طرابلس ولندن وطلبت منهم تقديم جميع أشكال المساعدة العاجلة في البحث عن عبد الأحد وتحديد ما إذا كان محتجزا لدى السلطات».

وكتب اين بلاك، محرر شؤون الشرق الأوسط في الـ«غارديان»، أن عبد الأحد يعمل مع الصحيفة منذ عام 2004، وغطى أخبار الصومال والسودان والعراق وأفغانستان، وهو كان مقيما في بيروت. وحصل عبد الأحد على جائزة «مراسل العام» من جوائز الصحافة البريطانية في عام 2008، كما أدرج اسمه هذا العام من بين المرشحين للفوز بالجائزة.

وجاءت هذه الأنباء في وقت قال فيه مراسلون في هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي/ الخدمة العربية)، إنهم تعرضوا للاعتقال في ليبيا، والضرب والإيهام بأنه سيتم إعدامهم. وقالت الـ«بي بي سي» إن الصحافيين الفلسطيني فراس كيلاني الذي يحمل وثيقة سفر سورية، والبريطاني كريس كوب - سميث، والمصور التركي غوكتاي كورالتان، اعتقلوا يوم الاثنين الماضي لفترة 21 ساعة ثم أفرج عنهم، موضحة أنهم غادروا ليبيا. وأضافت أن الصحافيين أوقفوا عند حاجز يبعد نحو عشرة كيلومترات جنوب مدينة الزاوية غرب ليبيا، ونقلوا إلى ثكنة «وتعرضوا لاعتداءات متكررة» من قبل عناصر الجيش والمخابرات الليبية.

وقال كيلاني في حديث مع جيريمي باون، كبير محرري الـ«بي بي سي» المختص بشؤون الشرق الأوسط، بعد إطلاق سراحه: «ضربني جنود ليبيين بعصا، وركلوني بجزماتهم العسكرية». وأضاف أن أحد هؤلاء العناصر «وجد أنبوبا بلاستيكيا على الأرض فراح يضربني به ثم أعطاه أحد الجنود عصا طويلة. وعندما توقفوا عن ضربي وضعوا لثاما على وجهي ثبتوه بشريط لاصق». وتابع: «أعتقد أن الأمر كان يتخذ طابعا شخصيا إذ إنهم يعرفونني ويعرفون نوع التغطية التي كنت أقوم بها».

وروى كريس كوب سم أن الصحافيين الثلاثة «أمروا بالاصطفاف أمام جدار» لإيهامهم بأنهم يريدون إعدامهم. وأضاف كوب سميث: «شاهدت رجلا بملابس مدنية يحمل مسدسا رشاشا وضعه في نقرة كل واحد منا. وضع فوهة المسدس قرب رأسي ثم ضغط على الزناد. مر الرصاص مرتين أمام أذني مما أثار ضحك الجنود». وتابع أن «رجلا يتكلم الانجليزية بشكل جيد جدا أمر (الجنود) بفك الوثاق الذي كان يقيد أيدينا. وعندما انتهوا من الإجراءات الإدارية، انتهى كل شيء فجأة وبدأت محاولة لإرضائنا من تقديم علب سجائر إلى الشاي والقهوة والمواد الغذائية». وأكد الصحافي نفسه أنه شعر «بخوف شديد». وقال: «اعتقدت أنهم سيقتلوننا ويرتبون الأمور بشكل يسمح باتهام (تنظيم) القاعدة والثوار بقتلنا». وقال فراس كيلاني إن معتقلين آخرين كانوا يتعرضون لممارسات في المقر نفسه. وأضاف: «أمضيت الليلة في زنزانة كان فيها بين عشرة رجال و12 رجلا من الزاوية وبعضهم في حالة سيئة». وتابع يقول إن «اثنين منهم قالا لي إنهما يعانيان من كسور في الأضلاع (..) ورأيت أن بعضهم تعرض لضرب عنيف».

وقالت ليليان لاندور، مسؤولة الخدمة العالمية لـ«بي بي سي»، إن الهيئة «تندد بشدة بهذه المعاملة السيئة للصحافيين وتدعو الحكومة الليبية لأن تضمن تمكن جميع وسائل الإعلام من التغطية بحرية آمنة من الاضطهاد». وأضافت: «إن سلامة موظفينا تحتل صدارة أولوياتنا لا سيما وهم يعملون في ظروف صعبة كهذه. ومن المهم جدا أن يُسمح للصحافيين العاملين مع أي مؤسسة إعلامية بتغطية الوضع في ليبيا دون خوف من التعرض للاعتداء. رغم هذه الاعتداءات، فإن بي بي سي ستواصل تغطية الأحداث في ليبيا لصالح متابعيها داخل البلاد وخارجها».

من جهته، قال نافي بيلاي المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، إن سوء المعاملة الذي تعرض له الصحافيون تعتبر بمثابة تعذيب. وأضاف أن «استهداف الصحافيين واعتقالهم ومعاملتهم بهذه الوحشية التي يمكن أن تكون بمثابة التعذيب! غير مقبول بتاتا ويعد انتهاكا خطيرا للقانون الدولي».