لبنان: تحقيقات في حادث اختفاء 4 معارضين سوريين

مصادر قضائية تؤكد تقدم التحقيق وتتوقع كشف مصيرهم قريبا

TT

بقيت قضية اختفاء أربعة سوريين في لبنان معارضين لنظام بلادهم واختفاء أثرهم، لغزا محيرا للأجهزة الأمنية والقضائية اللبنانية التي ما زالت تجري تحقيقاتها بسرية تامة سعيا منها لكشف مصيرهم وإعادتهم إلى عائلاتهم بأسرع وقت ممكن.

ووضع القضاء العسكري في لبنان يده على هذه القضية، بعد نشر معلومات تحدثت عن خطف هؤلاء المعارضين على يد أحد ضباط قوى الأمن الداخلي (تردد أنه ملازم في السفارة السورية لدى لبنان). وكشفت مصادر قضائية لـ«الشرق الأوسط» أن «الأجهزة الأمنية المختصة تجري تحقيقات مكثفة حول هذا الأمر بإشراف مفوض الحكومة المعاون لدى المحكمة العسكرية القاضي سامي صادر، للتثبت من الجرم ومعطياته وظروفه ومكان حدوث عملية الخطف، وبالتالي كشف مصير هؤلاء الأشخاص ومن ثم تحديد المسؤولين عنه والفاعلين واتخاذ الإجراءات القضائية بحقهم». وأشارت المصادر إلى أن «التحقيق شمل حتى الآن عددا من الأشخاص من بينهم عناصر أمنية وعائلات المفقودين»، وأوضحت أن «المحققين يتتبعون بعض الخيوط المهمة المنطلقة من معطيات مبنية على مراقبة بعض الاتصالات وكاميرات مراقبة وشهود وغيرهم»، وأبدت المصادر القضائية تفاؤلها بـ«التقدم الذي يحرزه التحقيق وإمكان الوصول إلى نتيجة إيجابية في وقت غير بعيد».

في هذا الوقت أكد مرجع أمني لـ«الشرق الأوسط»، أن «الأجهزة الأمنية تتعامل مع المعلومات المتعلقة بخطف المواطنين السوريين، بكثير من المسؤولية، وهي تجري التحريات اللازمة بإشراف القضاء العسكري»، مشيرا إلى أن «المعلومات التي تحدثت عن فرضية تورط أحد ضباط قوى الأمن، قيد التحقيق والمتابعة؛ إذ لا يمكن البناء على أنباء وروايات غير مستندة إلى حقائق وأدلة، لكن في حال ثبوت صحة هذه المعلومات، فإن الأمر يخضع لإجراءات مسلكية بعد انتهاء التحقيق القضائي وتحديد المسؤوليات في هذه القضية».

وكانت دورية أمنية أوقفت في 24 فبراير (شباط) الماضي السوري جاسم مرعي جاسم، واقتادته للتحقيق في شبهة توزيعه منشورات تحض على التغيير في سورية، أسوة بما يحدث في دول عربية أخرى، غير أن النيابة العامة في جبل لبنان أمرت بالإفراج عنه بعد انتهاء التحقيق معه، ولدى مغادرته مخفر قوى الأمن في بعبدا في منتصف ليل اليوم نفسه، اتصل بزوجته، طالبا إليها إرسال أحد ليقله، فقصد شقيقاه بعبدا لإحضاره، لكن الثلاثة اختفوا في طريق عودتهم. ونقل عن شهود أن شقيقا رابعا لجاسم فُقد أثره من مكان عمله في منطقة ضهر الوحش في جبل لبنان بعد ساعات قليلة على فقدان أشقائه.

وطالبت أمس منظمة «هيومان رايتس ووتش» لحقوق الإنسان السلطات اللبنانية بـ«فتح تحقيق في اختفاء ثلاثة أشقاء سوريين على أراضيها كان أحدهم قيد التحقيق في مسألة توزيع منشورات تدعو إلى التغيير الديمقراطي في سورية». وذكرت المنظمة في بيان لها أن «عناصر في جهاز الاستخبارات أوقفوا ستة سوريين على الأقل! جميعهم من عائلة جاسم، ليل 23 و24 فبراير (شباط)! بعد قيامهم بتوزيع منشورات تدعو إلى تحركات احتجاجية من أجل المطالبة بتغييرات ديمقراطية في سورية». وقال البيان إن أحد الموقوفين، جاسم مرعي جاسم، «اختفى فجر 25 فبراير مع اثنين من أشقائه كانا قصدا مخفر بعبدا للشرطة شرق بيروت لاصطحابه بعد الإفراج عنه». وأشار البيان إلى أن «عائلتهم قلقة من احتمال أن يكون الثلاثة نقلوا قسرا إلى سورية».

وعبر مدير مكتب بيروت للمنظمة نديم حوري، عن خشيته من أن «يكون لبنان قد عاد إلى تنفيذ الأعمال القذرة لسورية المتمثلة في إسكات معارضيها». وقال: «على لبنان أن يفتح تحقيقا مستقلا في سبب توقيف المواطنين السوريين أصلا، ثم في الأحداث الغامضة التي تحيط باختفاء جاسم مرعي جاسم وشقيقيه».