استفتاء التعديلات الدستورية يضع «إخوان مصر» في مواجهة القوى السياسية

نتائجه ترسم «خريطة قوى جديدة» للمشهد السياسي في البلاد

TT

بإعلانها رسميا تأييد مقترحات التعديلات الدستورية التي يجري الاستفتاء عليها مطلع الأسبوع المقبل، دشنت جماعة الإخوان المسلمين في مصر ما وصفه مراقبون بـ«أشرس معركة سياسية ديمقراطية»، وضعت الجماعة في مواجهة مع القوى السياسية الرئيسية في البلاد، التي أعلنت رفضها التعديلات المقترحة، ودعت المواطنين للتصويت ضدها. وترسم نتائج الاستفتاء على المواد الدستورية الثماني التي شملتها تعديلات استهدفت تيسير شروط الترشح لرئاسة الجمهورية وتحقيق إشراف قضائي كامل على الانتخابات «خريطة جديدة للقوى»، في مشهد سياسي هيمن عليه الحزب الوطني الديمقراطي خلال العقود الثلاثة الماضية، قبل سقوط نظام الرئيس السابق حسني مبارك تحت الضغط الشعبي الجارف.

وقالت جماعة الإخوان المسلمين التي تتمتع بوجود قوي في الشارع إنها تؤيد التعديلات الدستورية. وطالبت الجماعة في مؤتمر صحافي عقد أمس، الشعب المصري بالاستفتاء لصالح التعديلات المقترحة، مشيرة إلى أنها «الطريق القريب» لصياغة دستور جديد، كما أنها «تضمن عودة الجيش لثكناته حتى يحمي حدود مصر».

بينما رفضت التعديلات الدستورية المقترحة القوى السياسية الرئيسية في البلاد، ومنها أحزاب الوفد (ليبرالي)، والناصري (قومي اشتراكي)، والتجمع (يساري)، والجبهة الديمقراطية (ليبرالي)، والغد (ليبرالي)، والكرامة (تحت التأسيس - ناصري)، بالإضافة لرفض حركات معارضة أبرزها الجمعية الوطنية للتغيير التي أسسها الدكتور محمد البرادعي المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، الذي أعلن نيته الترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة، والحركة المصرية من أجل التغيير (كفاية)، وائتلاف شباب الثورة المصرية الذي يضم عددا من الحركات السياسية.

وانضمت شخصيات سياسية عامة بارزة للموقف الرافض للتعديلات، على رأسهم الدكتور محمد البرادعي حائز جائزة نوبل للسلام وقلادة النيل، وعمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية الذي أعلن نيته الترشح لانتخابات الرئاسة في مصر.

وتعكس مطالبات «الإخوان» بحسب خبراء «خشيتهم من استمرار قيادات الجيش مدة أطول في إدارة شؤون البلاد». لكن قيادات القوى السياسية الرئيسية تقترح بديلا يتضمن «إعلانا دستوريا»، يرافقه اختيار مجلس رئاسي من مدنيين وعسكريين، وتشكيل لجنة تأسيسية لصياغة دستور جديد. وتبنى المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي تولى إدارة شؤون البلاد عقب تخلي مبارك عن السلطة مقترحات اللجنة الدستورية التي شكلها برئاسة المستشار طارق البشري. ومن المقرر طرح التعديلات للاستفتاء الشعبي في 19 مارس (آذار) الحالي، من دون الحاجة لبطاقة انتخابية، والاكتفاء ببطاقة الرقم القومي. وأثار اختيار النائب السابق صبحي صالح، القيادي بجماعة «الإخوان»، ضمن لجنة تعديل الدستور غضب القوى السياسية، التي اعتبرته ممثلا عن الجماعة، لكن صالح رفض الاتهام، مؤكدا أن اختياره جاء على خلفية وطنية وخبرة في العمل التشريعي. وينتظر المصريون سيناريوهين، أولهما تأييد التعديلات، وهو ما يعني أجندة حافلة بالانتخابات، تبدأ باختيار غرفتي البرلمان (مجلسي الشعب والشورى)، ثم انتخاب رئيس للجمهورية. ويقول معارضون للتعديلات إن الوضع الأمني لا يسمح بإجراء ثلاث انتخابات بالإضافة للاستفتاء. وكانت الشرطة المصرية قد انسحبت من الشارع يوم 28 يناير (كانون الثاني) الماضي، ولا تزال حكومة تسيير الأعمال برئاسة الدكتور عصام شرف المدعوم شعبيا تحاول إعادة السيطرة على الانفلات الأمني، وسط شكوك حول دور لقيادات سابقة في النظام المصري في إثارة الفوضى. كما تعترض القوى السياسية على آلية التصويت على المواد المعدلة دفعة واحدة، بالإضافة لعدد من التحفظات الأخرى أبرزها أن الدستور المعدل لا يمس مواد تعطي صلاحيات مطلقة لرئيس الجمهورية، وهو ما يعني بحسب المعارضين «انتخابات ديكتاتور جديد». ويترك السيناريو البديل (رفض التعديلات) المصريين في حالة من الغموض، فلم يعلن المجلس الأعلى للقوات المسلحة عن خطة بديلة في حال تم التصويت ضد التعديلات المقترحة.