المغرب: عناصر قيادية في «حركة 20 فبراير» تعتزم المضي قدما في تنظيم مظاهرات

تباين موقف أساتذة القانون الدستوري حول مصير البرلمان بعد خطاب الملك

TT

قالت عناصر قيادية من حركة «شباب 20 فبراير» إن خطاب العاهل المغربي الملك محمد السادس لم يستجب لكل مطالبهم، وأشاروا إلى أنهم مستمرون في الدعوة إلى مظاهرات سلمية يوم 20 مارس (آذار) المقبل، وشددوا على ضرورة التغيير الشامل للدستور، وحل الحكومة الحالية، وكذا البرلمان؛ بيد أنهم قالوا كذلك إن الخطاب اشتمل على بعض النقط الإيجابية.

وفي هذا السياق، قال أسامة الخليفي (23 سنة) وهو من أبرز عناصر حركة «شباب 20 فبراير» إن الخطاب الملكي الليلة قبل الماضية، كان إيجابيا في بعض النقاط، لكنه أغفل عددا من مطالب «شباب 20 فبراير».

وتساءل الخليفي عن مدى علاقة السلطة بالمال، وعن الآلية التي جاء بها الإصلاح الدستوري الذي ذكر في الخطاب، وأضاف يقول: «في أي إطار جاء هذا الإصلاح الدستوري؟ هل في إطار مؤسسة ملكية تنفيذية كما هو الشأن الآن؟ أم في إطار مؤسسة برلمانية أم رئاسية؟».

من جهته، عبر نزار بنماط (25 سنة) عن اعتقاده بأن الخطاب الملكي لم يتطرق لعدة مطالب دعا إليها شباب «20 فبراير» ومنها إطلاق سراح المعتقلين السياسيين، واستيعاب جميع العاطلين في سوق العامل. واعتبر بنماط أن اللجنة الخاصة بمراجعة الدستور التي تم إنشاؤها أمس تعد بمثابة هيئة تفتقد لشرعية التعديل، وقال إنها «لجنة فوقية».

من جهتها، قالت كميليا رويان (20 سنة) إن الخطاب الملكي استجاب لمطالب «شباب 20 فبراير» بشكل جزئي، وقالت: «كان من بين مطالبنا قبل الخطاب الملكي، التغيير الجذري للدستور، وتشكيل جمعية تأسيسية ينتخبها الشعب المغربي لأجل ضمان دستور ديمقراطي، إلا أنه تبين بعد الخطاب أنه سيتم فقط تعديل في الدستور».

وأشارت رويان إلى بعض المطالب العالقة، خاصة مطلبي الإفراج الفوري عن المعتقلين السياسيين، ومحاسبة من تزعم أنهم ينهبون المال العام (المال الحكومي). وقالت رويان إن هناك إيجابيات في الخطاب الملكي مثل أن ينص على اللغة الأمازيغية في الدستور، واستقلالية القضاء، وتوسيع صلاحيات الوزير الأول (رئيس الوزراء). لكن رويان ترى كذلك ضرورة حل البرلمان الحالي، وإقالة الحكومة، وتنظيم انتخابات سابقة لأوانها.

إلى ذلك، قال أحمد مفيد، أستاذ القانون الدستوري بجامعة فاس إن يونيو (حزيران) المقبل سيشهد فقط تقديم مقترحات دستورية من طرف اللجنة الخاصة لمراجعة الدستور، وهو ليس موعد الاستفتاء على مقترح الدستور، وبالتالي، فإن البرلمان الحالي ستبقى له صلاحياته الحالية، وربما يتم فتح نقاش آخر يتم بعده تحديد موعد الاستفتاء.

وأضاف أنه بعد المصادقة على المشروع وتقديم أحكام ختامية وانتقالية، سيبقى هناك احتمالان؛ إما استمرار المؤسسات الحالية إلى نهاية المدة التشريعية في 2012، وإما أن يتم حل مجلس النواب وإجراء انتخابات سابقة لأوانها، مرجحا الاحتمال الأول. وأشار إلى أن هذه التعديلات لا تعني الدعوة لانتخابات مبكرة، لأن الأمر ستحسم فيه المقترحات التي ستأتي بها اللجنة، واستبعد مفيد هذا الطرح، موضحا أن موعد الانتخابات المقبل ليس بعيدا، وبالتالي لا داعي لإجراء انتخابات سابقة لأوانها.

