رئيس لجنة تعديل الدستور المغربي: سنكون عمليا أمام دستور جديد

قال إنه سيتشاور مع الشباب لكنه لم يذكر حركة «20 فبراير» بالاسم

عبد الطيف المانوني وعمر عزيمان خلال مؤتمر صحافي أمس («الشرق الأوسط»)
TT

قال عبد اللطيف المانوني، رئيس لجنة تعديل الدستور، إن التعديلات الدستورية التي أعلن عنها أمس العاهل المغربي الملك محمد السادس، لا تعني صياغة دستور جديد، بيد أنه نظرا للمجالات الكثيرة، غير المسبوقة في تاريخ المغرب، التي سيشملها التعديل، «سنكون عمليا أمام دستور جديد لأن الإصلاحات ستكون شاملة»، على حد قوله.

وأضاف المانوني، الذي كان يتحدث أمس في لقاء صحافي مشترك مع عمر عزيمان، رئيس اللجنة الاستشارية للجهوية المتقدمة (الحكم اللامركزي)، أن عمل اللجنة هو توسيع مجال الإصلاح الدستوري، حيث حدد الملك محمد السادس عددا من المجالات التي سيشملها تعديل الدستور، بالإضافة إلى أنه منح اللجنة الحق في ابتكار وإدخال مجالات أخرى ليشملها الإصلاح.

وأوضح المانوني أن المجالات التي سيشملها الإصلاح الدستوري مجالات واسعة ومختلفة من بينها ما يتعلق بمطالب أساسية مثل دسترة توصيات الإنصاف والمصالحة، والارتقاء بالقضاء وجعله سلطة مستقلة تكفل المساواة، بالإضافة إلى انتخاب حكومة ديمقراطية ومسؤولة، وتكريس جهوية متقدمة.

وأوضح المانوني أن إصلاح الدستور سيتم عن طريق الاتصال بمنظمات المجتمع المدني والنقابات والأحزاب السياسية، والمنظمات الشبابية، وزاد قائلا: «لن نكتفي بالإصغاء إليهم بل سنتشاور معهم ونحاول الوصول إلى حلول ترضي الجميع».

وتحفظ المانوني في الإجابة عن عدد كبير من الأسئلة، بدعوى أن اللجنة لم تبدأ عملها بعد، وأن أي قرار أو مقترح سيصدر عنها لا بد أن يتم بالتشاور مع أعضائها.

ومن جملة الأسئلة التي قال إنه لا يمكنه الإجابة عنها، ما إن كانت التعديلات الدستورية المقترحة ستفضي إلى ملكية برلمانية، وهل سيشمل التعديل الفصل 19 من الدستور، المتعلق بصلاحيات الملك، وإن كان سيتم تنظيم انتخابات مبكرة وحل الحكومة والبرلمان بعد عرض التعديلات الدستورية للاستفتاء الشعبي. مكتفيا في هذا الصدد بالقول إن «إجراء انتخابات مبكرة قرار سياسي».

وردا على سؤال إن كان سيتم التشاور بخصوص التعديلات الدستورية مع شباب حركة 20 فبراير، التي دعت إلى التظاهر، مطالبة بالتغيير والإصلاح، قال المانوني إنه سيتم التشاور مع جميع جمعيات الشباب، و«مع أكبر عدد ممكن من الشباب الفاعل والمهتم بالإصلاحات الدستورية» من دون أن يذكر شباب حركة 20 فبراير بالاسم.

وحول الوقت الذي منح للجنة، وإن كان كافيا من أجل إدخال كل هذه التعديلات على الدستور، قال المانوني إن أي تعديل دستوري له بعد سياسي وبعد قانوني، إلا أنه إذا ظهر للجنة أن الأمر يتطلب وقتا أطول يمكنها أن تطلب من الملك تمديد مدة عملها.

