اليابان: التحقيق في «عملية غش واسعة» لاختبارات قبول الطلاب عبر الأجهزة الذكية

وزير التعليم قال إنها جريمة «لا تغتفر» والجامعات نعتتها بالفضيحة المدوية

TT

نشر أحد الطلبة اليابانيين على أحد مواقع الإنترنت التماسا، يستنجد فيه طلب المساعدة، للإجابة عن أسئلة مادة الرياضيات الصعبة وأسئلة اللغة الإنجليزية، ليتبين لاحقا أنها أسئلة تم أخذها مباشرة من اختبارات القبول في جامعة «كيوتو العريقة» وتم تسريبها والإجابة عنها في الحال من قبل بعض مستخدمي الكومبيوتر، وتمت العملية، في الوقت الذي لا تزال فيه الجامعة تجري اختباراتها على الطلاب والطالبات في قاعة الامتحانات.

وبدأت السلطات اليابانية عملية تحر واسعة، نحو معرفة من لديه القدرة على التعامل مع مستخدم الإنترنت «أوزوكي» المباشر، الذي تسبب في عملية غش واسعة طالت جامعة كيوتو، وثلاث جامعات يابانية عريقة أخرى، وتقول الجامعات إنها تشتبه في أن المتقدمين للاختبار تمكنوا من سحب الأسئلة على الموقع الإلكتروني، عن طريق الهواتف الجوالة بغية الحصول على إجابات سريعة في أثناء تأديتهم للاختبار الجاري.

وفي حين أنه لم يتضح جليا، ما إن كانت هناك ثمة جماعة أو أفراد شاركوا في العملية، اتسعت على أثر ذلك أصداء حادثة الغش، لدرجة قال مراقبون عنها بأنها أصبحت «فضيحة وطنية مدوية»، وطرحت تساؤلات حول جدوى وفاعلية مراقبة سير الامتحانات بشكلها الاعتيادي، خاصة أن اليابان مهدت طريقها للنجاح وسط عصر عج بالهواتف الجوالة والذكية المربوطة بالإنترنت بشكل سريع ومباشر.

وطرق الحادث وترا هز المجتمع الياباني، خاصة أنه مجتمع يفاخر بنسق المساواة الذي يعيشه، ويسعى جاهدا نحو تجسير الفوارق المجتمعية والطبقية المتزايدة في الأصل، وهو ما فتح بدوره نقاشا موسعا، حول ما إن كان التحاق بعض الطلبة اليابانيين في جامعات معينة، هو تذكرة مؤكدة نحو خطف وظائف متميزة في أفضل الشركات اليابانية، بدلا عن الكفاءة التي كانت القول الفصل في تحديد تلك الوظائف، وهو ما قد يكون نتاجا لحالة الغش الشهيرة مؤخرا.

ووصفت بدورها صحيفة «يوميوري شيمبون» إحدى أكبر الصحف اليابانية، في افتتاحيتها، حادثة الغش الشهيرة بـ«المشينة» معتبرة إياها بأنها قوضت النزاهة التي كان يجب أن تبنى عليها اختبارات القبول في الجامعات اليابانية.

وأبانت وزارة التعليم العالي اليابانية صدمتها من الواقعة، مؤكدة حظرها حمل جميع أنواع الهواتف الجوالة والذكية لقاعات الامتحانات، وهو ما تقوم به كوريا التي تستعد لامتحانات القبول في جامعاتها وسط إجراءات مشددة خاصة بعد حادثة الغش الشهيرة في عام 2004 والتي كانت عن طريق الهواتف الجوالة، وقد أعلنت الإذاعة اليابانية «إن إتش كيه» مرارا لقطات للطلاب الكوريين من خلال تمرير أجهزة الكشف عن المعادن قبل إجراء الامتحانات لهم.

وقال يوشياكي تكاكي، وزير التعليم في اليابان، إنه يجب اتخاذ تدابير على الفور لضمان نزاهة الامتحانات، التي تمنح كل عام في أواخر الشتاء وأوائل الربيع، واصفا الواقعة للصحافيين، بأنها «لا تغتفر».

وقالت جامعة واسيدا في طوكيو، إحدى أكبر 4 جامعات يابانية، إنه ستتم مقارنة إجابات 9335 مع الإجابات التي تم إرسالها عن طريق صفحات الإنترنت، لمعرفة ما إن كان هناك حالات بالفعل قد تشابهت، مؤكدة أنه سيتم في ذات السياق التحقيق مع 462 معلما راقبوا سير الاختبارات، ناهيك عن الطلاب الخريجين لمعرفة إن كان قد حصل أمر مريب.

وقالت زنتا أوشيدا، المتحدث باسم «واسيدا»: «الإنصاف والعدل في الامتحانات هما أساس لمؤسستنا»، وزادت «الامتحانات غالبا ما تأخذ يوما أو يومين، وتتم عادة، في قاعات كبيرة، قد تصل إلى مئات المتقدمين الذين يقضون وقتهم في صمت مهيب».

إلى ذلك، طلبت أربع جامعات، من ضمنها جامعتا دوشيشا كيوتو، وريكيو في طوكيو، الشرطة لمساعدتها، ووعدت باتخاذ تدابير لمنع الغش بواسطة الهاتف الجوال في المستقبل. وقال توشيوكي، نائب رئيس جامعة كيوتو، في بيان إن أي شخص يثبت خداعه، فسيتم على الفور حظر دخوله المؤسسة التعليمية.

وقالت الجامعات إنها تعتقد أنها لا تقبل متقدما من ضمن المتقدمين، إذا ثبت أنه قد استخدم هاتفه الجوال، لتشفير أسئلة الامتحان للبحث عن الإجابات، وهو ما تم فعليا بتعاون أحد المتواطئين على نفس الموقع الإلكتروني في الحادثة، وتم نشر الأسئلة التي تمت سرقتها على موقع «ياهو» الياباني، تحت تبويب: «لآلئ الحكمة»، وهي خدمة لتواصل الأسئلة والإجابات في نفس الوقت، حيث قال موقع «ياهو» إنه سيتواصل مع السلطات في التحقيقات.

وحول ما حصل لجامعة كيوتو، فقد أرسل العضو المشتبه به 6 أسئلة لمادة الرياضيات في يوم الجمعة، وسؤالين للغة الإنجليزية في يوم السبت، وكانت جميعا من اختبارات قبول الطلاب والطالبات للجامعات اليابانية، فيما قالت الجامعات إن من سرب الأسئلة هو أحد الحاضرين جسديا لأن ذلك ينطوي على تصحيح السؤال الذي قد كان مكتوبا على السبورة.

وقد أرسل المستخدمون الأسئلة على موقع «ياهو» للحصول على الأجوبة في غضون دقائق، لاستخدامها في الوقت المناسب في الامتحان، وقالت الجامعات إنه لم يتضح لها إذا كان من قام بالإجابة عن الأسئلة قد علم أنه قد تم الحصول عليها من اختبارات قبول الجامعة، ولم يتبين أيضا المصدر الذي أرسلت عن طريقه الأسئلة نحو الموقع، في وقت لا تعتبر عملية الغش جريمة جنائية، يحاسب عليها القانون، ومع ذلك فإن الشرطة ستحقق في ما إذا كان قد انتهك المتورطون القوانين التي تحظر عرقلة عمليات مؤسسات مثل المدارس والجامعات.

* خدمة «نيويورك تايمز»