أوروبا تعترف بالمجلس الوطني الانتقالي «محاورا شرعيا».. ودعوة لفرض عقوبات نفطية

رئيس الاتحاد الأوروبي: ندرس كل الخيارات لحماية المدنيين الليبيين.. وقمة أوروبية ـ عربية ـ أفريقية حول ليبيا

TT

قرر قادة دول الاتحاد الأوروبي خلال اجتماع استثنائي في بروكسل أمس، دراسة كل الخيارات الممكنة من أجل حماية المدنيين في ليبيا، شرط توفر سند قانوني «واضح» ودعم في المنطقة العربية، كما اعتبروا المجلس الوطني الانتقالي في ليبيا محاورا «شرعيا» وفق ما أعلنه رئيس الاتحاد الأوروبي هرمان فان رومبوي.

وقال فان رومبوي في مؤتمر صحافي بعد القمة الاستثنائية حول ليبيا، إن رؤساء الدول والحكومات الأوروبية يحيون المجلس الوطني الانتقالي في بنغازي ويشجعونه، ويعتبرونه محاورا سياسيا للاتحاد الأوروبي، ومحاورا «جديرا بالثقة». وكان ممثلون عن المجلس الوطني الانتقالي أجروا لقاءات مع عدد من المسؤولين الأوروبيين أمس على هامش القمة، لا سيما مع رئيس الاتحاد الأوروبي ووزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي. وقال فان رومبوي، إن «الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تدرس كل الاحتمالات بهدف حماية المدنيين، شرط توفر سند قانوني واضح ودعم في المنطقة العربية». وأضاف: «يجب تأمين سلامة المواطنين بكل الوسائل اللازمة».

ودعا قادة دول الاتحاد الأوروبي العقيد الليبي معمر القذافي ونظامه إلى الرحيل «من دون تأخير» ونددوا بالعنف المرتكب ضد المدنيين. واعتبر رئيس الاتحاد الأوروبي أن ليبيا «على شفير حرب أهلية» وندد باسم دول الاتحاد الأوروبي الـ27 بالعنف ضد المدنيين.

من جهته، قال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إن زعماء الاتحاد الأوروبي أيدوا إقامة مناطق مساعدات إنسانية بعضها داخل ليبيا لمساعدة الليبيين وسيدرسون كل الخيارات لحمايتهم. وأضاف في مؤتمر صحافي «قرر المجلس قمة الاتحاد الأوروبي، أن الاتحاد سيسمح بوصول المنظمات والناشطين في المجال الإنساني إلى المناطق الإنسانية في أماكن لم نحددها للتعامل مع النازحين في البداية في تونس ومصر. سنرغب فيما بعد في وجود تلك المناطق الإنسانية في ليبيا للتعامل مع عشرات الآلاف من النازحين». وقال ساركوزي إن فرنسا استبعدت دائما التدخل العسكري على الأرض، لكنه قال إنه ينبغي بحث الخيار العسكري إذا تم استهداف المدنيين. وأضاف: «لا أحد يريده (الخيار العسكري)، لكن من الواضح أن أوروبا توجه رسالة ولا ترغب في استبعاد هذا الخيار».

وقال الرئيس الفرنسي إن بيانا من زعماء الاتحاد عبر عن «القلق الشديد» بشأن الضربات الجوية التي تشنها قوات القذافي ضد المعارضة المسلحة. وقال إن الدول الأعضاء ستدرس كل الخيارات الضرورية لحماية المدنيين. وتابع بقوله: «وأنتم تعلمون أن الخيارات التي تدرسها الدول الأعضاء في هذه الحالة ليست كلها دبلوماسية». وأضاف أن الزعيم الليبي معمر القذافي يجب أن يرحل وأن الاتحاد الأوروبي يعتبر الآن المجلس الوطني الليبي الممثل الشرعي السياسي للشعب الليبي. وأضاف أن هناك خططا للدعوة إلى قمة لزعماء عرب وأوروبيين وأفارقة بشأن ليبيا في الأسابيع المقبلة.

من جهته، دعا رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي إلى التفكير في فرض عقوبات على قطاع النفط الليبي. وقال كاميرون، أن «قادة الاتحاد الأوروبي يفكرون في المسألة، وذلك بهدف وقف تدفق الأموال إلى نظام الزعيم الليبي معمر القذافي من حقول النفط التي لا يزال يسيطر عليها». وأضاف أن وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون طرحت تلك النقطة بقوة وهي أن النظام لا يزال يتلقى أموالا طائلة من عائدات النفط. وأكد: «يجب أن ندرس هذه المسألة، رغم أنها معقدة.. لأن الكثير من حقول النفط موجودة في مناطق الثوار».

