عبود وطارق الزمر يريان النور بعد 30 عاما وراء القضبان بتهمة قتل السادات

بعد أن جمعهما القدر في سجن واحد مع جلاديهما

TT

أفرجت السلطات المصرية أمس عن عبود وطارق الزمر القياديين البارزين بالجماعة الإسلامية، بعد 30 عاما قضاها أولاد العم في السجن بتهمة الاشتراك في التخطيط لقتل الرئيس الأسبق أنور السادات والانتماء لتنظيم الجهاد المسلح، وأكدا عقب الإفراج عنهما عزمهما تأسيس حزب سياسي جديد، وأبديا تأييدهما للمجلس الأعلى للقوات المسلحة والتعديلات الدستورية المقترحة.

وأعربت مصادر مقربة من عائلة الزمر خشيتها من تعرضهما لمحاولة اغتيال دون أن تسمي الجهة التي يمكن أن تستهدفهما.

وانضم عبود وطارق خلال سنوات سجنهما إلى الجماعة الإسلامية، وأطلقا مع قيادات أخرى بالجماعة ما سمي بـ«مبادرة المراجعات» التي نبذت العنف وغيرت بمقتضاها السلطات المصرية موقفها منهم.

وعرقلت السلطات المصرية إجراءات الإفراج عن عبود وطارق لبضع ساعات بدعوى عدم وصول قرار الإفراج من مصلحة السجون الرئيسية إلى إدارة سجن مزرعة طرة الذي نقل إليه طارق وعبود قبل أسابيع، إلا أن القوات المسلحة تدخلت وسرعت إجراءات الإفراج.

ولعل القدر وحده هو من أخر خروج عبود وطارق الزمر من السجن لمدة 10 أعوام، ليجمعهما مع جلاديهما السابقين حبيب العادلي وزير الداخلية الأسبق ومساعديه إسماعيل الشاعر مدير أمن القاهرة السابق، وعدلي فايد مدير الأمن العام السابق، وحسن عبد الرحمن مدير مباحث أمن الدولة، الذين صدر قرار بحبسهم احتياطيا رهن التحقيق على خلفية إطلاق النار على المتظاهرين خلال ثورة 25 يناير. وعقد عبود وطارق الزمر مؤتمرا صحافيا مقتضبا في سجن طرة قبل أن يتوجها إلى قرية ناهيا بمحافظة 6 أكتوبر حيث يقع منزل أسرتيهما، وقال عبود خلاله إنه لن يرشح نفسه للانتخابات البرلمانية ولا الرئاسية، مبديا تأييده للتعديلات الدستورية المطروحة، المقرر الاستفتاء عليها يوم 19 مارس (آذار) الجاري.

وأضاف خلال المؤتمر أنه ينوي إنشاء حزب سياسي خلال الأيام المقبلة، مشيرا إلى أن التيار الإسلامي يعمل بالدعوة السلمية ولن يتنازل عنها، ودعا الزمر الأقباط والمسلمين للتوحد والوقوف أمام أي مخططات تسعى لتفرقتهم.

وأعلن عبود وطارق الزمر أنهما سيتوجهان غدا إلى مجلس الوزراء والمجلس الأعلى للقوات المسلحة لتقديم الشكر على موافقة الإفراج عنهما، معلنين تأييدهما للمجلس الأعلى للقوات المسلحة في إدارتها لشؤون البلاد للفترة الانتقالية. وقالت السيدة أم الهيثم زوجة عبود الزمر وشقيقة طارق لـ«الشرق الأوسط»: «أبلغونا أن موعد الإفراج الساعة 12 ظهرا، ومنذ الصباح توجهنا إلى سجن المزرعة إلا أن قرار الإفراج لم ينفذ سوى في الخامسة عصرا».

وأشارت أم الهيثم إلى أن زوجها أخبرها أن قيادات السجن أبلغته أن التأخير سببه إجراءات التأمين، إلا أن القوات المسلحة قالت إنها ستتدخل لتنفيذ القرار. واحتشد المئات من عائلة الزمر وأهالي قرية ناهيا وعدد من الصحافيين والإعلاميين منذ الصباح الباكر في «دوار عائلة الزمر» بقرية ناهيا في انتظار عبود وطارق. وقالت الإعلامية فريدة الزمر، ابنة عم عبود وطارق لـ«الشرق الأوسط»: «اليوم نحتفل بالحرية مع اثنين من المظلومين من أهلنا، العائلة تنتظر الإفراج عن عبود وطارق منذ عام 2001». وأضافت فريدة، وهي نائبة سابقة في البرلمان عن الحزب الوطني الديمقراطي (الحاكم سابقا): «عقوبة الاثنين انتهت عام 2001، ومنذ ذلك الوقت وسلطات النظام السابق ترفض الإفراج عنهما ظلما».

وزينت جدران دوار الزمر بالأنوار، ومد أفراد العائلة بساطا أحمر من البوابة الخارجية للدوار المطلة على الشارع حتى القاعة الرئيسية، فيما التف أهل القرية حول الدوار انتظارا لرؤية الشيخ عبود الذي غاب عنهم منذ 30 عاما، وينظر له الكثيرون في القرية على أنه «بطل»، رغم أنه اشترك في قتل الرئيس الأسبق أنور السادات. خلال وجوده في محبسه، كرم الجيش المصري عبود الزمر الضابط السابق في المخابرات الحربية بمنحه شهادة تقدير عام 2004 عن أعماله العسكرية في حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973، ورقي الزمر استثنائيا عقب الحرب إلى رتبة النقيب.

وأعرب عبد الموجود الزمر والد طارق، وشقيق والد عبود عن سعادته بالإفراج عن نجله ونجل شقيقه، وقال لـ«الشرق الأوسط» كان عندي ثقة كبيرة في الإفراج عنه رغم ظلمه 30 عاما، ورغم الدعاوى القضائية الكثيرة التي أقمتها ضد مسؤولي الدولة للإفراج عنهما، وقال: «لم أر ولدي منذ عامين ونصف، أحمد الله أنى رأيته قبل وفاتي، فسجنه أصابني بالأمراض وقضيت 30 عاما لم أدخل فيها بلدتي، وكان أكثر ما يؤلمني تعذيب ابني في سجنه».