من جهته، قال عمر عزيمان، رئيس اللجنة الاستشارية للجهوية المتقدمة (الحكم اللامركزي) إن من جملة الاقتراحات والتوصيات التي تضمنها تقرير اللجنة التي استغرق عملها مدة عام كامل، إدخال تعديلات على فقرات من الدستور فيما يتعلق بموضوع الجهوية المتقدمة «حيث اعتبرنا أنها لا تجد مكانها الطبيعي في الدستور الحالي». وأورد عزيمان تعديلين أساسيين في هذا الصدد، هما منح السلطة التنفيذية لرئيس مجلس الجهة، وأن لا يبقى تحت وصاية الوالي والعامل (المحافظ)، بالإضافة إلى تشجيع مساهمة المرأة في الحياة السياسية، عن طريق سن قوانين تدعم المرأة للوصول إلى المناصب والمجالس المنتخبة.

وأضاف عزيمان: «وجدنا لدى الملك رغبة أكيدة بضم هذه الاقتراحات إلى مجموع الاقتراحات الخاصة بتعديل الدستور من خلال تقييمه للاختيارات الاستراتيجية للبلاد، ومطالب وتطلعات الأحزاب السياسية، والمجتمع المدني، والرأي العام، وتبين أن الجهوية المتقدمة ستنضم إلى ورش أكبر يتلخص في مراجعة جوانب أساسية من الدستور»، وهو ورش مصيري وتاريخي هدفه تنظيم أجهزة الدولة وتوزيع المهام وضمان الحريات الفردية والجماعية، وحماية حقوق الإنسان، طبقا لما أعلنه الملك محمد السادس في خطابه أمس، واعتبر أن ذلك «بداية مسار تاريخي».

وأوضح عزيمان أن التعديلات الدستورية المقترحة فيما يخص الجهوية المتقدمة، تتضمن «إعادة النظر فيما يخص العلاقة ما بين ممثلي الدولة والمنتخبين، وتحويلها من سلطة ووصاية، إلى علاقة تشاور وتحاور مستمرين»، من دون أن يعني ذلك إلغاء الولاة والعمال، مشيرا إلى أنه تم استلهام عدد من التجارب الناجحة في الدول الغربية، إلا أنه لم يتم استنساخ أي نموذج منها، بل تم اعتماد نموذج مغربي يراعي الخصوصية المغربية. وقال عزيمان إن اختيار الجهات (المناطق) تم على أساس وظيفي أي على مدى قدرتها على تطوير وتدعيم التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد، دون إغفال المقاييس الأخرى التاريخية والبيئية والثقافية لكل منطقة، وذلك في أفق جعل الجهة رافعة في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، مشيرا إلى أنه ما زال هناك عجز ومشكلات وتفاوت كبير بين المناطق، وأن الأولوية هي للقضاء على هذه الفوارق.

وبخصوص تطبيق الجهوية المتقدمة في الأقاليم الجنوبية المغربية، قال عزيمان إن هذا الموضوع أخذ وقتا كبيرا من النقاش داخل اللجنة، لأن هذه الاقاليم لها خصوصيات معترف بها وهناك رغبة لتطوريها وتعزيزها، بيد أن هذه الأقاليم هي موضوع نزاع، وبالتالي فهناك خياران، الأول هو منح الحكم الذاتي لهذه الأقاليم، إلا أنه إذا ما تعثر هذا الخيار، فسيتم الشروع في تطبيق الجهوية المتقدمة في جميع الأقاليم المغربية بما فيها الأقاليم الصحراوية، على حد قوله.

وردا على سؤال حول ما إذا كان سيتم اعتماد اللغة الأمازيغية كلغة رسمية في الدستور، قال عزيمان إن الفقرة الخاصة بهذا الموضوع كانت واضحة، وهي العمل على إبراز وتعزيز البعد الأمازيغي في الهوية المغربية، وسيتم البحث عن السبل والوسائل لتعزيز ذلك، حسب تعبيره.

وتحفظ عزيمان بدوره في الإجابة على بعض الأسئلة المتعلقة بتفاصيل مشروع الجهوية المتقدمة، وطلب من الصحافيين الصبر إلى حين نشر تقرير اللجنة على موقع إلكتروني (مساء أمس)، والاضطلاع عليه، ليتسنى مناقشة مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية المتعلقة بهذا المشروع.