وأكد كاميرون أن بريطانيا جمدت أصولا ليبية بقيمة 12 مليار جنيه إسترليني (19.2 مليار دولار) في إطار محاولتها لتكثيف الضغط على معمر القذافي عن طريق العقوبات. وفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على المؤسسة الليبية للاستثمار والبنك المركزي الليبي وثلاث مؤسسات مالية أخرى و27 شخصا بمن فيهم القذافي.

وقال كاميرون إن الوقت قد حان لكي تبحث دول الاتحاد الأوروبي السبع والعشرون فرض إجراءات تتعلق بإيرادات النفط الليبية. وقال دبلوماسيون في الاتحاد الأوروبي إن هذا قد يتضمن إضافة المؤسسة الوطنية للنفط الليبية إلى قائمة العقوبات.

وأعلنت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أنها «مترددة جدا» حيال تدخل عسكري في ليبيا في الوقت الراهن، مشيرة في الوقت نفسه إلى أن الوضع الميداني في تطور مستمر. وقالت ميركل خلال مؤتمر صحافي إنه «نظرا إلى الوضع اليوم فأنا لا أرى تدخلا عسكريا في الأفق». وأضافت: «ولكن كل يوم هناك وضع جديد». وأكدت المستشارة الألمانية أنه في كل الأحوال فإن أي تدخل عسكري يجب أن يكون له «سند قانوني» أي قرار عن مجلس الأمن الدولي وبدعم من الهيئات الإقليمية وفي طليعتها الجامعة العربية.

وقال وزير الخارجية الألماني غيدو فسترفيلي إن ألمانيا تريد أن تستمع أوروبا لآراء جيران ليبيا وجامعة الدول العربية قبل أن تقرر ما إذا كانت ستعترف بالمعارضة المسلحة التي تقاتل للإطاحة بالقذافي. وقال فسترفيلي للصحافيين: «أود أولا أن أعرف كيف تنظر دول المنطقة والجامعة العربية للمعارضة قبل أن نشكل نحن في أوروبا رأينا النهائي». لكن وزارته قالت في وقت لاحق إن دبلوماسيا ألمانيا كبيرا تحدث عبر الهاتف مع علي عيسوي وزير الخارجية في المجلس الوطني الليبي المعارض. وقالت الوزارة إن فسترفيلي شدد على ضرورة أن تحصل أي حكومة جديدة في ليبيا على شرعيتها عبر انتخابات. ولم يدل بمزيد من التفاصيل.

من جانبه، وقال وزير الخارجية المجري جانوس مارتوني الذي تترأس بلاده الاتحاد الأوروبي، إنه من المرجح أن توافق الجامعة العربية على فرض حظر طيران فوق ليبيا لمنع الزعيم الليبي معمر القذافي من مهاجمة شعبه. وقال مارتوني إن الجامعة العربية، التي تعد موافقتها على فرض الحظر الجوي أمرا مهما، ستجتمع في القاهرة السبت (اليوم) ويتوقع أن تدعم دول الجامعة فرض حظر جوي بشروط. وصرح للصحافيين قائلا: «أعتقد أن أفضل طريقة لها هي تخطيط وتطبيق خطة جماعية بالتنسيق مع دول الجامعة العربية».

وصاغت كل من بريطانيا وفرنسا مشروع قرار لطرحه في مجلس الأمن الدولي يقضي بفرض حظر جوي على ليبيا الغنية بالنفط. إلا أن دولا أخرى تتردد في الموافقة على هذا القرار. ولكن مارتوني قال إن عددا من دول الاتحاد الأوروبي اتفقت على هذه المسألة. وأضاف: «لقد استطعنا بالأمس الاتفاق على أن فرض حظر جوي سيطلب ثلاثة شروط مسبقة وهي أن التدخل يجب أن يكون ضروريا وهذا يعتمد على تطور الأحداث.. وما إذا كان يتم ارتكاب ضد الإنسانية بشكل متزايد». وقال إنه من الضروري كذلك صدور قرار من مجلس الأمن يضع الأسس لمثل هذا العمل، والشرط المسبق الثالث هو أنه يجب أن يتم الحصول على موافقة ودعم الجامعة العربية على جميع الخطوات المحتملة.