وفي ما يخص صلاحيات البرلمان التي اقترحها العاهل المغربي، قال مفيد إن هذا سيؤدي بالضرورة إلى تقليص صلاحيات مجلس المستشارين، لأن تركيبة البرلمان الحالي تعطي للمجلسين الاختصاصات نفسها، وإن هذا أمر غير منطقي، ويجب إعادة النظر فيه لكي لا يتحول مجلس المستشارين إلى غرفة ثانية لمجلس البرلمان. وأضاف أن الاقتراحات التي قدمها العاهل المغربي كلها إيجابية، وهي استجابة واضحة وصريحة لمطالب الأحزاب والحركات الشبابية. أما في ما يخص النص على انعقاد مجلس الحكومة في الدستور والصلاحيات المخولة له، أوضح مفيد أن الدستور الحالي ينص فقط على المجلس الوزاري الذي يضم أعضاء الحكومة ويترأسه الملك، أما المجلس الحكومي فيضم أعضاء الحكومة ويترأسه الوزير الأول، والتعديل المرتقب سيرقى بالحكومة إلى مؤسسة دستورية وسلطة قائمة الذات.

وفي السياق نفسه، قال عبد الرحيم منار السليمي، أستاذ القانون الدستوري بكلية الحقوق بالرباط، إن مهمة البرلمان ستنتهي مباشرة بعد أن تقدم اللجنة مقترحاتها ويقدم المشروع للاستفتاء. لذا، فالأمر يتعلق قبل كل شيء بالمدة التي ستستغرقها اللجنة في إعداد مقترح الدستور، مشيرا إلى التخوف من طلب تمديد المدة الزمنية لعمل اللجنة.

وأضاف أنه في حال قامت اللجنة بإنهاء عملها وفقا للأجندة الحالية، فإنه بمجرد إجراء الاستفتاء يكون عمل البرلمان والحكومة قد انتهى، وبالتالي إجراء انتخابات حكومة جديدة. وأضاف السليمي أن خطاب العاهل المغربي هو إجابة سياسية على حركة «20 فبراير»، وأن «نتائجه تبقى رهينة بالتطورات المقبلة، حيث ستتم معرفة سقف انتصارات هذه الحركات الشبابية، ويتم تحديد إن كانت التعديلات المطروحة تستجيب للمطالب، وهذا ما سيظهر خلال المظاهرة التي تعتزم تشكيلها حركة (20 فبراير)، في 20 مارس الحالي».

وأوضح السليمي أن السقف الزمني الذي تم منحه للجنة من أجل إعداد الدستور المرتقب كان طويلا جدا، حيث كان من المفروض أن تقدم مقترحاتها نهاية أبريل (نيسان). من جهته، قال محمد الغالي، أستاذ القانون الدستوري بكلية القانون بمراكش، إن خطاب العاهل المغربي فيه إشارة واضحة إلى استمرار عمل المؤسسات الحالية إلى حين اعتماد دستور جديد، مشيرا إلى أنها مسألة وقت فقط؛ فبمجرد المصادقة على الدستور وإصدار القوانين الموازية له، يصبح ساري المفعول، ويصبح البرلمان القائم لا وجود له.

وأضاف أن اقتراح الملك للتعديل الدستوري هي دعوة غير صريحة إلى ملكية برلمانية تتجلى من خلال الفصل بين السلطات وتقوية المؤسسة البرلمانية وتعزيز صلاحيات الوزير الأول والحكومة، وهي مؤشرات على أنه بعد المصادقة على الدستور، فلا بد من إجراء انتخابات جديدة لتكون مؤسسات جديدة بنخب جديدة.

وأضاف أن خطاب العاهل المغربي كان استثنائيا لأن سقف الإصلاحات كان جد مرتفع حتى بالنسبة للمعارضة التي تطالب بملكية برلمانية وتأتى لها ذلك من خلال تعزيز صلاحيات الوزير الأول وإنشاء حكومة برلمانية ودسترة المجلس الحكومي، وهي كلها ركائز للملكية البرلمانية.