الجمهوريون يمررون قانون «التفاوض الجماعي» لنقابات العمال في ولاية ويسكونسن

بعد غياب 14 عضوا ديمقراطيا هربوا من الولاية في خطوة تهدف لمنع إقرار هذا الإجراء المثير للجدل

متظاهرون ضد قانون التفاوض الجماعي يحملون لافتات ويحاولون الدخول إلى مقر الولاية أمس (أ.ف.ب)
TT

مرر الجمهوريون في مجلس الشيوخ فجأة خطة سكوت والكر، حاكم ولاية ويسكونسين الرامية لتقليص حقوق التفاوض الجماعي لموظفي القطاع العام ليلة أول من أمس، باستخدام مناورة تشريعية من أجل اعتماد القانون في غياب 14 عضوا ديمقراطيا بمجلس الشيوخ هربوا من الولاية في خطوة تهدف لمنع إقرار هذا الإجراء.

وبعد تجريد مشروع قانون الإجراءات المالية الذي يتطلب توفر نصاب قانوني يصل إلى 20 عضوا لكي يتم اعتماده، مرر مجلس الشيوخ في ولاية ويسكونسين الذي يسيطر عليه الجمهوريون قانون التفاوض الجماعي. ويقول محللون إن القانون سوف يشل معظم نقابات موظفي القطاع العام في الولاية.

وكان من المتوقع أن يتم عرض مشروع القانون المبسط على مجلس الولاية الذي يسيطر عليه الحزب الجمهوري، والذي كان قد مرر بالفعل نسخة أخرى منه.

وقد استمرت المواجهة في ولاية ويسكونسين لمدة ثلاثة أسابيع، وهو الأمر الذي أقحم نقابات موظفي القطاع العام في أزمة عميقة. وتصارع الولايات مستويات عجز قياسية في الميزانية، كان بعض الحكام قد حاولوا سدها عبر إعادة ترتيب ما وصفوه بـ«الامتيازات السخية» التي يحصل عليها موظفو القطاع العام. وتلت هذه الخطوة قرار تقليص صلاحيات الاتحاد في ولايات أخرى بشكل مشابه، من بينها ولايات إنديانا وأوهايو.

وقوبلت المناورة التشريعية التي استخدمت من أجل تمرير مشروع القوانين في ولاية ويسكونسين بغضب شديد من قبل الديمقراطيين وحلفائهم، الذين أقسموا أن حاكم الولاية وزملاءه الجمهوريين في مجلس الشيوخ بالولاية سوف يدفعون وظائفهم ثمنا لهذه المناورة.

وقال مايك تيت، رئيس الحزب الديمقراطي في ولاية ويسكونسين: «التصويت لم يفعل أي شيء من أجل خلق وظائف، كما لم يفعل أي شيء من أجل تقوية ولايتنا، وأظهر تماما وبشكل نهائي أن هذا التصويت لم يكن سوى مجرد استخدام فج للقوة السياسية». وأضاف: «نحن نصب تركيزنا تماما الآن على طلب مساءلة واستبعاد أعضاء مجلس الجمهوريين المؤهلين الذين صوتوا على مشروع القانون هذا. وسوف نبدأ أيضا في حساب الأيام المتبقية قبل أن يصبح سكوت والكر بنفسه عرضة للمساءلة والاستبعاد».

وبدا والكر جريئا عندما أثنى على الإجراء الذي اتخذه مجلس الشيوخ في الولاية. وفي بيان صحافي، قال والكر إن الولاية لا يمكنها تحمل أن تصاب بالشلل لأي فترة أطول بفعل الخلاف الذي تسبب في هروب أعضاء ديمقراطيين بمجلس الشيوخ في ولاية ويسكونسين إلى ولاية إلينوي، واعتصام عشرات الآلاف من المتظاهرين أمام مبنى مجلس الشيوخ المحلي للولاية في مدينة ماديسون.

وقال والكر: «كان لدى الأعضاء الديمقراطيين في مجلس الشيوخ ثلاثة أسابيع لمناقشة مشروع القانون هذا، وعرضت عليهم فرص متكررة للعودة إلى الولاية، ولكنهم رفضوا هذه العروض. ومن أجل دفع الوضع إلى الأمام، أثنيت على الخطوة التي قامت بها الهيئة التشريعية اليوم بمواجهة الوضع الراهن وقطع خطوة على الطريق الصحيح من أجل إحداث توازن بين الميزانية وحكومة الإصلاح».

وسوف يقلص مشروع القرار معظم حقوق التفاوض الجماعية لموظفي القطاع العام في شتى أنحاء ولاية ويسكونسين. كما سيمنع النقابات من تحصيل رسوم مع تنفيذ استقطاعات في الرواتب ولن يسمح لنقابات العمال بمطالبة الأعضاء بدفع رسوم. وعملية التفاوض الجماعي هي عملية تفاوض بين أحد أصحاب العمل ومجموعة من الموظفين من أجل تحديد شروط التوظيف.

وتطالب خطة والكر العمال الحكوميين بدفع المزيد من الأموال من أجل تغطية خدمة الرعاية الصحية الخاصة بهم وتغطية معاشاتهم، وهو شيء كان العمال قد وافقوا على فعله.

وعلى الرغم من أن مشكلات ميزانية ولاية ويسكونسين تبدو بسيطة مقارنة بمشكلات ولايات أميركية أخرى، فقد وصف والكر مشروع القانون بأنه ضروري من أجل ضمان الصحة المالية للولاية.

ولن يساعد هذا القانون على سد فجوة العجز في الميزانية الحالية الذي يصل إلى 137 مليون دولار أميركي، حسبما ذكر والكر، ولكنه سيساعد الحكومات المحلية أيضا على التعامل مع التخفيضات العميقة في المساعدة الحكومية المتضمنة في مقترحه فيما يتعلق بالميزانية والذي يقدمه كل عامين من دون رفع الضرائب. وذكر والكر أن هذا التوجه سوف يساعده أيضا على تحسين مناخ العمل في الولاية وخلق فرص عمل جديدة.

وقال والكر إنه من دون وجود قوة موحدة لتحويل المزيد من مرتبات العمال الحكوميين في اتجاه دفع تكلفة خدمة الرعاية الصحية وعوائد المعاش، فسوف يتعين على حكومات الولايات والحكومات المحلية تسريح ما يقرب من 12.000 موظف على مدار العامين المقبلين. وخلال الأسبوع الماضي، أخطر والكر نقابات العمال بأنه سوف يسرح ما يقرب من 1.500 عامل حكومي إذا لم يتم تمرير ميزانيته.

وذكر قادة الاتحاد أن تأثير هذا القانون سوف يكون مدمرا على مؤسساتهم. ولكنهم يرون أيضا أن والكر قد تجاوز الحدود بشكل كبير جدا. وقد بدأ نشطاء حملات المساءلة ضد 8 أعضاء جمهوريين في مجلس الشيوخ بالولاية، وهي جهود يأملون في أن تصل إلى ذروتها خلال العام المقبل في مجهود يستهدف مساءلة والكر واستبعاده من منصبه.

ويهدف نشطاء في الحزب الجمهوري إلى مساءلة بعض الديمقراطيين أمام مجالس الشيوخ في ولايات أميركية. ولكن استطلاعات الرأي أظهرت أيضا أنه على الرغم من أن معظم الأشخاص يدعمون السيطرة على امتيازات موظفي القطاع العام، فإنهم يعارضون إلغاء حقوق التفاوض الجماعي لنقابات العمال.

وصرح السيناتور روبرت جوتش، أحد الأعضاء الديمقراطيين الذين تركوا الولاية بقوله: «عبر تجريد البنود المالية وترك مسألة تقليص عملية التفاوض الجماعي فحسب، عرض حاكم الولاية نفسه على أنه مخادع محتال». وذكر جوتش أنه كان ينوي العودة أمس (الخميس) إلى ولاية ويسكونسين من أجل الوقوف مع المتظاهرين. وقال: «أنا أضمن الليلة أن سكان ولاية ويسكونسين سوف يستمرون في التظاهر إلى أن يتم تغيير هذه الحكومة».

ويأمل نشطاء وطنيون ديمقراطيون في أن تحفز المعركة الدائرة حاليا في ولاية ويسكونسين أنصارهم، وأن تحدث زخما يستمر حتى موعد إجراء انتخابات الرئاسة الأميركية في عام 2012.

وقال روبرت بوروسيدج، الرئيس المشارك لجماعة «حملة مستقبل أميركا»، وهي جماعة للنشطاء الليبراليين: «قد تكون هذه شرارة توقد جذوة نار بشكل تقدمي في طريقنا إلى الحملة الرئاسية». ويبدو أن توجه المحافظ لا يتوافق بشكل جيد مع الناخبين في ولاية ويسكونسين، الذين انتخبوه بنسبة 52 في المائة من الأصوات في خريف العام الماضي.

وتوصل استطلاع رأي أجرته شركة «راسموسين ريبورتس» خلال الأسبوع الماضي إلى أن 57 في المائة من الناخبين المحتملين في الولاية يرفضون العمل الذي يؤديه والكر، بينما يوافق عليه 43 في المائة من الناخبين فقط.

ودخلت خطة تمرير قانون الميزانية مرحلة الحركة، أول من أمس (الأربعاء) عندما استدعي السيناتور سكوت فيتزغيرالد، زعيم تكتل الجمهوريين في مجلس الشيوخ بولاية ويسكونسين، والبالغ عدد أعضائه 19 عضوا، لحضور مؤتمر للجنة القادة من مجلسي الشيوخ والنواب عبر تقديم إخطار قبل ساعتين فقط.

ومع ترديد بعض المشاهدين لصيحات «عار، عار»، مررت اللجنة مشروع القانون المبسط بشأن المظاهرات التي دعا لتنظيمها بيتر باركا، زعيم الأقلية في مجلس النواب بالولاية وعضو الحزب الديمقراطي. وقال باركا خلال تصريح صحافي عن رأيه في الاجتماع: «هذا الاجتماع يمثل بوضوح انتهاكا لقانون الاجتماعات المفتوحة».

وذكر باركا أن قانون الولاية يشترط تقديم إخطار قبل 24 ساعة من الاجتماعات العامة، إلا إذا كان هناك «سبب منطقي» للامتناع عن تقديمه. ولكن الجمهوريين تجاهلوا شكواه، ومرروا القانون بعيدا عن لجنة المؤتمر بسبب اعتراضاته.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ «الشرق الأوسط»